• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 01 نيسان/أبريل 2013

النفس (نشمتا) بين المُحـاسَـبةِ والـنـَـقــد في الـدين الصابئـي الـحنـيف

  عماد عبد الرحيم الماجدي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

مندا إد هـيّي يقول : كل نفس تسأل هي عن أعمالِها . لا تـُـشارك نفس نفساً ، ولا تتحمل نفسٌ نفسـاً * أيها الأصفياء والكاملون ، صونوا أنفسكم من الغش والإثم والزور ، والكذب والزيف والشرور ، واتقوا الدجل والإفك والضلالة ، والفتنة والقسوة والجهالة * يا باهري الصدق حصنوّا أنفسكم ونساءكم * كل نفس هناك في كوّة من الموت عميقة ، وفي هوّة من الظلام سحيقة .. حتى يومها الأخير * يا أصفياء الصدق المعظمين * احفظوا أنفسكم من الراجفة * ومن الذئاب الخاطفة * ومن أي دعـوة زائفة . * يانشمثا الحي الحرّة ... يا بنت المصابيح الثَرَّة .. أي سلاح تبتغين أمضى من السلاح الذي تحملين ؟ * معك الناصورائية ، الكلمات الصادقة الحية .. هي سلاحك الجسور ، الآتي إليكِ من بيت النور . 

صدق الحي المزكي

 ( أول ما يـُـعـَـلمـّـكَ الـطـَـريـق الـصّـعــب ، هو أنّـه طـَـريـق سَهـل ، وكـَـمـا نـُـمـسِـك عـَـن الـكَلام فـي غـَـيـر مـَـوضِـعـه ، يـجـبُ أن نـَـتـَجــَـنـّـبَ الـصـَـمـْـتَ فـي غـَـيــِر مـَـوضـِـعِــهِ . )

 إن من أهم الأدوات التي تساهم في تصحيح وتنقيح مسار الإنسان وفكره وشخصيته هي النقد والمحاسبة ، والثابت أن ليس هناك أي كمال مطلق في ( عالم الإنسان ) ، فكل شيئاً في حياته خاضعا لإعادة النظر والمراجعة والتصحيح والتنقيح والمشورة ، لكي يــُـقـَـوِّمُ ما فيه وما عنده ولديه من نقص وضعف وتلكؤ وتردد وتخلف ، وعلى كل إنسان على الأرض أن يُـسلـّم ويقتنع تماماً ، بأنه ناقص غير كامل ، فالكمال لله الحي القيوم وحده ، ومتى اعترف الإنسان بذلك واقـرّه ، يكون قد ضمن تحقيق التكامل والاستقامة والحلم والنضج ، ومن ثم النجاح ، وإمكانية إتّخاذ القرار الصائب الهادف.

 ليس هناك من لا يخطأ في عالم الإنسان والمعروف أن فعل الإنسان متطـّور حتما وغير ثابت مطلقا ، فلابد لهذا التطور أن يخضع لظروفه ، لتصدر عن الإنسان وبسبب تلكم الظروف ، الهفوات والأخطاء . ومن هذه الظروف التي تحيط بالإنسان اليوم ، على سبيل المثال لا الحصر هي : 

•الجَـهـُـل . 

•السيـرُ خلف نوازع النفس ، وإتباع رغباتها وهواها .

•عـَـدمُ القدرة والرؤية الواضحة في إدراك الحقيقة والكمال .

 

إن من لم يـقـّـر منا بذلك فإنه لا محالة سيقع في أشد الأمراض المزمنة فتكاً به ، ألا وهو مرض الـغـرور ، والمغرور لا يـَـقـَّـر ولا يعترف ولا يُـسَــلـّم كونه قد قـَـصّـر بحق الإنسانية ، كونه إنساناً ، وبالتالي فإنه لا يستطيع وضع أو إخضاع نفسه للنقد أو المحاسبة، لذلك سيبقى وكراً ثابتاً ، ومرتعا خصباً ، بل موطناً دائماً للأخطاء والتخلـّـف والهفوات ، ليبتعد في آخر المطاف عن المسيرة الحياتية الإنسانية التكاملية .

