• Default
  • Title
  • Date
السبت, 26 تشرين1/أكتوير 2013

اكلة السباكيتي الايطالية اصولها عربية

  موسى الخميسي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

 

ايطاليا هي بلد السباكيتي والزلازل السياسية، وكل شيء في هذه البلاد يدعو للمحبة ، ويستفز اهتمام الزائر للمتابعة، ابتداء من الاثار العظيمة التي تشكل نحو 40 في المئة من الموروث العالمي، وانتهاء باطباق السباكيتي والمعكرونة التي تتعدد انواعها لتصل الى اكثر من 500 نوع باشكالها واحجامها ووصفات طبخها.

وتوجد عشرات الطرق والاساليب لاعداد هذه المادة اللذيذة، ويطلق الطليان على هذا الطبق اسم " الطبق الاول"، اذ لايمكن للايطالي ان يستغني عنه في وجبات طعامه، وكل مدينة لها خصائصها في اعداده وتقديمه الى مائدة الطعام، ، فالى كونه يخلط مع الطماطم بعد سلقه بالماء الحار، الا انه يؤكل مع اللحم المثروم، والقشطة والجبن واللبن والخضروات بشتى انواعها والسجق والسمك واللوز والجوز والبندق والصنوبر والفطر والكمأ.. الخ. الا ان اشهر طباخاته تلك التي تعتمد على مرق الطماطم المركز مضافا اليه قطع صغيرة من الريحان.

وما هو شائع عن السباكيتي" المعكرونة" بانها جلبت من بلاد الصين الى ايطاليا بعد عودة

" ماركو بوللو" من جولته الشهيرة الى تلك البلاد البعيدة ليس صحيحا، اذ عثر في السنوات الاخيرة على عدة وثائق جديدة كشف النقاب عنها، وتعود الى ورثة الرحالة الايطالي ماركو بوللو ، بان احد الاشخاص الذين سافروا مع الرحالة الايطالي وكان يدعى" اوكينو سكاربا" بانه ترك وثيقة مؤرخة في الثاني من شهر شباط( فبراير) عام 1279، وفيها تعداد لما تركه" سكاربا" من حوائج ومواد والبسة بحوزة احد الجنود من معارفه وكان يدعى" بونسيو باستونا" ومن تلك المواد اكياس من المعكرونة المحفوظة. ومعروف بان ماركو بوللو لم يكن قد عاد من سفرته في الشرق قبل ذلك التاريخ، حسب ما تذكره وتؤكده جميع المصادر والوثائق التاريخية المحفوظة في متحف مدينة البندقية، فمن اين جاءت هذه المعكرونة؟

هناك كلمة عربية متداولة تكشف عن ماهية هذه العجينة الجافة المثقوبة، والكلمة العربية القديمة هي " ايتريا" والتي اصبحت فيما بعد كلمة متداولة في جزيرة صقلية الايطالية التي فتحها العرب عام 727 وبقوا فيها حتى عام 1091 ميلادية، بعد ان حورت قليلا لتكون" تـّري" وتعني اعواد من العجينة الجافة المثقوبة، فالعرب هم اول من جلبها الى جزيرة صقلية، جنبا الى جنب فسائل النخيل والررز والفواكهة وانواع من البقول والحبوب ، وذلك اثناء فترة الفتح العربي التي قادها القائد العربي القاضي " اسد ابن فرات" وقامت دولة عربية امتدت نحو 250 عاما من الزمن. وقد عرف العرب منذ زمن طويل صنع هذه العجينة الجافة، فكما هو معلوم فان العرب الاوائل كانوا يعيشون حياة تنقل لا يستقرون في مكان ولا يتصلون بالارض التي يسكونونها اتصالا وثيقا كما يفعل الزراع. وبعد انتشار الديانة الاسلامية نشأت وتطورت الحضارة العربية وبدأت تشق لنفسها وسائل التغلغل والانتشار، وكان لحاجة القوافل العربية وهي تطوف البلدان والامصار عن طريق الحرير القديم، محمّلة بالبخور والعطور واقمشة الحرير والسيوف المسقّاة التي كانت مرغوبة في اوربا التي كانت تعبر اليها عن طريق امارة البندقية( فينسيا)، الى خزين من الطعام تتزود به في رحلاتها التجارية هذه، فكان ما يجلب من الطحين يتعرض للتلف والتحلل، في ضوء ذلك ولدت فكرة عمل العجينة الجافة وذلك بمزاوجة الماء للطحين وتعرضها للهواء من ان اجل ان تجف، اما الثقب فكان نتيجة فكرة عربية صائبة ايضا وذلك لجعل العجينة اليابسة لاتتعرض للتعفن، بل تبقى فترات طويلة جدا صالحة للطبخ، حيث ان الثقب يساعد على دخول الهواء من الداخل، اضافة الى انه يحيط تلك الاعواد العجينية اليابسة من الخارج مما يساعد على حفظها وسلامتها من التلف.

