• Default
  • Title
  • Date
السبت, 06 تموز/يوليو 2013

المندائية " دينياً " هل تـُجَسِّد الديمقراطية" المحدودة" ؟

  بروفسور صبيح السهيري
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

آراء للمناقشة

 

تطرق الأخوان الى موضوع مايسمى " بالتبشير! " وهو مصطلح "غريب" في المندائية والذي يقابله في المندائية مصطلح:ـ الأقناع بالبرهان ، أي اقناع أصحاب الأديان الأخرى بأن طريقنا(ديننا) هو الطريق  الصحيح للعبادة والحياة ، وليس الأدخال!؟

سأتحدث عن المندائية ليس في أطوارها الأولى ونشوؤها، فهذا سيبعدنا قليلاً  عن موضوعنا الأساسي فالبعض قد يتساءل ويقول ان كتبنا الدينية تقول:ـ

اننا من نسل آدم ونحن من أمدنا الحي العظيم بالناصورائية وهي العلم والمعرفة  فكيف أصبحنا أدياناً وشعوباً وقبائلا؟  لذا سيتوجّب عَليّة أجابته ، ثم يسأل وأجيب ... وهكذا

وأقول له : " لو أراد الخالق العظيم (الحي العظيم) لجعل في الحياة ديناً واحداً للعبادة ومبدءاً وذوقاً ولوناً واحداً في الحياة، ولكن حكمته، فلوعرفنا سِرّها لضاعَ طعمَ الحياة  وللآبتعاد عن هذا التحاور" اللامنتهي!" دعوني أدخل في الموضوع وأقول  المندائية تسيرعلى المبادئ والأصول (  "العقلانية" ، إن جاز لنا القول) التالية:ـ

أولاً: مبدأ المندائية في الأساس وفي زمن "يحيى الصابِغ" والى اليوم هو:ـ  ـ" لكم دينكم ولي ديني وطريقي الخاص في العبادة"ـ  وهذا يعني ان المندائي مندائي ولاتحبذ ولاتريد خروجه من المندائية  والذي يخرج " لايعود!"، فهي لاتقتله جسدياً ــ كما في الأسلام ــ لكنها "تقتله" روحياً، ثم  لاتريد المندائية من أحد الدخول فيها  ربما سيطرح البعض السؤال التالي : ـ

ماذا لو بدأت المندائية بمنع خروج معتنقيها والسماح "للغرباء" الدخول فيها وقطعت رقبة " الـُمرتـَد ؟ ـ   بالتأكيد لن تفعل ذلك ، لأن الأديان القديمة لها إتجاهات تختلف عما هو في الأديان الحديثة(المسيحية والأسلام )ـ

ثانياً: "الأقناع " بالبرهان الذي بدوره يؤدي الى "الأرضاء" دون الأنصهارـ  وهذا المصطلح المندائي يقابل المصطلح في الأديان الأخرى: " التبشير "ـ  الذي يعني " الأدخال " في الدين المُبَشـّر به    وهذا مافعلته النصرانية في مراحلها الأولى والمسيحية بعد ذلك إذ قامت بالتبشير ومافعلته الكنيسة وعلى المكشوف وفي نطاق واسع والى اليوم  والأسلام في بداياته إنتشر بالسيف والترغيب( الجنة والحوري ... والأنهار؟) ثم إنتقلوا الى الشرح والتفسير بهدف الأقناع واصطدم الناس بعدم تطابق النظرية والتطبيق والى اليوم ، وهذا معروف للجميع

فلو بدأ الأسلام بالشرح والتفسيروالأقناع في بداياته لما إنتشر  لهذا بدأوا بالقول المشهور   ـ إسْلم تسْلم ــ   فهدف المندائية بالتبشير ( لو أجيز لنا القول)هو ليس دخول " الغرباء" في المندائية ، بل نجعلهم يؤمنون ان ــ طريق المندائية وطقوسها في العبادةــ هو الطريق الصحيح للتقرب من (  الحيّ العظيم) وعبادته ـ  رغم انه ليس لدينا " دعاة " متمكنين يقودون حملات التبشير هذه كما يفعل أصحاب الديانات الأخرى التي تمارس التبشير، لكننا نملك طقوساً تحلَّ محل التبشير  والدليل على ذلك صباغة " الغرباء" من قبل ( يحيى الصابِغ ) على ضفاف نهر الأردن   هو ليس إدخالهم في الدين المندائي، بل لانهم آمنوا وأعترفوا ان " الصباغة" المندائية هي أحدى الطرق الصحيحة للتقرب من الخالق العظيم وعبادته.ـ