 

الكثير منا ، ممن أصابه مرض الغرور ... لا يريد إقرار تقصيره من خلال مرضه هذا تجاه نفسه ، والناس وتجاه أهله من أبناء دينه ، لذا نراه لن يقبل أو يجعل أو يـُـخضِـع نفسه للمحاسبة والنقد الذاتي ، ويستنكف ويتأفف عند نقده من قبل ناسه ، كارهيه ومحبيه ، لذا فإنه قد فقد بتصرفه الغير صحيح هذا ، أعظم فرصة لمعرفة نواقص ذاته ونفسه من خلال عيون الساخطين عليه قبل الراضين عنه :

وعين الرضا عن كل عيب كليلة إلاّ إن عين السخط تبدي المساويا

 

إن محاسبة ونـقـد الإنسان لنفسه على أخطاءه وتقصيره بحق خالقه الحي المزكّى ، من خلال عدم التزامه بما قرره ورسمه إليه من أوامر ونواهي في العبادات والمعاملات ، وتقصيره بحق الناس ، إخوانه في الخلق أو الدين من خلال تعامله الحياتي اليومي معهم ، وتقصيره تجاه نفسه ، حالة صحية في عقل وتفكير أي إنسان طبيعي ، ودليل قائم على يقظة ضميره وحسه الديني الإيماني والدنيوي الإنساني .

 

لقد اعتنى الهيي ربي مسبح اسمه من خلال شريعته الصابئية الغراء ، بأصحاب أول رسالة دعت للتوحيد له والتسبيح باسمه ، من خلال إظهاره هذا الجانب التربوي الرئيسي ــ عند أعظم مخلوقاته ، الإنسان وشخصيته ــ جانب المحاسبة والنـقد الذاتي ــ وقبوله ممن يوجهونه إليه ، أصدقاء وأعداء ، محبيّن وكارهين

 

بسم الحي العظيم

* من أخطأ منكم فقوموّه وأسندوه * فإن أخطأ ثانيةً فقوموّه وأعينوه * فإن أخطأ ثالثة فأرشدوه ، والصلاة والتسبيح لله فأسمعوه * فإن عصى واستكبر ، وأبى إلاّ المنكر ، فاجتثوا هذه الكرمة من الجذور ، وازرعوا مكانها كرمةً تعرف طريق النور ، فقد قالوا له إسمع فلم يسمع . وأروه نور الله فلم يخشع ، فسقط في العذاب... و *عـلـّـموا النشـماثا أن لا ترتـاب قلوبها ، وأسمعوها لغة السلام : التسبيح الذي آتيتكم .. فتشهد قلـوبهـا وتطمـئـن .

 

إن من أخطر ما يصاحب الإنسان ويواجهه في حياته اليومية ، العملية والفكرية هي إعتقاده بل تأكده واعتباره إن كل ما يبدر منه ، ويصدر عنه من تصرفات وسلوكيات ، صحيحة المسار لا غبار عليها ، لشعوره الغير صحيح بأنه قد اكتمل وتفوق على غيره من الناس ، فهو الأحسن إذن ، وتحصيل حاصل ، إن ما يقترفه ويقوم به ويصدر منه أو عنه ، غير قابل ، وغير خاضع للنقاش ، وذلك يقوده حتما إلى التبرير والمغالطة وإخفاء الحقيقة وتضليل الحق :

 

بسم الحي العظيم

* ويل للسيئين من اليوم المحفوظ ، يزرعون الإثم ويحصدون العذاب * عيونهم يملؤها الظلام ، قلوبهم يملؤها الظلام * يظل عَـماهُـم يلازمهم فلا يرون بلد النور . 

 

و ( إن أكثرهم للحق كارهون ) و ( من صارع الحق صرَعَـه ) ، لذلك تراه يدافع عن الخطأ ويصّـر على الاستمرار فيه ، والسقوط في مثالبه ، وجـَرع مرارة مذاقه ، وقبول مساوئ آثاره ، بدوافع التكبر والاستبداد والعناد ، فلا يصغي لمن ينتقده ، ولن يلتفت لمن يحاسبه ، بالرغم من ترديده وتشدقه للمقولة الخالدة : الاعتراف بالخطأ فضيلة .

