• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 27 أيار 2013

دراسة

  المجمع الصابئي المندائي للتنوير
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

دراسة/الجزء الأول

أحبتنا المندائيات والمندائيين

أسوثا نهويلخون

مما لا شكَ فيه أن طائفتنا المندائية العزيزة تمر اليوم بظرفٍ إستثنائيٍ وربما ان يكون الأخطر في تاريخها. إذ أن التهديدات والتحديات اليوم هي ليست فقط خارجية وإنما أكثر منها داخليةً. إن هذه الأخيرة قد دفعت العديد من أبناء طائفتنا الحريصين عليها وعلى مستقبل أبنائها للبحث في صيغٍ علمية لمواجهتها. وقد وردنا كمجمعٍ علميٍ مندائي متخصص العديد من الطلبات لمناقشة موضوعين مهمين في هذا الخصوص، وهما: التنسيق الإداري لرجال الدين المندائيين في العالم؛ وتحديد مفهوم المرجعية. ومن بين أهم تلك الطلبات كان قد وردنا طلبان، لتبيان الرأي، من فضيلة رئيس الطائفة المحترم في موضوعين، تضمنتهما رسالتان. الأول (ورد برسالة بتاريخ 10/2/2013) اشتمل الرغبة في "حينها" بتشكيل مجلس ديني عالمي أو هيئة دينية عالمية، واجباتها لملمة البيت المندائي وجعل أهدافه واحدة تساهم في حل الاشكالات الدينية العالقة. الثاني (ورد برسالة بتاريخ 13/2/2013)، طلب فيه فضيلته منا تفسير المرجعية الدينية حسب المفهوم المندائي.

إبتداءاً نشكر أخواتنا وأخواننا الذين طرقوا هذين الموضوعين وعلى رأسهم فضيلة رئيس الطائفة على ثقتهم بنا ونأسف على تأخير الإجابة لأسباب تتعلق بالظروف الصعبة التي تعيشها الطائفة.

نحن نعتقد بأن الموضوعين لا يمكن تجزئتهما، لأنهما الواحد متعلق بالآخر. فيهما نعتقد ان رئيس الطائفة يجب أن يمثل رأس الهرم، وعليه فهو يكون المسؤول الأول للمحافظة عليها، والذي يعوَّل عليه بتسيير أمور الطائفة بشكل يتناسب مع تطلعاتها، خاصة ما يتعلق بالفنية والإدارية. ومن ذلك المنطلق يمكن المساعدة في هذا الجانب عن طريق ايجاد موقع اداري ديني جديد مساعد للهيكل الإداري الحالي "(والذي يضم إضافة إلى فضيلته؛ رئيس مجلس الشؤون؛ سكرتير مجلس العموم؛ وسكرتير إتحاد الجمعيات المندائية)"، والذي يمكن أن يضم اليه لاحقا. وبدعوة مؤمنة واسناد من المجمع الصابئي المندائي للتنوير، نوضح وندعو الى أنه يمكن ان يُعمل الآتي فيما يتعلق بالموضوعين:

فيما يخص الموضوع الأول

يعتقد المجمع بأن:

أ‌. بالرغم من أن بها الكثير من الايجابيات والطموحات الكبيرة المتعلقة بأمل العديدين في إيجاد مثل هكذا مجلس أو هيئة، لديهما القوة السحرية لتفعل فعلها الخارق، وتوحد الجميع، وتحل الإشكالات المختلف عليها (والموجودة فكرا ومنهجا بين الأخوة رجال الدين). نحن نظن إن مثل هذه الخطوة يمكن أن تتحقق في المستقبل، لكن ليس القريب جداً. لأنه يجب أن تُؤسس القاعدة الصحيحة في جو صحي، وعلى الأقل فيها الأرضية المشتركة للحوار، واعتمادا على حقيقة وواقع الأخوة المحترمين رجال الدين على الأرض.

ب‌. تحتوي على بعض السلبيات التي نتوقع لها ان تطفو على السطح بسرعة كمشكلة جديدة تثقل كاهل الطائفة بدلا من أن تخفف عنها في الظروف الصعبة الحالية، وربما تؤدي الى مزيد من التطرف أو التكتل يساهم في ذلك ايضا الإقصاء المتعمد للعناصر المثقفة والمعتدلة من رجال الدين. لقد استغل في الماضي القريب بعض الأخوة موضوع فكرة تأسيس المجلس الروحاني العالمي لتحقيق غايات ربما تكون غير بناءة، تدعو للتشدد والسيطرة، والغاء الأصوات المعتدلة ومصادرة الآراء العلمية وتوجيه الطائفة الى منحدر خطير، واليوم كما نرى، يتكرر ذلك المشهد بتغيير بسيط في الأدوار والمسميات.