وهذه الاعواد العجينية التي اصبحت بمرور الزمن رقيقة وبدأت تخلط مع عجينتها بعض الدهون الحيوانية وصلت الى اماكن عديدة وخصوصا تلك المدن والامصار التي تقع على البحر الابيض المتوسط، بل ان بعض المؤرخين الايطاليين يؤكد وصولها الى جمهورية البندقية( فينسيا) مع بدايات اتساع حركة التبادل التجاري والحضاري بينها وبين العالم الاسلامي وبالذات بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية منذ بدايات القرن الثامن عشر وحتى سقوط هذه الجمهورية التي غزاها نابليون عام 1797. ويؤكد المؤرخون على ان هذه العجينة التي كانت منتشرة في جميع انحاء صقلية العربية وخلال الفترة النورماندية التي اعقبت الوجود العربي، منتشرة ايضا  في مناطق اخرى من ايطاليا، كمنطقة " بوليا" التي شهدت عاصمتها الاقليمية " باري" وجود امارة عربية مستقلة استمرت نحو 33 عاما، ومنطقة " سالرينو" و" لوكوريا" الشمالية" وكذلك في معاقل العرب الاخيرة داخل العمق الايطالي مثل مدينة" لوشيرة" ومدينة" جيلانو"، اذ لايزال والى يومنا هذا يوجد طبق شعبي مشهور في مدن" بينفينتو" و" سالينتو" و" كاتسينو" و"بيترلشينا" يدعى" جيجري وتـّري" وهو مؤلف من الحمص ونوع من السباكيتي المصمنوع باليد. علما بان كلمة " تـّري" العامية القديمة تطلق والى يومنا هذا في اغلب مناطق الجنوب الايطالي على كل انواع العجينة الجافة. وتشير المصادر على ان العرب القدماء استخدموا في طعامهم هذا الطبق الذي يتألف من اعواد العجينة اليابسة مضافا اليها الحمص المسلوق بمائه الطيب.

وهذه الاعواد اليابسة وصلت ايضا الى اسبانيا وهي تحمل اسم" تريا" وتسمى في الوقت الحاضرفي العديد من المناطق الجنوبية الاسبانية من الاندلس القديمة مفردة" فيديار" ومأخوذة من كلمة عربية قديمة" فاد" وتعني الاكلات الباردة السريعة الطبخ والانكسار. وقد اصبحت هذه الاعواد اليابسة تصنع بمهارة ودقة ويضاف اليها السمن النباتي مع البيض وتأخذ احجاما مرقمة بعد ان اتسعت وتعددت معامل تصنيعها المتخصصة. وقد بدأ الايطاليون في بدايات القرن السادس عشر باستخدام الطماطم( البندورة) مع السباكيتي بعد ان جلبت من المكسيك والبيرو لاول مرة، وزرعها اهالي نابولي واشتهروا منذ ذلك الحين باعداد اشهى وارخص اطباق السباكيتي والمعكرونة.

ولا يعرف للان من اين جاءت كلمة " سباكيتي" الا ان البعض يعتقد بانها من اصل اغريقي ومأخوذة من كلمة " اوفيز" وتعني الحية.

 

       السباكيتي الإيطالية ورفيقاتها من المعجنات تحتفظ رغم الأزمة بالصدارة العالمية للاستهلاك والتصدير

 

لا تعاني المعجنات الإيطالية من الأزمة الاقتصادية بل تقاومها رغم تراجع الاستهلاك، وتواصل تصدرها قائمة الصادرات. ما من منافس في الأسواق للسباكيتي الإيطالية ورفيقاتها، وتتستمر إيطاليا المنتج الأول في العالم للمعجنات حيث يبلغ انتاجها السنوي 3,3 مليون طن ما تبلغ قيمته 4,6 بليون يورو. إيطاليا هي أيضاً البلد الأول من حيث الاستهلاك حيث متوسط استهلاك الفرد 26 كيلوغراما، ومن حيث التصدير البالغ 1,9 بليون طن. هذا ما تؤكد بيانات رابطة المزارعين الإيطالية بمناسبة الاحتفال بيوم المعجنات الدولي 2013، وأشارت الرابطة إلى أن انخفاض شراء المعجنات بنسبة 1% خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بسبب الأزمة الاقتصادية لم يسلب إيطاليا ريادتها. تتحدث الرابطة أيضا عن تفضيل العائلات الإيطالية شراء المعجنات الأقل سعراً بدلا من الاستغناء عن هذه الوجبة المفضلة، ما يمَكن الإيطاليين من الاحتفاظ بالصدارة العاليمة في الاستهلاك، 26 كيلوغراما للفرد. يليهم بفارق كبير سكان فنزويلا 13 كيلوغراما، تونس 11,9، اليونان 10,4، سويسرا 9,7، السويد 9، الولايات المتحدة 8,8، تشيلي 8,4، بيرو 8,3 وفرنسا 8 كيلوغرامات.

 

 

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014