• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 11 أيار 2014

رحيل الفنان العراقي القدير مكي البدري

  مجموعة من الكتاب
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

رحيل الفنان العراقي القدير مكي البدري

نعت الأوساط الفنية والثقافية في العراق الفنان الكبير مكي البدري الذي توفاه الأجل في المستشفى المركزي لمدينة يوتوبوري (غوتنبيرغ) السويدية ، حيث يقيم فيها احد ابنائه الثلاثة ، بسبب الشيخوخة والمرض (89 عاماً) ، وهاجر الراحل الى السويد قبل ثلاث سنوات وقد ظل وحيدًا في بغداد بعد وفاة زوجته.
بغداد: رحل الفنان العراقي القدير مكي البدري في غربته، حيث وافته المنية في المستشفى المركزي لمدينة يوتوبوري (غوتنبيرغ) السويدية ، حيث يقيم فيها احد ابنائه الثلاثة ، بسبب الشيخوخة والمرض (89 عاماً).

وما إن سمعنا خبر رحيله حتى اتصلنا بالفنان الدكتور حسن السوداني، المقيم في السويد، الذي قال : نعم .. ذهب الحارس الملاك ليلة الأمس وباتت ليالينا الطوال بعده أكثر برودة وضجرأً.

واضاف: رافقت الفنان مكي البدري اثناء عملي معه في فرقة مسرح الجماهير وتعلمت منه ان يكون الفنان او المثقف انساناً قبل اي شيء فهو ( رحمه الله ) لم يكن يتنازل عن هذه المهمة حتى لو بقى وحيدًا وبلا عمل وقد تعلمت منه الكثير في مجال حياتي المهنية وكان مثلي الأعلى في الكثير من المواقف التي مررت بها.

وتابع: دأب الفنان مكي البدري على الحضور في الاماسي الثقافية التي نقيمها هنا ومنها الامسية التي احياها المخرج قاسم حول رفيق دربه الطويل وكنت ادير تلك الامسية وقد تبادل فيها الاثنان العديد من الذكريات التي جمعتهما منذ فيلم الحارس، ولقد لفت انتباهي ان الراحل يتمتع بذاكرة متوقدة لا تغفل أي تفصيل حتى لو كان صغيراً، وكان يصحح الكثير من المعلومات التي نذكرها عن السينما العراقية وكذلك المسرح وفرقه ورواده، وتستطيع بسهولة ان تتلمس من خلال صوته حجم العتب الذي يحمله على المؤسسات الحكومية والكثير من المخرجين الذين لم يستثمروا طاقاته ما حدا به الى اللجوء الى اعمال اخرى كي يستطيع مواصلة العيش، ولم يستقر الفنان الراحل كثيرًا في مدينة مالمو وتنقل بينها وبين مدينة غوتنبيرغ التي غادرنا منها بعد أن كان في منزل ابنه هناك ، واخر نشاطاته هنا هو حضوره مهرجان مالمو للسينما العربية وكان ضيف شرف في المهرجان .

والراحل البدري يعد من الفنانين الرواد الكبار لكنه كان يشعر بالاحباط لسنوات طويلة بسبب التجاهل الذي طاله من اهل الفن ولا يعرف الاسباب وراءه ، حيث انه منذ عام 1997 لم يشترك في عمل تلفزيوني او مسرحي ما عدا عملا مسرحيا مع المخرج محسن العزاوي في مسرحية (انتبه.. قد يحدث لك هذا) عام 2010 ، ومع ذلك كان يذهب الى دائرة السينما والمسرح التي يعمل فيها بنظام العقد تحسرا على انه لم ينتم الى الفرقة القومية للتمثيل لأسباب يسخر منها حين يذكرها وهي اتهامه بأنه شيوعي ، وبعد عام 2003 قدم ثلاثة طلبات فرفضت من دون ان يذكر له السبب ، وما زال الفنانون يذكرون له مسرحية (فوانيس) التي قدمها عام 1967 وكان فيها نوع من الغرابة ، وكذلك فيلم (الحارس) الذي ادى فيه دور البطولة وقد اثار انتباه المشاهدين وكتبت عنه الصحف كثيرا وحاز جائزة في مهرجان قرطاج في تونس ، واصبح علامة فارقة في تاريخ السينما في العراق .

