• Default
  • Title
  • Date
الخميس, 24 تشرين1/أكتوير 2013 18:38

أيام لاتُنسى - نفق نگرة السلمان

أيام لاتُنسى

نفق نگرة السلمان

همام عبد الغني

القسم الأول

وصلنا سجن نگرة السلمان , في أواخر حزيران 1966 , بعد ان امضينا أربعة ايامٍ في موقف السراي , وبتّنا ليلة في مركز شرطة السماوة , في طريقنا الى سجن نگرة السلمان . وفي السجن وجدت المناضلين الباسلين , سامي احمد وعبد الوهاب طاهر , قد سبقاني الى هناك , فقد عادا محتجزين الى السجن خلال فترة وجودي في زنزانة الأنفرادي في الأمن العامة . بعد يومين أو ثلاثة بُلغتُ بظمّي الى لجنة تنظيم السجن , كما أناطوا بي مسؤوليةاستلام الأرزاق من متعهد السجن , يساعدني في هذه المهمة عدد من الزملاء القصابين والخبازين وخفراء المطبخ , وكانت هذه العملية تستغرق اكثر من ثلاثة ساعات يومياً , فأرزاق قرابة 450 سجيناً , كمية كبيرة وتحتاج لتدقيق وتفتيش الكمية والنوعية , إلا ان زملاءنا في السجن قد رتبوها بشكل جيد وبالأتفاق مع ادارة السجن , وتجري تصفية حساباتها شهرياً . وكنت حين اعود الى الردهة ( رقم 4 ) التي كنت احد نزلائها , اجد ان صحن شوربة العدس ورغيف الخبز , وهو الفطور اليومي الدائم للسجناء , قد بَرَدَ وصار كتلة واحدة , أتناوله مع قدح من الشاي . بيد ان " زملاء الأرزاق " , قالوا لي بعد بضعة أيام " يا زميل فلان , ان عملنا في استلام الأرزاق وتهيئتها للطبخ , يضطرنا ان نتناول فطورنا هنا , لأن العدس بعد ان يبرد لا يمكن تناوله , ولهذا فإننا نجمع شهرياً نصف دينار من كلٍ منا , ونعطيها للمتعهد , فيجلب لنا بعض المعلبات , كالجبنة والقشطة وبعض المربيات , لفطورنا , فهل تشترك معنا ؟ وبلا تردد وافقت واعطيتهم نصف دينار " . بعد ثلاثة او اربعة ايام , لا حظت ان بعض السجناء الذين يمرون ويلاحظون اننا نتناول فطوراً مختلفاً , ينظرون الي باستغراب وتساؤل , عندها قررت ان اعود الى الفطور العام , وأبلغت الزملاء , بأنني لن أكون شريكاً لهم بعد اليوم .

كنت قد حدثت الزميلين سامي وعبد الوهاب , عن الوضع في الخارج وتوجهات الحزب وقرارات الأجتماع الموسع . بعد قرابة اسبوعين على وصولي الى السجن , ايقظني المرحوم سامي احمد فجر احد الأيام , ليبلغني , أن اذاعة بغداد تذيع بياناً انقلابياً , وأنصتنا للبيان , ثم أبلغته , ان هذه ليست لهجتنا ولا لغتنا , انها عملية انقلابية لجهة أخرى . بعد ساعات استمعنا من الأذاعات , أن محاولة انقلابية حصلت انطلاقاً من معسكر " ابو غريب " وان الذي كان يتلو بيان الأنقلاب هو العقيد هادي خماس وهو من القوى القومية , كما اعلن فشل هذه المحاولة ....وتتابعت الأيام , وبدءنا نسمع عن تحركات بعثية لجماعة احمد حسن البكر – صدام حسين , وان تظاهرة لهم انطلقت من الجعيفر يقودها البكر شخصياً .

وفي أول بريد حزبي وصل الى السجن , بعد وصولي , كانت هناك تحية وتثمين لموقفي في التحقيق , من المكتب السياسي للحزب , وكان ذلك أرفع وسام اعتز به حتى آخر يوم من حياتي .

وثيقتا التقويم ( التقييم )

لقد سبق حصول الأنقسام التنظيمي , في ايلول 1967 , اختلاف وجهات النظر بشأن سياسة الحزب قبل انقلاب 8 شباط 1963 , وما تبعها من سياسة يمينية بعد سقوط البعث الفاشي وحرسه القومي المجرم , وقد تبلور ذلك بوضوح تام في اجتماع وتقرير آب 1964 , للجنة المركزية , الذي كان موضع ادانة ورفض من كوادر وقواعد الحزب وجماهير الشعب الملتفة حوله , مما سبب انقساماً فكرياً واضحاً في كافة منظمات الحزب , بما فيها قيادة الحزب , حيث برز هذا الأنقسام واضحاً في الأجتماع الموسع للجنة المركزية في تشرين الأول 1965 , والذي تحدثت عنه بالتفصيل في حلقة سابقة من ( أيام لا تني ) .

لقد اتخذت قيادة الحزب قراراً بإجراء دراسة وتقويم لسياسة الحزب السابقة , وقد وُضِعَ تقويمان بهذا الشأن , الأول يدافع عن النهج السابق , بما فيه نهج خط آب 1964 اليميني , والثاني يدين تلك السياسة ويحمل قيادة الحزب مسؤولية ما حصل للبلد والحزب على وجه الخصوص من خسائر كبيرة ....كما قررت القيادة طرح التقويمين للمناقشة ضمن مستويات تنظيمية معينة . وقد وصل التقويمان الى السجن , وبدأت دراستهما داخل السجن , مما عمق الأنقسام الفكري بين المناضلين . والحقيقة , كان التأييد شبه إجماعي للتقويم الثاني . ان طرح التقويمين للمناقشة , في اجواء الحياة الحزبية غير الطبيعية التي كانت سائدة , وفي ضوء جرائم انقلاب شباط , التي  لم تجف دماؤها بعد , قد عمق الفجوة بين غالبية اللجنة المركزية التي كانت تتبنى التقويم الأول وبين كوادر وقواعد الحزب التي تبنت التقويم الثاني , وهيأ الأرضية المناسبة للعمل الأنقسامي الذي قادته لجنة منطقة بغداد للحزب . لقد كانت عملية الأنقسام تتنافى وقواعد الأنضباط الحزبي , وقد رافقها سلوك انقلابي لم نعتد عليه في الحياة الحزبية , كاحتجاز بعض الرفاق من اعضاء ل . م . وتعرض احدهم للضرب كما قيل في حينها , بيد ان الحماس للتغيير , وتراكم الأخطاء التي ارتكبها عدد من هؤلاء , وبقاؤهم في مراكز المسؤولية رغم ذلك , والتفافهم على قرارات الأجتماع الموسع , جعلنا نفاضل بين الأفكار التي نؤمن بها والتي نعتقد انها من صميم فكر الحزب ومبادئه , وبين الأنضباط التنظيمي الذي يفرض علينا , رفض وادانة الأنقسام ...وبعد اجتماعات ومداولات ومناقشات واسعة , قررت لجنة تنظيم السجن , تأجيل اتخاذ قرار بهذا الشأن , وبعثت برسالة الى المكتب السياسي للحزب , تطلب فيها طرد العناصر اليمينية من ل . م . وادانتها , وتفعيل قرارات اجتماع تشرين الموسع , وتبني وجهات نظر قيادة منطقة بغداد ,لإعادة وحدة الحزب , وقد حددت لجنة التنظيم فترة شهر واحد انتظاراً لرد المكتب السياسي , وبالتأكيد , فإن اسلوباً كهذا لم يكن مقبولاً وفق قواعد العمل التنظيمي . ومما اعتبر مخالفة تنظيمية أخرى , هو ارسال نسخة من الرسالة الى المناضل عزيز الحاج ( رمزي ) الذي كان على رأس عملية الأنقسام  ...وقبل ان تنتهي فترة الشهر , علمنا ان  المكتب السياسي , رفض موقفنا وادانه , وهذا كان متوقعاً , وهكذا , قررت لجنة تنظيم السجن , تأييد العملية الأنقسامية , والأنحياز للقيادة المركزية . وقد اعلن نزلاء السجن ال 450 تأييدهم للقرار وابتهاجهم به , باستثناء :

1-المناضل كاظم فرهود, الذي كان فكرياً وسياسياً ضد العناصر والسياسة اليمينة ورموزها , إلا انه يرفض الأنشقاق التنظيمي , وهكذا ترك لجنة تنظيم السجن وكان مسؤولها , ووقف محايداً , فلم يهاجم الأنقسام أو ينحاز له , ولم يدافع عن ل . م . او سياستها .

