• Default
  • Title
  • Date
السبت, 29 حزيران/يونيو 2019

دعاء الكروان

  عزيز عربي ساجت
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

“الثقافة تبقى حين تنسى ما تعلمته" (هيغل) "كل الناس مثقفون ، وهكذا باستطاعة المرء أن يقول ولكن ليس لكل إنسان وظيفة المثقف في المجتمع" ( أنطونيو غرامشي).
من المعروف ان الثقافة تهذيب للنفس وتنمية القدرة على النقد البناء والتحليل الدقيق مدعومة بالحجة والبرهان ، ومن خلال خزين المعرفة والمران في الجدل المُنتج وهي حالة عزفت عليها الشعوب والأمم حتى اتخذتها برنامجاً سلوكياً في تعاملها مع الأحداث ، ومنطلقاً في بناء ذات للفرد والمجتمع ، بالتوازي مع القيم الوطنية والأخلاقية .
ان سلطان العلم والمعرفة التي تنادي بهما العقيدة المندائية في كل ادبياتها ومآثرها التي نعرفها ، هي إستخلاص دروس الماضي ووضعها في إطارها الجديد الذي يحمل خصال الثقافة التنويرية ، وإستحصال القيمة الروحية وجعل الإنسان الصابئي المندائي في احسن تقويم ، كي يقوم بواجبه بأفضل صورة وحسب قدراته وامكانياته الذاتية ، في الطريق لخدمة أسرته ومجتمعه الذي ينتمي اليه وأبناء جلدته كي يتذكرونه دائماً بالخير والثناء والتقديرعلى مدى الأيام .
وهو تعبير ضمني عن مكنون القدرة الإلهية وتأثيرها على القدرة البشرية ، وعلى قاعدة الجدل بين الإرادة الإلهية العدالة وإرادة الشر الظالمة ، وتحميل تلك الرسالة بيد أنبياءنا الصالحين الذين هم قدوتنا ودليلنا ، ومن ثمَ إلى الذين هُم مرشدينا من رجال ديننا المتنورين العارفين .
ويعد هذا بتوجيه الخطاب الإلهي لذات الإنسان ولضميره الحي ، لحمل تلك الرسالة السماوية واقامة العدل والمساواة يكون في المحصلة النهائية وفي المنظورالعام ، ان الإنسان هدف وغاية سامية وهو المتحرك المهذب المجتهد في فهم دوره جيداً حسب معتقده ومدى إيمانه به ، لأن يقابل هذا الفهم بالسلوك الجيد الصالح ، وسيكون أجره في الدنيا وثوابا في الآخرة حسب ما يؤمن به ، هذه العلاقة الجدلية والفهم بين الذات الإلهية والذات الإنسانية لا تقبل المهادنة ولا الإنغلاق اوالسكوت عليه ، إنما تنمية الإستيعاب بفهم منفتح بلا أدنى شك تبرز حاجة الدين إلى المعرفة بالقراءة والمواظبة والأجتهاد الناصح ، وهذه قاعدة عامة تنطبق على المثقف ورجل الدين على السواء ، فالمجتمع يكون بأمس الحاجة الى المثقف المتحرك اكثر من حاجته الى المتدين الساكن الجاهل ، وحتى تكون الفكرة اكثر دقة نطلق على المثقف المتدين مع جدل مستمر ، وغير المثقف متدين بتابو مقدس ، وهذا التباين يسبب بروز إشكالية ظاهرة التزمت ، لما لهذا المتدين من هالة صنعها لنفسه بالعزف على هالة التقديس ، لطمس اي توجه او بادرة جدية صالحة للمجتمع الذي ينتمي اليه .
ان اختلاف الآراء يكون حالة صحية وحالة دفع إلى الأمام ولكن ليس في كل الأحوال ، ولا في كل الظروف والأوقات ، نحتاج الى وقفة جدية في العمل الصائب بعيداً عن الليونة التي تفتت المجتمع والمهادنة التي تفسد ما تم بنائه وما عمل من اجله ، وبالتالي تقع المتاهه دون حساب لقدرة الزمن ونتائجه السلبية المدمرة .
اعتقد ان المثقف الواعي يفهمها هكذا ، واما المُتصلب لا نقول المتزمت ، يفهمها الفهم الآخر ، ألم تكن الحاجة ماسة اليوم للفهم الأول وبالتالي حاجتنا للمثقف المتدين أكثر من حاجتنا الى المتدين بتابو مقدس ، وهذا يد فعني الى الدعوة مجددا بتوحيد الخطاب الديني المندائي والذي ينعكس إيجاباً على العمل المندائي الشامل ، كي نتخلص من الإرث الثقيل الذي خلف الهوة بيننا وجعلنا نسير بخطوات بائسة وإلى الوراء بينما استحقاقاتنا تكون خطواتنا ثابتة وإلى الأمام ونحو خلق عجلة ثقافية توعوية شاملة ، لأننا اصحاب مشروع أمل جدي بعيد عن الهزل ، فان الإقدام والاستفادة من عصر المعلوماتية والتقارب الفكري للشعوب ، أصبح اليوم حقٌ مشروع للجميع ، لان العالم اليوم قرية واحدة كما يقولون .
وان قول الفصل يكون استرشاداً ب"دعاء الكروان" عن الرواية الخالدة للأديب المصري الكبير طه حسين ، في الثورة على الواقع المتردي وعلى المُكتسب من العادات والتقاليد البالية ، التي جسّدها الكاتب ببطلة الرواية "آمنة" التي تثأر لموت اختها "هنادي" التي دفعت ثمن حبها ومعاناتها ، عفتها وحياتها .
نحن اليوم في رحلة أحلامية مع وقفة تأملية صافية لغرض الوصول وحسب تلك الإعتبارات الى السعادة والنعيم في الدنيا وفي الآخرة .

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014