• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 20 نيسان/أبريل 2016

السجن 8 أشهر للكاتب الإيطالي إري دي لوكا بتهمة تخريب البلاد

  موسى الخميسي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)


انتهت قبل ايام، محاكمة الكاتب الإيطالي إري دي لوكا، إذ مَثُل أمام محكمة مدينة تورينو في الشمال الايطالي بتهمة "التشجيع على التخريب" ، وهي تهمة ، توقعت وسائل الاعلام المحلية والاوربية ،قد تدخله السجن لمدة خمسة أعوام.
بدأت القضية العام 2013 حين قال الكاتب الروائي في مقابلة صحافية مع بعض وسائل الإعلام الإيطالية إنه يجب "تخريب خط سكة الحديد"الذي لازالت السلطات الايطالية مصرّة على إنشاؤه ما بين مدينتي "تورينو" (إيطاليا) و"ليون" (فرنسا)، إذ إن هذا الخط الجديد السريع، ستبلغ تكلفته مبلغا باهظا "أكثر من 30 مليار يورو من أجل حفر نفق يبلغ طوله 57 كلم"، كما أنه سيلحق اضرارا كبيرة بالبيئة ، ذلك ان عملية الحفر ستكون سبباً في تجفيف العديد من الانهر الصغيرة والينابيع (أي ما يقارب 250 مليون متر مكعب بالسنة). وممّا قاله دي لوكا يومها إنه على اقتناع بأن هذا الخط مشروع عديم الفائدة أولا لأن الخط القديم لا يستغل منه إلا 17 في المئة من قدراته. واضاف "لذلك ليس الأمر قرارا سياسيا، بل قرار اتخذته المصارف وكل من يرغب في تحقيق مكاسب من دون التفكير بحياة واد كامل".. وأضاف دي لوكا: "إن السياسة موافقة على هذا المشروع، واليوم يحتل الجيش الورش وصار لزاما على المواطنين أن يبرزوا بطاقات هوياتهم إن رغبوا في الذهاب للعمل بحقولهم". من هنا دعا "إلى تخريب هذا المشروع" متعاطفا مع حركات الاحتجاج الشعبية، وجماعات الخضر والبيئة وتجمعات اليسار الايطالي الذي يوصف من الحكومات هنا بـ(المتطرف).
السلطات اعتبرت "الدعوة" أمراً يحاكم عليه القانون، بينما يصر الكاتب أن الكلمة التي استعملها (Sabotare) هي "كلمة نبيلة ولا تدعو إلى العنف" إذ "استعملها الماهتما غاندي بنفسه". يقول دي لوكا في مقابلة مع صحيفة الريبوبولكا الايطالية الواسعة الانتشار، إن الكلمة تفيد أيضا معنى "الرغبة في المنع"، و "عرقلة" و "مقاطعة" و "لا يمكن اعتبارها إنها دعوة فقط إلى التخريب المادي. تماما مثلما يقاطع النواب قانونا ما".
المدعي العام الايطالي ،قال أن ليس هناك إي إبهام في الكلمة التي استعملها الكاتب إذ أنها "تشير فعلا إلى التخريب"، من هنا لا يجد أن هذه المحكمة تعقد من أجل "قضية حرية الرأي والتعبير".
محامي الشركة الفرنسية الايطالية المكلفة بالمشروع ، تحدث كثيرا عن شخصية دي لوكا، وبخاصة عند النقطة التي تشير إلى ماضيه النضالي بكونه يساريا متطرفا سابقا، كما أن كونه كاتبا مشهورا قد يثير تأثيرا نفسيا كبيرا، عند الناس.
بهذا المعنى ،تحولت محاكمة الكاتب دي لوكا بسبب ماضيه السياسي، الى محاكمة سياسية ، خاصة وان اليسار الذي كان الكاتب ينتمي اليه في سبعينات القرن الماضي، مسؤولا عن العديد من اعمال العنف والاختطاف، وهي الفترة التي تطلق عليها ايطاليا تسمية" سنوات الرصاص".
الكاتب الإيطالي، إري دي لوكا، واحداً من الاستثناءات الكثيرة لما يتعارف عليه في اوربا لقاعدة "الكتّاب المتعلمين الرافضين"، المقيّدين بفضاء حرية الرأي ، فإن سيرته الذاتية ، ليست فارغة من الأحداث، فهو مناضل مع اليسار المتطرف (جماعة "النضال المستمرّ")، السنون العديدة التي قضاها خارج بلاده (في فرنسا وإفريقيا)، اختيار مهنة يدوية (عامل بناء).
ولد في مدينة نابولي )1950)، ففي هذه المدينة المتفردة بشكل كبير، الموسومة «بهذا المزيج ما بين الورع والقرف. هذا المزيج الخاص يشكل له مسقط رأسه "مصدراً" لم يستطع الانتساب اليه "منذ البداية، وكنت في الثامنة عشرة، شعرت بنفسي مطروداً من نابولي، ومع ذلك، عندما أتذكّر ذلك كله، أشعر بامتنان لهذه المدينة، لأنني لم اكن أرغب في أن أكون مطروداً من مدينة أخرى".
طفولة "نابوليتانية" مليئة المعنى إذاً، "صاخبة وبدون حنان. صحيح أن والديّ اختارا بعضهما بعضا، لكنهما لم يقعا في الحب أبداً. كان والدي يحمل شهادة جامعية في الاقتصاد، ويعمل في مجال تجارة الفواكه والخضار، أما والدتي فتعمل في التجارة بدورها. وكما العديد من العائلات، تعرّضا لمثل ما تعرضت له الطبقة البورجوازية من فقر، بسبب الحرب (العالمية الثانية) ومن ثم الاحتلال الاميركي. إذ إن نابولي، التي عاش فيها العديد من الملوك، أصبحت أشبه بمستعمرة، لأن المرفأ، وهو مركز الغنى الرئيسي لنابولي، أصبح قاعدة الحلف الأطلسي في المتوسط".
لم تكن طفولته مليئة بالفضاءات بل اقتصرت على تلك الغرفة، في بيت العائلة، التي ملأها بالكتب. منذ تلك الأيام، "بدأت بالقراءة، قرأت في البداية كل الكتب التي تتحدّث عن الحرب العالمية، رسائل المحكومين بالإعدام، قصص الناجين من غرف الغاز"... في هذه الغرفة، بنى هذا الكاتب القدير "تربيته الاخلاقية والعاطفية والسياسية"المعادية للفاشية إذ أعطته هذه القراءة "شرعية الصمت الداخلية".
كان والده يرغب في أن يكون ابنه ديبلوماسياً، فأرسله إلى مدينة "غرونوبل" الفرنسية لتعلّم اللغة. بيد أنه كان للكاتب مثل أخرى، إذ وبعد أن حاز "البكالوريا" العام 1968، هرب من المنزل، وسافر بالقطار إلى روما ليشارك في أولى المظاهرات التي كانت تطالب برحيل الأميركيين عن فيتنام كما برحيل الجنرالات عن اليونان: "وجدت نفسي داخل جيل من المتشردين الذين علموني كيف أفتح فمي. بالنسبة إلينا، كانت الشيوعية هي القاسم المشترك، إبداع طريقة للعيش، تجربة حياة مشتركة. كانت شيوعية لا تنام مطلقاً".

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014