• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 28 كانون2/يناير 2013

المندائيون في نيوزيلاندا

  مؤيد مكلف سوادي
تقييم هذا الموضوع
(2 عدد الأصوات)

نيوزيلندا بلد صغير يقع في المحيط الهادي ، او كما يُصطلح عليه القول "الاوقيانوسي" شرقي استراليا وهي اقرب دولة اليها ، نيوزيلندا تتكون من جزيرتين رئيسيتين ، الشمالية والجنوبية ، وبضعة جزر صغيرة منتشرة حولهما .. العاصمة هي (ولنجتون) ، اما مساحة نيوزيلندا فتبلغ 270.534 كم مربع ، ونفوسها حوالي اربعة ملايين نسمة ، اللغات الرئيسية هي الانكليزية والماورية ، وعملتهم الدولار النيوزلندي ... وهذه الدولة عضو في مجموعة الكومونويلث وتابعة للتاج البريطاني .

يقول تاريخ هاتين الجزيرتين انهما كانتا قبل ألف سنة خاليتين من السكان ثم توافد عليهما اقوام من المغامرين (البولونيز) عن طريق البحر بسفن بدائية ، واقوام اخرون من الجزر القريبة من استراليا بواسطة قوارب (الكاياك) الخفيفة ، وتم استيطانهم فيهما ، وبذلك تكون الشعب النوزيلندي ... وبعد سبعة قرون لاح شبح الدخلاء الاوربيين ، بدءا بالبرتغاليين فالهولنديين ثم الانكليز بقيادة الكابتن (كوك) الداهية الذي استطاع السيطرة على البلاد بالدبلوماسية الهادئة ، ثم هادن الشعب بأتفاقية (وايتانكي) حيث ضمن لبلاده الحكم والادارة تاركا للشعب الحماية والحرية وما يملكون من ارض ومال ، ومنذ ذلك الوقت اصبح البلد جوهرة في عقد الامبراطورية (البريطانية) الواسعة الارجاء ،ثم توفد عليه الانكليز والكثير من الاوربيين والاسيويين للاستيطان والتجارة والعمل .

وهاتان الجزيرتان تبعدان عن بعضهما حوالي ثلاث ساعات بحرا بالباخرة كما تبعدان عن استراليا حوالي ثلاث ساعات جوا أو يومين بحرا ...

ارض نيوزيلاندا بركانية التكوين والتركيب ، متنوعة المعالم ، رائعة الجمال

وخصوبتها لاتضاهى بسبب المطر الدافق والشمس الساطعة .. ان الجزيرتين تبدوان وكأنهما لوحة رائعة أنجزها فنان لم تلد مثله العصور ، فتبدوان للمتأمل للوهلة الاولى وكأنهما من عالم غير عالمنا .

شعب لايعرف الخوف ولايخرق القوانين

ان شعب هذه البلاد يعبد الحرية ويلتزم بالنظام وهما لديه اعز من الغذاء والماء ، ولهذا لاتجد فيهم بشرا حاقدا على البشر ، فهنا كل منصرف لعمله ، وللسلوك لديهم طريقان : طريق العامل الصادق الذي يستمد نجاحه من صفوة الاخلاق وهم الاغلبية ، وطريق آخر وعر مكشوف القناع رث الوصل ولذلك فهو زائل لأنه لايقوى على البقاء ، وهؤلاء يمثلون الاقلية فالمصداقية هنا هي التي توصل الى دروب السعادة .

