• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 02 أيلول/سبتمبر 2013

الجزء الثاني/ تأملات في شخصية الإنسان العراقي

  هيثم نافل والي
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

 إذا أردتَ أن تغير من نفسك، وتجعلها صادقة... فأبدأ من ذاكرتك. كاتب المقالة.

 

لقد وعدت القارئ، بأنني سأكتب مجدداً في هذا الموضوع الحيوي والمهم، وها أنا أفي بوعدي، فأقول: إذا أردتَ أن تتحرر من العمل... فأعمل. 

 كتبَ لي أحدهم، عندما كتبتُ الجزء الأول من تأملاتي في شخصية الفرد العراقي؛ غاضباً، ثائراً، وكأنني قاتل أبيه! ينتقص مما كتبته بشأن شخصية الإنسان العراقي... عجباً، فهو لم يلاحظ انفعاله ألا عقلاني، وغير المبرر، وهو يدافع عن تلك الشخصية بشكل فطري وكأنَ علوم النفس والاجتماع جاءت للتسلية أو للسخرية... وقد يكون فهمها على إنها ضرورية لجلسات هزّ الصدور والبطون ورن الأقداح والخمر  فيها يدور!

 هناك دراسات قامَ بها باحثون، لم يكن لهم من همّ سوى بحوثهم العلمية تلك... خرجوا بنظريات قد تكون صائبة بعض الشيء وقد لا تكون، لكنها دراسات جاءت تحاكي الشخصية العراقية وبكل ما تحمل من تناقضات كبيرة، غريبة وعجيبة... بل يجزم هؤلاء بأنَ الفرد العراقي هو أكثر الناس غرابه وتناقض من باقي الطوائف والملل العربية الأخرى.

من الطبيعي أن يكون هناك أسباب جوهرية؛ جعلت الباحثين يخرجون للناس بهذه الأحكام التي تبدو من الوهلة الأولى تهكمية، لكن، عندَ النظر والتفكير في أحكامها نراها صائبة وفيها من الصدق والواقعية الشيء الكثير؛ ولا يختلف العراقيون في تلك الصفات كثيراً، فهم وأنا منهم ممن نعاني بشكل صارخ وبشكل يومي من التناقضات التي نقوم بها بعلم أو دونَ وعي، سامحنا الله.

 

فاللبس العربي البدوي الريفي وما يناقضه من لبس في المدينة هي أحد هذه التناقضات التي يعيشها الإنسان العراقي؛ كذلك النظام العشائري القبلي، ونظام الحكومة المركزية؛ هما نظامان متناقضان جداً، بل هما لا يتفقان أبداً.

 اللهجة العراقية، بل لنقل اللهجات العراقية التي يدور الرأس فيها عندَ سماعها؛ ففي غرب العراق هناك لهجة تختلف عن لهجة جنوبه، ولهجة ولغة شماله تختلف عن لهجة جنوبه وشرقه... وهكذا نجد الفرد العراقي خليط في وسائل الاتصال الحياتية اليومية؛ أليست هذه تناقضات صارخة يعيشها العراقي دونَ أن يفكرُ فيها ويتمعن في خطورتها؟!

ألم تعي البلدان المتقدمة لتكَ الأخطار منذُ زمن بعيد؟ ألم تجعل تلك البلدان المتقدمة الفواصل والاختلافات في مثل تلك الجزئيات المهمة من حياة أبنائها قليلة جداً، إن لم تكن اليوم معدومة.

ثمَ نرى وفي عصرنا الحالي الذي ندور في أفلاكه بلا رحمة أو اجتهاد... البعض من أمثال صاحبنا الذي يتهمنا بالجهل والتحريض والانتقاص دونَ وجه حق؛ بعدَ أن تناسى بأنه بتصرفه هذا... سيكون مثالاً واقعياً لما نحن في صدده...؛ فطبيعة وشخصية العراقي، عرفت بالتكبر والاستعلاء بوجود مبرر أو من عدمه، تلكَ النظرة المتعالية جعلت الكثير من الشخصيات المثقفة، المطلعة وحتى الشركات الدولية لا ترغب في التعامل معَ الفرد العراقي لغروره غير المنطقي.

شهدتُ يوماً طلب أحد رجال الأعمال وهو يقول لمعاونه: أجلب لي عمال أضافيين... بشرط أن لا يكونوا عراقيين! تدخلت بشكل عفوي وقلت له مستفسراً عن السبب؛ فقال مقتضباً بحزم لا تنقصه الجرأة:

 العراقيين معروفين بتبديد الوقت وهدره، وبتعاليهم المفرط فيه، وبذكرهم لتأريخهم الحضاري القديم العريق، بشكل يدعو للاستغراب!

 

ترى ما صحة ما قاله هذا الرجل ألالماني الغريب الذي ظننت من الوهلة الأولى بأنه عنصري، ولا يحب العرب! لكن وبعدَ أن قرأت ما أفصحَ عنه، وتمعنت التفكير فيما قال... وجدته أنساناً مطلعاً، مثقفاً، وصادقاً ولم يكن كما ظننت بأنه هتلري!

 فالعراقي يحب التاريخ البابلي كثيراً، بل يعشق كل ما هو سومري... إلى حد المرض، شفانا الله منه؛ والعيش في زمان لم يكن هو صانعه، وكما يقال من يعيش في المستقبل، كالذي يعيش في الماضي كلاهما مريض، والعياذ بالله. 

  

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014