2- مجموعة من مناضلي الفرات الأوسط , وعددهم سبعة أو ثمانية مناضلين , اعتقلوا إثر الضربة الموجعة لمنظمة الفرات الأوسط التي سببها انهيار المدعو حمد الله مرتضى , عضو لجنة منطقة الفرات الأوسط , والذي تسبب في اعتقالي والمناضل أ . أ . عضو ل . م . كما ذكرت ذلك في الحلقة السابقة .

3- أما المرحوم المناضل عبد الوهاب طاهر , والذي كان مسؤولاً للسجن ولجنة التنظيم , طوال فترة سجنه واحتجازه التي زادت عن سبع سنوات, فقد أيد العملية , إلا انه لم يكن متحمساً كالآخرين , وما ان أُطلقَ سراحه , بعد 17 تموز 1968 , حتى أعلن انحيازه الى ل . م . , تاركاً صفوف القيادة المركزية 

الأربعاء, 25 أيلول/سبتمبر 2013 01:01

أيام لا تُنسى

تميزت الفترة التي اعقبت الأجتماع الموسع , في تشرين الأول 1965 , بالنشاط والحماس والأيجابية , وقد انعكس ذلك في الشارع , حيث استقبلت الجماهير نتائج الأجتماع بالتأييد والتفاعل والأيجابية , وظهر ذلك جلياً , في حملة التبرعات التي اطلقها الحزب , تنفيذاً لأحد قرارات الأجتماع . فقد اعطت الجماهير بسخاء لم يسبق له مثيل , فقد نقل لي احد الرفاق بأن احدى عوائلنا الحزبية قدمت حلي زواج احدى رفيقاتنا دعماً للحملة , وان احد الرفاق باع قطعة ارض له ليقدم ثمنها تبرعاً للحزب , والأمثلة كثيرة لدى رفاقنافي تنظيمات بغداد  . أما في التنظيمات الخاصة , فلم يكن مسموحاً القيام بنشاطات جماهيرية , لكن التأثير الأيجابي لنتائج الأجتماع , انعكس في تعزيز التنظيم واتساعه وحماس الرفاق في كسب عناصر جديدة , وفي مجالات مهمة , وعاد الكثير من الرفاق المنقطعين عن التنظيم الى العمل مجدداً .

بعد أقل من شهرين , وفي الثاني من كانون الأول 1965 , رحل والدي الى العالم الآخر , وقد حضر الى الدار , في حي السلام ( الطوبجي ) الكثير من الأهل والأقارب والمعارف والأصدقاء , سواءً في التشييع او في مجلس الفاتحة , للمشاركة وتقديم التعازي , وكنا , أنا وأخي الأكبر نستقبل المعزين , ولم أشأ ان اتغيب , لأن الحكم الغيابي الصادر ضدي لا يعرفه إلا القلة من اهلي , ولا أريد ان ألفت نظر الآخرين بغيابي عن مجلس الفاتحة .

بعد اسبوع التعازي مباشرة بدأت أفكر في الأنتقال الى دار اخرى . وفعلاً حصلت على دار في منطقة ( قنبر علي ) قرب ساحة الفردوس في جانب الرصافة , وانتقلت اليها سريعاً .

كان رحيل المرحوم الوالد , السريع والمفاجئ , قد آلمني كثيراً , فقد كان صديقاً لي , وكان يشاركني الكثير من همومي وافكاري , وقد تحمل بسببي الكثير من المتاعب , بما في ذلك التوقيف والتهديد وضنك العيش , خصوصاً في الأشهر المشؤومة من عام 1963 , إلا انه كان شجاعاً وصبوراً , وكان يخشى ان يرحل وانا بعيد عنه , كنت أُطمئنه , بانني سأكون معه الى آخر لحظة , وبالطبع كنت اقول ذلك , لرفع معنوياته , فأنا محكوم غيابياً , وفي اية لحظة يمكن ان اقع بيد السلطة . وفي ساعاته الأخيرة , كنت الى جانبه , وقلت أنا معك كما وعدتك , فلمسني بيده الواهنة , قائلاً , انت وفي ...

بعد انتقالنا الى منطقة ( قنبر علي ) هدأت مواجعي نسبياً , وكانت نجاحات العمل وتطوره وانغماري به , جزءاً من المواساة وتعويضاً عن خسارتي برحيله .

تصاعد عملنا وحققنا نجاحاً ملموساً , بحيث صار بإمكاننا ان نحدد الخفارات الليلية , ويكون رفاقنا في المواقع المهمة , كما ادخلنا بعض العناصر للمبيت في اماكن معينة , بما في ذلك اذاعة الحرية في سلمان باك , ووصل الأمر , ان احد كوادرنا , ارتدى الملابس العسكرية وبرتبة تناسب عمره , مستخدماً سيارة جيب عسكرية يقودها احد رفاقنا , ودخل أحد المعسكرات , خلال الدوام الرسمي , وفتش النقاط المهمة , ليجد رفاقنا فيها .ارجو ملاحظة انني اتحدث عن موقع عمل محدد , ولا ادري ان كانت المواقع الأخرى , وخصوصاً في الوحدات الفعالة , بهذا المستوى من التطور أم لا .

في مقابل هذا النشاط والحماس , كان رفاقنا من قادة خط ىب , يعملون بشكل مغاير تماماً , لأنهم غير مقتنعين بهذا التوجه, علماً ان الأنضباط الحزبي يوجب عليهم الألتزام بسياسة الحزب التي رسمها الأجتماع الموسع , واعتُبرت السياسة الرسمية له , إلا اذا جرى تغييرها من خلال اجتماع آخر , ولم نبلغ ان ذلك حصل في حينها .

لقد كان المرحوم عبد الرحمن عارف ونظامه ضعيفاً مهزوزاً , ووكانت الكثير من القوى تسعى لإسقاطه في مقدمتهم البعثيين بشقيهما , جماعة البكر وصدام , ومجموعة سوريا ( البعث اليساري )كما كان يطلق عليهم , والقوميون الناصريون , مجموعة عارف عبد الرزاق , والعناصر الرجعية والعملاء , جماعة عبد الرزاق النايف , الى جانب عملنا نحن .

لقد لمسنا توجه قادة خط آب للألتفاف على مقررات الأجتماع الموسع , من خلال مفردات عملية متعددة , منها :

1- لم يصدر عن الأجتماع الموسع أي بيان جماهيري , أو بلاغ داخلي , وهذا أمر لم يحصل في الحزب سابقاً , خصوصاً ان الأجتماع رسم نهجاً جديداً مغايراً لسياسة الحزب السابقة , وكان يفترض ان يعلن للجماهير ولقواعد الحزب على أوسع نطاق 

2- بعد اسبوعين من الأجتماع , زارني المناضل آرا خاجادور , عارضاً علي السفر خارج العراق للدراسة الحزبية أو الأكاديمية , وقال ما معناه , ان الحزب يثمن عملك ونضالك وتضحياتك , وخصوصاً في فترة 1963 , بينما كنا نحن في الخارج ولهذا جاء دورك لترتاح قليلاً . اعتذرت له وشكرته واعربت عن اعتزازي بهذا التقييم من جانب الحزب , بيد ان ظروفي العائلية لا تسمح لي بذلك , فلدي عائلة من ستة أفراد , والدي قبل رحيله , ووالدتي واختي وزوجتي وطفلين , كيف أتركهم ومن المسؤول عنهم ؟ . غادر الرجل حاملاً شكري واعتذاري  . بعد أسبوع أو عشرة أيام عاد مرة ثانية حاملاً نفس العرض , قائلاً لابد انك فكرت بالأمر ودرسته مع عائلتك , ولهذا اعيد عليك العرض مرة ثانية . هن شعرت ان المسألة , هي موضوع ابعاد ليس لإلا , فقلتله , ألسنا نحضر للعمل الحاسم يا رفيق ؟ لماذا تريدون غبعادي ؟ , وانفعلت في حديثي معه , وطلبت منه ان لا يعود مرة ً اخرى من اجل هذا الغرض . وقد علمت ان نفس الموضوع عُرض على عدد من المناضلين , بعضهم اقتنع وغادر وبعضهم رفض , ولكل ظروفه .

