• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 27 كانون2/يناير 2013

رؤية للوضع المندائي

  الكنزبرا سلام غياض
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

بين فترة واخرى تظهر نقاشات حادة بين المندائيين حول قضية دينية ما , تتصارع الافكار وتنقسم الاراء على الاغلب الى مجموعتين ما بين مؤيد ومعارض , وتتفاوت الفترة الزمنية التي تستغرقها النقاشات الحادة وتنتهي وتتلاشى عند ظهور موضوع اخر, او بتشنجات حادة تفضي الى انسحاب احد الاطراف او تدخل أناس اخرين يطلبون ويترجون الكف عن النقاشات الحادة. والنقاشات عادة تكون حول المسائل المتعلقة والتي لم تبت بها المؤسسة الدينية وبقيت عالقه منذ يومها الى هذه اللحظة, مثل شرب ماء الاسالة ( ومن المخجل ان يناقش هكذا موضوع في القرن الحادي والعشرين وبعد الشتات خارج الوطن الام وتغير الظروف المناخية والبيئية والمجتمع و....), او البكارة او زواج الارملة او العزبة ..... الى اهمها الا هو قبول ابناء المتزوجين من زوجات من خارج الطائفة نتيجة الظروف القاهرة التي كانوا يمرون بها , وهنا بدأ صراع جديد ما بين الافكار الملتزمة جدا (كما كان قبل مئتي سنة) ومابين الافكارالتي تنادي الى دراسة الوضع الديني وفق معطيات الحاضر وجمع شتات المندائيين المتبقين بعد ان فقدنا الكثيرين من الشباب نتيجة الحروب المتوالية منذ عام 1980 ولغاية 2003 , وبعدها يبدأ مسلسل التطهير الديني واضطهاد العصابات والمليشيات التي طرأت على الساحة العراقية الجديدة والتي ادت بمجمعها الى الهجرة القسرية الغيرمنظمة وعزوف اغلبية الشباب عن الزواج بسبب الظروف الصعبة وعدم وجود موارد المالية الكافية لتغطية مصاريف البيت الجديد.

قبل كم يوم صدر بيان يضم اسماء اغلب رجال الدين ويتضمن ثلاث نقاط , ومن الطبيعي ان يكون له مؤيد ومعارض , ومن وجهة نظري كلاهما صحيحين, اذ ما كان النقاش هادئ ومنطقي وبفكر منفتح على الجميع , بدون اقصاء او استصغار او اهانة اوالمبادرة بالاساءة للتخلص من نقاط الاحراج في النقا ش والتشنج بالردود والتزمت بالرأي وكأنه منزل من عند الخالق ( مع العلم بأن الخالق اعطى المرونة التي لا يتصورها البشر في كتابه المنزل من خلال محبته لأدم وذريته ),كل هذه الامور ستضعف الطرفين , وبدلا من التقارب والخروج بنتيجة مشرفة ومفرحة للجميع سيكون الافتراق والتشتت والتحزب والحقد أكثر مما عليه قبل الدخول بالنقاش وتنعكس بالنتيجة النهائية على مستوى العلاقات الاجتماعية ما بين الاشخاص المتحاورين ,فبدلا من صراع الافكار صار صراع الافراد. بالرغم من ايماني التام بأن كل الطرفين لا يرغبان بالتشتت والأفتراق.

وهنالك عدة امور يجب ان نقف عندها ,قبل الشروع في اتخاذ موقف من النقاشات الدائرة في الساحة المندائية

