• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 09 تشرين2/نوفمبر 2016

بث سموم الطائفية ونحر الآخر بالنيابة عن داعش

  موسى الخميسي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

 

تنتظرنا جميعا جهود يجب ان تبذل من اجل مستقبل أقل ارتباكا لاتباع الاقليات الدينية العراقية صاحبة الارض والتاريخ التي عانت ولا تزال كثيرا، فزمن المراجعات المحزنة ولىّ، وزمن توزيع اللوم لم يعد مجديا. من الان وصاعدا، وسط الاخطار المحدقة بابنائنا وبناتنا، لابد من التطلع الى امام . المسيحي والصابىء المندائي والايزيدي والشبكي، باتوا جميعا خبراء في وصف حالة التداعي والمخاطر التي تهدد وجودهم، ولسان حالهم يقول: البارحة افضل من اليوم! لعل الجميع توصل الى مثل هذه القناعة، فهي تصف ارضا منحدرة، سياسية ذات أفق هابط ، فنحن تراجعنا كثيرا في انجاز الكثير من المهمات، وعانيننا الكثير من التفكك، وضاقت حياتنا مقابل وسائل قمع واضطهاد وابادة راحت تتسع منذ سقوط النظام البائد والى يومنا هذا، فضلا عن ذلك هناك الاهمال والتهميش، والعزلة والخوف وانعدام الامل بوئام كنا نحلم فيه على الدوام.
ان الصورة قاتمة حقا، والمفارقة انها بدأت تتشكل من داخل التحولات التي يمر بها الوطن وتشرذمنا في انحاء العالم، ما يجعل قلقنا مضاعفا، فاسئلتنا وشكوكنا في شأن الماضي باتت موازية لاسئلتنا وشكوكنا إزاء الحاضر والمستقبل، لكأن تحولاتنا الوطنية هي المسؤولة عن هذه الصورة، لكأننا ما ان خطونا الخطوة الاولى في نهضتنا التي قادها عدد من رجال الفكر والمعرف والسياسة في العقود الماضية منذ بداية الاستقلال الوطني في القرن الماضي ، والذين نادوا بتطوير فكري نهضوي ينهل من قيم حديثة راسخة مثل الحرية والديمقراطية والتطور، من اجل بناء الوطن السعيد، حتى بتنا الان نؤسس لتاريخ من الخسائر على المستوى الانساني كوجود موحد، وراح سجل معارفنا وحريتنا يتبدد في القسوة والاغتيال والقمع التي تمارسها قوى الارهاب والسلفية في داخل وطننا.
استخدم العديد منّا مفاهيم ومعتقدات وافكارالآخرين، ثم كيّفها بانها واقع او احتياجات او هوية جديدة لابناء الاقليات الدينية العراقية الاصيلة التي اصبحت بقدرة قادر ملحق للـ ( قومية)العربية وحزبها الفاشي المنحل، فساهم ذلك النهج في تمزيق اوصال العديد من مفاهيمنا وتراثنا الثقافي الذي يمتد الى الاف السنين في تربة وطننا العراقي، وكانت تلك العملية بمثابة نفاقجماعي كبير، لان تلك النزعة اسست لاستبدادنا وتبديد وافقار تنمية مفاهيمنا وافكارنا وفلسفتنا ولغاتنا الدينية والقومية العريقة ونموذجها الساطع اللغة الارامية، واحياء تراثنا المعرفي .
الان تضج مرحلتنا الحالية بمشاريع واهداف تتبناها عدة مؤسسات رسمية داخل الوطن ، هي صاحبة القرار في مصير الانسان العراقي ومصيرطوائف وفئات وشرائح اجتماعية مهمة في تركيبة المجتمع العراقي . وهي اهداف عاجلة يريد لها البعض ادخالها عنوة في مصير وضميرالناس ، تتجلى بوضوح شديد في عدد من القضايا المصيرية، وعلى رأسها، قضية مستقبل وحدتنا العراقية ومصير وجودنا القلق في ارض وطننا ،الذي نريده مبنيا على المصالح المشتركة والانطلاق من قواعد وحلول للتطور المتفاوت بينها، وايضا على تعزيز شرعية مؤسساتنا وتمتين دورها، والوقوف بحزم ضد كل خروقات تشيع الفرقة بيننا.