3-حدثني احد المناضلين , بأنه كان يجمع مبالغ حملة التبرعات , وقد لاحظ ان المبلغ الذي جمعته احدى المنظمات , لا يتناسب وحجم المنظمة من جهة وحماس الناس من جهة اخرى , وقد برر مسؤولها ذلك , بأن الرفيق (....) وهو احد قادة خط آب , طلب منه ان يعزل 6000 ستة آلاف دينار لأنه يعتقد ان سيارته , انكشفت , ويريد تبديلها !!!. فطلب منه تسليمه المبلغ , لأن هذه التبرعات نجمعها لدعم العمل الحاسم وليست لشراء السيارات .اني اعتقد ان تصرف الرفيق (...) هو تصرف شخصي , لكنه يعكس مدى ايمان والتزام ذلك الرفيق بسياسة الحزب.وممقررات الأجتماع الموسع ...حين اتذكر تلك التصرفات والعراقيل واللتفاف على مقررات الأجتماع وسياسة الحزب الرسمية , واربطها بعملية الأنشقاق التي حصلت في  ايلول 1967 , أشعر أنها كانت من الأسباب والعوامل المهمة التي ادت الى عملية الأنشقاق المؤسفة , والتي سببت خسائر كبيرة للحزب على كافة المستويات , والتي ما زال يعاني منها حتى اليوم على ما اعتقد ..

استمر عملنا بوتيرة متسارعة ومتصاعدة , ودون اية خسائر حتى يوم 6-6-1966 , حيث القي القبض علينا , أنا والمناضل ابراهيم الياس , في شارع الشيخ عمر . وهو موضوع الحلقة القادمة

نشرت في وجهة نظر
الأحد, 01 أيلول/سبتمبر 2013 14:51

تضامناً مع تضاهرات شعبنا

عقدت منظمات الجالية العراقية اجتماعاً تضامنياً مع مطاليب شعبنا العادلة ضد الأرهاب , وسرقة المال العام , والفساد المالي والأداري , وفي مقدمتها إلغاء الرواتب التقاعدية لأعضاء مجلس النواب والرئاسات الثلاثة والدرجات الخاصة , وكان للجمعية المندائية في مشيكَان حضور ومشاركة في هذا الأجتماع . 

وقد القيت بضعة ابيات , اعددتها قبل الأجتماع تحيةً لشباب العراق المنتفض , :

 

بكم تزدهي الدنيا ويعلو بناؤها

ويخفقُ فوقَ الرافدين لواؤها

بكم تورقُ الآمالُ رغمَ جفافِها

فمنكم سيجري ماؤها وهواؤها

بكم ساحةُ التحريرِ يزدادُ زهوها

وتسترجعُ الذكرى ويعلو نداؤها

لقد ابرقتْ , فالسيلُ لابدَّ قادمٌ 

ليجرفَ اوراماً تفشى وباؤها

وعاثتْ بأرضِ الخيرِ والعلمِ والتُقى

فساداً وإجراماً عسيرٌ شفاؤها

لقد ابرقتْ والرعدُ هزَّ جذورَها

وأسقطَ دعواها , وبانَ خواؤها

أعدتمْ لبغدادَ الحبيبةِ وجهَها

وخضرتَها من بعدِ ما غاضَ ماؤها

لكم كلُ عمري , كل تاريخِ شيبتي

فداءُ نجومٍ ليس يخبو سناؤها

 

نشرت في شعر

 الديمقراطيه نهجٌ ومنهجٌ ونظامٌ ، هي بالضد من الأنظمة الإستبدادية والشمولية أيا كانت منابعها الفكري                     

 إن العوائقَ في طريقِ إنتهاج البناء الديمقراطي سماتُها كثيره ومعالمها واضحة ؛ فمن سمات الوضع في بلادنا هو إنَّ هناك خللا في إستقلالية قراره السياسي ومنهجه الاقتصادي وإنَّ معركة القيم الإنسانية الوطنية قائمةٌ بلا تكافؤ ضد سياسات وأفكار وممارسات سلاطين وملوك الطائفية والمذهبية وضد إرهاب فلولِ البعث الفاشي والمتحالفين معه ، من القاعدة، وقوى الإرهاب الآخرى .

 الديمقراطية : غايتُها وضعُ حدٍ للإرهاب في بلادنا  ، وضمانِ حقوقِ الناس جميعاً  ،وبلا تمييزٍ وإنتهاج طريقِ نبذ العنف بكلِّ أشكاله وتلاوينه  ،وتبنّـي مبدأ السلم والحوار  ،وتفاعل الآراء بعيداً عن التناحر والإقتتال  ، بعيدا عن المصالح ذات الأُفق الضيق للأفراد والجماعات  ،والإستناد إلى الدستور في كل خطوات العمليه السياسيه ومسارات الحياة في المجتمع   العراقي والتآخي بين  جميعِ المكونات السياسية ،والدينية، والقومية  ، وضمان حقوقها التي كفلها لها الدستور   

 من المعروف إنَّ للديمقراطية موقفَها الجريء ضد النهج الجبان لطلقاتِ كاتماتِ الصوت والرصاصات الغادره الصفراء للمتوحشي أصحاب قيم الرذيله والمتعطشين لسفك دماء أبناء شعبنا .

 إضافة إلى ذلك  : إنَّ الديمقراطية تُريد سحق البُنى القاتمة للفكر اليميني الرجعي والُـبنى السوداء للفكر البعثي الفاشي والفكر التكفيري وبمختلف مسمياتها وعناوينها ؛ ولذا فمن البديهي أن تكون الديمقراطية والديمقراطيين الخطر الأكبر على ديمومة إستمرار نهج هـؤلاءِ فيعاودوها بكل الوسائل والسبل ، هو أحد جوانب حالة عراق اليوم ، فكيف والحال هذه أن تكون الظروف مؤاتية لبناء مؤسسات الديمقراطيه لاسيما وإن الديمقراطية تُـريدُ قطعَ الطريق لمسارات العنف والترهيب والتخويف والموت المجاني . 

         دولة العراق اليوم هي دولةُ ميليشيات يحتضنها قادة الدولة بهذا الشكل أو ذاك ،وهذا الشكل للدولة يتعارض بالكامل مع   الديمقراطيه وآفاق بنائها . 

 معالم التطبيق السليم للبناء الديمقراطي يكون في فعلين أساسيين مشروطين لزاما وهما.

الفعل الأول  : هو حسن النية ونزاهة التوجه لإنتخابات ديمقراطيه  ،كما هي الإنتخابات في البلدان الاوربيه وكما هي آلياتها وإنَّ حُسن النية هذا له دلائله ، وهذه الدلائل تتحدد في مسؤليتين اثنين وهما .

   المسؤليّه الأخلاقية  ، والمسؤليّة التاريخية .

 المسؤليّه الأخلاقية  لأي طرفٍ مشاركٍ في العملية الإنتخابية تتحددُ حصراً في أنَّ تحركه بين أوساط الناس أن يكون حضارياً ؛ بمعنى أن يكونَ بعيداً عن الممارسات والأفعال ذاتِ الطابع الذي ترفضه الأعراف والأخلاق ، ومباديء السير  في الطريق الديمقراطي والذي لا يُسيء إلى شخصية الآخر وسمعته وكيانه ، أي  أن لكلِّ طرفٍ الحق في طرح سيرته الذاتيه ومزاياه وقدراته وخصائصه،  وبرنامجه الإنتخابي فقط لاغير ، ومرفوض قطعا الطعن بالآخر بشكلٍ منافٍ لواقع أخلاق الآخر ومكانته ، مثلا  : ان طرفاً  ،يقولُ إنَّ الآخر  [اباحي وغيرَ نظيفٍ إجتماعياً وأنه ضد الدين وقيمه  ] وأوصاف أُخرى لانريدُ ذكرها ، .

ان مثل هذا  السلوك مدانٌ ومعادٍ للآخر ، وبشكلٍ سافر ومعادٍ للتوجه النزيه للإنتخابات .

