• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 16 حزيران/يونيو 2013

المعراج والرمز المندائي - الجزء الاول

  عزيز عربي ساجت
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

ان الصورة الرمزية الجمالية للمعراج تكمن في الصاق القصص الخيالية والخارقة في مضمون تلك الصورة لكي تعطينا اعجازا وتاويلا صوفيا ، ويستخدم الشيخ الاكبر محي الدين بن عربي في كتابه ( فصوص الحكم ) الرمزين غسل القلب وتقريب الاقداح معا ، ولكنه يقتصر على الخمر كرمز لكشف السر واللبن كرمز لميراث النبوة ، ويستثني الماء من ميراث التمكين كل ذلك في باب واحد من معراجه ( هو باب العقل والاهبة الى الاسراء ) وباسلوبه المسجع ، فالتشكيل الفني بالكلمة هو من اهم الظواهر الاسلوبية كما ورد في اسراء ومعراج الرسول في ادب المعراج يهدف منه الفولكلوريون الى دهشه الحسي واثاره العجب فالايمان ، اما الصوفيون فيتجاوزونه الى الكشف والحدس والتاويل والرمز ، وهذا سبيلا لمقولات ورموز التراثيات القديمة حول المعراج ، اعطى هذا المحول الفكري والفني كثيرا من الاقانيم القديمة كسوة للدين الجديد

.
وقصص المعراج اشبه ما تكون بملحمة دينية ، وكونها من ادب الرحلات فهي تحت حسب سابقتها كملحمة كلكامش السومرية ، او ملحمة زيوا سدرا البابلية ، فالمشابهات بينهما كثيرة والتفاصيل والمسار العام والجزئيات ، فالمعراج قصة خرجت من دائرة الحديث الذي يضبط الرواية وصارت لونا من الوان الادب الشعبي الديني ، وادخلت في المكتسب من تراث الامم الحضاري

.
ويمثل المعراج في اسلوبه الى الرمز اولا ثم التصوير الفني ثانيا ، والبناء المعماري ثالثا ، فالرمز يعطي خواص ادب الرحلات كالاوديسة واوديب ومثلهما ملحمة كلكامش وملحمة ديموزي وعشتا ر او عشتاروت ، ونرى الاسلوب الرمزي كذلك في قصة الف ليلة وليلة ورحلات السندباد البحري وعلاء الدين والمصباح السحري وقهرمانة والاربعين حرامي وغيرها من قصص الخيال الابداعية ،

ان تراث المعراج كان باكورة الانتاج الادبي في المدن العراقية القديمة كأور وبابل وماري من حضارات الشرق القديم ، التي كشفت عنها الحفريات ، فجاءت طبقات يعود تاريخها الى قرون متعددة تنتمي الى مراحل من المدنية المختلفة ، فمنها ما يرجع الى الطبقة الاولى ومنها ما يرجع الى الطبقة الثانية في المقياس الزمني التاريخي لعلمي الاثار والانسان

.
وهناك نماذج متعددة تخضع لمفهوم النموذج الواحد ، وتعدده من حيث الرواية او الصورة كملحمة كلكامش رغم كونها نموذجا واحدا فقد تعددت رواياتها السومرية والبابلية المدونه على الواح الطين ، كما تعددت نماذج قصص المعراج وقصة عنتره وكذلك قصة الطوفان التي كانت جزأ من ملحمة كلكامش في اقدم صورها ، ثم تتلوها الروايات العبرية في التوراة ، والعربية في الشعر العربي عند شاعر الاحناف في الطائف امية بن ابي الصلت خاصة ، وفي التراث الاسلامي كذلك ، كل هذه الاثار ينظمها مفهوم التعدد والوحدة للاثر الادبي الواحد

الدخول للتعليق