• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 25 تشرين2/نوفمبر 2013 03:48

خدعة الدوزان المعدل

خدعة الدوزان المعدل

 

يعتمد النظام الموسيقي الأوروبي ما يسمى الدوزان المعدل الذي بدأ استعماله في أواخر عصر الباروك، ولم يقبل على صعيد واسع إلا في القرن التاسع عشر، ليحل محل طرق الدوزان القديمة التي كانت تأخذ في الاعتبار الأبعاد الموسيقية الطبيعية بين النغمات. ففي السابق كان السلم الموسيقي الذي يتألف من ١٢ نغمة يعاني من مشكلة هي أن قيمة النغمات في حالة الصعود تختلف قليلاً عن قيمتها عند النزول في السلم الموسيقي. لذلك اضطر صانعو الأدوات الموسيقية إلى إضافة مفاتيح جديدة عدا المفاتيح الاثني عشر لاستعمالها في حالة النزول بالنغم بدلاً من المفتاح المخصص لهذه النغمة في حالة الصعود. وهذا بالطبع يسبب صعوبات تقنية كبيرة للعازف. 

وللتغلب على هذه الصعوبة ابتكر المنظرون طريقة لتسهيل الأمر، فقسموا الاوكتاف (وهو البعد بين النغمة وجوابها) إلى ١٢ جزء متساو، أي أنهم "غشّوا" قليلاً ودوزنوا بعض النغمات بتردد يختلف قليلاً عن ترددها الطبيعي المضبوط. أي بعبارة اخرى، أن الدوزان المعدل هو دوزنة النغمات على ترددات "ناشزة" قليلاً بهدف السهولة النظرية والعملية. بهذا أصبح الصعود بالسلم الموسيقي والنزول به يقع على نفس النغمات، فانتفت الحاجة إلى المفاتيح الزائدة في الهاربيسكورد والبيانو، وأصبح الأوكتاف يحتوي على خمسة مفاتيح سود وسبعة مفاتيح بيض (في البيانو، أما في الهاربسيكورد فكانت المفاتيح تلون بالعكس).

أشهر من كتب في السلم المعدل كان يوهان سيباستيان باخ، الذي كتب مجموعتين من المقطوعات لكل نغمة من نغمات السلم المعدل في حالة السلم الكبير والسلم الصغير (١٢ مقطوعة في السلم الكبير و١٢ اخرى في السلم الصغير، بذلك يكون مجموع المقطوعات ٢٤ مقطوعة لكل مجموعة).

 ×××××××××××××

 هذا أندراش شِف يتحدث عن تسجيله مقدمات وفوغات باخ الـ ٤٨، في حوار عن هذا العمل.

 http://www.youtube.com/watch?v=TdzLWKuo0YA (Preview) 

 إلى مزيد من الجواهر الموسيقية في الاسابيع القادمة

 

ثائر صالح

 

