• Default
  • Title
  • Date
السبت, 07 كانون1/ديسمبر 2013

تعرف على المندائية دين ومجتمع وتراث - بحث الأعضاء التناسلية

  احمد راهي صالح
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

بشميهون اد هيي ربي

الأعضاء التناسلية للأنسان

هل هي عورة 

 

الكثير منا ، لايدرك العمق الحقيقي لفلسفة المراسيم المندائية ، ولا اعتقد ان مرد ذلك عائد الى قصور ذاتي ، بقدر ما هو عائد الى الظروف التى مرت بها الطائفة ولقرون طويلة ، من جور واضطهاد من قبل الاقوام المحيطة ، مما جعلها تنزوي وتتقوقع ، ليس على ذاتها وحسب ، بل ومن ذاتها ايضا  ، وهذا ما أثر سلباً على المناخ العلمي  الذى كانت  تمتاز به ، وحولها شيئا فشيئا ، الى كيان منقسم ، إنحسرت فيه المسائل الدينية على رجال الدين ، فيما عامة الناس ، تحولت الى مجتمع استهلاكي ، يعتمد اعتماداً كلياً على رجال الدين  في تفسير المراسيم  الدينية ، وهذا بطبيعته استحداث ظرفي ،  لم يكن قائما في العصور المزدهرة للمندائية ، وهذا الاستحداث  افرز حالتين :ـ

 

 الحالة الاولى ، وتتلخص في الإنكماش الفكري ، والذي طغى على عموم المندائيين ، نتيجة  لإنفراد رجال الدين آنذاك بالمسائل الدينية أولا ، وتحول السلك الكهنوتي الى مهنة طقوس ثانيا ،  مما افقد الطائفة الكثير من الركائز الحيوية ، والتى لايمكن لاي امة ان تواكب الإستمرارية فى الوجود  من دونها ، وهذه الركائز هي ، اللغة والتأريخ والفقه الديني ، والتى اخذت تتفتت شيئا فشيئا ، لعوامل عدة ، اهمها الجمود الفكري الذى احاط بالمجتمعات المندائية أنذاك ، وانفراد الطبقة الكهنوتية بالكتب والمخطوطات المندائية ، وعدم السماح ليس لعامة الناس بالاطلاع عليها وحسب ، بل تعدى ذلك رجال الدين فيما بينهم ، مما أثر سلبا على توجهات العامة ، وعزوف الكثيرين عن متابعة الفقه المندائي ، وتحول الدين المندائي الى مجموعة من الطقوس ،  تجرى بشكل تقليدي ، حتى ان اغلب الذين يقيمون تلك الطقوس لايفقهون معانيها الباطنية بالشكل المطلوب ، مما اسهم في دخول عنصر المثيولوجيا في تفسير الكثير من المفاهيم والطقوس الدينية .

 

اما الحالة الثانية  ، فتتلخص بغزو الثقافة الإبراهيمية ، نتيجة لتغلغل الديانات الإبراهيمية في المنطقة ، مما اسهم في تفسير الكثير من الاحداث الدينية تفسيرا يتلائم والفهم الابراهيمي للخلق والتكوين . وكمثال على ذلك الأعضاء التناسلية والتي هي اساس موضوع البحث  ، فمفهوم الديانات الإبراهيمية ،   للأعضاء التناسلية مفهوم سلبي يضع تلك الأعضاء في خانة العورة ،  وغالبا ما يُنظَر اليها نظرة دونية،  فاليهودية على سبيل المثال تنظر الى الاعضاء التناسلية على انها اتت نتيجة لأكل حواء وادم من شجرة الخير والشر ، والتي ستقود في اغواء البشر الى الرذيلة ، والتي وبسببها رفض الرب الاله [يهوه] الابقاء على ادم وحواء في الجنة ، فاخرجهما منها ، بعدما اخاط لهما مآزر لتغطية عورتهما ، وهذة الاسطورة ، اخذت وبمرور الزمن تتغلغل عند الكثير من الأديان  التي خرجت او تأثرت باليهودية ، حتى ظهرت الكثير من الطوائف الدينية ، التي اعتمدت مبدأ اخصاء الذات ، سبيلا في قتل الشهوة وهي في المهد ، وكأن الاعضاء التناسلية هي مصدر الشهوة وليس الدماغ ، كما ان الرهبنة في المسيحية هي محاولة يائسة لدرء مخاطر الاعضاء التناسلية [1]  ، على اعتبارها استحداث ظرفي ، اتت نتيجة لخطأ حواء وادم ، ولهذا تأسست فلسفة الرهبنة وعدم الزواج ، سبيلا في الابتعاد من شرور الأعضاء التناسلية ، الا ان الذي حصل ، ان النتائج التي ترتبت عن هذه الاعمال ، هو انتشار الشذوذ الجنسي بين الرهبان والراهبات ، والذي اخذ في الاونة الاخيرة يثير قلق الحكومات الغربية ، بعد إنكشاف حالات الاعتداء الجنسي على آلاف الاطفال . [2] 

