• Default
  • Title
  • Date

لندن (رويترز) - قالت جماعة حقوق انسان معنية بالاقليات يوم الخميس ان لاجئين من الاقليات العراقية يواجهون انعدام الامن ويخاطرون بفقدان هويتهم الدينية والثقافية وهم يسعون الى اللجوء في الدول المجاورة واوروبا الغربية.

وتقدر وكالة اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان نحو 1.9 مليون شخص فروا من العراق الذي مزقه تقريبا القتل الطائفي في الاعوام التي اعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003. وانخفض العنف هناك الان على الرغم من وقوع تفجيرات متفرقة.

وقالت المجموعة الدولية لحقوق الاقليات ان عددا غير متناسب من الذين فروا من العراق كانوا من اقليات عرقية او دينية بما فيهم المسيحيون والشركس والصابئة المندائيين والشبك والتركمان واليزيديين.

وقالت المنظمة ان بعضهم قام برحلات خطيرة الى اوروبا لكي يواجهوا بسياسات اللجوء الصارمة والتمييز وفي بعض الاحوال العودة الاجبارية.

وقال كارل سودربرج مدير السياسة في المجموعة الدولية لحقوق الاقليات في بيان " بعض الجماعات مثل المندائيين الذين يبلغ تعدادهم بضعة الاف في العالم معرضون لفقدان العديد من ممارساتهم الدينية والثقافية حيث انهم متفرقون داخل البلدان. انهم معرضون لخطر الاستئصال الثقافي."

واضاف "الاقليات تغادر العراق لانه يتم استهدافهم بالهجمات بسبب ديانتهم او ثقافتهم ولكن الخروج من البلاد ليس ضمانا لسلامتهم وامنهم."

غير انه قال ان العديد من الدول الاوروبية ترفض الان طلبات اللجوء وتعيد الناس الى العراق على الرغم من ان الهجمات على الاقليات زادت في بعض المناطق.

وقالت الجماعة ان السويد المقصد الاوروبي الرئيسي للاجئين العراقيين بدأت اعادة عدد من طالبي اللجوء المرفوضين الى العراق بما فيهم مسيحيين على اساس ان بعض الاجزاء في العراق امنة ويمكن العودة اليها.

وقالت ان بريطانيا ودولا اوروبية اخرى بدأت ايضا في الاعادة الاجبارية لطالبي اللجوء المرفوضين.

وقال التقرير ان السياسات التي تتبعها بعض الدول التي تمنح اللجوء تؤثر سلبا على لاجئي الاقليات العرقية.

وقال التقرير ان سياسات التشتيت التي تفصل اللاجئين من نفس القومية لها تأثير خطير على الاقليات التي تحتاج الى ان تظل معا كطائفة من اجل حماية هويتها الثقافية وطقوسها الدينية.

وتشير ارقام وكالة اللاجئين التابعة للامم المتحدة الى ان نحو 450 الف عراقي يعيشون في الاردن ونحو 1.2 مليون في سوريا. وهناك نحو 2.6 مليون اخرين نازحين داخليا في العراق

نشرت في اخبار عامة

أشتهرت بغداد منذ عشرات السنين بمقاهيها الشعبية ، العشرات من هذه المقاهي تنتشر في مناطق وشوارع وأزقة بغداد وعلى ضفتي نهر دجلة الخالد ، ونتذكر نحن البغداديون هذه المقاهي الشعبية الموزعة هنا وهناك في احياء بغداد حتى بات يمكننا القول ان بغداد تحوي بين كل مقهى ومقهى... مقهى ، هذا ما نتذكره نحن الصغار في ذلك الوقت ويتذكرة اهالي بغداد الأكبر منا سنا" ، تلك المقاهي الشعبية ذات التصميم والطبيعة والهوية التراثية البغدادية العريقة والتي شهدت وساهمت بشكل فعال في التغيرات الأجتماعية والسياسية العديدة التي شهدها تأريخ العراق منذ تأسيسها قبل عقود طويلة . حيث كانت المكان للرواد الذين ينتمون لشرائح مختلفة وهم يخصصون جزءا من أوقاتهم اليومية لها، يتبادلون فيها شؤونهم الخاصة وأخبار البلاد والعالم ويذكر الباحثون ان أول مقهى شيد في بغداد هو مقهى ( خان جغان/عام 1590) في العهد العثماني .