السبت, 16 تشرين2/نوفمبر 2013 01:09

بارنبويم الاسرائيلي - الفلسطيني

مر بالأمس يوم ميلاد المايسترو دانيل بارنبويم، لذلك قررت أن أكتب عن هذا الفنان الكبير كلمة قصيرة اليوم. بارنبويم المولود في الأرجنتين ١٥ تشرين الثاني ١٩٤٢ من أبوين يهوديين من روسيا علماه العزف على البيانو والموسيقى، قدم أول حفلاته بالعزف على البيانو في بوينس آيرس وهو في السابعة من العمر. هاجرت العائلة إلى إسرائيل في ١٩٥٢، وفي ١٩٥٤ أخذه أبواه إلى زالتسبورغ بالنمسا ليدرس قيادة الأوركسترا، وهناك عزف أمام المايسترو الشهير فلهلم فورتفينغلر (قائد فرقة برلين الفيلهارمونية الشهيرة) فاعجب به وعرض عليه تقديم كونشرتو البيانو رقم ١ لبيتهوفن في برلين. كان ذلك فرصة ثمينة أمام طفل في الثانية عشرة من العمر، غير أن أباه رفض العرض لاعتبارات العلاقة المرتبكة بين اليهود والمانيا ودور فرقة برلين الفيلهارمونية خلال الفترة النازية. بعدها درس عند الموسيقية والمربية الفرنسية الكبيرة ناديا بولانجيه وطاف مدن العالم ليعزف على البيانو مع أشهر الفرق ومع أشهر قادة الاوركسترا، مثل ليوبولد ستوكوفسكي. قاد بارنبويم أشهر الفرق، وهو المدير الفني مدى الحياة لفرقة برلين الحكومة ودار اوبرا الدولة.
أكثر ما يثير التعاطف في شخصية بارنبويم هو نزعته الانسانية، فهو يتسامى على اصوله الدينية والعرقية وجنسيته فيتعبر نفسه انساناً عالمياً. فقد تعاون مع المفكر الفلسطيني الأمريكي أدور سعيد في تأسيس فرقة ديوان الغرب - الشرق وهي فرقة موسيقية تتألف من شباب اسرائيليين وعرب مقرها في اشبيلية، كما أسهم في دعم تعليم الشباب الفلسطينيين الموسيقى. وكان يكثر من تقديم الحفلات في رام الله أيام حصارها من قبل الجيش الاسرائيلي، وكثيراً ما تصادم مع جيش الاحتلال الذي منعه مراراً من دخول رام الله. كما أثار عاصفة من الانتقاد بين أوساط الاسرائيليين المتشددين بعد تقديمه موسيقى ريشارد فاغنر في اسرائيل لأول مرة، واتهموه بخيانة ضحايا الهولوكاوست (الشوا). ويحمل بارنبويم الجنسية الارجنتينية والاسرائيلية والفلسطينية والاسبانية ويقيم في برلين.
يتميز اسلوبه الموسيقي في تقديم الأعمال بما يلائم الذوق والعادات الموسيقية في العصر الحالي، وهو بذلك يسير على خطى الحركة الرومانتيكية في "ترجمة" أعمال السابقين وفق منظور العصر. وهذا نقاش طويل بين أتباع المدرسة التي تحاول الاقتراب من الأداء الأصلي باستعمال أدوات موسيقية من ذلك العصر وتقنياته وعاداته) وبين أتباع المدرسة المرنة في تقديم الموسيقى. وفي رأيي المتواضع، لا يوجد تعارض بين الاثنين فهما يكملان احدهما الآخر. إذ يمكننا التمتع بتوزيع ليوبولد ستوكوفسكي الاوركسترالي لأعمال باخ التي كتبها للأورغن، بنفس المتعة التي يوفرها تقديمها من قبل أشد الموسيقيين حماساً للالتزام بروح العصر الذي كتبت فيه هذه الأعمال.

×××××××××××××

في ١٩٦٩ أنتج المخرج كريستوفر نوپن فيلم السلمون عن خماسية شوبرت الشهيرة بهذا الاسم، وقد عزفها الأصدقاء الخمسة دانيل بارنبويم على البيانو واسحق برلمان على الكمان وفنحاس سوكرمان على الفيولا وجاكلين دو بريه (زوجة بارنبويم) على التشلو وزوبين مهتا على الدبل باص.
http://www.youtube.com/watch?v=7NQ48hMuxP4

Schubert Quintet A major The Trout Barenboim Perlman Zukerman du Pré Mehta

HaydnHouse04Mar1887

 

إلى اللقاء السبت القادم

السبت, 02 تشرين2/نوفمبر 2013 08:37

آينشتاين والموسيقى

 يعرف عن العالم الفذ البرت آينشتاين 1879-1955 ولعه بالموسيقى وهوايته العزف على الكمان، وهناك الكثير من القصص والنوادر التي تتحدث عن هذا الجانب في حياته، وفيها قدر كبير من التناقض حول مستوى أدائه على الكمان. بدأ آينشتاين تعلم الكمان وهو في السادسة بتأثير امه وكانت عازفة بيانو جيدة، لكنه لم يستمتع كطفل بالعزف على الكمان إلا في سن الثالثة عشرة، عندما "اكتشف" سوناتات الكمان لموتسارت فأحبها، وأخذ يتعلم العزف بشكل أفضل. مع ذلك لم يكن يتمرن بانتظام، وهو شرط أساسي لتعلم العزف بشكل جيد. بعد ذلك رافقه كمانه على الدوام، وكان يشارك في عزف موسيقى الصالة مع الأصدقاء غالباً، لكنه عزف كذلك في مناسبات عامة، منها حفل تكريمه في طوكيو باليابان سنة 1922 عندما قدم سوناتا بيتهوفن المسماة كرويتسر، وهي ليست من الأعمال التي يعزفها الهواة.