المؤسسة الدينية
من غير الخفي عن الجميع ان الديانة المندائية لا تملك اي مؤسسة دينية واغلة بالقدم وهي مفقودة تماما , الا ما تم تشكيلها في عقد التسعينيات من القرن الماضي من الناحية التنظيمية , اما من الناحية الجوهرية والفعليه فكانت تدار من قبل رئيسها الريش امه عبدالله نجم فقط من ناحية الافتاء والاجتهاد لكونه يمثل اقدم رجال الدين وهو اخر من تبقى من الحقبة القديمة بينما تمثلت البقية الباقية من رجال الدين هما من فئة الشباب وهم لايمتلكون الخبرة الكافية
اما رجال الدين الشباب والذين يستحقون كل كلمات الشكر على ما يبذلونه من جهد للحفاظ على الدين ومحاولاتهم للوصول الى مستوى جيد من تفسيرلاهوتي للنصوص الدينية على الرغم من انهم لم يتخرجوا من مدارس دينية (كبقية رجال الدين من الاديان الاخرى), ولم يدرسوا مناهج دينية وثقافية وفلسفية واجتماعية معدة وفق الاصول التربوية لتأليف الكتب , كما التفاوت بمستوى تحصيلهم الأكاديمي ( اغلب الديانات حددت الحد الادنى من المستوى التعليم الاكاديمي للانضمام الى السلك الديني) مما يؤثرعلى تفسيرهم واجتهادهم ( او يجعلهم يبدون موافقتهم او معارضتهم حسب قوة اقناع محدثهم من رجال الدين )الا في حالات معينه حيث يجتهد رجل الدين لتطوير نفسه بنفسه ويطور امكانياته بالعلوم التي يرغب بقرائتها ومتابعتها, وعلى هذا الاساس يطوع ثقافته لتفسير النصوص وهذه الصفة تميز بها اغلب رجال الدين الحالين.
الشباب المكافحين الجدد من الذين يجدون ويجتهدون من اجل المعرفة الدينية الحقة فتارة يترجمون من المستشرقين وتارة يتناقشون فيما بينهم او من خلال الدورات الدينية التي انتظموا اليها( قبل التكريس) والتي كانت بحد ذاتها خجوله من ناحية المعرفة اللاهوتية والتاريخية واالفلسفية فكلها لا تتعدى شرح المناسبات الدينية او تعلم القراءة والكتابة المندائية وبعض المفرادات المتناثرة من معلمي الدورات وتختلف من منطقة الى اخرى او من دورة الى اخرى ,لا بل كل رجال الدين من الشباب يعتمدون على القاموس الذي ألفته السيدة ادراور ويترجمون معاني الكلمات من الانكليزية الى العربية. ومع نهاية اصحاب الخبرات الغنية من رجال ديننا السابقين وظهور طبقة قيادية جديدة تحاول ان تلتصق بالماضي وفي احيان اخرى تحاول ان تجد حل لمعظلة ما تواجهها في الحاضر , فعلى سبيل المثا ل اوجد الجيل القديم من رجال ديننا درجة دينية تسمى ابيسق ورتبوا الامور بصيغة ما تمكنه لقطع المهرالى الارملة او العزبى وما ان فارقنا اخر ابيسق الى الدارالازليه حتى بدأ الاجتهاد ما بين رجال الدين الحاليين حول كيفية قطع المهر( لعدم وجود نص ديني يستند اليه), وكل رجل دين يقطع مهر حسب رأيه, وفي كلا الحالتين تخالفا النص الديني (الذي يسمح لأبن الارملة من الظهر الثالث ان يرتقي الىمرتبة رجل دين) , لكن عامة المندائيين اقتنعوا انذاك بوضعية الابيسق لأسباب منها انهم لم يناقشوا أويجادلوا رجال الدين فيما يشرعوا , وضعف المستوى التعليمي والثقافي لديهم مما جعلهم يؤمنون بالمثل القائل ( ذبها براس عالم واطلع منها سالم), وكذلك عدم وجود الرغبة بالانضمام الى السلك الديني بسبب الفقر وصعوبة حياة رجل الدين المندائي مما جعل المندائي يبتعد عن رجال الدين والاستفسار وطلب المعلومة الدينية .

خبرات رجال الدين القدامى
وهذا له تأثيره الكبير على وضع الثقافة الدينية والاجتهاد الديني ما بين الجيلين حيث نفتقد في الوقت الحالي الى رجال دين ينقلون خبرات القدامى الى الجيل الحالي لتكون هنالك ديمومه وتواصل ما بين الماضي والحاضر وما حدث هو العكس حيث الانقطاع بين الاجيال وكبرت سعة الهوه لعدم وجود التدوين للأفكار والاحداث المهمه الا ما ندر لأحداث معينه مر بها بعض رجال الدين خلال حياتهم وتلك لا تروى ضمأ العطاشى حيث لم تمثل سوى قطرة واحدة من الكم الهائل الذي اندثر مع الكتب التي احترقت او تلفت, ولم يبقى لدينا من جيل القدامى الا ما يتحدث به الريش امه عبد الله وما كان يصرح به قليل ومنقول شفاها فقط , والتي تكون دائما بصيغة اجابة على سؤال ما لرجل دين , اما الوئاثق اوالمعلومات التاريخية التي ممكن يستفاد منها الجيل الحالي فتكون مخزونه لدى ابناء او احفاد رجال الدين القدامى والتي غالبا ما تضيع او تتلف او تخزن بشكل غير جيد وتأكلها العثه وتتلف اغلب محتواها.