 

 

تحدث كتابنا المقدس [ الكنزا ربا ] مبارك اسمه ، ورسلنا وأنبياؤنا ( عليهم السلام ) وعلماؤنا الأعلام من أبناء ديننا الصابئي الحنيف ، الكثير عن تلك الظاهرة الاجتماعية الخطيرة السيئة ، والتي واجهت أول دعوة صابئية ، توحيدية إيمانية خالصة تـَـدعـو الإنسان الصابئي إلى الإيمان بالله الحي المزكّى ، واليوم الآخر والبعث والحساب ، فتشرق في نفسه ، شمس لا تغيب تحرص على محاسبتها من خلال نورها الإيماني المـُـشِـع في ذاته ، فنراه يقترب من السعي والبحث عن من ينتقده ويحاسبه على ضوء الواقع الذي يعيشه ، والموازين والقيم الشرعية والعملية والأخلاقية والعقلية . .

 

لقد دعت شريعتنا الصابئية الغراء إلى محاسبة الإنسان الصابئي ، الذي آمن بأحكامها ، واعتقد بقيمها ، والتزم بأوامرها ونواهيها ، دعته بل ألزمته ، وفرضت عليه ، وجوب محاسبة نفسه ونقدها ومراجعتها ليعرف أسباب مواطن ومكامن ضعفها ، التي دفعته إلى الوقوع والقيام بما لا يرضي الله الحي القيوم ، والسقوط أمام إغوائها له ، فتضفي شرعية زائفه مهلهلة ، تدفعه للاعتقاد بصحة وصواب ما قام به في ذلك اليوم :

 

* كل حي له نفسه يصطفيها * يعـدّها ، ويقيـها * لاتكن في خطيئتها ثاوية * إن أراد الخلاص من الهاوية .

 

.. إن إصرار الصابئي على عدم مراجعة نفسه وإخضاعها إلى قبول مبدأ نقدها ومحاسبتها من قبل الناس ، تجعله يتأرجح ما بين الحق والباطل ، فتنعدم عنده رؤية ما هو حق وواجب ، إلى حـَـدّ تـَـمـَـكـُـنـِّـهِ من الدفاع عن الباطل بأسلحة يصوبّها لنفسه فيقتلها ، ليعيش الحق ويستمر كونه حـَـق قائم ، لذلك نراه يعيش ميتاً . إن إيمان الصابئي بما جاء في كتابنا المقدس [ الكنزا ربا ] مبارك اسمه ، من أحكام ، يدفعه ويجعله ويدعوه إلى سماع كلمات النصح والتوجيه والإرشاد ، التي تتعارض مع نوازع نفسه الشيطانية الأخرى ، والتي تؤثر حتماً على قراراته ومواقفه ، وتؤكد نصوص كتابنا المقدس ( الكنزا ربا ) مبارك اسمه للصابئي المغرور ، الغير قابل للنقد ، الممتنع الرافض المحاسبة لنفسه من قبله ، وله من قبل غيره إخضاع نفسه لمن ينتقدها ويحاسبها من قبل أي إنسان ..

 

إن قـُـوَّة َشَخصيـّـة الإنسان الصابئي ، أو قـُـوّة شخصية أي إنسان وما يصدر عنها من قرارات خاطئة ، لا تكمن في التمسك بالدفاع عنها وتبـريرها ، والإصرار على تِـكرارها والاستمرار فيها ، بل إن قـُـوة الشخـصيّـة تستـَـند وترتكز وتتعمّـق وتزدهر من خلال قبول الحق والاعتراف بقيامه . لقد أوضح الهيي ربي مسبح اسمه للانسان وألزمه من أن يكون رقيبا يقظاً على نفسه :

بسم الحي العظيم

* باسم السِّـر الأعظم ، لا تمسوّا النفس بمكروه . * أيتها النفس عليَّ أن لا أفزعكِ ، وأن لا أخيفك ، لا ينبغي لك أن تفزعي وأنت في كسائك هذا ، ولكي لا تفزعي ، هاأنذا أتخذ شكل آدمي .