من النوادر التي تروى أنه عزف سوناتا لموتسارت ذات مرة مع عازف البيانو النمساوي الشهير آرتور شنابل 1881-1952، عندما أخطأ آينشتاين مرة في الدخول في الوقت المطلوب بالعزف، قال له شنابل: "ألفريد، أنت ضعيف بالحساب!". من جانب آخر، قالت عنه عازفة الكمان ليلي بتشيكوف بعدما عزفا سوية في بيتها في هوليوود سنة 1930 أعمال باخ وموتسارت وشومان أن أدائه كان نظيفاً ولم تصعب عليه حتى أكثر فوغات باخ دقة.

كتب عنه ناقد موسيقي بعد سماعه عزف آينشتاين في برلين، أنه "يعزف بشكل ممتاز. مع ذلك لا أفهم شهرته الواسعة في العالم. فهناك الكثير من عازفي الكمان الذين يعزفون مثله دون أن يشتهروا" لربما كان هذا الناقد هو الوحيد في برلين، الذي لم يسمع بالنظرية النسبية يومها.

××××××××××××

اليكم سوناتا الكمان في مي الصغير، كوخل 304 التي كانت مفضلة لدى آينشتاين، مع شرح تفصيلي عنها في محاضرة يقدمها بروس آدولف

الرابط

 

إلى اللقاء السبت المقبل

 

ثائر صالح

  

السبت, 26 تشرين1/أكتوير 2013 10:24

بافان فوريه الخالد

 

 

بافان فوريه الخالد

 

لا يستطيع دارس تأريخ الموسيقى الأوروبية إلا التوقف عند اسم الفرنسي غابرييل فوريه 1845-1924، ربما بسبب مقطوعة واحدة قصيرة أضحت من التراث الموسيقي الخالد، رغم تأليفه الكثير من الأعمال الجميلة الأخرى، وتأثر أجيال الموسيقيين الفرنسيين التالية به. هذه المقطوعة هي رقصة بافان في سلم فا دييز الصغير لا يتجاوز زمنها 6-7 دقائق، ألفها في ثمانينات القرن التاسع عشر بعدة صيغ. فالصيغة الأساسية كانت للبيانو وكورس الغناء، ثم وزعها لأوركسترا صغيرة، وللأوركسترا والكورس.

أصبح فوريه مديراً لكونسرفاتوار باريس (المعهد العالي للموسيقى)، بعد أن كان يكسب قوته من تدريس الموسيقى والعزف على الأورغن في كنيسة مادلين الفخمة القريبة من ساحة الكونكورد في باريس. لكن رئاسة الكونسرفاتوار جائت على حساب عمله كمؤلف موسيقي بسبب ضيق الوقت، فكان يترك باريس في العطل الصيفية إلى الأرياف ويتفرغ للتأليف.

والبافان هو رقصة بطيئة وقورة بإيقاع ثنائي اشتهرت في بداية عصر الباروك في إيطاليا، لربما جاء اسمها من مدينة بادوا، أو من كلمة ايطالية – اسبانيا تعني الطاووس في إشارة إلى الحركات البطيئة للرقص الشبيهة بمشية الطاووس. وكان للموسيقي الانكليزي جون دولاند 1536- 1626 مقطوعة بافان شهيرة جداً، عنوانها بافان الدمعات السبع للعود، غناها مغني البوب الانكليزي المعاصر ستنغ قبل بضعة سنوات على العود مع عازف العود ادوين كارامازوف.

أما بافان فوريه فقد دخل صناعة السينما والاعلان والموسيقى الحديثة المعاصرة. عزفه أو غناه أشهر الموسيقيين والمغنين مثل جوشوا بل على الكمان والسوبرانو رينيه فلمنغ والممثلة المغنية باربرا سترايساند (1975) وغيرهم.

