• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 28 كانون1/ديسمبر 2015

هل توفر الدولة والحكومة العراقية الأمن والحماية والسلام لمسيحيي العراق؟

  د. كاظم حبيب
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

هل توفر الدولة والحكومة العراقية الأمن والحماية والسلام لمسيحيي العراق؟
كل الدلائل التي بين أيدينا تشير إلى أن مسيحيي العراق يعيشون تحت سطوة نظام سياسي طائفي سياسي تسيطر المليشيات الطائفية المسلحة والفاسدة عملياً على الحكم وعلى حياة الناس اليومية وتتصرف بهم كما تشاء دون وازع من ضمير أو رادع حكومي، بل إن هناك في قلب التحالف الحاكم من يدعم ويدفع بهذه المليشيات المسلحة إلى انتهاك حقوق الإنسان وحرياته العامة وحقوقه المكفولة في الدستور العراقي، وأكثر من يتعرض لمثل هذه الانتهاكات الفظة وغير الإنسانية هم بنات وأنباء من يطلق عليهم "الأقليات الدينية". فالحكومة الراهنة التي ادعت وما تزال تدعي بأنها جاءت للإصلاح والتغيير، تراجعت خطوات إلى الوراء، إلى أبعد مما كان يمارسه رئيس الحكومة السابق والمستبد بأمره نوري المالكي في بعض المجالات. فهو لم يمنح سكان العراق عطلة رسمية في عيد الكريسمس، في حين كان عطلة رسمية في العهد الملكي وفي العهود الجمهورية الأربعة السابقة، في حين لم يبادر حيدر العبادي في الجمهورية الخامسة إلى ذلك، وهو أمر ليس محزناً فحسب، بل ويحمل إساءة كبيرة للعيش المشترك والتفاعل والتضامن في ما بين مكونات السكان القومية والدينية والمذهبية. إنها سياسة رثة يرثى لها. ففي الوقت الذي يعيش العراق عطلاً رسمية تصل إلى أكثر من عدة شهور في السنة بمناسبة أعياد وأحزان إسلامية، وأغلبها شيعية غير مبررة أصلاً، ولكن عطلة من يوم أو يومين بمناسبة أعياد الميلاد، أعياد المسيحيين والسلام لا يرى رئيس الحكومة ولا مجلس النواب ضرورة اعتبارها أعيادا واحتفالات وطنية يشارك فيه المسلم والمندائي والإيزيدي والزرادشتي والبهائي أخوته وأخواته المسيحيين والمسيحيات بعيدهم الكبير، عيد الكريسمس. لقد أكد رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم ساكو بهذا الصدد ما يلي: "كنا ننتظر إعلان عيد الميلاد عيدًا رسميًا لجميع العراقيين، كما كان قد سبق أن أعلنه دولة رئيس الوزراء الأسبق وحكومة إقليم كردستان ومحافظ كركوك، لكن يبدو أن هذه المبادرات التي تعزز العيش المشترك والمواطنة وتنشر الأخوة لا تخطر على بالهم".! [المصدر: موقع إيلاف، د. أسامة مهدي، مسيحيو العراق: لا احتفالات ميلاد ولا تحجيب لنسائنا، بتاريخ 23/12/2015].