في هذه المرحلة الحرجة التي يمرّ بها عراقنا الحبيب ، نهضت جماعات من المرجعيات الدينية الأسلامية بشقيها الشيعي والسني والأسلاميين في مجلس النواب العراقي تطالب بتثبيت الفقرة الثانية من المادة (26) من قانون البطاقة الوطنية الموحدة رقم (3) لسنة 2015 والتي نصها ( يتبع الأولاد القاصرون في الدين من اعتنق الدين الأسلامي من الأبوين ) والتي تعني بالضرورة اسلمة القاصرين قسرا ومن يطالب عند بلوغه سن الرشد بالرجوع الى ديانته الأصلية حسب الفقرة المذكورة، يعتبر وفقا للشريعة الأسلامية مرتدا .ان ماء جاء في الفقرة المذكورة اعلاه فهي تشير وبكل وضوح انه في حالة خروج احد الابوين الى الدين الاسلامي فالاطفال يتبعون والدهم او امهم الذي خرج الى الدين الاسلامي .
اراد المشرع ان ينيب بتشريعه ما ثبته الفكر الداعشي الذي يحارب جيشنا والحشد الشعبي والبشمركة، لانتزاع جذره المسموم، فهذا التشريع المجحف يريد النيل وبصورة فاضحة وواضحة من حقوق اصحاب الديانات غير المسلمه ، وهذا يتنافى مع الاعتراف بحقوق هذه الاديان واتباعها في ممارسة حقوقهم الدينيه بالشكل الذي تنص عليه الشرائع الانسانيه وحقوق الانسان التي ضمنتها مواثيق الامم المتحده ورفع الحيف الذي لحق بهم .
لقد كنّا نأمل، كاقليات دينة بعد سقوط النظام الديكتاتوري، ان تبتعد الادلجة السياسية المتخلفة بعيدا عن حركة التطور الموضوعي ورصده، وتعززت امامنا فرص في نضوج الظروف الموضوعية للتحولات الايجابية، التي تنطلق من الواقع ،بتحقيق قفزات لم يستوعبها الواقع الموضوعي، لاننا في كل خطوة اخذنا في الحسبان مستوى التطور الاجتماعي والاخلاقي والنفسي وموجباته، فالممارسة عندنا تسبق كل الشعارات، والحرية والديمقراطية لهما الاولوية في كل خطوة خطوناها في عملنا، حتى لانفقد صدقية برامجنا وتوجهاتنا وشعارتنا الوطنية الصادقة، وحتى لايحل الفراغ وتتراجع ثقة شرائحنا الاجتماعية. ان وحدتنا العراقية في هذا الظرف العصيب ،تتطلب إطارات واعية وسيادة مستوى معين من ادوات التحول،وتتطلب احترام رأي ما تطلقون علية بتسميتنا( ابناء الاقليات)، حتى لانخلق في الوعي العام العراقي مفاهيم مشوهة ، وان لانعرض هذه وحدتنا الوطنية وما تحققه اليوم من انجازات على جبهات الحرب لانتزاع جذور الفكر الرجعي السلفي المتخلف، الى خطر التفكك بسبب عدم احترامنا لشرعية وجود ومستقبل طوائفنا الدينية صاحبة الارض والتاريخ.
ما يحدث الان يعود إلى العصر الذي نعيش فيه. وهو عصر مضطرب ومتقلب ، فيه انهارت القيم، وتعرضت طبقات وشرائح وفئات في المجتمع إلى هزات عنيفة. وكانت نتيجة كل ذلك أن أصبح الوطن يلتهم نفسه بنفسه فلم يعد ايّ منّا يرى في الطريق غير الركون.
لكننا في المقابل نؤمن بالدور الكبيرلمفكري ومثقفي العراق، فهو الدور الاكثر من غيره قادر على صنع المستقبل، وفضح عمليات التزييف لاي تشريع زائف وغير انساني ولا اخلاقي تحت واجهات الدين، وعبر استنهاض الهمم ونشر الوعي بحرية المعتقد الديني ورفض فرض الوصاية من اي كان في هذا البلد.

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014