وإستنادا لمفاهيم ونظريات العالم الكبير سيجموند فرويد مؤسس علم الطب النفسي الحديث ، ان هكذا سلوك عدائي سافر لايستند باي شكلٍ للأخلاق الرشيدة الصحيحة ،  بل إنه يعكسُ خللاً في شخصيات هؤلاءِ ومواقفِهم وسيرتهم ، إنهم في هذا السياق  ،إنما يُريدون لصق هذه التهم والأوصاف بالآخر؛ لإبعاد الشبهات عنهم ،  إنَّ مايطرحونه هو واقعَ شخصيتهم ،وهم في هذا السلوك يفضحون أنفسَهم ويعكسون النية غيرَ الصادقةِ التي يحملونها في التوجه نحو البناء الديمقراطي الصحيح  بل انهم يؤسسون منهجا خاصا بهم لنسف طريق التوجه نحو الديمقراطية ، وهم غير جديرين لهذه المسؤلية التاريخية الكبيرة وغير قادرين على تحمل اعبائها وغير مستوفين لشروطها    .

   وفيما يخص الفعل الثاني المشروط لزاما للبناء الديمقراطي فهو لايجوز إستخدام أساليب وممارسات تتضاد مع توفير المناخ الصحيح لسياقات الحريه الشخصيه للناس في إختيار ممثليهم بقناعاتهم ، لا أن تُفرض عليهم كتابة أسماءٍ دون أُخرى مستغلين عدم معرفة الكثير بالآلية الإنتخابية ، وكيف يكونُ الإنتخاب ، بل ويصل الأمر إلى حد الإنابة عن الناس في كتابة الأسماء ! وليس هذا من مباديء الديمقراطية  حتماً 

نحن نسعى إلى إقرار نظامٍ إنتخابي عادلٍ ، مستوفياً لشروطه الصحيحة والتي ليس فيها غبنا لأحد  مهما كان إنتمائه ؛ نحن نُريدُ تأسيساً صحيحاً  قانونيا بغض النظر عمن يفوز . المهم هو التداول السلمي ضمن الآليات الصحيحه وليس فرض نظامٍ يُؤسَسُ لسلبِ حقِ الآخر ، ويُعطي الشرعية للتسلط والهيمنة المعادية للديمقراطية  .

ان الذين يغضون النظر عن هذا الإتجاه المُدان ، ويباركون هذا المسعى وهذا التوجه ويدافعون عنه منطلقين من فهمٍ غير سليم ومن تصوراتٍ مقلوبةٍ على رأسِها ، فهم والحالة هذه قد جانبوا الصواب ، وان التاريخ سيقول كلمته فيهم يوما ..................

 

ولنا معكم حلقة اخر

نشرت في وجهة نظر

تعتبر الحركة الثقافية , بمختلف فروعها , في كافة المجتمعات , واحدةً من قمم البناء الفوقي لحركة تطور تلك المجتمعات , حيث تعكس المستوى الحضاري والتقدم الذي يحرزه مجتمع ما , خلال مسيرته التاريخية . وقد مرت الثقافة العراقية بمراحل مختلفة من التقدم والتراجع خلال عقود القرن الماضي , منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى اليوم , حيث انتهاء العقد الأول من القرن الحادي والعشرين .

ففي العهد الملكي , كانت الثقافة العراقية بمختلف فروعها الأدبية والفنية والعلمية , ذات طابع وطني وتقدمي معارض , رغم التضييق الكبير الذي مارسه النظام الملكي عليها , إلا ان روح التحدي والمواجهة في النشاط الثقافي بكل ابوابه وفروعه , كانت هي السائدة , حيث الحركة المسرحية المناضلة , وباقة الشعراء والأدباء الكبار , الذين انحازوا الى حركة شعبهم الوطنية وتطلعاته نحو الحرية والسعادة . وبالقابل لم يسجل تاريخ تلك المرحلة اي انجاز ثقافي مهم , وعلى كافة الأصعدة للنظام ومثقفيه, حيث فرض الشعب عزلة تامة على فكر النظام وثقافته المتردية , التي هي انعكاس واضح لطبيعة ذلك النظام العميل شبه الأقطاعي القائم آنذاك , وقد تجلى ذلك بأروع صوره , صبيحة الرابع عشر من تموز 1958 , يوم هب الشعب المعبأ سياسياً وثقافياً لمساندة الثورة وقطع الطريق على اي تحرك مضاد لها .

وخلال الفترة من 14 تموز 1958 وحتى 8 شباط 1963 , ورغم انطلاق الفكر التقدمي في كل مجالات الحياة الفكرية والسياسية والأجتماعية , إلا ان تشابك الأحداث , واستهداف الثورة ومنجزاتها و منذ لحظة ولادتها , وتفجر الصراعات الفكرية والسياسية , بين الأحزاب والقوى السياسية والتيارات الفكرية , قصر عمر الثورة الوليدة , الذي لم يبلغ الخمس سنوات , مفعمة بالحداث والصراع , لم تتح للحركة الثقافية العراقية الفرصة الكافية لاستيعاب التغيرات المتسارعة وتحويلها الى بناء ثقافي رصين يجسد تلك المرحلة . ةلهذا لم نرَ في تلك الفترة ملامح واضحة لهذه الحركة , وسادت ثقافة التخندق والتمترس خلف الحركات السياسية المتصارعة , اي سيادة الثقافة السياسية إن صح التعبير .

بعد انقلاب شباط المشؤوم عام 1963 , وخلال فترة التسعة اشهر التي انفلت فيها اوباش الحرس القومي وحثالات المجرمين , فإن ثقافة الموت هي التي سادت ولم يسلم من مثقفي تلك المرحلة حتى العالم الجليل عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد , البعيد عن الصراعات السياسية , ناهيكم عن قادة الحركة الوطنية , إلا من تمكن من الأختفاء او عبور الحدود ناجياً بجلده . ولم يسجل تاريخ تلك الأيام السوداء, اي نشاط ثقافي على كافة المستويات , وكان نعيق الحاكم العسكري العام وسياسة " سحق العظام " و " قطار الموت " هو كل ما خلفه الأوباش يوم سقوطهم , على يد شريكهم في الجريمة و يوم 18 تشرين الثاني 1963 .

وفي فترة حكم الأخوين عارف , ورغم الهدوء النسبي , خصوصاً خلال فترة المرحوم عبد الرحمن عارف , فقد انكمش الكثير من مثقفي الشعب العراقي و من بقي منهم على قيد الحياة , ولم تشهد تلك الفترة أي نشاط ثقافي واضح , لأن قادة النظام , لم يدخلوا في برامجهم او خططهم اي اهداف ثقافية تذكروعاد البعثيون الى السلطة في تموز1968 , محاولين الظهور بمظهر جديد , وتمكنوا من خداع الكثيرين داخل وخارج العراق , بالرغم من انهم ابتدأوا عهدهم الجديد , بالأنقلاب على شركائهم في الأنقلاب , عبد الرزاق النايف وابراهيم عبد الرحمن الداود, فكان هذا مؤشراً خطيراً لحقيقة هؤلاء لم ينتبه له الكثيرون مع الأسف , واتخذوا عدد من الأجراءات الأيجابية للتقرب من الشعب الذي كان رافضاً لعودتهم , فأطلقوا سراح السجناء السياسيين , ضحاياهم في عام 1963 , وأعادوا المفصولين السياسيين الى وظائفهم , ومارسوا سياسة ذات وجهين , ففي الوقت الذي انفتحوا على الأتحاد السوفياتي , واعترفوا بجمهورية المانيا الديمقراطية , وألغوا المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة1961 , ودخلوا بمفاوضات مع شركات النفط الأحتكارية انتهت بتأميم النفط في 30 حزيران 1972 , وفي الوقت الذي فتحوا حواراً مع قيادة الحزب الشيوعي العراقي , انتهت بعقد ما كان يسمى " الجبهة الوطنية والقومية التقدمية " , واصدروا بيان 11 آذار لحل المسألة الكردية , نفذوا حملة اعدامات كبيرة بحق عدد من العسكريين بتهمة انتمائهم للحزب الشيوعي العراقي , وسبقوها بحملة دموية ضد الجزء المنشق من الحزب الشيوعي العراقي " القيادة المركزية " . وفي هذه الفترة بالذات , بدأوا بسياسة " تبعيث " كل شيئ و بالتراجع والأنقلاب على بيان 11 آذار , وتوجوا ذلك بمحاولتهم الأجرامية لإغتيال قائد الثورة الكردية المرحوم مصطفى البرازاني , ورضخوا لشروط شاه ايران بتوقيع اتفاقية الجزائر , وبعدها بدأوا بالإنقلاب على الجبهة الوطنية والقومية التقدمية , إبتداءً من اواسط السبعينات حيث بلغت ذروتها عام 1978-1979 , بتصفية تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي , وتصفية قيادة حزب البعث نفسه , على يد صدام وزمرته . وخلال هذه السنوات شوهت الثقافة العراقية وحوربَ المثقفون التقدميون , وحتى مهرجان المربد الشعري الذي كان يحضره الكثير من الشعراء العرب , جرى توجيهه باتجاه تمجيد القائد وحصل الشيئ نفسه لمهرجان بابل السنوي وحوصر الفكر المغاير لفكر حزب البعث . ومع بدء الحرب العراقية الأيرانية , جرى توجيه الثقافة والأعلام لصالح الحرب والعدوان وتصفية كل الخصوم بحجة حماية الجبهة الداخلية ....وهكذا طُمس الوجه الأنساني والتقدمي للثقافة العراقية , وسادت ثقافة عبادة الفرد والثقافة المخابراتية وشراء الذمم , بل وصل الأمر الى شراء ذمم العديد من الأعلاميين والمثقفين العرب في عدد من الدول العربية , وحتى في زمن الحصار , وقد فضحتها كوبونات النفط بعد السقوط .
لقد اثار استغرابي , قول احد الأصدقاء التقدميين , ان مرحلة السبعينات هي الفترة الذهبية للثقافة العراقية! ولست ادري بالمقارنة مع اي فترة من فترات التاريخ العراقي؟ وهل كانت هذه الفترة الذهبية من عيار 10 قيراط ام 21 قيراط , أم انها سبيكة نحاس بطلاء ذهبي ؟ وهذا هو الأرجح .

