• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 21 تشرين1/أكتوير 2013

الصوم الكبير والإرادة الحرة

  قيس الشيخ بدر
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

من أركان ديانتنا , الصوم الكبير هو إحدى الوسائل لتحقيق أهداف وغايات ديانتنا في تربية إرادة المندائيين,بأن يملك المندائي أن يقول نعم, وأن يقول لا, عندما تدهمه شهوته, أو تدعوه عادته أو يسخره ظالم أو مستهتر لخدمة أغراضه وشهواته.. أن يكون حرا" في حياته فلا تستعبده رغبة, ولاتقهره شهوة, ولايملك عليه مصيره إنسان.. أيا" كان ذلك الإنسان. أن يكون سيد نفسه, يملك أن يريد وأن لايريد.
ووظيفة الإرادة في حياتنا هي وظيفة الضابط الذي يكبح جماح الغريزة ويخفف من غلواء الحيوانية النهمة التي تعيش في عروقنا ودمائنا فتستثير شهواتنا وغرائزنا.
وكان الصوم هو إحدى هذه الوسائل وإحدى الطرق , ففي الصوم حد من طغيان الجسم على الروح, والمادية على الإنسانية والعبودية على الحرية, ورياضة للإنسان .. أن يقول: لا, عندما تدهمه شهوته إلى الأكل أو الشرب أو الاستمتاع باللذات , أو تدعوه عادته إلى ذلك.
وعندما نلاحظ بدقة نوعية الأمور التي فرضها الحي العظيم مبارك وممجد أسمه على الإنسان أن يمتنع عنها, وشدة علاقته بها في حياته اليومية , ومدى سيطرة العادة والحاجة الذاتية فيها, نعرف قوة مثل هذه الرياضة وطبيعتها العملية , وأثرها في تربية الإرادة. فإن رياضة النفس كونها من ضروريات الحياة, تجعل الإنسان أقوى على ترويض نفسها.
وهنا ندرك كيف يكون الصوم طريقا" للكفاح. فإن الكفاح في حياتنا إرادة للخير, وإنطلاق لتحقيق تلك الإرادة.
وكان الصوم إلى جانب ذلك عبادة للحي العظيم مبارك وممجد أسمه كبقية العبادات, يلتقي المندائي فيها بالهيي قدمايي فتتلاشى إرادته وتذوب إزاء إرادة الحي العظيم مبارك وممجد أسمه.
ولكنها لاتذوب لتموت بل لتحيى , ولتعود ـ بإيمانها وخضوعها لخالقهاـ أقوى ماتكون على مواجهة الاحداث في ميادين الصراع , ولتحقق في هذا التلاشي, الذي هو مثال العبودية الحقة للحي العظيم مبارك وممجد أسمه, مبدأ قوة المندائي ونقطة الانطلاق لحريته, لأن الإخلاص للحي العظيم مبارك وممجد أسمه في العبادة وإطاعته في ما يأمر به وينهى عنه, يمثل في جوهره وحقيقته التحرر من الخضوع لأية قوةـ مهما كانت ـ وراء قوة الحي العظيم مبارك وممجد أسمه.
هذه هي بعض القضايا التي يمكن أن نستفيدها من الصوم حسب فهمنا له,
ولكن لامجال لهذه الاستفادة إذا أعتبرنا الصوم في حياتنا مجرد عادة كبقية العادات , أو مجرد عبء ثقيل كبقية الأعباء أو أعتبرناه حرمانا" للمندائي وحدا" من حريته .
إننا إن فعلنا ذلك فنظرنا إليه, كما ننظر إلى أية عادة من عاداتنا التي نؤديها دون إدراك لضرورتها, فلن نستطبع أن نأخذ منه شيئا", لأنه لايستطيع ـ حينئذ ـ أن يعطينا شيئا", حيث يصبح عادة كبقية العادات التي نحتاج إلى الكثير الكثير من الجهد لإصلاحها وإعادتها إلى مجالها الطبيعي كأداة للخير لا للشر.

الدخول للتعليق