• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 13 أيار 2013

يوم ذكرى شهداء النور والمحبة والسلام المندائي

  المجمع الصابئي المندائي للتنوير
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

بشميهون إد هيي ربي
أسوثا نهويلخون
في الوقت الذي يشكر فيه أعضاء المجمع، بشكل عام، أحبتنا المندائيات والمندائيين جميعاً على حسن استقبالهم لموضوع "يوم ذكرى شهداء النور والمحبة والسلام المندائي"، والذي نشكر فيه أيضاً بشكل خاص اخواننا الذين بعثوا رسائل فيها بعض الملاحظات أو الإستفسارات أو الآراء، فإننا نحب أن نورد توضيحات اضافية وردوداً موضوعية مختصرة، عسى أن يكون لها أثر في إزالة اللبس وتصحيح الأخطاء أو عدم الدقة، والتي ظهرت من أحبتنا في بعض ما كتبوا بهذا الخصوص.
بالرغم من عدم وجود كلمة "الإستشهاد" بشكل مباشر في النصوص المندائية، ولكن حبيبنا البروفيسور صبيح السهيري أعطانا مثالا إضافيا يوضح فيه حالة قتل المندائي بسببالعقيدة التي يُؤمن بها، ويذكر أن مفهوم المقتول المندائي يمكن أن يطابق مفهوم الشهيد، وهو طبعاً يؤكد ما ذهبنا اليه وما أوردناه من نصوص في مقالنا حول التضحية بالجسد من أجل الرَّب والمحافظة على العقيدة وتحمل المصاب والظفر بوصول نيشمثا ذلك الشخص الى عالم النور.
سوف نورد ما نريد قوله في هذه العجالة على شكل نقاط مركزة في جزأين وكما يلي:

الجزء الأول

1- الموضوع هو لاهوتي (ديني)، لذلك لابد من التطرق للنصوص المندائية وخاصة الدينية منها أو التراثية الموجودة في الكَنز المندائي الثري، وهذا ليس عيب نُؤآخَذْ عليه وإنما العكس هو الصحيح، فهو منهج الأكاديميين في علم اللاهوت، ولكن تلك النصوص عادة ما تحتاج من الباحث الى عنصرّيْ البحث والتحليل واستعمال المنهج العلمي في تناولها. ولهذا نرى الغالبية العظمى من الباحثين قد استعملوا النصوص المندائية ومن ضمنها ديوان هرّان كَويثا -(وللتذكير اننا لم نستعمل هذا الديوان في مقالنا السابق، مع ذلك سوف نعرج عليه لاحقا لمناقشة بعض الآراء)- في دراستهم للمندائية والمندائيين واصلهم وتاريخهم وفلسفتهم ولغتهم. وقد أشرنا في مقالنا الى أنها خلاصة لبحوث خاصة ببعض أعضاء المجمع الصابئي المندائي للتنوير تناولت هذا الموضوع، منها على سبيل المثال لا الحصر بحثٌ لأخينا العزيز الكَنزبرا البروفيسور بريخا/هيثم:

Mandaean Macrohistory (2010-2012).

وبحثٌ آخر سوف ينشر لاحقاً بعنوان
Semantic of Death and the Construction of Order in Mandaean Literature and Culture


2- فيما يتعلق بمعان خاصة أخرى، فقد أشرنا بشكل واضح في مقالنا الى ان كلمات الإستشهاد تلك لم ترد بشكل مباشر أو حرفي في النصوص الخاصة حصريا بهذا الموضوع، لأنه وببساطة هناك كلمات أو جمل أخرى استعملت بصيغة مصطلحات أو تعابير اصطلاحية وبشكل مجازي لتؤدي نفس الغرض وهي موجودة بعدد لا بأس به في النصوص المندائية، وعلى سبيل المثال "يُسَلّم جسده للقتل" (أي يفدي نفسه، وبمعنى آخر يستشهد).وهي تؤكد ان يَشهد الإنسان (المندائي) بوجود الرب وبمحبته له ويؤمن به ويضحي بمغريات العالم المادي من أجل ايمانه (الأمثلة عديدة في هذا الأتجاه)؛ فإذا مات بسبب ذلك الحب وبسبب ثباته على العقيدة فإنه موعود بالوصول الى أرض أو عوالم النور {بدون خطيئة (ضد الحي والحياة) تخص قتل جسده وانهاء حياته}. لذلك فإن هناك مجموعة من النصوص المندائية تتحدث بوضوح لا لبس فيه عن مبدأ التضحية بالجسد (أي الفداء أو الشهادة بمعناها المندائي) من أجل حب الرب والعقيدة المندائية. لقد أشار أخينا السهيري مشكورا الى واحد منها (مع ملاحظة اننا في مقالنا السابق قد أشرنا أيضا الى نفس المثال ولكن بصيغة شرح للمعنى وليس كترجمة حرفية، وتحديدا الفقرة التي تسبق عنوان "الأستشهاد في الحروب")، ونورد هنا منها مثالين آخرين مهمين مع بعض التعليقات كما يلي:
كل من يُسَلّم (يضحي ب) جسده للقتل (أي يفدي نفسه، وبمعنى آخر يستشهد) من أجل محبته لربه سوف يكون بدون ذنوب وآثام، وسوف يصعد/يرتقي (فعل/عملية المعراج الى العلا/السماوات) فيرى ارض النور العظيمة (أي عالم النور أو جنة النور والخلود).
كل من يُسَلّم (يضحي ب) جسده للقتل (أي يفدي نفسه، وبمعنى آخر يستشهد) من أجل محبته لربه سوف يكون نقيّا ( أي زكيا/مزكى من الذنوب والآثام) بلا شائبة (أي ليس فيه عيب أو خطيئة). [أي أن من يكون بتلك المواصفات فإن مصيره يكون الخلود في عالم النور وكما فُصِّل ذكره في المثال السابق].

