• Default
  • Title
  • Date
الخميس, 04 نيسان/أبريل 2013

من كتاب "مواعظ وتعاليم يحيى بن زكريا"

  فاروق عبدالجبار عبد الإمام
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

 

ليس بخافٍ على أحدٍ إن كتاب {مواعظ وتعاليم يحيى بن زكريا } (ع) كنز من الحكم والمواعظ، ولم يترك شأنا" من شؤون الحياة لم يخض فيه 

وبما يقـدّمه من نصحٍ وتوجيه سيكون أقـد م وثيقـة ديـنية تاريخـية تنظّـم العلاقات البشرية . كـثيرة هـي الـوصايا والـتنبيهات والتشبيهات الزاخرة بـكلِّ المعاني الهادفـة إلى التواضع وعـدم التكبّـر والتعالي على الآخرين من عِـبــاد الـواحـد الأحـد ، لئلا يقـود هـذا إلـى الضلالة .

إن وصايا الحـث على التزام جـادة الصواب وتجنّـب كلّ ما من شأنه أن يؤدي إلى التهلكـة والعـذاب الـدائم نـجدهـا فـي كلِّ نصٍ من نصوص هذا الكنز والإرث العظيم تقريبا" . الهدف القريب والواضح ، والمرسوم بالكلمـات وكذلك البعيـد المخفـي تـحت المعاني والذي يحتـاج منّـا إعمالا" بسيطا" للذهـن والعـقل ؛ فنـجـد مـا خفـي من معانٍ لـم ترسم بالحروف ، ولـم تنطق بلسـان ،وكلا المعنيين يـهدفان إلى أمـرٍ واحـدٍ ألا وهـو حـث بني البشر علـى ( التفكير ) في كينونـته ، في خلقـه ، في حياتـه ، في مماتـه ، من نـحن ؟ كيف وجـدنا ؟ من خلـقـنـا؟ ولماذا ؟ ما الهدف من هذا الوجود ؟ مـاذا سيكون الأمر بعـد الرحيـل ؟ هـل من محاكمة ؟ هل من مساءلة ؟ هـل من عقاب ؟ هل من ثواب ؟ . أسئلة كثيرة لا يملك الإجابة عنها سوى الأنبياء الذين ما انفكوا يوجهون أبصارنا ويقودون عقولنا إلى حقيقــةٍ واحـدةٍ ألا وهـي –دع الخـلق للخالق المبـدع – لأنه وحده من يملك كل المفاتيح والمغاليق ، وهـو *سبحانه وتعالى * من وضعنا في هذا الموضع ليعرف ماذا سيكون عليه هذا المخلوق الذي خلقـه من طين الأرض ! إلا أن الرحمن الرحيم ميـّز هـذا الخلق بأن وضع في رأسه عقلا" مميزا" وتفكيرا" سليمــا" يهدف أولا" إلى الخير والسلام .

فـي الـنص اللاحـق نـجـد دعـوةَ صريحـةً إلى بني الإنسان لعــدم التباهـي والتزام التواضع ؛ فالتباهـي صـفة لـن يـقود إلا للتهلكـة ، أمـّا التواضع فهو وبلا أدنى شك فهو الذي تدعـو إليه كل الشرائع السماوية ، وهنا تذكير بأن آدم وبني البشر ما هم إلا خلق من طينٍ أو ترابٍ لا قيمة لـه من غير الروح التي تسكن فيه مؤقـتا" حتى يحين الأجل لخروجها والخلاص من هذا المحبس الذي حبست فيه : ( أمـــّا الجـسد الباطل الفاني ، سـيد البيت فـي الدنيـا الزائلـة ، الـدنـيا التي يغـشاها السـواد والعـتمـة ، فسـوف تطأه أقــدام الـعِـباد )* 1 الـجـسـد فـي هــذا الـنـص مـا هـو إلا شيء باطل لا قيمة لـه بعـد أن تغادره الروح ؛ فـهو كأي وعاء آخر يرمى حـينما تنـتفي الحاجـة إليه ، مـن هـذا المفـهوم البسيط ندخل فـضاء"واسعا"

من التساؤلات التي تدور في فـلك تفكيرنا وتظل تدور لتطـلّ ثانية في أقـرب وقـتٍ لاحـق ٍ ،لكن يبقـى بنـو أدم عاجزين عـن إدراك ماهـيّـة الحياة 

والهـدف الكامـن خـلـف هـذا الوجـود فـي هـــذه الحيـاة الـدنيـا ؟ وهـل سيكـون الـموت هــو الـحـد الفـاصل بين مـا نحـن فـيه الآن ومـا سيكـون الأمر عــليــه لاحـــقــا" !

أسئلــة كثـيـرة عـجـز إزاءها { سـام بن نــوح } ولـم يجــد مناصــا" من الاستسلام لهـذا الوضـع غـير المفـهـوم ، لــذا نراه يقـول ** لقــد حــان أجـلـي وألتمـس الـذهـاب ، ويخيفـني الّرحيـل ، ولا أعــلم كـيف سيـكون طريقـي ؛فليس هناك أحـد تقـيا" كـان أم مسـيئا" غـادر ثم عـاد كـي أسألـه عـن الطـريق ، وكـيـف يـكـون .... ** (2) 

مـن الـمؤكـد أن لا أحـد عــاد ولـن يعــود أحـد ؛ فالأمـر مـحـال ،و عـلـينا أن نـرضى بـما كـتبـه ربٌّ العـزة عـلـينـا، أن نـتـذكّــر دائمــا" إنـمـا الجسد الـفـاني قـد خـلق أول الأمــر مـن طـين الأرض وإلى هــذا الــطين نعــود ، وكــما قـال إيليـّـا أبـو ماضــي

((نســي الطين الحـقيـر ساعــة أنه طين حـقـيـر فـصـال تـيهـا" وعـربـــد ))

أو كما قــال الآخــر {{صاح ِ ، خــفف الوطء ما أظن أديم هاذي الأرض إلا مــن هــذه الأجـسـاد }} 

ربِّ ، قـِـنـا شــرُّ أنفـسِنـا ، قـِـنا شـرًّ أعــمــالنـِا ، قِــنـا شــرّ البشـــــر .

والحي المـزكّـي للأعمـال والنّيات

النصوص:

*1*النص13

*2*النص11 

الدخول للتعليق