وسقطت الدكتاتورية تحت اوزار جرائمها وحروبها وعزلتها عن الشعب الذي اكتوى بنارها في كل جوانب حياته ....وجاء الأحتلال بكل ما يحمل من اهداف ومصالح قريبة وبعيدة , وممارسات قذرة , وبرزت كل تناقضات الأربعين عاماً منذ انقلاب شباط الأسود , وسقطت الدولة واجهزتها المختلفة بأقل من ثلاثة اسابيع , ذلك السقوط المدوّي الذي اذهل العالم , ولكنه لم يذهل المراقب السياسي العراقي الذي يعرف مدى عزلة ذلك النظام ونقطة ضعفه القاتلة , لقد كانت ثورةً شعبية صامتة تمثلت بتخلي الجيش والشعب العراقي عن النظام المجرم وتركه يواجه مصيره الأسود منفرداً .

ومنذ اللحظات الأولى لسقوط النظام , كانت الثقافة العراقية والتاريخ الحضاري العراقي , هما الهدف الأول في الأجندات الأقليمية والدولية , وفي رأس اهداف فلول النظام الساقط . ففي الوقت الذي فجرت الجماهير الغاضبة حقدها المقدس على قصور وممتلكات رموز النظام وتماثيل الطاغية , كانت الهجمات المدروسة مسبقاً , وعلى اهداف محددة سلفاً , تشير الى استهداف التاريخ الحضاري والثقافة العراقية .

*** فقد هوجم المتحف العراقي وسرقت محتوياته , في حين كانت الدبابات الأمريكية تقف على بعد خمسين متراً منه , وحين استنجد حراس المتحف بالقوات الأمريكية , كان ردهم , اننا لسنا شرطة لحماية المتحف , وسُرقت الوف القطع الأثرية التي تحكي حضارة وادي الرافدين على مر العصور .

*** وهوجم مركز صدام للفنون في منطقة الشواكة , القريبة من المتحف , وتصدى احد الفنانين وحراس المركز وعدد من اهالي المنطقة للسراق وطردوهم , إلا انهم عادوا في اليوم التالي واحرقوا المركز بكل ما فيه من لوحات وتحف لا تقدر بثمن , لفنانين عراقيين كبار ومنحوتات اخرى تحكي جزء من ثقافة العراق وحضارته .

*** وبعدها بأيام , اُحرقت المكتبة الوطنية العراقية بمحتوياتها وكتبها ومخطوطاتها النادرة .
*** واستهدف بعد هذا شارع الثقافة العراقية , شارع المتنبي , فاختلط الحرف والكتاب بدماء زوار هذا الشارع المتميز من المثقفين وعشاق الكلمة .

*** وبدأت حملة تصفيات جسدية لعشرات المثقفين من امثال الشهيد كامل شياع وشهاب التميمي وغيرهما الكثير , وهُجرَ مئات , بل ألوف الأختصاصيين من علماء واطباء ومهندسين ومن مختلف الأختصاصات واساتذة الجامعات ,وادباء وشعراء وفنانين , وما زال العمل جارياً لتفريغ العراق من ثروته البشرية المتميزة .

وفي موازاة هذة الحملة الدموية الشعواء , سادت ثقافة التخلف والتردي والفساد , واطلقت يد العصابات الأجرامية والميليشيات المسلحة في كل مدن العراق , باستثناء اقليم كردستان , لتتدخل في حياة الناس وخصوصاً في الجامعات العراقية , باعتبارها مركز الأشعاع الفكري والثقافي , وجرى التحكم حتى في الملبس والمأكل والمشرب , وفرض الحجاب حتى على غير المسلمات من الطالبات والتدريسيات . اما التدخل في المناهج الدراسية , ابتداءً من المدرسة الأبتدائية وحتى الجامعة , فحدث ولا حرج , كما يجري الفصل بين الجنسين حتى في الجامعات , ويجري الآن التفكير بتاسيس جامعة خاصة للبنات !.وساد الفكر الطائفي المتخلف وشوّهَ الدين والتاريخ , وحُرِّم الغناء والموسيقى حتى في الأعراس , وما موقف مجلس محافظة بابل في إفشال مهرجان بابل ببعيد , حيث أُلغيت الفقرات الغنائية , بما فيها الغناء الريفي العراقي الذي يقترب من الأنين , ناهيكم عن منع الفرق الأجنبية المدعوة من تقديم فقراتها , بحجة الطابع الديني لمحافظة بابل !!!

والآن وفي العودة الى عنوان الموضوع , اين مكان الثقافة العراقية بعد هذه السنوات العجاف ؟
ففي المرحلة الأولى لسقوط النظام السابق , وانفلات الوضع , كان الجميع بانتظار الهدوء واستقرار الأوضاع لتتضح الصورة . ولكن الأمور جرت خلال هذه السنوات الصعبة باتجاه طمس الهوية الوطنية للثقافة العراقية , وسادت ثقافة التطرف الديني والطائفي . وجاءت انتخابات الدورة الأولى للبرلمان العراقي ومجالس المحافظات , وبالأستناد الى دستور أُعدَ على عجل , فبات خاضعاً للأجتهادات والتبريرات والتفسيرات , وكانت نتائجها سيادة فكر المحاصصة الطائفية والقومية . وجاءت الدورة الثانية , ومع تحسينات " مكياج " الكوتا للأقليات الدينية , فإن النتائج جاءت مشابهة للدورة الأولى , إن لم تكن اكثر تخلفاً وطائفية , ومع ان المكون السني الذي قاطع الدورة الولى , دخل الأنتخابات الثانية بثقل وفاعلية , وكانت النتائج كما شاهدها العالم اجمع , وما زال الشعب العراقي يعاني من تلك النتائج حتى اليوم .

ان صراع " الديكة " العراقي , لم يدمِّ الديكة المتصارعة فقط , بل ان دماء الشعب العراقي هي التي كانت ومازالت تسيل , وتعطلت كل المشاريع التي كان معولاً عليها لدفع عجلة الأقتصاد , والحياة العامة للناس الى الأمام , وتدهورت الحصة التموينية التي يعتاش عليها غالبية ابناء الشعب العراقي , بدعوى شروط صندوق النقد الدولي للخروج من البند السابع .

لقد اثبتت الوقائع ان جوهر الصراع ودوافعه هو الأستحواذ على مراكز السلطة والمسؤولية ومن اجل الجاه والثروة . وكان الأرهابيون وعصابات الجريمة المنظمة والميليشيات المنفلتة , ترقص على انغام هذا الصراع من خلال الأختراقات في كل المفاصل الأمنية الحساسة .