ويؤكد الباحثين ان المقاهي الشعبية البغدادية لم تشهد أي حضورا" للأدباء العراقيين في فترة ما قبل القرن العشرين ، فمقاهي بغداد القديمة كانت ملتقى لرجال الأدب والعلم والسياسة والفن وقراءة الشعر .
أضافة للمطالعة والراحة والتسلية وحل مشاكل العمل وهربا" من صخب الحياة المملة صيفا" في البيوت القديمة ، أضافة لكونها كانت تستقبل الكتاب والشعراء الشباب المتنورين من بقية المحافظات ممن يدفعهم الأمل في التعرف ولقاء كبار الكتاب والشعراء والأدباء والأستفادة من تجاربهم الثقافية في الأدب والقصة.


لقد أصبحت المقاهي الشعبية الأدبية في بغداد اواخر الاربعينات من القرن الماضي ظاهرة اجتماعية عراقية ، حيث تتم اللقاءات اليومية بين الادباء والكتاب والشعراء وغيرهم.. وتدور بينهم النقاشات الثقافية والفكرية والسياسية . واصبحت هذه المقاهي المكان المناسب للمثقفين والسياسيين وشرائح إجتماعية واسعة من ابناء الشعب ، وأصبحت عبارة عن مدارس تعلم فيها الأدباء والشعراء الكبار الكثير من العلوم والمعارف من خلال الحوارات التي تعقد فيما بينهم . وهم يجلسون على أرائك خشبية أمام السماورات والقواري الموضوعة في ( الأوجاغ ) الذي يغلي فيه الماء ويخدر منه ( الشاي المهيّل ) وشاي الدارسين وشاي الحامض وشاي الكجرات الحامض وشرب الأركيلة لدرجة ان قسم منهم يلقي أشعاره وهو يلعب الطاولة أو الدومينو . بينما تدور هنا وهناك نقاشات في المجالات الفنية والرياضة والعلم والآداب ، فضلا" عن الترويح وقضاء اوقات ممتعة . ولم توقف ضوضاء الشوارع المحيطة ولعب الدومينو والطاولة وصخب المارة وأصوات الباعة المتجولين وأبواق السيارات هذه المقاهي من اداء دورها في الحوار المتبادل بين المثقفين والتباحث في أمور الحياة الأدبية والسياسية وتفاصيلها .


يقول السيد ضياء الأسدي ... ( لقد شكلت المقاهي الادبية ، ذاكرة للثقافة العراقية ، وأصبحت الوسط الذي تخرج منه ألمع المثقفين العراقيين الذين ساهموا بنشاط في المشهد الثقافي بأبداعاتهم الخلاقة ، فلقد لعبت المقاهي الثقافية دوراً ثقافياً واجتماعيا" وسياسيا" منذ بداية النهضة الفكرية واصبح لها دورا" مهما" في حياة المثقف العراقي. حيث خرجت منها المحاولات الأولى لتطوير القصيدة العربية و الشعر والمدارس الحديثة للفن التشكيلي والنحت ) . 


ومع تقدم الوعي الإجتماعي والسياسي في العراق وبتأثير الثقافة الغربية واليسارية وخاصة بعد ثورة اكتوبر / 1917 وما تلاها من تأسيس لللأحزاب السياسية الوطنية العراقية والتي انتشرت في العراق في تلك الفترة ارتبطت المقاهي الشعبية البغدادية بأبرز الاسماء الادبية والسياسية والأجتماعية المعروفة . وأصبحت بمثابة مراكز لتجمع رجالات الأدب والسياسة والفنون وأوكارا" لنشر الأفكار السياسية الوطنية وتناول الكتب والنشرات الثورية القادمة من خارج العراق والتي تنشد الحس الوطني وتدعوا للثورة والتصدي لمخططات الاستعمار البريطاني ، بوصفها مكان تجمع لغالبية المثقفين من شعراء وأدباء وفنانين وسياسيين مما ادى الى خشيتها من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة في تلك الفترة . 


