• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 25 أيلول/سبتمبر 2013

أيام لا تُنسى

  همام عبد الغني
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

تميزت الفترة التي اعقبت الأجتماع الموسع , في تشرين الأول 1965 , بالنشاط والحماس والأيجابية , وقد انعكس ذلك في الشارع , حيث استقبلت الجماهير نتائج الأجتماع بالتأييد والتفاعل والأيجابية , وظهر ذلك جلياً , في حملة التبرعات التي اطلقها الحزب , تنفيذاً لأحد قرارات الأجتماع . فقد اعطت الجماهير بسخاء لم يسبق له مثيل , فقد نقل لي احد الرفاق بأن احدى عوائلنا الحزبية قدمت حلي زواج احدى رفيقاتنا دعماً للحملة , وان احد الرفاق باع قطعة ارض له ليقدم ثمنها تبرعاً للحزب , والأمثلة كثيرة لدى رفاقنافي تنظيمات بغداد  . أما في التنظيمات الخاصة , فلم يكن مسموحاً القيام بنشاطات جماهيرية , لكن التأثير الأيجابي لنتائج الأجتماع , انعكس في تعزيز التنظيم واتساعه وحماس الرفاق في كسب عناصر جديدة , وفي مجالات مهمة , وعاد الكثير من الرفاق المنقطعين عن التنظيم الى العمل مجدداً .

بعد أقل من شهرين , وفي الثاني من كانون الأول 1965 , رحل والدي الى العالم الآخر , وقد حضر الى الدار , في حي السلام ( الطوبجي ) الكثير من الأهل والأقارب والمعارف والأصدقاء , سواءً في التشييع او في مجلس الفاتحة , للمشاركة وتقديم التعازي , وكنا , أنا وأخي الأكبر نستقبل المعزين , ولم أشأ ان اتغيب , لأن الحكم الغيابي الصادر ضدي لا يعرفه إلا القلة من اهلي , ولا أريد ان ألفت نظر الآخرين بغيابي عن مجلس الفاتحة .

بعد اسبوع التعازي مباشرة بدأت أفكر في الأنتقال الى دار اخرى . وفعلاً حصلت على دار في منطقة ( قنبر علي ) قرب ساحة الفردوس في جانب الرصافة , وانتقلت اليها سريعاً .

كان رحيل المرحوم الوالد , السريع والمفاجئ , قد آلمني كثيراً , فقد كان صديقاً لي , وكان يشاركني الكثير من همومي وافكاري , وقد تحمل بسببي الكثير من المتاعب , بما في ذلك التوقيف والتهديد وضنك العيش , خصوصاً في الأشهر المشؤومة من عام 1963 , إلا انه كان شجاعاً وصبوراً , وكان يخشى ان يرحل وانا بعيد عنه , كنت أُطمئنه , بانني سأكون معه الى آخر لحظة , وبالطبع كنت اقول ذلك , لرفع معنوياته , فأنا محكوم غيابياً , وفي اية لحظة يمكن ان اقع بيد السلطة . وفي ساعاته الأخيرة , كنت الى جانبه , وقلت أنا معك كما وعدتك , فلمسني بيده الواهنة , قائلاً , انت وفي ...

بعد انتقالنا الى منطقة ( قنبر علي ) هدأت مواجعي نسبياً , وكانت نجاحات العمل وتطوره وانغماري به , جزءاً من المواساة وتعويضاً عن خسارتي برحيله .

تصاعد عملنا وحققنا نجاحاً ملموساً , بحيث صار بإمكاننا ان نحدد الخفارات الليلية , ويكون رفاقنا في المواقع المهمة , كما ادخلنا بعض العناصر للمبيت في اماكن معينة , بما في ذلك اذاعة الحرية في سلمان باك , ووصل الأمر , ان احد كوادرنا , ارتدى الملابس العسكرية وبرتبة تناسب عمره , مستخدماً سيارة جيب عسكرية يقودها احد رفاقنا , ودخل أحد المعسكرات , خلال الدوام الرسمي , وفتش النقاط المهمة , ليجد رفاقنا فيها .ارجو ملاحظة انني اتحدث عن موقع عمل محدد , ولا ادري ان كانت المواقع الأخرى , وخصوصاً في الوحدات الفعالة , بهذا المستوى من التطور أم لا .