ومع ضخامة الموارد المالية , فإننا لم نقرأ او نسمع عن موقف اي طرف من اطراف الصراع من الثقافة العراقية وهويتها الوطنية, ولم نسمع ان جهة من الجهات عرجت على هذا الموضوع من قريب او بعيد , وظل المثقف العراقي في مهب الريح تتقاذفه امواج الصراع السياسي ذي الأهداف الأستحواذية الواضحة , وتبتلعه الغربة القاتلة في دول الأنتظار واللجوء بعد ان حاصرته قوى التطرف والتخلف والظلام واهملته القوى والأحزاب المتصارعة على السلطة والثروة .

اننا نعرف ان وزارة الثقافة لا تقرر مسيرة ووجهة المسيرة الثقافية للعراق الجديد , إلا اننا نتطلع لرؤية الوجه العراقي الوطني المشرق لهذه الوزارة , بعيداً عن اجواء المحاصصة الحزبية والطائفية والفكر السلفي المتخلف

نشرت في وجهة نظر
السبت, 20 نيسان/أبريل 2013 14:28

ايام لا تُنسى

 حين حصل الإنقسام في صفوف الحزب في ايلول 1967 , كنت سجيناً في سجن نكَرة السلمان , الذي كان يضم قرابة 450 سجيناً سياسياً , كان بعضهم محتجزاً بعد ان أنهى محكوميته ولم يطلق سراحه , كالمناضلين الباسلين المرحومين سامي احمد العباس " ابو وميض " وعبد الوهاب طاهر " ابوخلوق " , والبعض الآخر ينوء بسنوات سجن طويلة لم تنتهِ بعد , وهناك مجموعة من المعتقلين الجدد الذين لم تصدر بحقهم احكامٌ بعد , إلا ان اسماءهم الكبيرة وتاريخهم النضالي المشرف , دفع سلطات الأمن العارفية لإبعادهم الى  سجن نكَرة السلمان , كالمناضل الكبير كاظم فرهود " ابو قاعدة " والمناضل المرحوم العميد سليم الفخري الذي كان يقود تنظيماً باسم " اللجنة الثورية " .

لقد سبق وقوع الإنقسام التنظيمي , اختلاف وجهات النظر بشأن سياسة الحزب قبل انقلاب شباط الدموي  1963 , وما تبعها من سياسة يمينية بعد سقوط حكم البعث وحرسه القومي المجرم , تبلورت بوضوح تام في اجتماع وتقرير آب 1964 للجنة المركزية , تلك السياسة التي كانت موضع استنكار وادانة ورفض من كوادر وقواعد الحزب وجماهير الشعب الملتفة حوله , مما سبب انقساماً فكرياً واضحاً في كافة تنظيمات الحزب , بما في ذلك بعض اعضاء قيادة الحزب . 

لقد سبب لنا خط آب اليميني التصفوي وفرسانه الذين كانوا يمهدون لتذويب منظمات الحزب في الأتحاد الأشتراكي الذي اسسه عبد السلام عارف سيراً على نهج جمال عبد الناصر . وقد اعترف احدهم بضغوط النهج السوفياتي عليهم في ذلك الوقت , لقد سبب هذا الخط , والسياسة التطبيقية التي وضعت لتحقيقه خسائر كبيرة, تنظيمياً وجماهيرياً , حيث تبعثرت التنظيمات التي بدأت بالأنتظام والنمو والتوسع , كما رفضتنا الجماهير القريبة من الحزب , ولأول مرة رُفضنا من اقرب اصدقائنا وشُتمنا حتى من عوائلنا .

لقد كنا نناضل على جبهتين متعارضتين , وكان نضالاً شاقاً وعسيراً , الأولى هي النضال ضد الأنشقاقات والتمزق التي سببتها تلك السياسة المرفوضة , والثانية هي النضال الداخلي ضد هذا الخط اليميني الأنهزامي , وكانت المهمة صعبةً للغاية .

استمر هذا الصراع اكثر من عام , من آب 1964 حتى تشرين الثاني 1965  , حيث رضخت اللجنة المركزية لإرادة كوادر وقواعد الحزب , ودعت الى عقد اجتماع موسع للجنة المركزية , حضره عدد من اعضائها الى جانب عدد اكبر من الكادر المتقدم . ضم الأجتماع خمسةً وعشرين رفيقاً , واستغرق ثلاثة ايام ....سأتحدث عنه في حلقة خاصة .

كنت واحداً من هؤلاء المناضلين , وقد برز الأنقسام الفكري واضحاً وجلياً , وتحول الأجتماع الى محاكمة قاسية لهج قيادة الحزب المتمثل بخط آب 1964 . وقد اتخذ الأجتماع الموسع مجموعة قرارات مهمة .فبالأضافة الى ادانة هذا النهج , اتخذ قراراً بتغيير نظام الحكم بالقوة المسلحة , والعمل على تهيئة المستلزمات المادية لذلك , كما انتخب لجنة مركزية جديدة , ضمت الى جانب اعضاء اللجنة المركزية السابقين جميعاً باستثناء المناضل المرحوم ناصر عبود , ضمت عدداً من العناصر الجديدة , اذكر منهم المناضلين ( كاظم فرهود ,كاظم الصفار , الشهيد شاكر محمود , ماجد عبد الرضا , ابراهيم الياس  , خضر ياسين ) .

لقد اتخذت قيادة الحزب قراراً باجراء دراسة وتقويم سياسة الحزب السابقة , وحيث ان هناك اختلافاً واضحاً في الرؤى , فقد وضِع تقويمان بهذا الشأن , الأول يدافع عن النهج السابق بما في ذلك خط آب المدان , والثاني يدين تلك السياسة ويحمل قيادة الحزب مسؤولية ما حصل للبلد وللحزب على وجه الخصوص من خسائر كبيرة ....كما قررت القيادة طرح التقويمين للمناقشة ضمن مستويات تنظيمية معينة . وقد وصلنا التقويمان الى السجن , وبدأت دراستهما , مما اجج النقاش وعمق الأنقسام الفكري بين المناضلين السجناء . والحقيقة ان التأييد كان شبه جماعي للتقويم الثاني . 

 

ان طرح التقويمين للمناقشة في اجواء الحياة الحزبية غير الطبيعية التي كانت سائدة , وفي وقت كانت جرائم البعث وشركائه ماثلةً للعيان ودماء شهدائنا لم تجف بعد , قد عمق الفجوة بين غالبية اللجنة المركزية التي كانت تتبنى التقويم الأول , وبين كوادر وقواعد الحزب التي تبنت التقويم الثاني وهيأ الأرضية المناسبة للعمل الأنقسامي الذي قادته لجنة منطقة بغداد للحزب . لقد كانت عملية الأنقسام تتنافى وقواعد الأنضباط الحزبي , وقد رافقها سلوك انقلابي لم نعتد عليه في الحياة الحزبية , كاحتجاز بعض اعضاء اللجنة المركزية وتعرض احدهم للضرب كما قيل في حينها , بيد ان الحماس للتغيير , وتراكم الأخطاء التي ارتكبها عدد من اعضاء اللجنة المركزية , وبقاءهم في مراكز المسؤولية رغم ذلك , جعلنا نفاضل بين الأفكار التي نؤمن بها والتي نعتقد انها من صميم فكر الحزب ومبادئه , وبين الأنضباط التنظيمي الذي يفرض علينا رفض وادانة الأنشقاق .....وبعد اجتماعات ومداولات ومناقشات واسعة , قررت لجنة تنظيم السجن , تأجيل اعلان موقفها , وبعثت برسالة الى المكتب السياسي للحزب , تطلب فيها طرد العناصر اليمينية من اللجنة المركزية وتبني وجهات نظر قيادة منطقة بغداد وقرارات اجتماع تشرين الموسع لعام 1965 , لأعادة وحدة الحزب , وحددت لجنة تنظيم السجن فترة شهر واحد انتظاراً لرد المكتب السياسي , وبالتأكيد ان اسلوباً كهذا لم يكن مقبولاً على وفق قواعد العمل التنظيمي في ذلك الوقت . ومما اعتُبر مخالفة تنظيمية اخرى , هو ارسال نسخة من الرسالة الى المناضل عزيز الحاج  " رمزي " الذي كان على رأس عملية الأنقسام . وقبل ان تنتهي فترة الشهر التي حددناها , علمنا ان المكتب السياسي رفض موقف لجنة تنظيم السجن وادانه .