 

، مقوماً لأفعالها ، قائما ساهراً على تصحيح نواياه ومقاصده ، ليكون مصفاة لا تصدأ لتخليص نفسه وتنقيتها مما علق بها من شوائب وانحرافات :

* رأس فضائلك أن تنتصر على نفسك .

 

وقد وُصِـفَ من لا يقوم بمحاسبة نفسه ورصد أخطائها ، ومراقبة سلوكها بالأحـمـَـق ، والأحمق معاقاً لا يستطيع استخدام عقله ، ولا يقدر على مجابهة نزغات نفسه ، كسيحاً لا يتمكن من مقاومة نوازع شـّرها ، مهملاً للقيام بواجب الخير كونه فريضة عليه من قبل الهّيي الحكيم ، غير مستعـدٍ لملاقاة الهيي العزيز في الاخِـرةِ ، خادعا لنفسه ، ضاحكاً عليها ، منغـَمساً في ملذات وأماني وأوهام [ أرض تـيبـل ] ، أرض الزيف والزوال والظلام والآثام . إنه الحـُـمـْـق ، والأحمق كما جاء على لسان المختصين : 

من الحمق ، وهو قلة العقـَــل أو فـَـسادٌ فيه:

 

بسم الحي العظيم

* وأما عالم الظلام ، عالم الشرور والآثام .. * عوالم من دخان ونار ، ونقص وشنار * تعج عجيجاً بالأشرار ، وبالقتلة والفجار ‘ والسحرة والمشعوذين والكفار * أرواحهم زاهقة * ..* وسفهاء * ومصاصو دماء * بوجوه مظلمة سوداء * صـُـمٌّ بلهاء * ينهض بينهم المشعوذون * و السرّاق والمجرمون * والقتلة والمجرمون

 

كما إن إعجاب الإنسان بنفسه ، من الأسباب التي تدفعه للاعتداد والغطرسة واللامبالاة بالقـِـيم القائمة والمتداولة ، تؤدي مجتمعة إلى إهلاك من ترافقه وتصاحبه ، لتحيط بنفسه ، مانعة له من الالتفات والاكتراث والاستماع إلى النقد والمحاسبة ، والمؤمن كما جاء في كتاب تحف العقول / للحرّاني / صفحة 457 :

المؤمن يحتاج إلى توفيق من الله ، وواعظ من نفسه وقبول ممّـن ينصحه .

 

وما عرضناه فيما يتعلق بالفرد لا يستثني ولا يعفي الجماعة ، من خلال عملهم الجماعي في النشاط الإيماني أو الـدَعـَـوي أو التعبدي أو السياسي أو الفكري أو المعرفي ، إلى آخره من النشاطات التي لا يمكننا حصرها ، فإذا ابتـَـلوا بمرض الغرور ، سيطر هذا المرض على إرادتهم في اتخاذ أي قرار صائب ، لذا نراهم يفتقرون إلى الدواء الناجع الشافي المُـنقِـذ ، ألا وهو نكران الذات والمحاسبة ، كلٌّ من موقعه ومركزه لنفسه من خلال نفسه لذاته ، ولنفسه وذاته من خلال غيره ، لذا ستكون أكثر قرارات جماعته ، مختومة وموقعة بختم [ الأنا ] ، يؤطـّـرها الغرور والإعجاب بالنفس والزهو بمفرداتها العقيمة القاصرة .

  

* كـراهـية الـنـقـد .

 * الـنـقـد بين الـهـدم والـبـناء .

* مـن هـو الـناقـِـد ، وهل ثـَـمّـة شروطـاً يجب توافرها فيه ؟

 الـكـثير منـا و للأسف الشديد لا يـميل بل لا يحب سـماع أي نقـد يـوّجه إليه ، لأنه يشعر بأن هذا النقد إنما يظهر ما فيه من عيوب ونقص وغرور وتخلف وسقوط وتردد وخطأ ، فلذلك لا يـَـوّد أحد منا أي شخص ، بل يكرهه ويمـقـته ، مهما كانت علاقتنا به ، قريبا أو بعيدا ، يوجه إلينا ما يظهر ما تقدم ذكره فينا . لذلك فترانا نميـل إلى من يكيل لنا المديح الزائف و الثناء المبالغ فيه ، بل تجدنا نكره من يبّين لنا عيوبنا ويظهر لنا أخطاؤنا ويكشف لنا غرورنا وتخلفنا ويرصد لنا نقصنا ويعدّد لنا زلاتّنا وهفواتنا ، ومن يقدم لنا نصحه وإرشاده وتوجيهه .

