• Default
  • Title
  • Date
الخميس, 04 نيسان/أبريل 2013

من مواعـظ وتعـاليم النبي يحـيى بن زكريّـا

  فاروق عبدالجبار عبد الإمام
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

في مقالاتٍ سابقة تطرقت إلى مواضيع في الاستعارة والتشبيـه ، إلا أنني الآن قـد اخترت مقالا" عن الهدوء المفضي إلى التعقّل والتعامل بحكمة وعقلانية بعيـدا" عن التهوّر المؤدّي إلى سوء العاقبـة ؛ حيث لا ينفع الــندـم .

الهــدوء أول سمات العاقـل ؛ فهو يتيـح له التفكير السليم وبالتالي الوصول إلى النهايات المنطقية . نحـن بـشر وقـد خصّـنا الخالـق الأوحـد بميزة فريدة ألا وهي ميزة العـقـل الراجح ، لكننا كثيرا" ما نخذلـه بعملٍ طائشٍ متهوّرٍ غير مسؤول . كتـاب { مواعـظ وتعـاليم يحـيى بن زكريّـا } (ع) يٌفـتتـح بنصٍ يبدو فيه *الحق* يتساءل ( مم خُـلق آدم ؟ وكيف تكونت حـواء )*2 لنتريّـث قليلا" ولو لحظـة واحـدة ، وأن لا نحـث الخطى – كعادتنا – ونـترك هـذا المقـطع دون الالـتـفات إليه ونتساءل (هل كان الحق )سبحانه وتعالى فرحـا" جذلا" أم كان كمن يتحاور مع ملاكئته ، أو كان غضبا" حانقـا" ؟ . إن الذي مـن 

أن يفهم هذا سيجد ( يوشامن ) وقـد وضع نفسه موضعا" لا يحسد عليه ، وفي حالة يرثى لها ؛ وبذا استحق العقاب والتجريح بدلا" من الـثواب والمديح 

فلأن { يوشامن هو الذي أشعـل فـتيل الحـرب ، وجنى مـرارة المشاجرة الكـبرى التي لم تستطع الأجيال أن تغيـّرها }*3 فسيكون من المنطـقي إن عـقابه سيكون بمقدار فعلـه الشائن ؛ لـذا جمع *الحق* الملائكة بالرغم من أنـه –العارف- بكلِّ شيء ، إلا أنه سبحانه وتعالى أراد أن يُعـلم الجمـيع أن ليس ثـمّة من يعصى أوامره ونواهيه ويفلت من العـقاب ، أو يطلب المغفرة ويلتمس المغفرة ليستطيع المذنـب أن يصحح ما بدر منه كيلا يناله ما هو أقسى وأمر ؛ فعلى الرغم من أن { يوشامن جلا سِـرّ الحياة العظمى }*4 وكان مقربّـا" من الحـق إلا أنه فقـد هذه المكانة السامية حين قال { بقدرتي وبالدعاء والتعظيم لنفسي وضعت النصائح وأطـلقتُ الأوامر ، واخترتُ من يتكلّـم معي ... لم اصغِ إلى نداء الحياة العظمى .. لقد أغضبتُ أبي ؛ ففقدتُ حريتي }*5 ومن نفس النص نقـرأ ثانية" ، وكأننا –نسمع- الصوت الهادئ الصادر عن ( اتنـصّـاب زيـوا) وهـو *يـلوم* وبلطـف العاقل وبأدب العالِم المتفهّـم يلوم يوشامن على

تهوره وعـدم امتثاله لأوامر الحي الأزلي ، فيقول { ألم توصَ أن تهـدأ ، أن تتجنبَ الغضب َ كيلا تثير المتاعب َ..} *6 نفهم من هذا الحوار – ان المتاعب هي النتيجة الغضب ،والهدوء البديل لقمع هـذه الحالة غير المستحـبّة لأنه { فقـد الحكمـة الأولى التي وهبها لك الأولون ... وكما تجري المياه في الأنهار تدفقت الدموع من عينيك } *7 لكن هـل تغسل دموع الندم الأعمال السيئة ؟ هل يُعـيد الندم ما قـد فُـقــد ؟ { كان لك عرش، وها أنت عنـد باب سوفات تُـقيم

