• Default
  • Title
  • Date
الخميس, 16 أيار 2019

دور المثقف في نهضة المجتمع

  تحســين مهدي مكلف
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

لا تتوقف بلدان العالم المتقدم يوما واحدا في سعيها الحثيث والمستمر للنهوض بمجتمعاتها ثقافيا والعمل على مدها بكل مقومات الإرتقاء والتطور الذي يتلاءم مع متغيرات حياتنا المعاصرة، وذلك من خلال العمل المتواصل في نشر وترسيخ القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة والمبادئ الراقية في النفوس والعقول جنبا الى جنب مع الأفكار النيرة والقيم الجمالية العليا. ذلك ان شيوع مظاهر الرقي والرفاهية لدى المجتمعات انما هو الأساس الذي تقوم عليه بنيتها الحضارية المتكاملة في اطرها الصحيحة، وان أي تقدم يتحقق انما هو تحصيل حاصل وثمرة ثمينة للنمو المعرفي والوعي العام الذي يغرس في الأجيال المتتابعة للمجتمعات.

وبسبب أهمية ذلك فقد اولت البلدان المتحضرة اهتماما متزايدا وملحوظا للنواحي العلمية والثقافية في مختلف مجالاتها ووضعت خططا واضحة ذكية وبرامجا مدروسة ورصدت الأموال الكبيرة وبنت المؤسسات المتخصصة وهيأت الخبراء والعلماء واستعانت بنخب المثقفين والمفكرين لقيادة المجتمع الى المراحل التي يتطلبها العصر. وقد تحقق لتلك البلدان أهدافها المنشودة النبيلة فنالت ما سعت اليه من الرقي والتقدم وصارت مثالا يقتدى في هذا المجال، بعد ان حرضت حوافز النهوض في النفوس. فقطفت شعوبها ومجتمعاتها ثمار ذلك من خلال تمتعها في العيش بمستوى عال من الرفاهية والطمأنينة ومنحتهم قدرا كبيرا من الثقة بالمستقبل وبمزيد من الأفتخار.

ولهذا كان لابد للطبقة المثقفة ان يكون لها الدور الأساس في اخذ زمام الأمور والدفع بالأجيال الصاعدة الى الواجهة وتشجيع التحصيل المعرفي العميق والرصين وبث روح المنافسة العلمية وروح الأجتهاد والأبتكار، وكذلك الحث على تقديم الجديد دوما والاستفادة من خبرات الأجيال السابقة. والأهم دوما هو العمل على مد الجسور بين الأجيال الواعية وتأصيل حالة الالتزام الحضاري في جميع اوجهها .

لم تقم الثورات الفكرية والسياسية والأجتماعية عبر كل الأزمان الا من خلال ثورة الكلمة وثورة الحاجة للنهوض والتغيير والتي يطلق شرارتها دوما الطبقة الواعية المثقفة ونخبة المجتمع، فالعلماء والمفكرون والأدباء والفنانون هم الشرائح التي يُعتمد عليها في عملية النهوض والتغيير والإرتقاء، وهم فعلا المحرك الأساس لكل تطور من خلال مايقدمونه من مساهمات ونتاجات ورؤى عميقة متميزة فيها الجدة والأصالة وفيها الحكمة والبلاغة والألتزام بالقيم العليا. تلك النتاجات هي التي تُلهم أبناء الأمة ممن يتتبعونها بحرص ليغرفوا منها فيضا معرفيا ويقتدون بأطرها المتقدمة في مسيراتهم العلمية والثقافية والحياتية.
وفي ذات الوقت فان هذه الشرائح هي التي تتحمل المسؤولية إزاء مسألة تدني وعي المجتمع او هبوط المستوى الثقافي والعلمي او الانهيار الحضاري للبلدان. ان مسؤولية المثقف تحتم عليه التواصل الدائم مع المتغيرات، الفكرية والأجتماعية والسياسية والأقتصادية، من خلال تتبعها ودراستها والتعامل معها بروح معاصرة متفهمة لضرورة التغيير، او معالجة لها ان كان التغيير الحاصل ذا نمط سلبي .

......................................................................

 

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014