 

وهكذا قررت لجنة تنظيم السجن تاييد العملية الأنقسامية والأنحياز للقيادة المركزية . وقد اعلن مناضلو السجن ال450 تأييدهم للقرار وابتهاجهم به , باستثناء :

 

1- المناضل كاظم فرهود الذي كان فكرياً وسياسياً ضد السياسة اليمينية ورموزها , إلا انه يرفض الأنشقاق التنظيمي , وهكذا ترك لجنة تنظيم السجن , وكان مسؤولَها , ووقف محايداً . فلم يهاجم الأنقسام او ينحاز له , ولم يدافع عن اللجنة المركزية او سياستها . 

,2-مجموعة من مناضلي الفرات الأوسط , عددهم سبعة او ثمانية مناضلين , اعتُقلوا إثر الضربة الموجعة لمنظمة الفرات الأوسط التي سببها انهيار المدعو حمد الله مرتضى, عضو لجنة منطقة الفرات الأوسط , والذي تسبب باعتقالي والمناضل ابراهيم الياس عضو اللجنة المركزية , كما سيأتي ذكره في حينه ...وكانت مواقف هذه المجموعة ضعيفة في التحقيق , مما جعل الموقف منهم متحفظاً من جانب لجنة التنظيم والمناضلين الآخرين في السجن . وكان ذلك كله قبل الأنقسام . بقيت هذه المجموعة في عزلتها السياسية , ولم يحاول ايٌ منهم المزايدة او ركوب الموجة الثورية . وقد اعتبرهم الجميع على ملاك اللجنة المركزية , بل ان بعض عناصر ق . م . اوغل في ازدرائهم , كالمرحوم بيتر يوسف , مما تسبب في تصادم بيني وبينه في حينه .

 

3-اما المرحوم عبد الوهاب طاهر , والذي كان مسؤولاً للسجن ولجنة التنظيم طوال فترة سجنه واحتجازه , التي زادت عن سبع سنوات , فقد أيَد العملية , إلا انه لم يكن متحمساً كالآخرين , وما ان اطلق سراحه بعد 17 تموز 1968 , حتى اعلن انحيازه للجنة المركزية تاركاً صفوف القيادة المركزية .  

 

نشرت في وجهة نظر
الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2013 19:09

وطنية آخر زمان

 التصرف الأهوج الذي قام به منتظر الزيدي , والمحسوب على الصحافة العراقية , لايعدو ان يكون ممارسة صبيانية صدرت من شخص يريد الظهور , حتى لو كان هذا الظهور مشيناً . انني لا أتحدث عن وطنية الرجل فربما كان وطنياً صادقاً , الا ان عملهالشائن هذا أساء لكل عراقي شريف , وأساء للصحافة العراقية النظيفة ذات التاريخ المجيد , صحافة الجواهري وعدنان البراك وأبو سعيد وشمران الياسري وعزيز السيد جاسم ومعاذ عبد الرحيم وشهاب التميمي وكامل شياع وغيرهم من اعلام الكلمة الصادقة والأقلام النظيفة. وربما كان مدفوعاًمن احدى دول الجوار ذات الأجندات الخاصة , والتي لا يروق لها ان يخطو العراق خطوة واحدة الى الأمام , لأن ذلك سيعرقل خططها بتصفية حساباتها مع الولايات المتحدة الأمريكية , وبنهجها للسيطرة على مقاليد الأمور في العراق من خلال أدواتها الخاصة في الداخل

 ان التصرف المشين الذي مارسه هذا الرجل هو زوبعة في فنجان وفقاعة صابون لا تعدو ان تنفجر لتجد جوقة اللطامين والنواحين في الفضائيات المشبوهة والصحافة المأجورة , ان قبضتها فارغة وان شبكتها لم تصطد سوى فردتي حذاء بائستين ملقاة في مستنقع

آسن.

ان ضجيج (القومجية) وتجار الكلام , وأيتام النظام الدموي المقبور لم يثر استغراب أحد , فهم يلطمون على (الهريسة وليس على الأمام).فبعد ان فقدوا (كوبونات) النفط وملايين صدام التي كانت تقتطع من قوت الشعب العراقي لتصب في جيوب القيادات القومية

والقطرية ووسائل الأعلام التي كانت تنعق ليل نهار تمجيداً لذاك النظام الدموي , أقول بعد أن فقدوا كل ذلك , فليس لهم إلا البكاء

على الأطلال والأحلام المريضة والأمنيات البائسة بعودة ذلك النظام المتوحش . فهم ايتام يلطمون ولي نعمتهم الذي رحل الى

مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه ان ما يدعو الى الخجل والرثاء معاً هو الموقف البائس لإتحاد الصحفيين العرب الذي شمر عن ساعديه الهزيلتين للدفاع عن العمل الأخرق ومن يقف وراءه ,دون اي احترام للمهنة الشريفة التي يمثلها . كما هو الموقف في التطبيل والتزميرللعصابات الأجرامية التي يسمونها (المقاومة) وهي التي اختطفت النساء وانتهكت الأعراض وقتلت الأطفال والشيوخ وابناء الشعب البسطاء ,وهم يكدحون للحصول على قوت يومهم . او في الدفاع عن مجرمي الحكم الفاشي المقبور . إن اي مواطن عراقي يتساءل : أين كان هؤلاء يوم كان نظام القتلة يزرع ارض العراق شمالاً وجنوباً , شرقاً وغرباً بالمقابر الجماعية وينشر الجوع والذل والمهانة في كل شبرمنه بل تعداه الى دول الوار , بل كانوا يطبلون ويزمرون لحامي البوابة الشرقية !! واين هم من هذه المطحنة التي تطحن شعبنا العراقي بكل اطيافه واقلياته الدينية والأثنية , منذ سقوط الدكتاتورية وحتى اليوم والتي ينفذها المجرمون من قوى الظلام والتخلف والعصابات الصدامية المهزومة . اين هم من هذه الهجمة الشرسة ضد الأقليات الدينية والأثنية , التي تستهدف تفريغ العراق من سكانه الأصليين وبناة حضاراته المتعاقبة ؟ واين هم ومواقفهم من تدخل دول الجوار بشؤون العراق الداخلية , وفتح حدودها لقوى الأرهاب والجريمة لتعيث في ارض العراق فساداً وتحرق الأخضر واليابس ان سياسة بوش الهوجاء وسلوكياته الطائشة ,الحقت الأذى بكل شعوب الأرض وفي مقدمتها شعبنا العراقي المدّمى والشعب الامريكي الذي يعيش أسوأ ايام حياته منذ الأزمة الرأسمالية في ثلاثينات القرن الماضي .وفي الوقت الذي يناضل شعبنا في العراق بكل قواه المخلصة لأسترجاع سيادته الوطنية , ومحاربة الفساد

المستشري في كل مفاصل الدولة ومن أجل بناء دولة القانون والمؤسسات, فان الشعب الأمريكي عاقب بوش وحزبه وتوجهاته 

اليمينية المتطرفة , بإلحاق هزيمة ساحقة بالحزب الجمهوري على مستوى رئاسة الدولة أو الكونكرس ومع كل هذه الأخطاء التي ارتكبتها ادارة بوش على جميع الأصعدةإلا أن بوش سيغادر حاملاً معه شعور الرضا ,بأنه اسقط أشرس نظامين دمويين في العالم , نظام طالبان والقاعدة السلفي في افغانستان , ونظام البعث الصدامي الفاشي في العراق

 وأخيراً , فأن القانون سيقول كلمته بحق (أبو قندرة). وان الموضوع بكامله لا يستحق هذه الضجة التي يطبل لها أعداء 

