• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 07 كانون2/يناير 2018

نفلة ...(5)

  عماد حياوي المبارك
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

u
كان يهوى كل شيء قديم وعتيق، الأحتفاظ به والمتاجرة فيه وحتى أستخدامه، يعمل بدكان أبيه الذي يقع بأحد أطراف مدينة بغداد خلف فاترينة لاتتجاوز بضاعتها مائتي غرام من خشالة ذهب عيار 18 غالبيته من المستعمل (الكسر). بعد سقوط النظام قرر القفز على حالته البسيطة هذه، فشد الرحال مع زوجته وأبنته ووصل بلد مجاور. أجّر سكن بالقرب من عائلتين له معرفة بهما، كان هناك فارق في مستوى معيشة العائلتين ومصاريفهما وبينه، ففي الوقت الذي فضلت العائلتان تسجيل أولادهما بمدارس خاصة للحصول على أحسن تعليم، قرر صاحبنا أرسال أبنته لمدرسة في كنيسة من أجل أن يكون تعليمها مجاني، وهو يفتخر بأنه يضحك على ذقونهم لأنه يأخذ كعادته ولم يعطِ، فقد تعود أن لا ينفق سوى للضروريات، يشتري الخضار والسمك الذي يعزله البائع في المساء بربع السعر كونه ليس طازجاً (عتيقاً).

توطدت علاقته بالرجلين الجارين اللذان كان أحدهما قريب زوجته. نتيجة حالة الأنتظار بوسط الطريق والأوضاع بالعراق التي لا تشجع أبداً على العودة، تسلل الملل لرب العائلة الثانية فبحث بنشاط عن مخرج له ولأسرته التي كانت تعنى بالفن وتتابع المعارض التشكيلية للجالية العراقية العريضة بالمدينة، فتعرفت العائلة على شابة كانت تتردد على تلك المعارض لأنها تهوى الرسم، تنحدر هذه الشابة من عائلة معروفة، أبيها يشغل موقع حساس، فتحرك من أجلهم بحثاً عن طريق لسفرهم من خلال الحصول على تأشيرة (شنكن)* من سفارة أحد الدول الغربية، ليكون طريق مأمون وبتكلفة مناسبة وتم ذلك بنجاح.

كان صاحبنا المولع بالعتيق قد حشر نفسه في وقت حضور الشابة وأبيها لتوديع أصدقائهم ليلة سفرهم بتأشيرتهم النظامية، أنتهزها فرصة وطلب أن يتوسط صديقه لدى والدها كي يسهل أمر سفره، لكنه ماكان جاداً بذلك لأنه كان قد قدّم أوراقه (لليو أن) بغية الهجرة دون أن يدفع كعادته أي ثمن. نجح بالأحتفاظ برقم الرجل رغم تحفظ الأخير. طارت العائلة ووصلت لأوربا بسلام، تلى ذلك تحرك عائلة قريب زوجته فوصلت بسرعة وأمان، مما أتاح لصاحبنا الفرصة بالتواصل مع الرجل عندما أخبره بأن هناك ثمة عوائل تبغي السفر وتنتظر أشارته، وأقنعه بأنه لو حصل على سعر تفضيلي لأستطاع جلب المزيد. نجح بذلك وصار يملك مفتاحاً لباب سفر وطريقاً آمناً نفذت منه عشرات العوائل في وقت كانت قد دخلت جيبه عشرات العمولات بآلاف الدولارات.

ولكي ينفرد (باللعب) قام بأصطناع خصام من العائلتين المسافرتين بغية عدم أطلاعهما على عمله، وطلب من الرجل تغيير رقمه وحجبه عن الجميع بغية التفرد بالتربح، سخّر بقية عائلته وأقرباءه بالبلدان المجاورة وبالعراق، زاد زبائنه وصار يتصل من خلال شبكة عرابين بكل من ينوي السفر، تضاعفت مدخولاته وصارت عشرات ألوف الدولارات. أتصل أخيراً بقريب زوجته وأرسل له بضعة دولارات لشراء صمته للتعتيم حول التكاليف الحقيقية وكيفية الحصول على التأشيرات ولإيجاد سوق أخرى مع بقية عوائل القاطنين أوربا.

بهذه الأثناء كانت القصة الملفقة التي قدمها (لليو أن) حول أبنته الصبية والتي أدعى فيها بأنها تعرضت لمحاولة أغتصاب وتقصّدَ ترك آثاراً على جسدها قد أنطوت على لجنة الهجرة فأسعفه ذلك بالحصول على أذن هجرة والسفر والوصول لمبتغاه بدون تكلفة، ولتنطبق مقولته بأنه إنما يضحك على ذقونهم. ومع أنه أغتنى بقوة بتربحه من خلال عمله بالسمسرة، لكن بقيت هيئته وهندامه تقول دون أدنى شك بأنه ذاك الرجل القديم المولع بكل شيء عتيق.

عماد حياوي المبارك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
× أتفاقية دبلن: يعود التنسيق بين الدول الأوربية بشأن التعامل مع موجات الهجرة غير الشرعية وتداعياتها إلى العام 1951، أما أول قواعد وأنظة تم تثبيتها وتوحيدها فقد كانت بعد العام 1990 عند تفكك الأتحاد السوفيتي وأنظمام دول أوربا الشرقية للأتحاد. أجتمعت الدول في دبلن، عاصمة جمهورية أيرلندا، وأقرت أتفاقية نظام دبلن وخضعت لاحقاً لتعديلين. تسمى الدول التي وقعت على بنودها بدول البصمة أو دول منطقة دبلن وتتظمن أنشاء قاعدة بيانات موحدة ومشتركة لطالبي اللجوء ليكونوا معرفين لديها من خلال بصمات أيديهم أو حتى أرجلهم لو أقتضت الضرورة، من بنودها أن تتكفل أول دولة تطأها قدم اللاجئ بحمايته والأعتناء به من جهة ومراعاة قوانين البلد المانح للجوء من جهة أخرى. جميع الدول الأوربية بالإضافة لثلاث دول من خارج الأتحاد (سويسرا وأيسلندا والنرويج) ملزمة بتطبيق الأتفاقية. لايزال هناك خلافات مع دول تعتبر ممر للاجئين كاليونان وايطاليا، ونقاشات مع أخرى صارت قبلة لهم كألمانيا التي كان موقفها ضبابياً، ففي الوقت الذي تدعو فيه لتوزيع اللاجئين بالتساوي بين دول الأتحاد، تستقبل بترحاب مئات ألوف السوريين بمسعى للحد من التراجع الديموغرافي ولرفد سوق العمل الذي يفتقر لليد العاملة الرخيصة. من الجدير بالذكر أن الدول (المصدرة) للاجئين لا تتحمل مسؤولية أو عبأ مادي تجاه رعاياها، وهو ما ينفي ما يشاع بأن الدول الغربية (تقبض) تعويضات لقاء عملها الذي هو أنساني بالدرجة الرئيسة.

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014