في مقابل هذا النشاط والحماس , كان رفاقنا من قادة خط ىب , يعملون بشكل مغاير تماماً , لأنهم غير مقتنعين بهذا التوجه, علماً ان الأنضباط الحزبي يوجب عليهم الألتزام بسياسة الحزب التي رسمها الأجتماع الموسع , واعتُبرت السياسة الرسمية له , إلا اذا جرى تغييرها من خلال اجتماع آخر , ولم نبلغ ان ذلك حصل في حينها .

لقد كان المرحوم عبد الرحمن عارف ونظامه ضعيفاً مهزوزاً , ووكانت الكثير من القوى تسعى لإسقاطه في مقدمتهم البعثيين بشقيهما , جماعة البكر وصدام , ومجموعة سوريا ( البعث اليساري )كما كان يطلق عليهم , والقوميون الناصريون , مجموعة عارف عبد الرزاق , والعناصر الرجعية والعملاء , جماعة عبد الرزاق النايف , الى جانب عملنا نحن .

لقد لمسنا توجه قادة خط آب للألتفاف على مقررات الأجتماع الموسع , من خلال مفردات عملية متعددة , منها :

1- لم يصدر عن الأجتماع الموسع أي بيان جماهيري , أو بلاغ داخلي , وهذا أمر لم يحصل في الحزب سابقاً , خصوصاً ان الأجتماع رسم نهجاً جديداً مغايراً لسياسة الحزب السابقة , وكان يفترض ان يعلن للجماهير ولقواعد الحزب على أوسع نطاق 

2- بعد اسبوعين من الأجتماع , زارني المناضل آرا خاجادور , عارضاً علي السفر خارج العراق للدراسة الحزبية أو الأكاديمية , وقال ما معناه , ان الحزب يثمن عملك ونضالك وتضحياتك , وخصوصاً في فترة 1963 , بينما كنا نحن في الخارج ولهذا جاء دورك لترتاح قليلاً . اعتذرت له وشكرته واعربت عن اعتزازي بهذا التقييم من جانب الحزب , بيد ان ظروفي العائلية لا تسمح لي بذلك , فلدي عائلة من ستة أفراد , والدي قبل رحيله , ووالدتي واختي وزوجتي وطفلين , كيف أتركهم ومن المسؤول عنهم ؟ . غادر الرجل حاملاً شكري واعتذاري  . بعد أسبوع أو عشرة أيام عاد مرة ثانية حاملاً نفس العرض , قائلاً لابد انك فكرت بالأمر ودرسته مع عائلتك , ولهذا اعيد عليك العرض مرة ثانية . هن شعرت ان المسألة , هي موضوع ابعاد ليس لإلا , فقلتله , ألسنا نحضر للعمل الحاسم يا رفيق ؟ لماذا تريدون غبعادي ؟ , وانفعلت في حديثي معه , وطلبت منه ان لا يعود مرة ً اخرى من اجل هذا الغرض . وقد علمت ان نفس الموضوع عُرض على عدد من المناضلين , بعضهم اقتنع وغادر وبعضهم رفض , ولكل ظروفه .

3-حدثني احد المناضلين , بأنه كان يجمع مبالغ حملة التبرعات , وقد لاحظ ان المبلغ الذي جمعته احدى المنظمات , لا يتناسب وحجم المنظمة من جهة وحماس الناس من جهة اخرى , وقد برر مسؤولها ذلك , بأن الرفيق (....) وهو احد قادة خط آب , طلب منه ان يعزل 6000 ستة آلاف دينار لأنه يعتقد ان سيارته , انكشفت , ويريد تبديلها !!!. فطلب منه تسليمه المبلغ , لأن هذه التبرعات نجمعها لدعم العمل الحاسم وليست لشراء السيارات .اني اعتقد ان تصرف الرفيق (...) هو تصرف شخصي , لكنه يعكس مدى ايمان والتزام ذلك الرفيق بسياسة الحزب.وممقررات الأجتماع الموسع ...حين اتذكر تلك التصرفات والعراقيل واللتفاف على مقررات الأجتماع وسياسة الحزب الرسمية , واربطها بعملية الأنشقاق التي حصلت في  ايلول 1967 , أشعر أنها كانت من الأسباب والعوامل المهمة التي ادت الى عملية الأنشقاق المؤسفة , والتي سببت خسائر كبيرة للحزب على كافة المستويات , والتي ما زال يعاني منها حتى اليوم على ما اعتقد ..

استمر عملنا بوتيرة متسارعة ومتصاعدة , ودون اية خسائر حتى يوم 6-6-1966 , حيث القي القبض علينا , أنا والمناضل ابراهيم الياس , في شارع الشيخ عمر . وهو موضوع الحلقة القادمة

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014