ولم يقتصر تأثير المقاهي الشعبية الثقافية على الحياة الثقافية العراقية فحسب بل كان لها تأثير واضح على الأدباء والفنانين في البلدان العربية وخاصة في دمشق وبيروت والقاهرة حيث كان المثقفين والأدباء العراقيين يترددون عليها وهذا ينطبق على الكثير من الدول الأوربية وفي بلدان امريكا اللاتينية ، ويذكر الروائي والصحفي الكولومبي والحائز على جائزة نوبل للسلام في مجال الآداب عام / 1982 ( غابرييل غارسيا ماركيز ) ان لمقهى ( القطط الثلاث ) الواقع في العاصمة الارجنتينية بوينس ايرس أثرا" كبيرا" في تبلور وعيه الثقافي والأبداعي .


لم يكن هناك في بغداد في العهد العثماني غير شارع واحد هو شارع النهر الذي شيّده الوالي ناظم باشا في عام 1910 ، اما في عهد خليل باشا فقد شيد اول شارع في جانب الرصافة من بغداد لتسهيل وصول الدبلوماسيين الأجانب الذين كانوا يسكنون على ضفاف نهر دجلة في الباب الشرقي وكبار الشخصيات البغداديّة التي تقطن في محلّتي الحيدر خانة وباب الشيخ الى السراي مقرّ الحكومة .

شيد الشارع في أيار من العام 1916 ، وأُطلقت عليه تسمية شارع خليل باشا . وظلّ الشارع حتى أحتلال بغداد في 11 آذار 1917 غير صالح لسير المركبات حتى بدأ الإنكليز بعد احتلالهم العراق بتعبيد الشارع وأطلقوا عليه تسمية الشارع الجديد ثم اتخذ اسماء مختلفة حتى أستقر أخيراً بأسم ( شارع الرشيد) تيمّناً باسم الخليفة العباسي هارون الرشيد . وبمر السنين أصبح لهذا الشارع حصة الأسد من المقاهي الشعبية الأدبية الشهيرة ، إذ قامت على جانبيه كل من مقاهي : الزهاوي ، حسن عجمي ، الواق واق ، البرازيلية ، ياسين ، شط العرب ، البلدية ، البرلمان ، المعقدون ، الشابندر ، الرشيد ومقهى الغناء أم كلثوم ، سمر ، الكسرة وغيرها الكثير . واعتبر هذا الشارع ومقاهيه المنتشرة على أماكن مختلفة من جانبيه المكان الذي تنطلق منها تظاهرات الأحزاب والقوى الوطنية العراقية والمثقفين والسياسيين ضد الهيمنة البريطانية والحكومات المتعاقبة طوال سنوات طويلة حتى قيام ثورة 14 تموز عام 1958 .

وفي الثلاثينات من القرن الماضي كان ينطلق من مقهى ( عارف آغا ) المثقفون والوجوه الوطنية المعروفة ليشاركوا في المظاهرات الوطنية والأحتفالات التي يحييها الشاعر معروف الرصافي .