 

×××××××××××

 

أترككم مع صفاء ونقاء بافان فوريه

http://www.youtube.com/watch?v=9QtT48Ex4ao

 

السبت, 19 تشرين1/أكتوير 2013 02:55

الخريف عند هايدن

ألف الموسيقار النمساوي فرانس يوزف هايدن اوراتوريو الفصول بعد نجاح اوراتوريو الخليقة في 1798، وقدم العرض الأول في فيينا سنة 1801. اختمرت فكرة تأليف اوراتوريو في ذهن هايدن عندما زار لندن (لمرتين في تسعينات القرن الثامن عشر)، حيث استمع بتأثر كبير إلى اوراتوريات الموسيقار هندل، فقرر أن يكتب هو الآخر شيئاً مثلها. والاوراتوريو في الأصل هو الشكل الموسيقي المقابل للأوبرا، لكن بمواضيع دينية على الأغلب (اوراتوريو الفصول يتحدث عن موضوع لا ديني، عن الطبيعة ودوران الفصول).

لكن كيف تخيل هايدن الفصول؟ يقدم العمل ثلاثة مغنين منفردين هم سيمون وهو المالك، هانا ابنته، وحبيبها الفلاح الشاب لوقا. ترافق المغنين المنفردين اوركسترا كبيرة نسبياً (حسبما كان معتاداً في أواخر العصر الكلاسيكي)، وكورس. نحن إذن أمام عمل موسيقي يتعامل مع الأرض والزراعة بالارتباط مع دورة الفصول.
وما دمنا في فصل الخريف، لنر كيف قدم لنا هايدن هذا الفصل. يرتبط الخريف بجني المحصول، الكروم والفواكه، وبخزنها، ويرتبط كذلك بالصيد. الخريف موسم نشاط وعمل، واحتفال بثمرة هذا العمل الدؤوب الذي ابتدأ في الربيع وتواصل في الصيف واكتمل في الخريف. يبدأ هذا الفصل مثل باقي الفصول بمقدمة موسيقية، ثم تتوالى الأغاني المنفردة والثنائية والثلاثية والكورس في الوقت الذي تتابع الاوركسترا الأحداث بما يناسبها. فتشير أصوات النفير (الهورن الفرنسي) إلى الصيد كما هو معتاد، أما الكرنفال المعتاد الذي يقام وقت الانتهاء من قطف العنب فتشير إليه الألحان الشعبية التي استقاها هايدن من أجواء هذه الاحتفالات التي لا تزال تقام سنوياً. هايدن الذي قارب العقد الثامن من عمره وقت تأليف هذا العمل، كان متمكناً من الوسائل الموسيقية التي استعملها لتصوير هذه المناظر. ولا بد من الإشارة إلى الدور الطليعي الذي قام به في استعمال الألحان الشعبية في موسيقاه، ولعله من أوائل الموسيقيين الذين تعاملوا مع الفولكلور بطريقة إيجابية، ومهدوا الطريق أمام أجيال الموسيقيين الذين جمعوا ووثقوا الموسيقى الشعبية مثل الموسيقار المجري بيلا بارتوك الذي جمع التراث الموسيقي ليس في بلده فحسب، بل في رومانيا وبلغاريا وتركيا وحتى الجزائر.

 

هايدن: الخريف من اوراتوريو الفصول: مقدمة واغنية العمل
http://www.youtube.com/watch?v=enu45l5FT70

هايدن: الخريف من اوراتوريو الفصول: ثنائي العشق
http://www.youtube.com/watch?v=lS-vGCJ6l6E

هايدن: الخريف من اوراتوريو الفصول: الكلب يطارد رائحة العطر
http://www.youtube.com/watch?v=OENb-eTR8FQ

هايدن: الخريف من اوراتوريو الفصول: القنص والاحتفاء بالخمر
http://www.youtube.com/watch?v=RyczpE0ShHY

ولمن يود الاستماع إلى تسجيل كامل لاوراتوريو الفصول، اليه هذا التسجيل النادر مع المايسترو النمساوي الكبير هربرت فون كارايان وهو يقود فرقة برلين الفلهارمونية
http://www.youtube.com/watch?v=7R__MYDtq6U

إلى اللقاء السبت المقبل

الثلاثاء, 08 تشرين1/أكتوير 2013 22:21

الموسيقيات "العصمليات"