ومن الجدير بالإشارة انه ظهرت في السابق ترجمات غير دقيقة لهذين النصين من قبل البعض من أحبتنا.
أما إذا كان البعض لا يستسيغ كلمة شهادة أو استشهاد أو شهيد (في سبيل الرّب أوالدين)...الخ، فالسؤال الذي يطرح نفسه:
ماذا يمكن أن يسمى في إصطلاحات اللغة العربية الموت بمثل هذه الطريقة؟ وماذا يمكن أن نسمي من يموت بتلك الطريقة الإستثنائية التي ذُكِرت في المثالين أعلاه؟
نحن مع أي اتفاق لأي مصطلح يتم إختياره بشرط أن يؤدي الى المعنى المطلوب في اصطلاحات اللغة العربية الفصحى (كأن يكون التضحية_ المضحي أو الفداء_الفادي، وفي العامية العراقية "الفدوة").

3- هذه النماذج/المصطلحات وربما غيرها كَثير يمكن أن تؤدي الغرض المنشود لجلب الإنتباه الى:
أ‌. الإضطهاد الذي تعرّض إليه الصابئي المندائي على مَرّ التاريخ.
ب‌.إنصاف المضحِّين والشهداء المندائيين بكل أنواعهم ودرجات تضحيتهم.

الجزء الثاني

فيما يتعلق بالتساؤلات والتعليقات الأخرى التي ذكرها الأحبة حول موضوع قتل/ إستشهاد ال 365 رجل دين في أورشليم/القدس ومدى دقة هذا الموضوع وحقيقته، فإننا (في هذه المرحلة) يمكن ان نذكر نقاط موجزة كالآتي:
من أجل الدقة ننوه بأن عدد رجال الدين، موضوع البحث، كان 365 ترميذي (وليس 360 كما جاء بترجمة استراليا للكنزا ربا)، وإن ذكرنا لهذا الرقم كان من قبيل المثال الإضافي وهو ليس جوهر الموضوع. والرقم ربما يكون رمزياً في العديد من النصوص المندائية، وهذا معروف لمن يخوض في هذا المجال من الباحثين والدارسين، ولا حاجة لأن يحاسب المصطلح حرفيا وتثار حوله تساؤلات اكثر مما يحتمل الموضوع. غير أن رمزيته وتكراره المستمر بأشكال متعددة تشيران بوضوح الى أن هناك إضطهاداً وقتلاً وتهجيراً حصل في فترة معينة، وان خبرات الصابئة المندائيين الأليمة ما تزال آثارها راسخة في ذاكرة الأجيال (المندائية) منذ ما يقارب ألفي عام ولحد الآن.
ومن أجل المزيد من الإفاضة، سنورد بعض الملاحظات التي تدعم كثرة عدد المندائيين في العصور القديمة من خلال ثلاثة محاور:

المحور الأول: جاء من النصوص الدينية
1.اذا كان لابد من الحديث عن موضوع قتل رجال الدين في تلك المنطقة فأن معظم الدراسات الأوربية الخاصة بتاريخ وأصل المندائية والمندائيين (وهي بالعشرات) لم تستطع الاّ أن تذكره. وقد أشبعته بكثير من النقاش والتحليل فنحيل المتتبعين الكرام لمراجعتها.