الشاعر معروف الرصافي يلقي احدى قصائده

ومن المقاهي القديمة المشهورة في بغداد هو ( مقهى الزهاوي ) الذي يقع ضمن في محلة جديد حسن باشا بشارع الرشيد حيثُ تقع مقهى عارف أغا في الجانب الثاني حيثُ كان يجلس الشاعر معروف الرصافي ، لقد كان المقهى ملتقى للنخب الثقافية من وجوه المجتمع وأدبائه ، منهم الشاعر المعروف جميل صدقي الزهاوي ونشاطاته الأدبية وسجالاته الحادة مع الشاعر معروف الرصافي ، أضافة لشاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري وعالم الاجتماع الشهير علي الوردي وبعض السياسيين المعروفين ، من رجال الدولة العراقية امثال : فاضل الجمالي ، ، وعبد الكريم قاسم وآخرون . ويقال ان الحياة الأدبية للشاعر بدر شاكرالسياب ونشره لقصائده كانت من هذا المقهى .

وقد نظم الشاعر أنور عبد الحميد السامرائي وهو احد رواد المقهى قصيدة ونذكر منها هذين البيتين:

يا زائراً هذه المقهى ترى عجباً فيها من العلم والتاريخ فرسانـاً

الطبُ فيها وموسيقى وفلسـفة والذاكرين مسـاء ربي أحيانـاً
وفي أحياء منطقة الأعظمية الشعبية ، قرب ساحة عنتر يجذب أنتباه المارة هناك ، أسم يذكرنا بجزيرة الواق واق والأفلام والأساطير التي حيكت عنها ، أنه مقهى الواق واق الذي تأسس عام 1946 ويعتقد ان الأدباء والفنانين قد اتخذوا هذا الأسم والمكان لجذب الأدباء الى مكان آخرغير شارع الرشيد ومقاهيه المعروفة ، ساهم في تمويل المقهى عدد من الفنانين الكبار ، منهم جواد سليم ونزار سليم وآخرون . وأصبح ملتقى للعديد من الوجوه الثقافية منهم الشاعر بلند الحيدري والشاعر حسين مردان والقاص فؤاد التكرلي والعديد من المثقفين العراقيين .
وفي أحد جوانب شارع الرشيد يقع المقهى المشهور مقهى ( حسن عجمي ) ، هذا المقهى الذي شهد الصراعات الادبية والثقافية ، ويقول الأدباء اذا فقدت احدا" من كبار الكتاب والأدباء والمثقفين فانك تجده يجلس على اريكة قديمة من ارائك تلك المقهى ، ، ومنه انطلقت المظاهرات يتقدمهم احد روادها هو الشاعر الكبير ( محمد مهدي الجواهري ) ليلقي قصائده الوطنية المحرضة ومنها قصيدة ( أخي جعفر ) التي تجر وراءها مظاهرات كبيرة منددة بالاحتلال لتتحول الى انتفاضة شعبية عام 1948 ولتسقط على اثرذلك حكومة صالح جبر ، وتطالب بألغاء معاهدة ( صالح جبر ، بيفن ) المبرمة بين العراق وبريطانيا.....
أتعلم أم أنت لا تعلم بأن جراح الضحايا فـم

 