  

ولكن ماذا عن المندائية  ، وما هو موقفها من الأعضاء التناسلية ؟ فهل تنظر  اليها على انها عورة ، كما هو الحال في الديانات الابراهيمية ؟ ام ان لها نظرة مختلفة ؟ .

 

تختلف المندائية عن الديانات الإبراهيمية ، في نظرتها الى كل من الخلق والتكوين ، فلم تذكر لنا المندائية شيئا عن معصية آدم او الأكل من شجرة معرفة الخير والشر ، كما ولم تنظر يوما الى الأعضاء التناسلية على انها عورة بل على العكس تماما فالمندائية تنظر اليها على انها اعضاء جسمية تؤدي وضيفة خلاقة الا وهو التكوين وبالتالي فهي لاتختلف عن اي عضو آخر في الجسم  ، الا ان تغلغل النظرة الابراهيمية جعل بعض المندائيين  يأخذهم الحياء في مسألة رشامة الأعضاء التناسلية على اعتبارها عورة ، فكيف ترسم  الأعضاء التناسلية باسم الخالق وهي عورة ؟  ولهذا فقد اخذ بعض الأخوة  يفتي الى ان الوصول الى مقطع  [ روشمي ايلاوي لهوا ابنورا ، ولهوا ابمشا ، ولاهوا اد امشيها ، امشا روشمي ابيردنا ربا ادميا هيي  اد انش بهيلي لامصي اشم اد هيي واشم اد مندا دهيي مدخر الي . ]   انما يراد منه  سكب الماء على اليد اليمنى ، وليس على مكان الاعضاء التناسلية  ، وفي احدى المناسبات الدينية رأيت احد  المندائيين يقوم بهذا الاجراء ، فسألته مستغربا ، فكان جوابه انها رشامة الكشطا ، اي اليد اليمنى وان هذا الترسيم يختص بالكشطا ، وان ترشيم الأعضاء التناسلية انما افكار دخيلة ، فقلت له ولكنك سبق وان رشمت يديك في بداية الرشامة كما في النص [بشميهون إد هـيّي ربي هــلـليـن أيـدن ابـكَــشـطا واسـفـن ابـهـيـمـنـوثا وملـلـنيـن ابـملالي اد زيـوا واسهي طـبـن آب  وصـري دنـهـورا ] فلِما تكرر هذا الحدث ؟  ثم ان هذا المقطع يختص بمسألة التكوين حينما يقول [ روشمي ايلاوي ] اي رسمي انا او رسمي العائد لي ....فالنطفة والبيضة هما من يحدد رسوم الانسان وليس اليد كما في نصوص ترسر التي سنمر عليها  والتي  تؤكد على ان الاعضاء التناسلية هي من تقوم بدور القائم باعمال  التكوين   فما علاقة اليد اليمنى بالتكوين  ؟  وهل تحمل اليد اليمنى رسوم الانسان ؟

فهل  فعلا ان الجزء المختص بعبارة [ روشمي ايلاوي .. ] لا يختص بالاعضاء التناسلية   ؟.

هنالك مسألة ربما هي غائبة عن الكثيرين ، وهي ان رشم الأعضاء التناسلية  لايختص بالمندائيين فقط ، وانما  هي موجودة ايضا عند الكثير من الشعوب القديمة  ذات التوجهات الابراهيمية ، وكذلك فهي منتشرة  في مصر القديمة وبعض الدول الافريقية ،  الا ان رشم تلك الشعوب يتقاطع تماما مع الرشم المندائي ، فالرشم عندهم  لايكون من خلال  طهارة الماء ، وانما من خلال النار التي تعتبر مقدسة عندهم كما هو جار عند المجوس او من خلال المس  بالسيف اي الختان كما هو جار عند اليهود ومصر القديمة او من خلال  المسح  بالدهن كما هو عند الديانات القديمة وكذلك عند المسيحيين في الوقت الحاضر والذي انتقل لهم من الجليليين   .