 إن من المفروض أن نصغي جيداً إلى من ينقدنا نقداً بناءً ، ويحاسبنا محاسبة حريصة تفيد عملنا ، لأنه ناصح لنا يساهم في تسديد أخطاؤنا ، يسعدنا في إنجاز أعمالنا ، سواء أكانت فردية أو جماعية ، اقتصادية ، فكرية أو اجتماعية :

 

* إذا رأيتم حكيماً صادقاً فتقرّبوا إليه ، وخذوا من حكمته

 

أما من لا ينقدنا مثل هذا النقد ، بل يحاول ـ لغاية في نفسه ـ أن يخفي عنا عيوبنا وهفواتنا ، ويطلي لنا هذه العيوب بطلاء النفعية والمصلحة والانتهازية و التوفيقية والمهادنة والمساومة ، والثناء الكاذب الخادع ، إنما هو عنصراً هداماً ، يحجب عنا نور الحقيقة وعلـّـو الحق وصدق الإيمان : 

 

* وإن رأيتم حكيماً شريراً فابتعـدوا عنه ما استطعتم ، إن حكماء الشر من أتباع الشيطان .

 

لذا علينا أن نصغي ونسمع ونـّود ، ونحترم من يوجه لنا نقده البناء الهادف لتبيان هـَـفواتنا وزلاتنا ، حتى نتمكن من تشخيصها والوقوف على أسبابها ، وعدم تجاوزها وعدم تكرارها مرة أخرى . إن هذا النقد يـُـساهم وبفعـّـالية كبيرة في عـَملية التحصين الـَنفسي العقـائدي ، ويزيد من مناعـتنا ضد كل ما يساهم في إحباط عملنا الإيماني ، وتحـرّكنا النهضوي :

 

بسم الحي العظيم

* انظروا بأعينكم * وانطقوا بأفواهكم * واسمعوا بآذانكم * وآمنوا بقلوبكم * واعملوا بأيديكم زدقا وطبوثا * إعملوا بمشيئة ربكم ، ولا تعملوا بمشيئة الشيطان .

 

إن ما تقدم ذكره لا ينفي أو ينكر أو يتجاهل ، من أن هناك أصولاً وآدابا وقواعد وضوابط وصفات إنسانية وأخلاقية ، على الناقد أن يتمسك ويلتزم بها ويراعيها ، وأهم ما تقدم من شروط :

•أن يكون الحق مـعـيار وفيصل وهدف الناقد ونقده .

•أن يسعى الناقد من وراء نقده تحقيق المصلحة العامة لمن ينتقد ه ، وللناس الذين هم موضوع نقده. 

•أن يكون جريئاً ، صادقاً ، واقعيا وموضوعيا في نقده .

•أن يكون مخلصا مبدئيا أميناً يسعى لتحقيق هدفا عاما وليس هدفا خاصاً .

•أن يبتعد في نقده عن التوفيقية والانتهازية ، وعن التحّـيز الأسري والعشائري ، فكلنا صابئة وكلنا واحـد .

فالنقد استنادا لما تقدم أداة تنقيح وتصحيح وإرشاد وتقويم ، النقد ليس تهريجا وتجريحا ، وتشكيكاً بعمل ومبادرات الآخرين ، النـقـد ليس معـوَل هدم ، لهدم ما يشيده الآخرين . النقد أداة بناء وعلى الناقد أن يتناول أحكام وقرارات وخطط ومشاريع وآراء وأفكار ، من يريد نقدهم ومحاسبتهم ، ويبتعد عن المواقف الشخصية التي تحدث أو حدثت بينه وبين من يريد نقده ومحاسبته ، إن الجهل والتعصب والأنانية والحقد ، تدفع الناقد إلى تشويه عمل ومنهج من يريد نقدهم ، والتشهير بهم ، والإضرار بسمعتهم ، وإلصاق التهم الرخيصة بهم ، من خلال رصد هفواتهم وثغـر اتهم ، وتتبع عثراتهم : 