الجواهري يلقي قصيدته أخي جعفر عام / 1948
وفي الأربعينات والخمسينات توافد على هذا المقهى الى جانب الجواهري ، بدر شاكر السياب والبياتي وعبدالأمير الحصيري والكثير من وجوه الفكر والأدب .
ومن المقاهي المشهورة في جانب الكرخ ( مقهى البيروتي ) ويقع في الجهة الغربية لنهر دجلة المسماة بالكرخ وتحديداً عند نقطة إلتقاء محلتي الجعيفر والعطيفية ، وكان من رواده العديد من الادباء والشعراء والفنانين ومنهم المرحوم ملا عبود الكرخي . واختير اسمه نسبة الى مقهى البيروتي الذي يقع في ساحة الشهداء الذي غرق بغرق بغداد في الخمسينيات من القرن الماضي ، والمقهى ببنائه الجميل وموقعه الرائع على شاطئ دجلة بجعله اسماً ضمن اسماء مقاهي بغداد القديمة .
والقادم من جانب الكرخ عندما يعبر جسر الأحرار وينعطف يمينا" يقع هناك وعلى بعد أمتار قليلة مقهى شط العرب هذا المقهى الذي كان مناسبا" لشريحة الطلبة وهم يستعدون لأداء الأمتحانات النهائية حيث كنا نعقد الأجتماعات السرية لأتحاد الطلبة العام وأتحاد الشبيبة الديمقراطي والتي كانت محظورة في فترة نهاية الستينات والسبعينات . وعند مواصلة السير بأتجاه الباب الشرقي يقع على مقربة منه السوق المركزي ( أورزدي باك ) وتقع مقابله سينما الوطني وسينما الرشيد بأفلامهما العربية القديمة حيث يمكن للمرء مشاهدة فلمين في وقت واحد ، وعلى بعد عشرات الأمتار يقع مقهى البرازيلية وهو أحد مقاهي بغداد المشهورة والعريقة ، يقع في محلة المربعة باتجاه الباب الشرقي قرب سينما برودواي ، كان مكان لقاء لطلبة الكليات والطبقة المثقفة والأدباء والشعراء ومكانا" مناسبا" لعقد الأجتماعات الحزبية السرية ايضا" وسمي من قبل بعض الأدباء بالمقهى الأرستقراطي نظرا" لأستغنائه عن تقديم الشاي وتقديمه القهوة السادة والنسكافيه مع الحليب لزبائنه ، كانت رائحة البن المستورد تجبر رواده على الاستدارة لتناول فنجان القهوة اللذيذة المشهورة والتي يحضّرها ( القهوجي ) على البخار من مرجله الخاص منذ أربعينيات قرن العشرين .
وقد شهد هذا المقهى المرحلة الذهبية من تاريخه مع جيل الخمسينات في مجال الشعر والقصة والرواية والفن اتشكيلي ومنهم الشاعر العراقي مثل بلند الحيدري وعبدالوهاب البياتي وغائب طعمة فرمان و جواد سليم الذي كتب في مذكراته (( الآن عرفتُ اللون ، الآن عرفتُ الرسم )) وفائق حسن ، تلك الأسماء التي اصبح لها شأنها في الحياة الثقافية العراقية فيما بعد . كنا نتردد على هذا المقهى في فترة الستينات من القرن الماضي وفي المرحلة الجامعية كنا نتخذ من قسمها الخلفي مكان للدراسة عند قرب الأمتحانات النهائية للهدوء الذي يتميز به المقهى ونوعية الزبائن الذين يترددون عليها ، وكان مكانا" مناسبا" للإطلاع على آخر أخبار السياسة والأدب والثقافة ومطالعة الصحف والمجلات التي توفرها المقهى وبذلك سنحت لنا الفرصة للتعرف على العديد من الأدباء والفنانين العراقيين .

وفي فترة الخمسينات من القرن الماضي شهد المقهى الشعبي ( مقهى ياسين ) تردد الوجوه الأدبية والثقافية من شعراء وكتاب وفنانين واصبح مركزا" لمناقشة الشؤون الفنية والأدبية وأصبح مكانا" لأستحداث النظريات الفنية كما يقول الفنان التشكيلي ( شاكر حسن آل سعيد ) كما وشكل ( مقهى البلدية ) في باب المعظم ، مكانا" للقاء الشاعر بدر شاكر السياب وبلند الحيدري والحصيري وغيرهم العشرات . ومن مقاهي شارع الرشيد أيضا" والمشهورة هو ( مقهى البرلمان )، ويقع مقابل جامع الحيدرخانة والذي يذكرنا بالشاي المهيل والحامض الذي يقدمه للزبائن ، ومن اهم رواده الشاعر الجواهري وقصائده الحماسية .
ومن الشوارع الثقافية في بغداد شارع المتنبي الذي يبدأ من شارع الرشيد قرب ساحة تمثال الرصافي . ويحتوي العديد من المكتبات المتراصّة على جانبي الشارع ومنها : مكتبة النهضة ، مكتبة التربية ، مكتبة الشطري ، المكتبة الأهليّة ، مكتبة المثنى لقاسم محمد الرجب والتي تعتبر من كبرى مكتبات شارع المتنبي ، ويعود تاريخ تأسيسها الى بدايات الحرب العالمية الأولى . سمّي هذا الشارع سابقاً بـ( الأكمكخانة ) وتعني المخبز في اللغة التركية ، وفي نهاية شارع المتنبي مقابل سوق السراي يقع ( مقهى الشابندر ) ( الشاه بندر ) الذي أنشأ في عام 1917 في بداية الاحتلال البريطاني لمدينة بغداد وسمي بأسم اصحابه من اسرة الشابندر العائلة البغدادية القديمة ، وتمتاز هذه المقهى بالطراز المعماري البغدادي الاصيل ويعتبر من اهم المواقع الاثرية في بغداد . وتحيط بها ( القشلة العسكرية ) وهي سراي الحكم والمؤسسات الرسمية التي ضمتها القشلة والمدرسة الرشيدية العسكرية التي شغلت في عهد الدولة العراقية ( المحاكم المدنية) .