  وفيما يخص ترسيم الاعضاء التناسلية بالختان  فان هذا الترسيم جاء لسببين الاول ويختص في مسألة الاضاحي البشرية كتعويض للتضحية  الكاملة والثاني  للحد من انتشار الامراض والتي غالبا ماتنتشر نتيجة  للاختلاطات الجنسية ، سيما وان الديانات الارضية  تقر مسألة امتلاك  الجواري وسبايا الحروب ،  اما المندائية  فانها  تحرم  تحريما تاما مسألة الاضاحي بكل اشكالها وكذلك  الاختلاطات الجنسية  وامتلاك الجواري وتحت اي ذريعة  وباي شكل من الاشكال  والسبب في ذلك يكمن في نظرة المندائية الى الاعضاء التناسلية سواء عند المرأة او عند الرجل نظرة احترام وقدسية وتوجب على الفرد المندائي ان يحافظ على تلك الاعضاء التكوينية  [3] من خلال تأسيرها بالعمل الطبيعي الذي اوكل اليها  ألا وهو التكوين ، وهي بالتالي لاتختلف عن الاعضاء المرشومة الاخرى  من حيث الحيطة والقداسة  كالعين واللسان والاذن فمثلما يتم تأسير السمع والنظر والكلام  والخطوات بتعاليم  عوالم النور فان الاعضاء التناسلية هي الاخرى يتم  تأسير عملها  وتحديد مهامها بالتكوين الحلال الذي اوكل اليها ونستدل من  نصوص ترسر الف شيالة  الى ان المندائية لاتنظر الى الاعضاء التناسلية على انها عورة فالنص الذي سياتينا من ترسر  يُشَبه العمل الذي يقوم به عضو التناسل الذكري  وكأنه رسول نوراني [4]  لان العمل الموكل  اليه يشابه عمل رسول النور فمثلما نقل الملاك هيبل زيوا اسرار التكوين ومزجها بصيرورة المادة لتأسير وتكثيف الكون المادي لياخذ مساراته ويكون قابلا ًلإستقبال الحياة التي أمر بها الحي الازلي فان مهام العضو الذكري هي نقل النطفة  [ميا اد هيي] اي ماء الحياة الى الرحم والذي بدوره يحمل سر تكويني آخر وهو البيضة  .

والسؤال رقم  229  من ترسر   يمثل النطفة  على انها  دموث هيي  اي صورة الحياة

كما ويمثل السؤال رقم  224 من ترسر  الجهاز التناسلي الذكري على  انه ينبوع الأسرار ويمثله بانه سر عظيم للذين يستخدمون وضائفه بطهارة  تامة ومن دون افساد  ولكن اللذين يفسدون به  فانهم سيلقون من الأعلى الى اسفل السافلين من العوالم ولن ترى وجوههم النور.

وفي سؤال رقم  226  هنالك ترنيمة حول التقاء نطفة الرجل ببيضة المرأة

بسم الحي العظيم

في اليوم الذي تجلى فيه البهاء العظيم

انبثق من البهاء الداخلي صورة  لليردنا كونت نفسها في مرآتها

صورتها تكونت في اليردنا

الذي كان مرأتها  وفي ماء اليردنا انتج

يردنا اعطى بهائه

وماء في الاثير  انتشر واسعا

وقوة الانوار اسندت  ذاتها  

عبرت عن نفسها وازدادت وتضاعفت  ...... 

والتاج اخذ مكانا

والاكليل قد لف  .....{ اشارة الى التويتة التي تمثل اللبنة الأولى للتكوين البدني نتيجة لإتحاد أسرار الحيمن بأسرار البيضة وإنقسام الخلايا }  

لف الاكليل واوراق الياس ازدهرت .. ازدهرت اوراق الياس ........{ إشارة الى إنقسام الخلايا }

والأشجار حملت ثمارها

.......................