إن موقف رئيس الحكومة العراقية إزاء أعياد المسيحيين يجسد وعياً طائفياً سياسياً مقيتاً لا يمكن تحمله، يشاركه في ذلك كل حكام العراق الذين امتنعوا عن اعتبار أيام هذا العيد عطلة رسمية للجميع. ولكن الأحزاب الإسلامية السياسية وعبر حكامها لا تكتفي بذلك، بل بدأت تجيش مليشياتها الشيعية المسلحة والمتوحشة لتدعوا المسيحيات ببغداد إلى ارتداء الحجاب، بذريعة بائسة هي أن السيد مريم العذراء كانت ترتدي الحجاب، وهي الخطوة الأولى على طريق فرض الحجاب على النساء المسيحيات، وهو الذي أدانه رئيس الكنيسة الكلدانية بالعراق والعالم السيد ساكو حين أكد ما يلي: "إن المسيحيين في بغداد فوجئوا يوم الأحد 13 كانون الأول الحالي بقيام بعض المجاميع في أحياء الكرادة والغدير وزيونة (في بغداد) بتثبيت ملصقات على جدران بيوتهم (المقصود هنا بيوت المسيحيين) تحمل صورة العذراء مريم وتدعو المسيحيات إلى ارتداء الحجاب دون أن يفكروا إن ذلك كان قبل ألفي عام وان الحجاب الحقيقي هو حجاب العقل والأخلاق". [المصدر السابق].
إننا إذ نشجب هذه الأفعال الدنيئة التي تمارسها بعض المليشيات الطائفية المسلحة ببغداد والتي يمكن أن تتسع لتشمل أينما وجد مسيحيات بالعراق ونطالب بإيقافها الفوري واعتقال الفاعلين وتقديمهم للمحاكمة بسبب انتهاكهم الدستور العراقي الذي يؤكد حقوق المواطنة وحقوق الإنسان وحقوق أتباع الديانات والمذاهب في ممارسة عباداتهم وطقوسهم وعاداتهم بكل حرية وأمن، وإن على الحكومة العراقية أن توفر الحماية لهم والأمن والاستقرار، فهم أبناء وبنات هذا البلد المستباح.
إن إدراك وجود مؤامرة خبيثة وتدميرية للحمة الشعب العراقي ضد أتباع الديانات الأخرى غير الإسلام، وخاصة تهجير المسيحيين والمندائيين وإيزيديي محافظة نينوى من العراق وإفراغ العراق منهم، وإذ نطالب الحكومة العراقية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمنظمات الحقوقية بالعالم لشجب هذه السياسة وهذه الإجراءات المعادية لحقوق المسيحيين وبقية أتباع الديانات والمذاهب، ندعو الشعب العراقي إلى رفض وإدانة وشجب ومقاومة هذه السياسة بكل السبل التي يتيحها الدستور العراقي والقوانين العراقية ولائحة حقوق الإنسان وبقية المواثيق والعهود الدولية التي وقع عليها العراق.
إنها دعوة لمقاومة هذا الاتجاه الخطر بتوفير الحماية الكاملة لمسيحيي العراق وأتباع بقية الديانات والمذاهب الذين يتعرضون لما تعرض له المسيحيون والصابئة المندائيون والإيزيديون حتى الآن.
إن من واجبنا أن نقف سداً منيعاً بوجه تلك الفئات الرثة الحاملة للسلاح والعتاد وجواز مرور ممن يحكم العراق فعلاً تعتدي على من تشاء دون عقاب. وأشار الدكتور سامي مهدي نقلاً عن السيد ساكو قوله: "أكد أن بيوت المسيحيين في بغداد أصبحت عرضة لسطو مافيات تزور السندات وتسلب أموالهم، كما حدث قبل أيام لعائلة مسيحية في شارع فلسطين بوضح النهار.. وأشار إلى أن النازحين المسيحيين يعيشون منذ سنة ونصف السنة ظروفًا قاسية في مخيمات من دون عناية تذكر سوى رعاية الكنيسة ومنظمات المجتمع المدني". [المصدر السابق نفسه]
إن الجواب عن تساؤل عنوان المقال يؤكد بأن الدولة والحكومة غير مهتمتين أصلاً بتوفير الحماية للمسيحيين أو لبقية أتباع الديانات وإلا لما حصل ما حصل حتى الآن بالعراق، ولهذا لا بد من تنظيم حملة وطنية لمواجهة هذا الوضع المزري والخطير لأبناء وبنات وطننا من أتباع الديانات العديدة بالعراق.

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014