وزينت جدران المقهى الداخلية بالتصاوير الفوتوغرافية القديمة التي تعود الى بغداد في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين . كما وضعت في داخل المقهى وعلى مكان مرتفع السماورات والاراكيل القديمة التي تدل تراثية الأشياء القديمة التي عرفها البغداديون عبر تاريخهم الطويل .وشهد المقهى تأسيس اول اتحاد للكتاب العراقيين حيث كان يتردد عليه الصحافيين والأدباء والباحثين ووجوه المجتمع ، وأصبح مسرحاً لمناقشاتهم وحواراتهم الفعالة والأستماع لأغاني مطرب المقام العراقي رشيد القندرجي .

والى جانب المقاهي الثقافية هناك مقهى من نوع آخر يختلف في رواده عن المقاهي الأخرى وهو ( مقهى ام كلثوم ) الذي تأسس في أواخر سنة 1968 في مدخل شارع الرشيد ببغداد قرب ساحة الميدان حيث تشدوا هناك كوكب الشرق بأغانيها المؤثرة منذ الصباح وحتى المساء إضافة إلى إسماع الزبائن الأغاني الوطنية والدينية وعلى مدار اليوم . و يرتاد المقهى العديد من الشرائح الثقافية منهم الشعراء والكتاب والصحفيون والفنانون والتشكيليون ومحبي صوت كوكب الشرق من مختلف الطبقات الاجتماعية للأستماع لأرفع ما كتبه الشعراء من قصائد للغناء العربي . كما ويتردد عليها التجار والموظفون والادباء ، والعمال يلجأون اليها طلباً للراحة ويجلسون فيها ويدخنون الاراكيل والسكائر ويشربون بعض اكواب الشاي والقهوة حيث يشعر فيه المرء عند الجلوس بالبساطة والانزواء بعيداً عن هموم ومتاعب الحياة .

مقاهي اليوم ........

واليوم وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على إسقاط النظام الديكتاتوري يمكننا ان نلمس حقيقة الوضع المزري الذي يعيشه الوسط الثقافي والأدبي والإعلامي العراقي ، وهو تحت وطأة الأحتلال والطائفية وانحسار الثقافة بكل اشكالها والتصفيات الجسدية لرموزها والتي كان آخرها أغتيال المفكر كامل شياع أضافة لأعمال الخطف والاضطهاد والاعتقال والتهديد والأبتزاز الذي يعاني منه المثقفون العراقيون بشكل يؤدي إلى استحالة قيامهم بمهماتهم الثقافية والحضارية . فالوسط الثقافي والإعلامي يمر اليوم بمحنة كبيرة نتيجة تسلط القوى الدينية والطائفية المتخلفة على مجمل الثقافة العراقية . .. وغزت الأسواق الأدبية الكتب الدينية والخرافية والأساطيرالتي تروج للطائفية من بلدان الجوار ومنعت الأغاني والموسقى والرقص الشعبي وحوصرت المهرجانات الشعرية والأدبية والمسرحية وأصبح الحصول على المال هو البديل عن الأعمال الإبداعية من خلال الفساد الأداري والمالي الذي يعم الوطن .

