• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 26 أيار 2019

الوطني الجليل الراحل محمـد حديد ( أبو زها )

  صلاح جبار عوفي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

السياسي العراقي والوطني الغيور ، محمـد حديد ( 1907 ــ 1999م ) هو إبن لعائلة ثرية ، إذ كان والده الحاج حسين حديد ( 1863 ــ 1958 ) ، من كبار تجار مدينة الموصل ، وقد أتاح له ذلك الفرصة لاكمال دراسته الثانوية في كلية ملحقة بالجامعة الامريكية في بيروت ، حيث دخلها في العام 1924م ، ليتخرج منها بعد عامين .. ويبدو أنَّ طموحه العلمي قد تجاوز ما هو متاح له في العراق ، فقرر أن يسافر إلى لندن لاكمال دراسته الجامعية ، فإنتسب إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في عام 1928 م ، وهي أحد كليات جامعة لندن العريقة .. وفي حزيران 1931 م أنهى دراسته بمرتبة الشرف ، حيث تعيَّن في أيلول من العام نفسه في وزارة المالية العراقية بوظيفة مفتش مالي .

وفي عام 1946 م ، اشترك في تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي الذي تزعمه كامل الجادرجي، وإنتخب نائبا لرئيس الحزب .. ثم أنتخب نائبا في مجلس نواب عن مدينة الموصل خلال السنوات 1947 ، 1948 ، 1954 . وكان من مؤسسي جريدة الاهالي ، منذ صدورها في عام 1931 .
محمـد حديد شخصية سياسية وطنية عراقية حازت احترام العراقيين على اختلاف اتجاهاتهم وانتماءاتهم . عُرف بثقافته العصرية الواسعة ونزاهته المطلقة وتفكيره الهاديء العميق . كان موضع التقدير في جميع العهود السياسية التي توالت على العراق .
تولى وزارة التموين أيام الحكم الملكي عام 1946 .. وتولى وزارات المال والصناعة والاعمار في العهد الجمهوري ،.. فكان الوزير الذي يستمد قوته من كفاءته ونزاهته وثقافته .. وهو السياسي الذي لم يمالئ من أجل منصب ، ولم يتراجع عن موقف من أجل مغنم ، وإنَّ إنتماءه إلى أسرة ثرية من وجهاء الموصل ، لم يمنعه من إعتناق الافكار الاشتراكية التقدمية المعتدلة ، التي وجدها ضرورية لرفع مستوى شعبه .. وكان سياسيا ًمثالي الافكار وواقعي الرؤية في الوقت نفسه ، وقد حاول التوفيق بين الاماني الوطنية والامكانات المتوافرة لتحقيقها ، ونجح في مسلكه نجاحاً كبيراً .
وقد إستقال من منصبه كوزير للمالية في حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم ، وذلك في عام 1960 م، وعاد لمزاولة نشاطه السياسي ، بعد أن إختلف مع عدد من أعضاء اللجنة المركزية في الحزب الوطني الديمقراطي وزعيمه كامل الجادرجي ، وأسس له حزباً سمّاه الحزب الديمقراطي التقدمي .
وكان محمـد حديد ، مؤيداَ بقاء الزعيم قاسم في السلطة ، معارضاً كل محاولة لإسقاطه ، لأنه يرى أنَّ سقوطه سيعود على العراق بكوارث جديدة ، ولكنه كان في الوقت نفسه ، يلح على عبد الكريم قاسم بوجوب إجراء الانتخابات وإنهاء الفترة الانتقالية في أسرع وقت .
وعلى أثر إنقلاب 8 شباط 1963 م ، أُعتقل محمد حديد لبضعة أشهر ، لكونه من أنصار الزعيم ، وقد أُفرج عنه لعدم توفر الادلة لإدانته ، فإبتعد عن العمل السياسي وإنصرف مرة أخرى إلى أعماله الخاصة ، مع إستمراره في متابعة الشؤون الاقتصادية والدولية والسياسية في شتى المناسبات.
وقد كان زميله كامل الجادرجي يزوره في معتقله لمرات عديدة ، وفاءً منه لنضالهم الوطني المشترك ، لثلاثين عام .. وقد كتب الجادرجي عن حديد في مذكراته ، قائلاَ :
(( بالرغم من أنني غير متفق معه كل الاتفاق في طريقة العمل ، ولكنني أعتبره من الاشخاص النادرين في العراق ، بالنظر لمتانة أخلاقه ومقدرته العلمية في القضايا الاقتصادية والمالية ، ولسعة إطلاعه في الامور الاخرى ، إذ قلَّما تجتمع الثقافة والاخلاق في شخص مثلما إجتمعت في محمد حديد )) .
وكان محمد حديد ، أحد المؤسسين الاوائل لــ (( جماعة الاهالي .. وهي أول جماعة يسارية في العراق في مرحلة الثلاثينيات ، وإن لم تك حزبا سياسيا بالمعنى القانوني )) .. وكانت جماعة الاهالي تقترب من الاشتراكية بإعتدال ، وتشدد على قيام الدولة بوضع خطة اقتصادية تنسجم مع اوضاع البلاد وحاجات الشعب ، وتؤمن سيطرتها على الصناعات المهمة ، وتشجيع الجمعيات التعاونية ، وتقرّب الفروق الاقتصادية . وكانت تعترف في الوقت نفسه ، بحرية مزاولة الشعائر الدينية ، والاحتفاظ بالنظام العائلي ، وتقترب من التفكير الليبرالي بتبنيها حرية الفرد واحترام حقوقه وملكيته ، وكذلك بتبنيها النظام البرلماني إسلوبا للحكم
وفي الجلسة التي عقدها مجلس النواب في يوم 6 آذار 1937 ، قدَّم ثلاثة عشر نائباً ، بينهم ( محمد حديد ) ، تقريرا طالبوا فيه : (( بتشريع قانون لمحاسبة رجال الحكم والموظفين ، الذين إستغلوا مناصبهم ونفوذهم في العهود السابقة لتحقيق منافع مادية على حساب المصلحة العامة ، وجمعوا ثروات كبيرة بهذه الطريقة ، لكي يكونوا عبرة في الحاضر والمستقبل .. وإقترح النواب ــ الثلاثة عشر ــ في تقريرهم ، تأليف لجنة تحقيق تحصي الثروات التي يملكها الوزراء السابقون وموظفو الدولة ، وتتحرى عن طريقة حصولهم عليها ، وتوصي بمصادرة ما أكتسب منه بطرق غير مشروعة )) .
رحم الله محمـد حديد وإبنته زها حديد
ملاحظة: ( الموضوع أعلاه مستخلص من عدة مواقع )

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014