• Default
  • Title
  • Date
الخميس, 04 نيسان/أبريل 2013

أمام بوابة العالم وقف الحـق متسائلا" مم خلق آدم

  فاروق عبدالجبار عبد الإمام
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

كتاب دراشة يهيا * مبروخ ومطروس * مليء ، بل لا تكاد صفحة من صفحاته النورانية تخلو من حكمة أو موعظة تحث البشر على السير على الطريق القويم ؛ فلقد فاضت الترجمة بيديع البيان وطرزت بأعذب الكلمات الاستعارة كأسلوب من اساليب الخطاب الموجّـه يظهر جليا" في معظم نصوص دراشة يهيا * مبروخ ومطروس* 
الفكر الديني المندائي والتزامه الصارم بكلِّ ما خيّر وبكلِّ ما طيب يرفض وبشدة أي صيغة من صيغ التراخي والابتذال والانخراط
في متاهات الحياة الدنيويةالزائلة والتي تؤدي بصاحبها الى التهلكة والانحطاط . الديانة المندائية وبأعتبارها بذرة التوحيد الاولى ما كانت لتترك الانسان الا وتقوده نحو الايمان بأن خالق الخلق واحـد أحـد لا شريك له في ملكـه وملوكته وإرادته ، وبإرادته وحده خلق البشر والشجر والحشر .
دعـونا الآن نتعرّف على ثلاث نصوصٍ من نصوص دراشة يهيا المليئة بالحكمة والحياة والتأمل .
{{ أمام بوابة العالم وقف الحق متسائلا" مم خلق آدم }} *1 لنقف ونتأمل هذه العبارة [ الصورة] التي تصور رجلا" يقف منتصبا" بقامة لا نعرف كم هو طولها أو عرضها ، وهل كانت لحية بيضاء تغطّـي وجهه ، وهل كان بيده [ صولجان ] على عادة ذوي الشأن والنفوذ ! يقف أمام بوابة ؛ أهي باب عادية مصنوعة من الخشب أم من حديد ٍ هي ! أهي باب لدار ؟ هي ليست بباب بسيطة لدار ولا هي مصنوعة من حديد او خشب ؛ انها { بوابة} تفضي الى عوالم شاسعة مترامية الاطراف لا يدركها بصر ولا يمكن لخيالنا المحدود
أن يتصوّر أو يتخيل مجرد النخيّل ماذا يكمن خلف هذه البوابة التي يقف [ الحق] مسبح اسمه ، امامها . 
[ ممّ خلق آدم ] أيمكن أن نتصور الصوت الذي انطلق آنذاك ؟ أهو صوت جهوري ٌ يهز صـداه جنبات الارض و السماء ! 
ايمكن أن نعيد تصّور ( هيئة) الحق المتسائل ** مم خلق آدم ** وطبقـا" لتصورنا الارضي المحدود فسيكون من الأنسب أن نتخيله 
( مشبـه اشمه ) * كـتلة متعاظمة من نور يـتدفـق وكـأن شلال نور يغطّي الافـق ويسد المنافذ وأين ما أدرت رأسك أو رفـعته أو خفضته فسيكون النور أمامك ؛ فهو إمتداد لا منتهى له ولا مبتدأ ؛ هو امتداد ووجود في كل الوجود ، أمـا الصوت الصادر من وسط هذا النور المتعاظم ؛ فإننا نسمعه من كلِّ الجهات وفي كلّ المواقع وبنفس القوة والعنفـوان وبنفس النغمة وبنفس القسوة واللين التي نريد أن نتخيل أو تبعـا" لحالتنا الآدمية المتقلبة غير المستقرةلإننا ( نسقط ) ذواتنا لتناسب الحدث ونكيّـف الحدث بما يتلائم وأذواقنا .
وثانية دعونا نتخيل صوت الحق المتسائل وهو يطلب الإجابة ( أجيبوا .... من أخذ المبخرة وأدخلها حيث مانا العظيم ) *1
هل ران الصمت على الجميع خشية أن يغلط في الاجابة وعند ذاك سيكون غير مستحق أن لوجوده قرب الحي العظيم الذي يعرف الاجابات جميعـا"؟ أم أنه يسأل ليختبر الذين جعلهم أدوات لتنفيذ تعاليمه وتوصياته ! 
