• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013

الحلقه الاولى من الفصل الاول من كتاب تراثنا كيف نعرفه

  عدنان الجابري
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

ورد في كتاب الكنزا ربا (الكتاب المقدس للمندائين) انهم غرس التوحيد الاول‘ لكون الصحف الاولى انزلت لادم. ففي ف

(صفحه 18 اليمين) نص واضح بهذا الشأن :لاتسجدوا للشيطان ولا تعبدواالاصنام والاوثان......الخ‘كما ان هناك عدة نصوص في كتبهم تشير الى ذلك سنذكر البعض منها لاحقا.

ففي كتاب ادراشة اد يهيا وصايا الملاك لادم: لاتلهث وراء المظاهر الخدادعه‘ لاتقرب الخمر‘ ليكن ربك حاضر في ذهنك....الخ. ولكون كتبهم هي صحف سادة البشر الاولين‘كادم وشيت وادريس ونوح (أنظر ادريس قبل نوح)‘ يرفعهم الى مصاف بدايات الاديان والشرائع الموحده في التاريخ‘ والكثير من الديانات نحلت من منحلهم (الدكتور رشيد خيون _المندائين في الفقه والتاريخ الاسلاميين)‘ فعلى ادم نزلت احدى وعشرين صفحه‘ وعلى شيت 29 صفحه‘ منها تهليل وتسبيح‘ وعلى اخنوخ او دناخوتالذي عرج الى السماء (وقصة عروجه وارده في نصوص الكنزه)‘ صحف كان يحتفظ بها في غرفه مغلقه‘ و8 كتب اخرى نزلت له‘ كما ان المندائين يعتبرون احد كتبهم نزل الى يهيا يهانا‘ وقصة عروجه لعالم الانوار والحديث الذي دار بينه وبين الملاك الاول مندادهيي في الكتاب السادس - النسيج الثالث من كتاب الكنزه ربه.

كما ان اعتقادهم بالخالق يشبه الى حد كبير الفئات الغنوصيه ( المعرفين )‘ فهم يدركونه عن طريق الفيض الالهي ‘ ومن مظاهر الخلق‘ وهم لايعبرون عنه الا بصيغة الجمع ويقولون عنه (اله اد من نافشي افرش ) اي انبعثه من ذاته.

فالمحقق من امرهم انهم يرجعون الى اصل قديم‘ لان استقلالهم باللغه الدينيه والكتابه الابجديه لم ينشأ في عصر حديث. كما يعتبرون السجود للنار امر محرم ( نوره واسفادي مبطل باطلي )‘ اي السجود للنار باطل مبطل‘

ولا يعرف دين من الاديان تخلو العقيده المندائيه من مشابه له في احد الشعائر. ولا يفرض عليهم الصيام بمعناه المعروف‘ وهم ينزهون الاله غاية التنزيه‘ ويعتقدون مقر الملائكه ( ملكي ) في الكواكب لذلك هم يعظمون الملائكه لا الكواكب‘ ليس لهم هياكل واصنام‘ في عقيدتهم مخلوق متوسط بين الروحانيه والماديه يهدي الى الحق‘ والروحانيات مخلوقه من كلام الرب‘ وان كلام الرب لايصل الناس الا بواسطة مخلوق بين النور والتراب ( العقاد)

وقد اكد الرصافي ما ذهب اليه العقاد بقوله :

لا اعتقد بصلاحية انسان لحمل رساله سماويه من غير المندائين‘ لان ذلك من اختصاص الملائكه والكائنات النورانيه‘ يقول: لا ريب ان الاله اعظم واجل من ان يعمد الى انسان فيرسله الى الناس ليخبرهم عنه بما يريد‘ هذا لايليق بذاته الفعاله المطلقه‘ ولا بوجوده الكلي السرمدي ( الشاعر معروف الرصافي -كتاب الشخصيه المحمديه).

وعنهم قال ابو الفتح عبد الكريم الشهرستاني : ان مدار مذهبهم على التعصب للروحانيات يؤكد ميلهم الى الرسل من الكائنات النورانيه‘ اي توعلهم في الروحانيه مثل الملاكيت ( مندادهيي وهيبل زيوا )‘ فالبشر بسبب خطاياهم لايصلحون للوساطه بين السماء والارض‘ وقال في عقيدة المندائينفي الوصول لمعرفة الخالق : ان للعالم صانعا فاطرا حكيما مقدسا عن سمات الحدثان‘ الواجب علينا معرفة العجز في الوصول لجلاله‘ وانما نتقرب اليه بالمتوسطات المقربين اليه‘ وهم الروحانين المطهرون المقدسون جوهرا وفعلا وحاله.

وقال فيهم البريوني :ان المندائين يوحدون الاله وينزهونه من القبائح ويصفونه بالسلب منزه من الصفات‘ لا بالايجاب كقولهم لا يحد لايرى لايظلم لايجور...الخ‘ ويسمونه بالاسماء الحسنىمجازا‘ وينسبون التدبيرللفلك واجرامه‘ ويقولون بحياتها ونطقها وسمعها‘ ويعظمون الانوار لانها فيض من النور الازلي وهو الحي القدير .

اما الشهرستاني في الملل والنحل في مستهل الجزء الثاني :ان اهل الاهوار والنحل من الصابئه والفلاسفه واراء العرب في الجاهليه واراء الهند وهؤلاء يقابلون ارباب الديانات تقابل التضاد‘ واعتمادهم الفطر السليم‘ والعقل الكامل ‘ والذهن الصافي‘ وبهذا لم يضع فاصل بين الدين والفلسفه وحسب‘ بل اشار بموضوعيه الى اعتماد الفلسفه على الفطر السليم‘ والعقل الكامل والذهن الصافي.

وفي تقسيم له سماه التقسيم الظابط : بين الناس من لا يقول بالمحسوس والمعقول وهم السفسطائيه‘ومنهم من يقول بالمحسوس فقط وهم الطبيعيه‘ ومنهم من يقول بالمحسوس والمعقول ولا يقول بحدود واحكام وهم الدهريه‘ ومنهم من يقول المحسوس والمعقول والاحكام والحدود ولا يقول بالشريعه وهم الصابئه ‘ومنهم من يقول بهذا كله وهم المجوس واليهود والنصارى .

وذكر ابن النديم عنهم :كان لهم كتاب يشمل على مقالات في التوحيد‘ وهم ينسبون هذا الكتاب الى هرمس احد انبياءهم‘ وقد وصف ابن النديم هذا الكتاب في غاية الاتقان في التوحيد‘ لا يجد الفيلسوف اذا اتعب نفسه مندوحه عن مقالاته والقول بها .

هذه بعض اللمحات لمؤرخين معروفين عن شهاداتهم في التوحيد واتجريد والتنزيه المندائي‘ كما نوعد القارئ بانه سيتم عرض الكثير من وجهات النظر في هذا المجال .

لكن قبل ذلك علينا ولو بشكل بسيط ومختصر ان نبحر مع العمق التاريخي للمندائيه محولين وبشواهد تاريخيه من كونها الديانه الاقدم .

الدخول للتعليق