لقد أشعت الخراب فـي كلِّ ما أنجـزت ..}*8 . لنعـد الآن ترتيب الأحـداث .فـأول الأمـر تـمَّ إبعـاد يوشامن لأنه لم {يسمع } كـلام الحـق الأزلي ولم يطـبّق ما طلب منه ؛ فكان جـزاء"هذا العـقـوق أن قال يوشامن { أنا منزِل الأحزان ... وحـدي أحمل الهموم و لا تتخلى عني ... والعدالة ترصـد كلَّ الأخطاء }*9

كان يوشامن يعرف إن ما اقترفه لن يكون مما يمكن أن يُغـفر لـه أو أن يُغـض الطـرف عـنه ، كان يعـلم ، بـيد أنه لم يكـترث ؛لذا أُنزل بـه الغضب الإلهي ، كان يوشامن (يعتقـد) إن الحي الأزلي غافل عمّـا يفعل و إلا فما الداعي لهذا العمل الخائب ! ونتيجة اخرى لما اقترفه أن صدر الأمر بأن { تحجب أعمال يوشامن ، إن يوشامن أصبح من الخاسرين }*10 والمصيبة قبل النهائية التي أصابت هذا المغضوب عليه { أقم سجنا" وألقِ بيوشامن فيه }* 11 لكن العـقـوبة النهائية فكانت أقسى عقوبة يمكن أن يتعـرّض لها مـلاك مـقـرّب مـن الحياة العـظمى فلقـد { بدأ ضـوء يوشامن يخفت ، فألقى بـه منـدادهيي في السجن }*12 . ومع كـلِّ ما بدر منه إلا أننا نجـد من يـتوسّط لـه عنـد مـلك النور ؛ لما أبـداه يوشامن من نـدم ٍ ، فها نحـن نسمعـه يقـول { من أُنادي كـي يجيبني ؟ إذا سألتُ أجاب ، ولا يئـد كلماتي ... لماذا أقبع عند باب سوفات تُحيط بـي الحسرات ، هـل هناك مثلي تخلّـى عنـه حتـى الأبناء }* 13 لكن دعونا 

*نسمع* ما قاله الوسيط لملك النور العظيم الأمر الذي أدّى إلى الصفح عن هذا المغضوب عليه { أنت العليم ذو الجلال ، أنت كنز لاينفد ، ايها المنقذ ذو الوقار ، أنت الذي أوضح التعاليم ، وأضاء ها بلا حدود ن صباغتك بيردنا ثابتة ؛ فمستقرها في ذاتك ... باسمك سيهدأ ويستقر ويوطـد في مكانه ... فلن تتركه فــي غضــبه ، إن التوبـة تملأ فكره وقلبـه ..... وفي صـحن سجــنه غارق في الـتـنهـدات ؛فبات لا يقـوى على التفكير } *14 ولأن ملك النور ملئ بالرحمة؛فهو الرحمن الرحيم لـذا {أمـر أنصاب زيوا أن يـكــشف الأسرار بوضوح وبصورةٍ متـقـنـةٍ ، وأن يـجـمع لـه التعاليم والحكمة.... وأن يهـدّئ مــن روع يوشامن بكلمات تزرع الراحـة فـي قلبـه وترسّـخها .... أن الحياة العظمى تكــــنٌّ لـه خيـــرا" كثيــرا"}* 15 .

ربّــنا خفـف من شطط نزعاتنا وامنحنا نعــمة التفكير السليم ، وهـبْ لنـا عقـلا" مميزا" ولسانا" فصيحـا" نسبّح لك به ، انك أنت العليم الحكيم .

والحـــي مزكّــــي الأعمال والنيّـات 

النصوص:*1النص الثالث

*2*3النص الأول

*4 النص الثاني

*5*6*7*النص الثالث

*8*9*10 النص الرابع

النص السادس *11السابع

*12*13*14*15 

الدخول للتعليق