تناولت الاسبوع الماضي الدور الذي لعبه الموسيقيون الأرمن في اسطنبول، أما اليوم فسأتحدث عن دور المرأة الهام في الموسيقى التركية العثمانية. كانت "الحريم" في القصر السلطاني تعيش في عزلة شبه تامة عن العالم الخارجي على الدوام. وتألف حريم السلطان على الأغلب من أجمل سبايا الحروب التي شنها العثمانيون، أو من الرقيق الذي يقتنى هنا وهناك (من غير المسلمات بالطبع). في مقابل هذه الحالة العبودية التي لا تقرها الشرائع العصرية الحديثة، كان الحريم مدرسة راقية المستوى لتأهيل الفتيات الصغيرات للترفيه عن السلطان. فكنّ يتعلمن الفنون والآداب والعلوم على يد أفضل الأساتذة في الشعر وعزف الموسيقى والغناء والخط واللغات المختلفة ويدرسن حتى القرآن الكريم.
من هذه المدرسة خرجت موسيقيات ومؤلفات كبيرات مثل رفتار خلفة (توفيت حوالي 1700 ميلادية) وهي موسيقية دون مؤلفاتها الأمير المولدافي كانتمير في مجموعته الشهيرة. وكلمة خلفة تعني الاستاذ، التي تعادل الاسطة، وهو لقب صاحب الصنعة الذي أجادها وأصبح استاذاً فيها، والكلمتان مستعملتان في العراق كما نعلم.
المؤلفة الثانية كان اسمها ديل-حياة (ولدت في القرن الثامن عشر، لربما في 1710، وتوفيت ربما في 1780)، التي تعلم منها الموسيقى المصلح وراعي الفنون الكبير السلطان سليم الثالث (حكم بين 1789-1807 ثم عزله الانكشارية وقتلوه في 1808). ولديها نحو 100 عمل موسيقي مسموع حتى اليوم.
لكن أشهر المؤلفات العثمانيات على الاطلاق هي ليلى هانم المعروفة بليلى ساز التي ولدت سنة 1850. وقصتها مشوقة، لأن أبوها حكيم اسماعيل باشا كان في الأصل مملوكاً يونانياً بيع في إزمير وتعلم صنعة الطب والجراحة من مالكه، فبرع وأصبح لاحقاً كبير جراحي السلطان وانتقل بذلك للعيش في قصر السلطان. ادخلت ليلى مدرسة الحريم بعمر أربع سنوات رغم أنها لم تكن مملوكة أو جارية، وتعلمت هناك اللغات الفرنسية والفارسية والعربية واليونانية بالإضافة إلى التركية العثمانية، والفنون الموسيقية التركية والأوربية كذلك. قرضت الشعر وهي يافعة وكانت تؤلف الموسيقى لأشعارها. ألفت كثير من الأعمال المسموعة حتى اليوم منها مارش "وجدان معظم حريت" (نشيد الظفر أو الانتصار) تأييداً لثورة تركيا الفتاة في 1908. توفيت ليلى هانم سنة 1936.

سماعي أوشار من تأليف ديل-حياة

مقطوعة قصيرة من تأليف الأميرة رفيعة هانم (1842-1880) بنت السلطان عبد المجيد الأول

نشيد الانتصار من تأليف ليلى هانم، مقام حجازكار:

بستة في مقام حجازكار شعر ولحن ليلى هانم

إلى اللقاء السبت القادم مع المزيد من نوادر الموسيقى

السبت, 28 أيلول/سبتمبر 2013 17:11

الموسيقيون الأرمن في اسطنبول

الموسيقى العثمانية هي نتاج ثقافي بارز لمجموع شعوب البلدان التي احتلها العثمانيون، فهي نتاج الأتراك أنفسهم، واليونانيين والأرمن وشعوب شرقي أوروبا علاوة على شعوب الشرق مثل العرب وبالخصوص الأكراد الذين ما يزالون عاملاً مهما في الموسيقى التركية اليوم. وكان بين المؤلفين الموسيقيين والمنظرين العثمانيين عدد كبير من اليونانيين والأرمن. وبدأت الموسيقى العثمانية من آخر ما توصل إليه المنظرون والموسيقيون في فترة الازدهار الفكري العربي-الاسلامي، مثل أبحاث الفارابي في القرن العاشر ودراسات صفي الدين الأرموي في القرن الثالث عشر.
ولم يتم تدوين الموسيقى العثمانية إلا في وقت متأخر، رغم المحاولات العديدة السابقة وأبرزها ما قام به الأمير المولدافي دمتري كانتمير (1673-1723 ويسمى بالتركية كانتاميرأوغلو) الذي جمع نحو 350 عمل موسيقي منها 36 قطعة من تأليفه، وكذلك القس البروتستانتي البولوني فويتشيخ بوبوفسكي (1610-1675) الذي أسر ثم أسلم فيما بعد واتخذ اسم علي أُفقي بيك، وكان أول من استعمل نظام التدوين الموسيقي الأوروبي، وبرع في التأليف كذلك. ويعتبر الأرمني هامبرسوم ليمونجيان 1768-1839 أهم من جمع الموسيقى العثمانية في القرن الثامن عشر ونوّطها باستعمال الحروف في ستة مجلدات أهداها الى السلطان سليم الثالث (حكم 1789-1807) الذي يعتبر حكمه العصر الذهبي للموسيقى العثمانية. وكان السلطان موسيقياَ مبدعاً ومؤلفاً بارع.
من أهم المؤلفين الأرمن الذين يحتلون الصفوف الأمامية في التراث الموسيقي العثماني دون منازع طاطيوس أفندي (كماني طاتيوس أكسرجيان) 1858-1913، ونطرب اليوم للكثير من أعماله البارعة مثل سماعي حجازكار كرد أو سماعي الحسيني. من أبرع الموسيقيين الأرمن الآخرين سركيس أفندي (1885-1944) الذي اشتهر بتأليف بستة لن أشتكي وهي من التراث العثماني المسموع. ولا تزال لونغا حجازكار كرد لصبوح سيمونيان (1828-1894) المعروفي بالكماني الأعمى تثير الإعجاب.

كماني سركيس أفندي: لن أشتكي، مقام نهاوند. ولد في اسطنبول سنة 1885، وهاجر إلى باريس سنة 1930، وتوفي فيها سنة 1944.
http://www.youtube.com/watch?v=yeuf-Sh9gS8
لونكا حجازكار كرد لكماني صبوح سيمونيان (1828-1894):
http://www.youtube.com/watch?v=McrYU4Cllp0
من أشهر أعمال طاتيوس أفندي سماعي حجازكار كرد:
http://www.youtube.com/watch?v=xBGoEkPkiQk
سماعي حسيني للناي (قدسي أرغونر) والطنبور
http://www.youtube.com/watch?v=z7mC8mSw-t0

إلى اللقاء السبت المقبل

الأربعاء, 25 أيلول/سبتمبر 2013 01:09

طقوس الربيع التي أثارت فضيحة

مرت هذا العام الذكرى المئوية لتدشين باليه طقوس الربيع للروسي إيغور سترافنسكي (1882-1971)، حيث قدمت في باريس في 29 أيار 1913 وقد صممها فاسلاف نيجنسكي، وقدمتها فرقة الباليه الروسية بقيادة سرجي دياغيليف. موضوع الباليه يتناول طقوس روسية وثنية قديمة في التضحية البشرية لاستقدام الربيع، وضع لها سترافنسكي الشاب آنئذ موسيقى لم تعهدها اذن المستمع من قبل، وزاد نيجنسكي "الطين بلة" بوضع كوريوغرافيا بحركات خشنة ورقص عنيف لم ير مثله الجمهور الباريسي الذي اعتاد مشاهدة الباليه الروسية الكلاسيكية الأنيقة الباهرة من قبيل باليهات تشايكوفسكي. النتيجة هي ارتفاع أصوات الاستهجان داخل القاعة منذ الدقائق الأولى بفعل استعمال أداة الباسون في طبقة صوتية عالية لم يستعملها قبل سترافنسكي أحد بهذا الشكل، وعدم وجود ألحان موسيقية يمكن تمييزها بل كوردات موسيقية متنافرة مرتفعة الصوت بنبرات نابضة غير منتظمة. وتطور الأمر إلى تدخل الشرطة الفرنسية خلال استراحة العرض الأول لفض الاشتباك بين مؤيدي سترافنسكي ومعارضيه، الاشتباك الذي وصل حد تبادل اللكمات كما يقال. لربما ضخمت الصحافة من حجم الاضطراب في ذلك المساء، لكن العمل بشقيه – الموسيقى والرقص – كان غير اعتيادي في كل مقاييس ذلك العصر. تقول الغارديان عن هذا العمل بأنه "عمل ثوري في زمان ثوري"، فقد ولدت باليه "طقوس الربيع" في زمن اختمار علمي وفني وفكري هائل، سبق الحرب العالمية الأولى والثورة الروسية. بالفعل، فقد غيرت طقوس الربيع الموسيقى إلى الأبد.