كنت ألتقيه بشكل مستمر اسبوعيا ويشكو لي من الاهمال الذين يعانيه ، وحين كنت اسأله بإصرار عن سبب مجيئه الى دائرة السينما والمسرح كل اسبوع قال لي وهو يبتسم ويتذكر الشخصية التاريخية الساخرة (اشعب) : (أجيء الى الدائرة حتى أرى اصدقائي القدامى، وعسى أن يتذكرني احد في عمل، وهذا كما يقول المثل (امل اشعب) الذي مرّ ذات يوم على شخص يضع الخرز في طبق من الخوص (طبكك)، فقال له: زد له (سافا) اي زد وسعه، فقال له الشخص: هل ستشتريه؟، قال له اشعب: لا، ولكن أملاُ في ان من يشتريه سيبعث لي فيه شيئاً ما) !!.

ولد الفنان البدري في محافظة ميسان عام 1925 ، وينتمي الى عائلة اشتهر رجالها بكونهم علماء دين من الطائفة المندائية ، وظيفته الحقيقية مدرس في وزارة التربية حيث كان يعمل مسؤولاً لقسم التمثيل بالنشاط المدرسي في وزارة التربية .

يقول: احببت الفن وانا صغير السن عندما كنت اشاهد الاعمال التي تقدمها المدارس وبعض ما تقدمه الفرق الاهلية التي تزور بلدتي (العمارة) وكذلك كانت دار المعلمين العالية في عطلة نصف السنة تجوب غالبية المدن لتقدم مشاهد واعمالا مسرحية متكاملة غالبيتها تربوية ووطنية، كما كانت تصطحب معها لوحات فنية من التشكيل لتقيم معرضا مصاحبا لعملها المسرحي، هذه المشاهدات والمغامرة في دخول قاعة المسرح من الشبابيك على الرغم من مطاردة الشرطة لنا، وهذا جعلني اتعلق بالمسرح انا ومجموعة من لداتي حيث كنا نعيد تمثيل قسم من المشاهد التي استوعبناها اضافة الى هذا كنت منذ صغري اقرأ القصص وخصوصًا الفلكلورية مثل تغريبة بني هلال وعنترة العبسي وفيروزشاه والف ليلة وليلة وسيف بن ذي يزن وغيرها مما لا اتذكره، لذلك انا لم اشعر بالندم لاننا عندما كنا نقدم عملا مسرحيا ويهنئونا الجمهور فشعرنا بالفخر ويزداد تعلقنا بالعمل المسرحي الذي قدمناه .

واضاف : كنت انتمي الى فرقة اهلية اسمها (الشعلة) التي انطفأت وماتت بوقتها وكان رئيسها ابراهيم الخطيب الله يذكره بالخير وبعد ذلك انتميت الى فرقة مسرح (اليوم) التي تركتها فيما بعد لان العوز المادي جعلني اتجه نحو الاعمال التي تدر علي ما يسد علي عوزي، اعمل علب الهدايا وديكورات لمحال الصياغ وكنت قد تركت الفن خلال الثمانينات والتسعينات .

وتابع : في السنوات الاخيرة.. صرت احيانا اشعر بالندم عندما يصيبني العوز المادي وكان بامكاني ان استمر في اعمال كنت قد بدأتها كمشروع محل الصياغة ، فأرى ان عملي الفني الذي مارسته هو ضياع في حين غيري قد اثرى واصبحت احواله الاقتصادية فوق الممتاز، فعندما تحدث المقارنة بيني وبين هذا الشخص اتألم ويصيبني نوع من الندم .

يؤكد الراحل ، رحمه الله ، ان النقطة المضيئة في حياته انه كان مخلصا مع نفسه ولعمله .