2. ان ديوان هرّان كَويثا (مع صغر حجمه) قد نال (وما يزال) من إهتمام الباحثين الشيئ الكثير. ومع ان الديوان قد فُقدت منه اجزاء عديدة فإن الباحثين يدركون بأنه كُتب بطريقة ولغة رمزيتين مثيرتين للإهتمام. فمنذ بدء البحوث حول المندائية، والى اليوم، والمصادر العلمية العالمية ما تزال تناقش بجدية محتوياته، لأهميته التاريخية والتراثية. وربما يكون من المفيد في هذا الموضع مراجعة كتب أخرى صدرت في العقود المنصرمة، ومنها مؤخرا:
J.J. Buckley, The Great Stem of Souls, 2005&2006.

3.نعم إن قتل/إستشهاد ال 365 رجل دين في أورشليم القدس قد ورد في كَنزا ربا يمينا الكتاب الخامس عشر بأكثر من موضع. لقد ذُكر بشكل واضح في أحدِّها الأشارة الى قتل/ذبح/اغتيال رجال الدين أولئك، والذين وصفهم النص بأنهم من الذين ينطقون بإسم الحي "أي أنهم مندائيون".

4. بالنسبة الى قضية أن عدد 365 رجل دين مندائي كعدد كبير يشكك بوجوده، ومع ان الرقم ممكن جدا أن يكون رمزيا، فاننا يمكن الأجابة بلا، إنه ليس كبيرا في ذلك الوقت وذلك لأسباب عديدة (أحدها يتعلق بسرية معلومات أحد البحوث العلمية لغاية إكتماله ونشره)، لكن يمكن في هذه المناسبة أن نذكر من تلك الأسباب، من أجل الفائدة العامة، ان الرقم 365 رجل دين أو ما يقاربه (سواء أولئك الذين قُتِلوا أو أضطُهِدوا أو هُجِّروا) قد جاء ذكره في أكثر من مناسبة وفي عدة مصادر منها كَنزا ربا، دراشا اد يهيا، قلستا...الخ.

المحور الثاني: جاء من التاريخ المندائي الموروث
هناك وثيقة كتبها أحد رجال ديننا الذي عاصر إحدى فواجع شيشتر. حيث ذكرَ إن في شوشتر وحدها كانت تعيش 4000 عائلة، وبينهم 450 رجل دين منهم 50 كَنزبرا. وقد تمكن من الهرب بعد الكارثة أربعة كَنزبرا وترميذا واحد، هربوا الى مناطق المرتفعات القريبة من شوشتر. مع ذلك فقد مات ثلاثة كَنزبرا من بين الأربعة بسبب الجوع وصدمة الكارثة، وتبقى كَنزبرا واحد وترميذا واحد. وكذلك نجى من عوائل شوشتر الأربعة آلاف فقط خمسون عائلة. اما في الحويزة فقد بقيت 200 عائلة. فتصورا النسبة العالية لرجال الدين مقارنة بعدد المندائيين في القرون الماضية، وكذلك أعداد القتلى الكبيرة بين عامة المندائيين أثناء المذابح المستمرة التي تعرض لها المندائيون على مر التاريخ.

المحور الثالث: جاء الوثائق المتحفية
إستناداً الى بعض المصادر الآثارية والتاريخية (بعضها مثير للدهشة وفي قيد التحقيق) فإن المندائيين كان لهم حضور واضح ومؤثر في منطقة ما بين النهرين، خاصة الفترة بين القرن الثاني-الثالث الى السابع الميلادي، والملاحظ انه ازداد أكثر في القرون التي تلتها، مع انهم فقدوا العديد منهم عند تحولهم الى أديان أخرى.
كان للمندائيين (دينا وأدبا وفلسفة ولغة) تأثيرهم الواضح في المنطقة، سواء على المسيحية الأولى أو المانوية أو دول ظهرت في جنوب (وجنوب وسط) بلاد ما بين النهرين وهو يدل على حضورهم واهميتهم وكثرة عددهم.
وفي هذا فلقد تم العثور على مسكوكات لعملة دولة في جنوب بلاد الرافدين تعود للقرن الثاني الميلادي، تحمل الخط المندائي، حيث أقل ما يقال على تلك العملة بأن اللغة المندائية كانت سائدة على مستوى دولة في القرن الثاني الميلادي. هذه الحقيقة التاريخية يؤيدها الباحثين في مجال التاريخ المندائي.

سوف نكتفي بهذا القدر آملين أن تتظافر جهودنا جميعا من أجل الخير والمحبة للمندائيين والتعمق في البحث العلمي من أجل إظهار ديننا الأول بما يستحق. نطلب من الحي أن تُغْفَرْ لنا هفواتنا.
شكرا لصبركم وتفاعلكم مع ما كتبناه حول هذا الموضوع الهام
ندعو من هيي ربي قدمايي أن يحفظكم من كل شر ومكروه

وهيي زكن
المجمع الصابئي المندائي للتنوير
13/5/2013

الدخول للتعليق