ومع تطورات الأوضاع السياسية في العراق وأنحسار الثقافة بكل أشكالها هاجر العشرات من المثقفين والأدباء والفنانين الى بلدان الجوار ومنها سورية ، حيث وجدوا فيها مناخاً مشابهاً لمناخ بغداد الثقافي ، و بيئة مناسبة تشابه شارع المتنبي او شارع الرشيد او باب المعظم من حيث وفرة الكتب في المكتبات الدمشقية او على أرصفة الشوارع التي تعرض الكتب القديمة او في المقاهي القديمة التي تشتهر بها دمشق والتي تشبه الى حد بعيد مقاهي بغدادية الشعبية . شخصيات ادبية وثقافية عراقية عديدة سبق وترددت على مقاهي دمشق مثل مقهى المرجة ومقهى الروضة ، ففيها لمعت اسماء من خيرة شعراء العراق امثال الجواهري والرصافي وأحمد الصافي النجفي ومصطفى جمال الدين وبدر شاكر السياب وحسين مروان ومظفر النواب وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري وسعدي يوسف وغيرهم عديدون. كما وفي مقاهي دمشق القديمة لمعت اسماء خيرة السياسيين والعلماء والكتّاب والفنانين العراقيين طوال العقود الماضية ، فهناك عاش وتردد على هذه المقاهي عزيز شريف وصفاء الحافظ وجورج تلو وحسين جميل وجواد سليم ومحمد غني حكمت ، ومن الفنانين والمسرحيين المحدثين جبر علوان وجواد الأسدي وكوكب حمزة وطالب القره غلي وغيرهم . 
وفي هذه الأيام خسرت بغداد الكثير من مقاهيها الأدبية والثقافية التي ابتعد عنها روادها بسبب فقدان الأمن ، فمقاهي بغداد الثقافية أيام زمان قد فقدت بريقها واندثر غالبيتها وما بقي منها أصبح بعيدا" عن الأدب والثقافة ، فتحول مقهى البرلمان الى مطعم وأصبح مقهى عارف ورشات حرفية وشيدت المكتبة الوطنية على أنقاض مقهى البلدية ، وشيدت عمارة تجارية مكان مقهى ياسين الذي كان ملتقى للسياسيين والأدباء ، وتحول مقهى البرازيلية الى مخزن لبيع الأقمشة وتحول مقهى الشابندر الى مكان للقاء العاطلين عن العمل . وبذلك تحولت المقاهي الأدبية الشهيرة أيام زمان أمكنة وملاذا" لكبار السن والعاطلين عن العمل للأنزواء في اركانها المظلمة بغية تمضية الوقت والتدخين وشرب النركيلة ولعب القمار والدومينة والطاولة خلاصا" من جحيم الحياة المملة التي يعيشها العراقيون هذه الأيام ، وبذلك تراجع الادباء والمثقفون من ارتياد هذه المقاهي واصبحت اجهزة الاتصال الحديثة مثل ( الانترنيت ) والتلفونات المحمولة تعوض عن اللقاء المباشر فيما بينهم ، مما سبب في تقطيع الاوصال الثقافية والادبية وادت الى ظهور أناس يدعون الثقافة وهم لا يملكون سوى الثقافة الطائفية والعنصرية .


المصادر
ـ زمن العقيلي ، مقاهي العراق الثقافية تحولت الى مرتع لـلعاطلين ، العرب اليوم ، 23 / آب / 2007
ـ د. صالح هويدي ، مقاهي بغداد ... تلاحم السياسي والثقافي ، مواقع الأنترنيت
ـ عباس الخفاجي ، المقاهي الأدبية ... الهوية والمكان ، موقع الأمبراطور الألكتروني

نشرت في تاريخ
الصفحة 3 من 3

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014