وبسبب قرب البلاد من اسيا فقد اصبحت موئلا للمهاجرين من مختلف الجنسيات والاعراق وكلهم منصهرون في بوتقة المواطنة .. ان قوانين الدولة وانظمتها تهتم بالدرجة الاولى بالطفل ثم المرأة ثم كبار السن ، ولهم في القانون حقوق تفوق حقوق غيرهم .. وشعار الناس هنا هو : النظام والعمل ودقة المواعيد واحترام الاخر والمحافظة على البيئة . ولهذا فقد انمحت من مخيلتهم عقد الحياة ، كما ان نيوزلندا بلد مسالم بعيد عن الصراعات الدولية ، فمنذ الحرب العالمية الثانية حين شارك الفيلق النيوزلندي ضمن القوات البريطانية ، لم يشارك بعدها جندي نيوزيلندي اخر في اي قتال . وهكذا عاش شعبها آمنا مطمئنا .

اجواؤها رومانسية توحي للشعراء شعرهم وللفلاسفة افكارهم ، رمزهم طائر حزين اسمه (الكيوي) لاتقع عليه العين الا بعد جهد ومشقة وفي اوكاره القصية ، وقطع شجرة او قتل طير يعتبران جريمة يحاسب عليهما القانون ، ولهذا فطيورهم لاتعرف الخوف ، وهم يتعاملون مع نبات الارض وازهارها بمنتهى الحرص والرقة ولهذا السبب فأريج الارض يعطر الاجواء وغاباتها تعج بالوان الزهور حتى ليقال بأن ارضهم تحوي اكثر من الف صنف من الزهور البرية خلا الانواع المألوفة المعروفة .

المندائيون على ارض نيوزيلندا

اول من وطئت قدماه ارض نيوزلندا من المندائيين هو السيد بديع عبد الفتاح الزهيري وعائلته عام 1993 ثم توالى وصول العوائل بالتدريج .. بعضهم جاءوا حسب طلبهم وبعض كلاجئين ، حتى اذا ما حل عام 2010 أكتمل العدد الى اكثر من اربعين عائلة تضم اكثر من مئتين من الافراد يعيشون بانسجام تام ومودة وهم رغم قلة عددهم متماسكون متآلفون يتفقد بعضهم بعضا ، فالتغرب قد خلق لديهم الالفة والانسجام .

والملفت للنظر ان اغلب الوافدين هم من اصحاب الشهادات والكفاءات ، فبينهم 17 طبيبا وصيدلانيا و 13 مهندسا و 12 مدرسا ومعلما ، و 8 من اصحاب الاختصاصات الاخرى ، اما الشباب والاطفال فقد اندفعوا بحماس لتكملة دراستهم في المعاهد والكليات .

لقد نظم المندائيون انفسهم في جمعية خاصة بهم منذ عام 1997 وارتبطوا بعلاقات مع الجمعيات المندائية في الخارج والجمعيات العربية في نيوزيلندا ، والجميع يعيشون في اوكلاند وهي مدينة كبيرة تقع في الجزيرة الشمالية وتعتبر العاصمة الاقتصادية للبلاد وموقعها رائع على امتداد شواطئ البحر وقد بنيت بيوتها على كل سهل وجبل وهضبة .. بعضها منازل واسعة ذات حدائق غناء ، والبعض الاخر وحدات سكنية تفي بغرض العوائل الصغيرة وكلها مكتملة الشروط الصحية ، هياكلها من خشب ومطلية من الداخل والخارج بألوان زاهية .

والمندائيون لايعيشون متجاورين الا فيما ندر ولكن لقاءاتهم مستمرة ، ولهم لقاء شهري في مقر الجمعية ، ومما يخفف اعباء الحياة وسائط الاتصالات الحديثة المتطورة التي سهلت كل شئ وقربت المسافات ، والمندائيون هنا على اتصال وثيق مع اخوتهم في استراليا لأحساسهم بأن مصيرهم واحد .

وتقوم الجمعية بأعباء عديدة منها الاتصال بالسلطة وتمشية امور اعضائها والاهتمام بالقضايا الثقافية .. اما عن اتصالات المندائيين بالجمعيات المندائية في الخارج فتتم عن طريق الانترنت ، ولهذا فهم على تماس مع كافة اخوتهم في كل ركن من العالم .

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014