لكن ما المثير في هذه الباليه إلى هذا الحد؟ كانت موسيقى سترافنسكي التي وضعها لهذه الباليه طليعية لدرجة صعب معها تقبلها من قبل الجمهور وقسم من النقاد، فقد تميزت مثلاً بالتنوع الإيقاعي الغريب وتوظيف التنافر لزيادة التوتر واستعمال مركزين نغميين في آن واحد مما يخلق شعوراً بالقلق والحيرة وعدم الاستقرار، وهي من الوسائل التقنية التي استعملت في الموسيقى لاحقاً في القرن العشرين، وكان سترافنسكي بدون شك أول من لجأ إلى تجريب تقنيات موسيقية من هذا الوزن، وتبعه الموسيقيون الآخرون.

الجانب الآخر المثير كان تصميم الرقصات واستعمال أزياء وديكورات غير معتادة، فقد كان نيجنسكي ينقل الموسيقى الخشنة القاسية بدائية الطابع إلى المسرح ويقدمها بحركات راقصة موازية ومماثلة في الخشونة والتنافر والابتعاد عن كل ما هو معتاد في فن الباليه الذي نشأ في فرنسا برعاية الملك لويس الرابع عشر قبل ذلك الحين بقرنين ونيف.

 

إلى اللقاء الاسبوع المقبل

 

 

السبت, 10 آب/أغسطس 2013 04:37

التنويعات في عصر الباروك

 التنويعات شكل موسيقي ظهر في القرن السادس عشر، لكنه في جذوره يعود إلى زمن أبكر. أساسه الارتجال على لحن أو ثيمة (جملة موسيقية بسيطة أو معقدة) وبناء العمل على هذا اللحن عبر تكراره مع تحوير اللحن نفسه أو التآلف الموسيقي أي الهارموني أو الإيقاع أو الطبقة الصوتية أو التوزيع الموسيقي. ويصنف ضمن هذا الشكل شكلا الباساكاليا والشاكون وهما رقصتان بطيئتان بإيقاع ثلاثي في الأصل، تستعملان فقرة لحنية قصيرة تؤدى في طبقة القرار في حالة الباساكاليا، وعلى الأغلب في طبقة القرار عند الشاكون.

قد يكون اللحن المستعمل من تأليف المؤلف نفسه، أو مستعار من عمل لمؤلف آخر. من أشهر أعمال الباساكاليا ما كتبه باخ في دو الصغير (عمل رقم 582) وهندل من متتابعته رقم 7 في صول الصغير، وجان باتيست لولي في أوبرا آرميده، ومن الشاكونا اشتهرت شاكونا توماسو فيتالي في صول الصغير، وهنري برسل (رقم 730).
أما أشهر التنويعات فهي تلك التي ألفها باخ بعنوان تنويعات غولدبرغ (رقم 988 ألفها في 1741) وتتألف من ثلاثين تنويعة على لحن واحد. وألف الكثير من المؤلفين تنويعات على لحن الورقة الشهير (فوليا)، منهم فيفالدي وكوريللي وجمينياني وكذلك ابن يوهان سيباستيان باخ، الموسيقار المبدع كارل فيليب إيمانويل باخ.

تسجيل جديد لعمل باخ الرائع باساكاليا وفوغا في دو الصغير (تصنيف أعمال باخ 582) باستعمال بيانو مع دواسات (بيانو ذو "طابقين")
http://www.youtube.com/watch?v=DF864Fev0ws
باساكاليا اللجوء إلى الملذات، لجان باتيست لولي من أوبرا آرميده:
http://www.youtube.com/watch?v=FpCbG1aqSm8
شاكونا يوهانس هيرونيموس كابسبرغر (1580-1651)
http://www.youtube.com/watch?v=4HjH16ZDwgA
شاكونا توماسو فيتالي الشهيرة، يؤديها عازف الكمان الفيرتوز زينو فرانشسكاتي:
http://www.youtube.com/watch?v=RCVqZK-6M7M
شاكونا هنري برسل الشهيرة في صول الصغير
http://www.youtube.com/watch?v=7mug0teM940
كارل فيليب إيمانويل باخ، 12 تنويع على لحن الورقة:
http://www.youtube.com/watch?v=t8mFqL0-Ix4
إلى اللقاء السبت المقبل

