• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013

دراشة اد يهيا النص الثاني والثلاثون ص99

  حمودي مطشر الهلالي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

أنا مرياي , كرمة ٌ قائمة ٌ عندَ ثغر ِ الفرات ِ. أصولها ثابتة ٌ, وسيقانُها صولجانات. غصونُها من نور ٍ باهر. تضوعُ بعطر ٍ ذائع ٍ, يطوفُ العوالم. أريجُها يضمّخُ طيورَ السماء ِ , وأسرابُ الحمام ِ تحط ُ عليها , لتقيمَ أعشاشَها , وتحتَ ظلالِها يحنو البعضُ على البعض ِ الآخر. أغصانُها غذاءٌ وصدقة ٌ, وثمارُها شراب . الغذاءُ لم يكن كريها,ً والشرابُ لم يكن خمرا. ومع ذلك فهناك قلق.ٌ الرياحُ الهوجُ , والعواصفُ, توقظ ُالطيورَ الوديعة َ, وتنشرُ بينها الذعر. . تقتلعُ الأشجار. . تجتثُ أصولها . . تشتّتُ الطيورَ من أعشاشِها , لكن بعضَها ظلّ ثابتا ً, بالمخالبِ والأجنحةِ تشبّثت بالأغصان ِ, حتى تهدأ العاصفة . أما تلك التي ما استطاعت الثبات , فقد دفعتها الرياحُ بعيدا ً, فأن حالفها الحظ ُ, ستحلقُ بقوة ٍ, ثم ترجعُ إليها ثانية ً, أما تلك التي لم يحالفها الحظ ُ, فأنها تبتعدُ دون رجعة . 

ما أجملَ شجرة َالحياة ِ, وما أجملَ الطيورَ التي جثمتْ عليها. هدأتِ الرياحُ, وسكنتِ العاصفةُ, وهبطتِ الراحة والأمانُ على العالم بعدها حطتِ الطيورُ على الأفنان ِ, وعلتْ زقزقتُها , لتخلدَ إلى أعشاشِها. عند ذلك, بدأ النسرُ يحومُ حولها, وحين اقتربَ من الشجرة ِ, خاطبتهُ الطيورُ قائلة ًٌ: أيُها النسرُ, نقسمُ بحياتك, ونقول : لقد ضمتنا هذه الشجرة ُ, وقد كنا أعدادا ًكثيرة ً, فهبتْ علينا رياحٌ عاتية ٌ, وعواصفُ مدمرة ٌ, اقتلعتنا من الشجرة ِ, وحطمت أجنحتنا , لكن بعضَنا ظلَ متشبثا ًبها, أما البعض الآخر, فقد اندفعَ بعيدا ً, ضائعا ً, لانعرفُ مصيرهُ. إننا نستحلفكَ أن تخبرنا لماذا تحومُ حولنا هكذا ؟ أصدقنا القول.

أجاب النسرُ: إنكم تجهلونَ, إني أصبحتُ أخا ً لكم, ولتلكَ الطيور ِ التي دفعتْها العاصفة ُبعيداً عني, فتحطمت أجنحتُها, وحطتْ مضطرة ًعلى الأعمدة ِ, وبعض ِالأماكن ِ, وهي محاطةٌ بالصقور ِالتي تمزقُ لحومها, وتأكلُ ما سَمن منها. ويلٌ لها إذا أصبحتْ في فضاء ِالمياهِ غير المضيئة. طوباك أيتها الطيورُ, وقد اعتصمتِ جاثمة ًعلى فروع ِهذه الكرمةِ القائمةِ عند ثغر الفرات, حيث تمنحين السعادة َ لمرياي. انتبهي, واعلمي أيتها الطيورُ, إني جئتُ إليك ِ كي أكونَ لك ِ عونا ً في هذه الحياة الزائلة, لانَ سعادة َمرياي تكمنُ فيك.

لقد سَقيتُ الاغراسَ الطيبة َ, سقيتُ الكرمة َالمبجلة َالقائمة َعندَ فم ِالفرات. بدلو ٍابيضَ, رفعتُ الماءَ وسقيتُ الغِراس. طوبى لمن شربَ من هذا الماء. كلُ من شربَ منه صحَّ, وكبُرَ, ونما, واستقام. الكروم التي ارتوتْ منه, أخرجت ثمرات ٍطيبة ً, ونمت اصولها وتشابكت أفنانُها. أما تلك التي لم تشربْ منه, فإنها لم تثمرْ. 

ويل للذين لم يجتازوا الحدودَ الحجرية َ ,كارهين أنْ يكونَ الحقُ الوقورُ لسيمات هيي, لمرياي.. 

تمسكْ أخي واثبتْ, وكنْ رفيقا ً لمرياي. امنحْها السعادة َ, فكلُّ من رجا وطلبَ العونَ في هذا العالم, ارتقى, ورتلْ حديثَ الحياة, وأيقظ َ النائمين والعالم. 

طارَ النسرُ الأبيضُ من الشجرةِ, وحدقَ فعرف الأصدقاءَ وقال لهم: إخواني اسمعوا ندائي, واثبتوا, واحتملوا الضجرَ والعناءَ. وكونوا لمرياي أصدقاءَ. امنحوها السعادة. 

الدخول للتعليق