بسم الحي العظيم

* أنا الرسول الطاهر أقول لجميع الناصورائين : ميزوا كلمات هؤلاء ، إن بعضهم يكذب بعضاً * النبي يكذب النبي * والملك يطعن الملك

 

لذلك يجب على الناقـِد أن يبتعد عن كل هذه الصفات المريضة عند نقده ومحاسبته ، وإتباع المنهج ، و الأسلوب والنهج العلمي في نقده ، وعلى المـَـنـقـود [ الـْــمـُـنـْـتـَـقـَـد ] ، أن يقبل و يتقـَـبـّـل النـقـد من الـنـاقِـد بعَـقـل مُـتـفـَـتّـح ، وصدر واسع رحب ، وبالتأكيد سيسعى من يكون قد خضع لهذا النوع من النـقـد ، حتما لتغيير ما كان عليه من آراء ، وتفكيك ما رسمه من مشاريع ، سينشط وبكل طاقة وسرعة لتبني الصواب وتجاوز الخطأ ، والتحرك نحو التكامل والحسِـن والجـيّد :

 بسم الحي العظيم

* كونوا أقوياء ثابتين ، فإن اُضدهتم فاحتملوا الإضطهاد إلى أن تقضوا آجالكم بعضكم لبعض مساندين * ولا تغضبوا ، ولا تهتاجوا ، إن الغضب والهياج مملوءان بوسوسة الشيطان .. فاطفئوا نار غضبكم بالإيمان .

 إذن فالمهمة النقدية ، يجب أن تكون مهمة رسالية إيمانية ، هدفها بناء الإنسان الصابئي ، والسعي من ممارستها ممارستها الى صياغة السلوك الإنساني الصابئي ، من خلال المفردات والنصوص الشرعية المرسومة له ، والواردة في كتبه المقدسة ، وما هو مُـدوّن ومعروف في سيرة وسنن أنبياءه ورسله عليم السلام ، وأعمال روحانيّه ، وسلوكيّات واجتهادات رجال دينه الأفاضل ، وعلماءه الأعلام .

 إن ديننا الصابئي الحنيف يـُـلـزمنا بالابتعاد عن مخادعَـة النـفـس [ النشماثا ] ، بتبـريـننا أخطاؤها وبالتالي إسقاطها ، والعمل على أن نقنع الـنـفس [ النشماثا ] أيضاً بصحة ما نقوم به ويصدر عنا ، وإرضاء النفس بواقعنا المريض المهزوز ، دون أن نتحرك لتشخيص الأسباب الكامنة لهذا المرض المزمن فينا والذي نتوارثه ، دون رضانا نحن الصابئة ( الورثة ) ، ضمن تركة ثقيلة محملة بها نتيجة ظروف فرضها علينا من يريد إسقاطنا وتغيبنا عن الساحة الإنسانية ، التي تحمل أعمالاً جليلة لصابئة كُـثر ومعروفين ، لم تستطع مَـعـاول تزييف التأريخ من هدم أسوارها الإيمانية ، التي تحيط وتحصّـن النفس الصابئية .

 قيل : إن رجلاً عَـبـَـدَ الله أربعين سنة ، ثم قدّمَ قرباناً فلم يقبله الله منه ، فقال الرجل لنفسه : ما أتيت إلاّ منك ، وما الذنب إلاّ لـكَ ، فأوحى الله سبحانه إ ليه : ذَمـّـكَ لِـنـَـفسِـكَ أفـضـَـل من عبادَتِـكَ أربعين سنـة .

 بسم الحي العظيم

* أفـيقـِي يـانـَـشـمـثـا .. أفـيـقي من نـَـومِـكِ * تـَـطـَّـلعـي على بـيت هيّـي . * إنهضي وتطلعّـي إلى بيت هيي أ وارفعي وجهـَـكِ صَـوب بـَـلـد الـنّـور * أنـْـظـري إلى العالم كلـّه .. شيئ كاللاشيئ .. وما ليس بشي فـَـأيـة فائـدة فيــه .

صدق الحي المزكي

الدخول للتعليق