القيادات الدينية
بالرغم من حدوث الهجرة القسرية للمندائيين والتي ادت الى التشتت بمجتمعات جديدة وبيئة جديدة تختلف كليا عن الوطن الام بظروفها الجوية وهذه سمة اغلب البلدان التي هاجروا اليها المندائيين-فكان يتطلب من هذه القيادات ان تعي خطورة المرحلة التي يمر بها المندائيين بحيث تشكل لجان لدراسة الوضع الديني والاجتماعي الجديد للعوائل المندائية وتضع الحلول اللازمة وخصوصا الدينية منها الا اننا لم نجد اي تحرك من هذا او ذاك , فهي بصمت تام وكأن الامرلا يعنيها او تعتمد على اسلوب مسك العصا من المنتصف محاولة منهم ارضاء كل الاطراف وترك الامور على ما كانت عليه وبدون اتخاذ اي قرار ملزم للجميع لتنهي الفوضى بالطروحات والتي بمجملها تؤدي الى الفرقة, ومثال على ذلك فهي لم تصدر اي بيان او رد او مناشدة على بيان المجلس الروحاني في استراليا او تصدر توضيح على بيان رجال الدين الذي وقعوا عليه وبسكوتهم هذا جعلوا من الامر وكأنه يعني رجل الدين الذي صدرمن ايميله البيان, وهنا لا نجد في قيادتنا الدينية في العراق او ايران أو الكنزفري روح المبادرة وتفسير أراءهم للمتسائلين من المندائيين , فكل رأي او اجتهاد أو فتوى بعد اصداره يحتاج الى توضيح وتفسير فأين هم من هذا؟

فالاجدر من قيادتنا الدينيه العليا ان تهدأ الوضع وترفض الأساءات المتبادلة وان تتعهد بأن تدرس الامور دراسة مستفيضه كما هو مطلوب من القيادات وتجمع ردود الافعال المؤيده والمعارضه كما حدث للبيان الاخير على ايميلها الخاص بعيدا عن الكروب من اجل انهاء التشنجات ومن ثم تقوم بتشكيل لجنة لدراسة الموضوع من النا حية الاجتماعية والانسا نية ومقارنتها مع حلول لحالات سابقة مرت على الطائفة واحفاد تلك الحالة او الحالات لا يزالون بيننا نتزاوج منهم وهم الان يحملون القيم المندائية كأي مندائي من ابوين مندائيين, ولربما وصلوا الى مرتبة دينية ,و النظر الى ما ستكون عليه علاقة افراد العائلة فيما بينها كحالة الاب المندائي وعلاقته مع ابناءه من زوجته الغير مندائية اذ ما طلقها وتزوج من مندائية؟ فهل نطلب منه ان يتركهم ويتنصل من الرابطة الابويه التي تربطه بهم ؟ فأي اب مثالي يخاف الله يتنكر لابناءه واين هو من حساب الله؟
وعلينا ان تميز ما بين من ترك الدين رغبة منه وما بين من اقترن بأمرأة من خارج الدين ولم يغير دينه فالفرق شاسع ما بين الحالتين وكذلك تطبق الحالة اوالاحكام على المرأة , و يجب درساتها من الناحية الدينية والدنيوية مرة اخرى ولكن من وجه اخر وهو الارث فمن سيرث او الاولى بميراث ابيه الطفل من زوجته المندائية ام الطفل من زوجته من غير المندائية!
وكيف ستكون علاقه الابناء اذا كان الاب مندائي والامهات احداهما مندائية واخرى لا , والعكس صحيح! فما هو الموقف من هكذا رابطه ؟ وعلى اي اساس او اسس سيعتمد الأحكام الصادرة؟

لذا تكون مرجعيتنا الدينية هي المسؤوله عن تشريع و تطبيق القرار الذي ستتخذه وأن تمنع حدوث اي طعن او تجاوز من قبل اي شخص على الاخرين من من يرفضون القرار أو من يؤيدونه.