عبدالجبار العتابي

-------------------------------

أستذكار لحياة المرحوم الفنان ألمندائي العراقي

يُعد الممثل العراقي مكي البدري من رواد الحركة الفنية على صعيد المسرح والدراما في العراق فضلاً عن اعتباره رائداً مهماً من رواد السينما العراقية، فهو بطل فيلم "الحارس"، الذي نال الكثير من الجوائز داخل العراق وخارجه، بالإضافة إلى قائمة كبيرة من الأفلام العراقية. وواكب البدري ألمع نجوم الفن العراقي القديم واشترك معهم في أعمال ما زالت عالقة في أذهان بعض المختصين والمتلقين، أما على صعيد المسرح فإن للبدري حصة الأسد في أعمال المسرح العراقي القديم والمعاصر. والفنان مكي البدري من مواليد مدينة العمارة عام 1925 وهي السنة التي عرفت آنذاك بأسم (أم مصران ) حيث نفقت كل المواشي وماتت من شدة البرد فأضطر الناس إلى المتاجرة بالمصران فقط . اضطر مكي البدري لفقره الى العمل معلماً بعد تخرجه من الاعدادية عام 1947 لعدم استطاعته السفر الى بغداد والحصول على شهادة الجنسية ، ثم عين على الملاك الدائم بعد دورة تربوية قصيرة ونقل الى قضاء جصان ثم بدرة من أعمال الكوت ، ثم الى ثانوية الحي وبعدها الى ثانوية الكوت ، وأخيرا إلى بغداد معلماً ، وينتمي الفنان مكي الى عائلة اشتهر رجالاتها بكونهم علماء دين ، وكان أخرهم والده الشيخ كميت الذي ذاعت شهرته بين الناس لتقواه وورعه ونزاهته .مارس التمثيل منذ شبابه وكانت المدارس مسرحاً لنشاطه الفني الذي دفعه للانتماء الى معهد الفنون الجميلة ببغداد ، كان مكي البدري مولعا بالتمثيل فساهم مع بعض زملائه بتقديم مسرحية في قرية جصان ثم اخرى في قضاء بدرة وتوالت مسرحياته - وفي بغداد انتمى الى معهد الفنون الجميلة واكمل دراسته في قسم التمثيل 1960- 1961، وانتمى الى فرقة الشعلة - ثم قدم مع مجموعة الفنانين الاوائل، احمد المفرجي- قاسم حول - جعفر علي - بسام الوردي وفاطمة الربيعي وآخرين اعمالا مسرحية قال عنه المخرج قاسم حول مرة: (عرفته في معهد الفنون الجميلة بداية الستينيات). إشترى أرضا ليبني عليها دارا. رسم هو مخطط الدار، وباشر بشراء مواد البناء وكلف البنائين لبنائها، وعندما أتمها افتتحوها مع عائلته وأنا. زرع فيها نخلتين. وجاءأصرار من مؤسس المشروع أن يقوم بدور البطولة في فيلم (الحارس) وقد أبدع فيه . وتوالت علي البطولة السينمائية في افلام اخرى نذكر منها: (بيوت في ذلك الزقاق) للمخرج :قاسم حول ، و(العاشق) للمخرج : محمد منير فنري .والفنان البدري يعيش الآن وضعاً صحياً متدهوراً، ندعو له بالصحة والعافية والعودة للساحة الفنية

 مكي كميت البدري

------------------------------

 كوكب اخر خرج من مداره - الى روح مكي البدري

 يذهبون الى الموت ويتركون لنا ابتسامات غامضة، هي الاشد فتكا بالزوال، وباضمحلال صورهم، التي احببناها ولا نزال،
خرج كوكب مندائي اخر من مداره،بعد ان حقق حريته وابداعه حتى الاستنزاف. فقد ظل ولسنوات طويلة هذا الفنان المبدع مشرعا للضوء البالغ، الذي رفعنا اسمائنا من خلاله.
ما نفع الكلمات بعد امام كل هذا الموت الذي ياخذ احبتنا؟ هي طريقتنا لنقل كم إننا نحب الحياة وكم إننا لانزال نملك احلامنا الكبيرة في بساطتها: ان نتعلم كيف نقبل بالرأي المخالف، كيف نصبح مواطنين في الحرية.
تودعك المحبة، وكنت من رعاتها، يودعك الوفاء، وكنت من اهل بيته، يودعك النقاء، وانت الرجل الفنان الذي عرف كيف يحيا البراءة والصدق وطمأنينة الضمير
نودعك بالكلمة الباكية، فقد كنت من زارعي الدفء والقيم في اجسادنا
فانت سنديانة مندائية ، خضراء خصبة، واقفة، ولو ماتت
تودعك كل المندائية وانت من الذين تغنوا ببهائها، وحضنوا زهرتها وحجاراتها، وتراثها.

موسى الخميسي

 

 

 

الدخول للتعليق