ت‌. إن موضوع "النازل والصاعد" بين رجال الدين وطقوسهم يظهر جليا كمأزق يتحداهم جميعا كلما التقوا، وهو مُستغَل ومستعمل في هذه المرحلة سياسيا أكثر منه دينيا. وهو ربما يفسر عدم القدرة على توحيد الطقوس وحل إشكالات استعمال الحنفية والحوض وعقود الزواج التي يجريها الترميذا، أو الكَنزبرا بدون ترميذا/ي ...الخ (المشار اليها في رسالة فضيلته). فمثلا فيما يخص الصباغة بماء الحنفية وقطع المهر بالترميذا؛ أصبح هذا كله شائعاً، اذ ان العديد من رجال الدين يستعملون الآن ماء الحنفية ونفس الشيئ بالنسبة لقطع المهر...الخ، هذا اضافة الى ان جميع افراد الطائفة تقريبا (بضمنهم رجال الدين ومساعديهم) يستعملون ذلك الماء في العديد من طقوسهم الدينية اليومية وحياتهم الإعتيادية (كالطماشة والرشامة والأغتسال "والتدكي") بشكل أو بآخر لعشرات السنين. ولكن السؤال المهم هنا، إذا كانت نوايا التوحيد في المجلس المقترح بهذه الفترة صادقة وحقيقية فهل ان جميع رجال الدين بعد الإتفاق سيختلطون وسيعملون اثناء اجراء الطقوس الدينية مع بعضهم البعض؟ وهل ان تلك الطقوس والنتائج المترتبة عليها ستقابل بعدالة دون عقاب من هذا الطرف أو ذاك؟ نحن لا نتوقع ذلك، وهذه القضية ستتيح للبعض ايجاد فرص اكبر مما هو موجود الآن لتكريس مبدأي التكتل والتسلط!

توصيات فيما يخص الموضوع الأول

1- أن يقوم فضيلة رئيس الطائفة بالتعاون مع مفاصل رئاسة الطائفة والمؤسسات الحالية بالنهوض بالواقع الحالي الى مرحلة افضل، وذلك من خلال اعلان "خطة عمل-(انقاذية)-" من اجل السلام والمحبة وتطوير واقع الطائفة (العام والخاص). على ان تكون تلك الخطة قادرة على تحريك المجتمع المندائي (بكل مكوناته وتشكيلاته الإدارية وموارده) والرقي به الى واقع أفضل (سيصدر لاحقاً "في الجزء الثاني" تفاصيل دقيقة عن خطة العمل الإنقاذية المقترحة).

2- يدعو المجمع الصابئي المندائي للتنوير الى النظر بجدية في:

أ‌. تنسّيب أحد رجال الدين المشهود لهم بالعلم والمعرفه من قبل رئيس الطائفة ليعمل "كنائب ديني عالمي" يأخذ على عاتقه الإشراف على كافة القضايا الدينية، على أن يختار ثلاثة من رجال الدين المعروفين بوعيهم وثقافتهم الدينية والعامة كلجنة دينية استشارية له، يمكن أن تعمل على ثلاثة محاور رئيسة (1) الحوار (2) المتابعة (3) الإصلاح؛ ولذا نقترح تسميتها: "لجنة الحوار والمتابعة والإصلاح". هؤلاء سيساعدون في اتخاذ القرارات المهمة أو الفتاوى الدينية (في الحالات الخاصة جداً).

ب‌. إن هذا النائب ولجنته الإستشارية يجب ان يحظيا برضى و احترام الطائفة ومؤسساتها المنتخبة المشار اليها.

 

ت- ومن أجل توضيح موقع هذا النائب في الطائفة ومهامه، نحب أن نقول إبتداءاً بأنه لا يتقاطع مع المواقع الإدارية الحالية التي يشغلها بعضٌ من أحبتنا رجال الدين في العراق، بل هو مكملٌ وساند لهم لتسهيل مهامهم عالمياً (ومنعاً للإلتباس أو الإصطياد بالماء العكر سيصدر لاحقاً "في الجزء الثاني" تفاصيل دقيقة عن النائب ولجنته الإستشارية).

3- اعادة تشكيل أو تفعيل مكتب رئيس الطائفة بما يناسب الوضع الجديد (ليضم اشخاص بمواصفات خاصة)، فيكون بمثابة المركز أو سكرتارية أو محل عمليات ادارية (محلية ودولية) للتنظيم والتنسيق والمتابعة للطائفة، فيقوم مثلا بتوزيع الأعمال بين هذه الجهات حسب العائدية ورفع التقارير للرئاسة وتنظيم الإجتماعات ومتابعة تنفيذ القرارات وجدولة الأولويات والموارد والخطط...الخ، وربما يكون من الأفضل الإستعانة بالشخصيات المندائية الكفوءة حسب الإختصاص من دول العالم المختلفة (ستتضمن الأجزاء المتبقية من هذه الدراسة تفصيلات في خصوص هذا الموضوع).