فكل هذه التساؤلات والاشكالات يفترض ان تحلها القيادة الدينية صاحبة التشريع وتتحمل مسؤوليته تاريخيا بحكم موقعها الاول, وعليها بدء التشريع من ابسط المواضيع المطروحة كموضوع الماء الجاري ( اقرء نداء رجال الدين في استراليا) والترجمات الكتب الدينية والاختلافات في مضامينها والزواج وصعودا الى المواضيع الاكثر اهمية واخطرها وهو الزواج من خارج المندائيين والمندائيات وابناءهم.

الوضع الثقافي

ولما له من دور كبير في حياة الشعوب واستمرارية وفعالية الديانات, وهذا ما اكد عليه المؤتمر الخامس لأتحاد الجمعيات وهو النهوض بواقع الثقافة الدينية للمندائيين , حيث تم تشكيل لجنه مسؤوله لهذا الامر الذي يتطلب جهودا جبارة وعمل مضني واموال طائلة لتحقيق بجد ما نطمح اليه لرفع مستوى الوعي الديني لدى اهم شريحة الا وهي شريحة الشباب الذي بدا يكبر ويترعرع ويحمل الثقافة الغربية ويفكر بتفكيره والادهى من هذا وذاك هو مقارنته بين الديانات وماهيتها وافكارها (مع ما تزوده عائلته الفقيرة بالمعلومات الدينية) وبناياتها الجميلة والتي نفتقر لوجودها في المهجر وغزارة المؤلفات للديانات الاخرى وفقرها للديانة المندائية.
فالنهوض بالمستوى الثقافي الدينية لدى الجميع من كبار وشباب والاطفال يتطلب اعداد مناهج دينية وبلغات متعدده اقلها العربية والانكليزية وبلغة مبسطة وسلسة يمكن فهمها ببساطه من قبل القارئ وبهذا نكون ضيقنا الفجوة الكبيرة بين واقع المندائيين ومستوى الحقيقي لثقافتهم الدينية ,وعلينا ان نميز بين تطبيق الطقوس الدينية وبين الثقافة الدينية , فالطقوس من اولويات رجال الدين وهم لم يتوانى لحظه عن تقديمها و لو بأصعب الظروف اما النهوض بالمستوى الثقافي فهو مسؤولية الجميع وبدون استثناء لكون رجل الدين وبكل بساطة لا يمتلك العصى السحرية لتنهض بالجميع وبدون اي جهد او اموال او جهات داعمة وساندة. كيف لنا نحصن الشابات من اجل الحفاظ على عذريتهن من مغريات البيئة الاجتماعية الجديدة التي تدفعهن لممارسة الجنس ,وكيف نسحب الشباب مما قد يورطهم في المخدرات ونقل الامراض المعدية كمرض قلة المناعة وما شابهه, كيف نبني بيت مندائي جديد حسب العقيدة المندائية التي تقدس رابطة الزواج بعد ما انتشرت ظاهرة الطلاق الكاذب من اجل جني الاموال وبعد اي مشكلة بسيطة يكون هذا الطلاق حقيقي ومدمر للبيت المندائي . وهذه بعض من خسائرنا الحقيقة . وقد اكون شخصت البعض منها وليست كلها.

بتربية الاطفال على ثقافة دينية مندائية تجعله يتحصن اكثر منذ نعومة اظافره ضد اي اغراء او انحراف بالمستقبل لأي جهة دينية وبهذا يكون الحفاظ على المندائيين والمندائية من الفقدان والضياع مسؤولية الجميع فلا بد ان تتكاثف الجهود الدراسات العلمية والنفسية والاجتماعية للواقع المنداءي للوصول الى افضل النتائج من خلال القرارات الحكيمة التي ستتخذ في المستقبل وان طالت المدة, فتوحيد الجهود التكاتف بعيدا عن كل المهاترات والانتقاص من الاخرين يقصر بعمر سنين الضياع والفرقة ويمهد ويعبد الطريق لما هو الافضل دائما, بكل تأكيد ستكون هناك مؤسسات شرعية متنوعة وذات اختصاص لكل منها مسؤولياتها وتصب في رافد واحد هو المندائية والمندائيين.

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014