ومن هنا فان رشم الاعضاء التناسلية سواء للرجل او للمرأة انما هو إعتراف وتأسير للأسرار التي تحملها  فالأعتراف يقول ان تلك الأعضاء لا ترسم بمراسيم  عوالم الظلام والمتمثلة  بالكزارة  والتي تتم  عن طريق قطع جزء من العضو التناسلي سواء للرجل او للمرأة او من خلال تعميده  بالنار  او بطقوس المسح بالزيت  او بكلا الطقسين  ، والتي كانت سائدة عند الكثير من الأديان الارضية  ،  وانما يرسم بترسيم الحياة والذي تمثله اليردنا افضل تمثيل  فالحياة لاترسم  إلا بالحياة ، اي ان اليردنا هي اساس الحياة والأعضاء التناسلية تتعامل بدموث الحياة  اي بصورة الحياة . وفيما يخص التأسير فان رشامة الاعضاء التناسلية هو تأسير وتذكير بمعنى ادق ان الرشامة هي في حقيقتها خارطة طريق للانسان تحدد مساراته الصحيحة كي يعمل بموجبها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر :ـ

 

[1] متي 19عدد 12: لأنه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون امهاتهم.ويوجد خصيان خصاهم الناس.ويوجد خصيان خصوا انفسهم لأجل ملكوت السموات من استطاع أن يقبل فليقبل . 

 

[2] http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=qw7JQ5ppsls

 

http://hespress.com/international/19481.html

 

[3]  لان المندائية تنظر الى الاعضاء التناسلية نظرة خاصة وتحيطها بقداسة خاصة ايضا فان اي تلاعب  بتلك الاعضاء من شانه ان يخرج الفرد من الدين المندائي فالذي يختن برضاه رجلا كان ام امرأة لن يكون بامكانه العودة الى المندائية  مطلقا لانه ترسم برسم عوالم الظلمة المبني على النقص والعوز وكذلك المرأة التي تفقد بكارتها نتيجة اختلاط جنسي غير شرعي لن يكون بامكانها ان تحتفض بمكانتها الدينية ولن تستطع عقد مهر زواج معترف به دينيا لانها دنست اهم عضو في جسمها  الا وهو عضو التكوين لان الرحم هو عضو تكوين وبما انه رُسم برسم النقص والعوز فبالتالي تعزل تلك المرأة وتنزل مكانتها الدينية مما يعني ان فحص البكارة لايختص تحديدا بالعفة فقط وانما يراد منه التأكد من ان سر التكوين [الرحم] لم يدنس ولم يناله النقص والعوز  اي لم يُرسم برسوم عوالم الظلام ، فالمرأة حينما زودت بسر التكوين العظيم هذا عليها واجب الحفاض عليه طاهرا نقيا كي يكون مستعدا للتكوين الصحيح الذي امر به الحي العظيم الانسان .

 

[4] ان اشارة نصوص كتاب تشريح الجسم [ ادم بغرا]   للعمل الموكل للجهاز التناسلي  وتشبيهه بواهب نوراني لايراد منه [ كما يفهم البعض من خلال الترجمة الحرفية ] وضع  ذلك الجهاز بمكانة  بالملاك هيبل زيوا اطلاقا وانما ولأن تكوين جسم الانسان جاء على نسق تكوين الكون ولأن كل اسرار الكون زرعت في جسد ادم ، ولأن ادم هو كون صغير يماثل الكون الكبير وانه بمثابة صورة للكون الكبير فبالتالي فان كتاب تفسير بغرة في شرحه للجسد يقوم بمناظرة الأفعال التي تقوم بها الأعضاء الجسمية بعملية تكوين الكون ،  بمعنى ادق ان تكوين الجنين  والذي يتم من خلال نقل دموث هيي اي صورة الحياة الى الرحم عن طريق الجهاز التناسلي الذكري الذي يحمل النطفة يماثل  رحلة ملكا هيبل زيوا الى عوالم المادة  وتصليبه للكون من خلال الأسرار التي نقلها ومزجها بصيرورة المادة ـ 4أـ  لتكوين عالمنا الأرضي وتحديد مساراته ضمن قانون معد سلفاً ، ومن هنا جاء التشبيه  وهو تشبيه رمزي  ليس الا . 

4 ـ  أـ البيضة التي في الرحم فهي بمثابة ينبوع غير متدفق ، وبدخول الاسرار النورانية والمتمثلة بدموث هيي اي صورة الحياة وهو الحيمن ستتحول الى ينبوع متدفق قابل لاعطاء الحياة ـ الجنين ـ .

 

 احمد راهي صالح

عـ / الهيئة المشرفة على لجان التوعية والارشاد المندائية

الدخول للتعليق