(( من من الأثري تقبّـل الدعوات والتسبيح ودلف متخفـيا" الى بيت كنـزي )) *1( [ د ل ف ] فعل من ثلاث حروف لكن .. لنتخيّل معنى هذا الفعل الثلاثي وما يوحي به ! أنه وببساطة يعني – الدخول بخفة وسرعة كاللص المتخفي الذي يخاف أن يكشف سره انه دخول غير سوي لانه لا يكون مباشرةَ الى الامام بل ألى أحد جوانب المدخـل خـشية أن يرصدة أحد ما )
وهنا نسمع صوت * ابثاهيل * -مبروخ ومطروس وهو يجيب الحق عن تساؤله ** شنكلان أثرا هو الذي حمل المبخرة ** 1 هل لنا تصور الصوت أو كيفية الاجابة ؟ أكان الصوت مرتعشا" أ كا ن وجلا" خائفا" أم أنه كمن يدافع عن الآخرين ليغطّي عـيوبهم ! 
ولكنمل الصورة الذهنية ** والذي تقبّـل الدعاء والتسبيح وانسل متخفيا" الى يت كنزي فهو سمندرئيل أثرا** [ انسلّ ] فعل آخر يدلّ على الخفة والخروج بسرعة لئلا يرصد أو يرى من قبل الآخرين _ دلف / انسل _ فعلان متضادا المعنى .
** من قوة أحاديثي وتراتيلي توقف الماء في الجداول والقـنوات**2 لنتريث قليلا" ونتأمل ونتعمق لمعرفة معاني هذا المقطع المملوء عنفـوانا" والمؤطر بالقوة الموحية بالعظمة والابتعاد عمّـا يمكن أن يخلّ بالصورة الجميلة الناطقة بكلِّ المعاني الدالة على قوة الشخصية وعلى اعتزازها بخالقها القوي . وكلنا يعلم أن للأحاديث والخطب قوة دافعـة أو كابحة إذا ما اريد لنا ان نخفف من غلوائنا ولا نندفع وراء خيالِ محضٍ يزينه لنا الشيطان الرجيم ؛ لذا نجد الشق الأول وهو القوة الدافعة الداعية الى الإستماع والتهفم ؛ لأن الأحديث لا توقف تدفق النهر ولا يوقف الطير عن الطيران وهل توقف الصلاة ما يمكن أن يحدث ! ويقف الفكر عاجزا" عن إيراد ما يمكن حدوثه من معجزات في زمنٍ توقفت فيه المعجزات عن الحدوث .... نعم ، في زمن الفطرة ، في زمن النقاء ، في زمن كان الانسان فيه انسانا" مؤمنا" يصدق ما يسمع به ويراه ؛ آنذاك كان للأنبياء والرسل معجزات لا يمكن للبشر مثلنا الإتيان بها أو بمثلها .
الاستعارة هنا- صورة – متحركة ناطقة ، نستطيع أن نضعها في جهاز التسجيل المرئي _ الفيديو _ ونوقفها ونعيد تشغيلها أنى نشاء لتدقيق جزئيات كل صغيرة وكبيرة من هذه الصورة . 
** يحيى يعظ في لياليه ، ويرشد في أماسيه ، يقول : إهتزت العجلات و المركبات .بكت الشمس وناح القمر ، سالت دموع الروهة أما أنا فقد أشبهت الجبل المحروق ، حيث لا تنمو زهرة على سفحه ، أو النهر المهجور الذي جفّ ماؤه ؛ فلا تغرس على ضفتيه الأغراس كلّ من نظر اليه إنتابه الحزن **3 . 0 الله الله الله ؛وكأن قبل كلِّ كلمة وبعدهـا سحر وبيان ، يا لروعـة الكلمات والمعاني الربانية ويا لها من موسيقى تشنف الآذان وتريح الأبدان وتزيل أطنانا" من الوصب والتعب ، يا لروعة التشبيه فلقد فاق الاعجاز كل شيء أراد أن يقول ،، أنه قبل الزواج كانت حياته قاحلة لا أمل فيها ولا ضياء .

فاروق عبدالجبار عبد الامام

*1النص الاول
*2النص الحادي عشر 
*3النص الثامن والعشرون 2 / 4 / 06 

الدخول للتعليق