 

السبت, 25 أيار 2013 19:07

في رحاب الموسيقى

شرعت في كانون الأول 1910 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

والموسيقى التي أتناولها ليست أوروبية بالضرورة، فقد تناولت بالتحليل كذلك بعض الظواهر الموسيقية الشرقية (التركية والعربية) وموسيقى بعض الشعوب، كما تطرقت بإيجاز إلى العلاقة بين الموسيقى العربية والأوروبية. وتحدثت عن بعض الفنانين المعاصرين المتميزين من الأوروبيين والمشرقيين، وأوليت عناية خاصة بموضوع الموسيقى والمرأة، فهناك العشرات والمئات من المؤلفات الموسيقيات اللائي اهملن عمداً لا لضعف أعمالهن، بل لكونهن نسوة لا غير. مؤلفات عظيمات منسيات فاقت أعمالهن جودة أعمال الكثير من الموسيقيين المشهورين من الرجال، وبعشرات المرات. فمن الاجحاف إهمال موسيقية مثل فاني مندلسون أو كلارا شومان.

المادة الأساسية في الموسيقى هي الصوت: وهو ظاهرة فيزيائية تحدث عند اهتزاز الأجسام فيصدر من اهتزازها أمواج لها تردد معين تستطيع الاذن البشرية تمييزه وسماعه. ويتراوح تردد الأصوات التي يسمعها الانسان بين 20 و20000 هرتس (ذبذبة في الثانية). والموسيقى ظاهرة ذات بعدين، بعدها الأول تردد الصوت (عالي أو واطئ)، وبعدها الثاني هو الزمن، أو المدة التي يستغرقها هذا التردد المعين. بالتالي الموسيقى هي سلسلة من أصوات تختلف في التردد تصدر في فترة زمنية محددة.
والموسيقى مثل اللغة التي تعتمد هي الاخرى على الأصوات. لهذا لا نعجب لو نعلم أن المراكز المسؤولة عن التعامل مع الظواهر اللغوية في الدماغ البشري هي نفس المناطق المسؤولة عن الحس الموسيقي والتمتع بها. ولعل هذه الحقيقة تفسر لنا مدى الترابط العجيب بين الشعر والموسيقى.

في التذوق الموسيقي هناك بعض الاساسيات الموسيقية التي لا غنى عن معرفتها. فالمعرفة البسيطة عن السلم الموسيقي والمراكز النغمية مثلاً أمر ضروري. وهذه المراكز هي النغمة الأساس، النغمتان التامتان، الرابعة والخامسة، وتسمى الخامسة كذلك بالمسيطرة، لتأثيرها القوي وسيطرتها النغمية. تلي هذه في الأهمية النغمتان الثالثتان، الصغيرة والكبيرة، وقد برزت أهميتهما في مرحلة لاحقة من تطور الموسيقى. وتبرز كذلك النغمة السابعة في السلم (وهي النغمة المؤدية إلى الجواب). وعندما نؤدي مثلاً النغمة الأساس والثالثة (الصغيرة أو الكبيرة)، والخامسة، في وقت واحد، ستحصل على ما يسمى بلغة أهل الموسيقى الترياد Triad، وهو حجر الزاوية في البناء الهارموني.

كل أنواع الموسيقى في العالم تخضع لهذه الاسس النظرية الموسيقية. فحتى المقام بأقسامه (التحرير والميانة والتسليم) يخضع لهذه الاسس، فالمقام يبدأ بالنغمة الأساس، ومنها ينتقل المركز النغمي على سبيل المثال إلى النغمة الخامسة (المسيطرة)، ويجري التسليم بالعودة إلى النغمة الأساس أو الصعود إلى طبقة الجواب. ولا بأس من التعرف على مبادئ التآلف الموسيقي (الهارموني) والانسجام أو التنافر بين الأصوات، والاطلاع على الأشكال الموسيقية، وكذلك على الأدوات الموسيقية. لكني لم أتطرق في كتاباتي إلى نظرية الموسيقى إلا عرضاً، إذ لم يكن هذا هدفي، فهناك بعض الكتب المتخصصة التي تقدم النظرية بشكل علمي وصحيح.