وقد نشرت قبل أيام " بوثا " تصب في هذا الأتجاه وهي:ـ  فيؤمن بعض اليهود... ويهديهم الى آسم ملك النور السامي  الـ " بوثا " تقول " : يؤمن ويهدي ولم يَقـُل : يُدخِل ...ـ  وهذا هو مفهوم " الأقناع " الذي يقابل " التبشير" في الأديان الأخرى  وهذا هو هدف المُصطبغين ، فهم آمنوا بهذ  الطريق الصحيح للعبادة وليس بهدف  أن يصبحوا " مندائيين "ـ  والدليل على ذلك هذه الحكاية القصيرة:ـ

نشرت قبل سنة أو أكثر أن هناك أحد المدرسين المسيحيين الألمان ، الذي يُدرّس اللغات  في إحدى دول شرق آسيا أراد أن يصطبغ صباغة مندائية ، لانه يؤمن انها الطريق  الصحيح للعبادة في الحياة، وليس الدخول في المندائية  ولم يجبني أحد من رجال الدين الأفاضل

ومن جانب آخر ان "الأقناع" يمكن أن يكون أيضاًً نوعاً من أنواع التبشير  لكنه لايذيب دين بدين  فاختلاف الأديان في الحياة هي مثل إختلاف الألوان والأفكار والأذواق و..و.. و..ـ التبشير هو بالحقيقة محاولة " إذابة" الأديان وإنبثاق دين واحد المُبشر به وهنا نسأل: أما كان بمقدور الخالق من البداية  ان يفعل ذلك ؟  أم ينتظرأن يقوم البشر بهذا " الدمج " عن طريق التبشير ؟  ثم ألا يعتبر التبشير عملاً ضد إرادة الخالق ؟ المندائية تقرّ ان إختلاف الأديان حقيقة ، لذا لا يجوز ان "يذيب" أحد الأديان ديناً آخراً ؛ فلو إلتزم أصحاب الديانات الأخرى التي تمارس التبشير  بعقائدهم لما قاموا بذلك  ونوجه هذا السؤال ايضاً:ـ

لو مزجنا لوناً بلونٍ نخرج بلون موجود اصلاً   إذن ، لماذا هذا الأندماج؟  لكن لو حصلنا على لونٍ غير معروف وجديد، فالمزج يصبح له أهمية  وهذا ينطبق مع هدف الأديان المُبشِّرة من التبشير  إذابة دين بدين يؤدي الى ظهور  أحد هاذين الدينين الموجود أصلاً   إذن، لماذا هذا الأندماج؟  ترى كيف  ستكون الحياة بلون وبدينٍ واحد؟  واضيف الى ماورد أعلاه مايلي:ـ

قضية " التبشير" لو جاز لنا القول ، هي قضية تقبل الأثبات والنفي. فإذا كانت مثل  هذه القضية موجودة، إذن يُطلق عَليها: " تكافؤ الأدلـّة" ، والأخوان القانونيين يَعرفونَ ذلك.ـ  فللوصول الى نتيجة تـُرْضي الأطراف ، يَجب علينا أن نتـَّجـِه الى (المحاورة أو الحِوار) للوصول  الى الحقيقة  فالشك والرأي  من قبل جميع الأطراف حول هذه القضية مَوجود  بوجود الشك في قضية اخرى مثلاً  المندائية تقول أن البشرية بدايتها كانت في الأساس مُوحدة ثم ظهرت " التعددية" ـ  بالضد من الفلسفة التي تقول العكس  فالحقيقة موجودة أصلاً في تعدد الأراء هذه، فعن طريق الحوار الهادئ نصل   بالتأكيد الى هَدفنا  يُقال أن سُقراط كان لايُلقـِّن تلاميذه أو يَفرض عليهم رأيه  بل يصل الى الحقيقة عن طريق الحوار  لآن القضايا الدينية لها خصوصيتها ، لذا يَجب التعامل معها بهدوء وعقلانية، حتى لايتأوَّل النص الديني  بالأتجاه الخاطئ أو يُفسّر تفسيراً بعيداً عن محتواه (أي المحتوى الديني    لهذا النص المتعلـّق بما يُسمى   (ـ" التبشير"ـ

 

وهيي زاكن

الدخول للتعليق