 

4- يجب أن تكون مؤسسات الطائفة في العراق وايران لها أهداف مشتركة وأن تنطق بكلمة واحدة، بمعنى أن رجال الدين جميعاً يخضعون لضوابط وتعليمات موحّدة متفق عليها فيما بينهم. ومن شأن "خطة العمل" المشار اليها ان تعمل على تحقيق ذلك، فالأمور أصبحت معروفة الآن أكثر من أي وقت مضى.

فيما يخص الموضوع الثاني

إن مفهوم المرجعية هو مفهوم اوسع واشمل مما ذكر في الرسالة، فهو يتعداه ليشمل اصول الكتاب، جذوره، اسباب نزول محتوياته، وتحليل مفاهيمه، والأهم من ذلك هو العدّة العلمية والفلسفية لرجالات فكره وفقهه وتفسيره والتي تجعل منه اساسا واقعيا ممكن التطبيق في كل مكان وزمان، فيكون في واقعنا الحالي ارضا خصبة لأطفالنا ولأجيالنا الشابة. ومن خلال دراسات علمية دقيقة لبعض المختصين في مجمعنا فان معظم ما موجود بديننا مرجعيته الرئيسة هو بلاد الرافدين (دجلة والفرات)، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

(1) فالحروف المندائية (آ، با، كَا، دا) ظهرت في بلاد الرافدين (2) وإسم المندي وشكله وبناؤه (3) والتعميد وماء الفراتين (4) وإسم الرستة وأجزائها (5) ومراسيم الزواج، وخاصة شكل ومعنى الأندرونا (6) وتسلسل الدرجات الدينية (7) أسماء العديد من الملائكة (8) مراسيم الوفاة والدفن (9) الأعياد والمناسبات الدينية (10) التقويم وأسماء الأشهر (11) نظرية الخلق (12) قصة هبوط الملاك (13) مراسيم المسقتا (14) السندركا ومعناها الفلسفي (15) قصة الطوفان (16) العديد من الطقوس والعادات...الخ وهناك الفيض من ذلك؛ فهل أن كل هذه الأمور المهمة لاتشير إلى أن مرجعيتنا دينيا وتاريخيا (وبفخر) بلاد الرافدين.

ان حقيقة مرجعيتنا تشير "بمعناها الأولي" الى انها الجهة التي تحافظ من موقعها على الأصل الديني والتاريخي ورموز التراث، وتختص باظهار قواعد وأحكام العقيدة المندائية التنويرية، وعلى وجه التحديد الإلهية المقدسة منها (وبشكل لا يقبل التخمين أو الافتراض) الى درجة يكون ذلك الإظهار (في هذه القواعد والأحكام) هو عين المقصود الإلهي المقدس. ونتيجة ذلك يتبنى الإنسان المندائي المؤمن هذه العقيدة كحقيقة إيمانية أو عقلية تعتمد كأساس تنويري ايماني أو فكري يستعمل كمنهج يستنار به ويُسار عليه.

ولكن بالمقابل فإن للمرجعية معنىً متداخلاً؛ اذ لا يمكن وضع حدود واضحة تماما تفصل مرجعيتنا من الناحية الدينية عن التأريخية. وما ذُكِرَ بخصوص كتابنا الديني المقدس والإعتماد على ما جاء فيه ليكون هو المرجعية الدينية، فنود القول بأن ذلك صحيحا لحدود معينة؛ لكنه ليس نهائيا لأنه يتأثر بعموم الفلسفة المندائية التنويرية وبالظروف الجديدة التي يفترض أن تتأقلم معها تلك الفلسفة.

التوصية:

إستناداً لما تقدم أعلاه وحيث أن جذورنا كدينٍ قديمٍ راقٍ لها علاقة بوجودنا وتدعو الى ضرورة دوام ارتباطنا ببلاد الرافدين الثري. ومن أجل هذا يوصى المجمع الصابئي المندائي للتنوير بوجوب التمسك ببلاد الرافدين كأرض وكجذر للمندائية، حيث نمى وترعرع فيها المندائيون وعقيدتهم، وهذا يجب أن يُعزّز بأن يكون:

(1) رئيس الطائفة هو رجل دين يتم إنتخابه من جميع أطياف المجتمع المندائي داخل وخارج العراق (2) أن تكون إقامته في بلاد الرافدين ما استطاع الى ذلك "وبأعلى درجة" لتبقى راية المندائية ترفرف أبداً (ستتضمن الأجزاء المتبقية من هذه الدراسة تفصيلات أخرى عن هذه المادة). 

لذلك يأمل مجمعنا ان تؤخذ رسالته ودعوته هذه في جزئها الأول على محمل الجد للبدء بمرحلة جديدة محترمة على جميع المستويات والأوجه.

ملاحظة: أجزاء من هذه الرسالة مستوحاة من مشاريع بحثية لبعض أعضاء مجمعنا.

مع محبتنا ودعائنا

وهيي زكن

 

يتبع له لاحقاً/الجزء الثاني

 المجمع الصابئي المندائي للتنوير

مايس 2013

 

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014