مسيرة العراق الديمقراطية

نشرت في وجهة نظر

تعتبر الحركة الثقافية في كل المجتمعات , واحدة من قمم البناءالفوقي لحركة تطور تلك المجتمعات , حيث تعكس المستوى الحضاري والتقدم الذي يحرزه مجتمع ما خلال مسيرته التاريخية . وقد مرت الثقافة العراقية بمراحل مختلفة من التقدم والتراجع خلال عقود القرن الماضي , منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى اليوم حيث انتهاء العقد الأول من القرن الحادي والعشرين .
ففي العهد الملكي , كانت الحركة الثقافية العراقية بمختلف فروعها الأدبية والفنية والعلمية ذات طابع وطني وتقدمي معارض , ورغم التضييق الكبير الذي مارسه النظام الملكي عليها , إلا ان روح التحدي والمواجهة في في النشاط الثقافي بكل ابوابه وفروعه , كانت هي السائدة , حيث الحركة المسرحية المناضلة , وباقة الشعراء والأدباء الكبار الذين انحازوا الى حركة شعبهم الوطنية وتطلعاته نحو الحرية والسعادة , ويتذكر الجميع معسكر السعدية الذي سيق اليه مئات الأساتذة وكبار المثقفين كعقوبة لهم على وطنيتهم في اواسط الخمسينات ,وبالمقابل لم يسجل تاريخ تلك المرحلة اي انجاز ثقافي مهم , وعلى كافة الأصعدة للنظام ومثقفيه , حيث فرض الشعب عزلة تامة على فكر النظام وثقافته المتردية , التي هي انعكاس واضح لطبيعة ذلك النظام الرجعي العميل وشبه الأقطاعي القائم آنذاك . وقد تجلت عزلته القاتلة بأروع صورة , صبيحة الرابع عشر من تموز1958 يوم هب الشعب المعبأ سياسياً وثقافياً لنصرة الثورة وقطع الطريق على اي تحرك مضاد .
وخلال الفترة من 14 تموز 1958 وحتى 8 شباط 1963 , ورغم انطلاق الفكر التقدمي في كل مجالات الحياة , الفكرية والسياسية والأجتماعية و الأقتصادية , إلا ان تشابك الأحداث , واستهداف الثورة ومنجزاتها منذ ايامها الأولى , وتفجر الصراعات الفكرية والسياسية والأجتماعية بين القوى السياسية والتيارات الفكرية , وقصر عمر الثورة الوليدة الذي لم يتجاوز الخمس سنوات , مفعمة بالأحداث والصراع , لم تتح للحركة الثقافية الفرصة الكافية والوقت الكافي لأستيعاب التغيرات المتسارعة وتحويلها الى بناء ثقافي رصين , ولهذا لم نرَفي تلك الفترة ملامح واضحة لهذه الحركة , بل سادت ثقافة التمترس والتخندق خلف الحركات السياسية المتصارعة .
وبعد انقلاب شباط الدموي الأسود عام 1963 , وخلال التسعة اشهر التي انفلت فيها اوباش الحرس القومي وحثالات المجرمين , فإن ثقافة الموت هي التي سادت ولم يسلم من مثقفي تلك المرحلة , بما في ذلك العالم الجليل عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد , البعيد عن الصراعات السياسية, ناهيكم عن قادة الحركة الوطنية , إلا من تمكن من الأختفاء ,
او من عبور الحدود ناجياً بجلده , ولم يسجل تاريخ تلك الأيام السوداء , اي نشاط ثقافي على كل المستويات
. وكان نعيق الحاكم العسكري العام , والذي ُاعدِم بتهمة التجسس , وسحق العظام وقطار الموت , هي كل ما خلفه الأوباش يوم سقوطهم, على يد شريكهم بالجريمة يوم 18 تشرين الثاني عام 1963 .
وفي فترة حكم الأخوين عارف , ورغم الهدوء النسبي , خصوصاً خلال فترة المرحوم عبد الرحمن عارف , فقد انكمش الكثير من مثقفي الشعب العراقي , ممن بقي منهم على قيد الحياة ,ولم تشهد تلك الفترة اي نشاطات ثقافية مميزة , لأن قادة النظام لم يدخلوا في برامجهم او خططهم اي شيئ يمت الى الثقافة والنهوض الثقافي بصلة .
وعاد البعثيون الى السلطة عام 1968 , محاولين الظهور بمظهر جديد , وتمكنوا من خداع الكثيرين , داخل وخارج العراق , بالرغم من انهم افتتحوا حكمهم الجديد بالأنقلاب على شركائهم في الأنقلاب عبد الرزاق النايف وابراهيم عبد الرحمن الداود , وكان هذا مؤشراً خطيراً لحقيقة هؤلاء لم ينتبه له الكثيرون مع الأسف, واتخذوا عدداً من الأجراءات للتقرب من الشعب الذي كان رافضاً لنظامهم , بل انهم لم يجرأوا على اعلان اسماء قادة الأنقلاب إلا بعد ايام من سيطرتهم , فأطلقوا سراح السجناء السياسيين , ضحاياهم في عام 1963 , واعادوا المفصولين السياسيين الى وظائفهم , وكانوا يمارسون سياسة ذات وجهين , ففي الوقت الذي انفتحوا على الأتحاد السوفياتي السابق والمعسكر الأشتراكي , والغوا المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1961 , شنوا حملة دموية ضد الجزء المنشق من الحزب الشيوعي العراقي (القيادة المركزية ), ودخلوا بمفاوضات مع شركات النفط الأحتكارية , انتهت بتأميم النفط في 30 حزيران 1972 , وفي الوقت الذي فتحوا حواراً مع قيادة الجزب الشيوعي العراقي , انتهت بعقد ما كان يسمى , الجبهة الوطنية والقومية التقدمية , واصدروا بيان 11 آذار لحل المسألة الكردية , في هذا الوقت بالذات نفذوا عمليات اعدام كبيرة بحق عدد كبير من العسكريين بتهمة انتمائهم للحزب الشيوعي العراقي , وفي هذه الفترة بالذات بدأوا بسياسة
" تبعيث " كل شيئ , وبدأوا بالتراجع والأنقلاب على بيان ااآذار , وتوجوا هذا التراجع بمحاولة اغتيال قائد الثورة الكردية المرحوم الملا مصطفى البرازاني , ورضخوا لشروط الشاه من خلال اتفاقية الجزائر وبعدها بدأوا بالأنقلاب على الجبهة الوطنية والقومية التقدميةابتداءً من اواسط السبعينات حيث بلغت ذروتها عام 1979 , بتصفية تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي , وتصفية قيادة حزب البعث نفسه على يد صدام وزمرته . وخلال هذه السنوات شوهت الثقافة العراقية وحورب المثقفون التقدميون , وتحول مهرجان المربد الشعري ومهرجان بابل السنوي الى سوق لتمجيد البعث والقائد , وحوصر او منع اي فكر مغاير لهذه المفاهيم . ومع بدء الحرب العراقية الأيرانية التي اشعلها صدام بتشجيع امريكي - خليجي
جرى توجيه الثقافة والأعلام لصالح الحرب والعدوان وتصفية كل الخصوم بذريعة حماية الجبهة الداخلية .
والحقت نقابة الصحفيين واتحاد الأدباء باللجنة الأولمبية واصبحت كل الحركة الثقافية تحت إمرة الماجن المخبول عدي , وهكذا طمس الوجه الأنساني والتقدمي للثقافة العراقية وسادت ثقافة عبادة الفرد والثقافة المخابراتية وشراء الذمم , بل وصل الأمر الى شراء ذمم العديد من الأعلاميين والمثقفين العرب في عدد من الدول العربية , وقد فضحت كابونات النفط العديد منهم
.لقد اثار استغرابي قول احد الأصدقاء التقدميين , ان مرحلة السبعينات هي الفترة الذهبية للثقافة العراقية , ولست ادري بالمقارنة مع اي فترة من فترات التاريخ العراقي ؟ وهل كانت هذه الفترة الذهبية من عيار 10 قيراط ام 21 قيراط ام انها سبيكة نحاس بطلاء ذهبي ؟ ! وهذا هو الأرجح
بعد السقوط
وسقطت الدكتاتورية تحت اوزار جرائمها وحروبها وعزلتها عن الشعب الذي اكتوى بنارها في كل جوانب حياتها .....وجاء الأحتلال بكل ما يحمل من اهداف ومصالح قريبة وبعيدة , وممارسات قذرة , وبرزت كل تناقضات الأربعين سنة منذ انقلاب شباط الأسود عام 1963
, وسقطت الدولة واجهزتها المختلفة بأقل من ثلاثة اسابيع , ذلك السقوط المدوي الذي اذهل العالم وحتى الأمريكيين انفسهم , ولكنه لم يذهل المراقب السياسي العراقي الذي يعرف مدى عزلة ذلك النظام ونقطة ضعفه القاتلة ....ومنذ الأيام الأولى لسقوط النظام , كانت الثقافة العراقيةوالتاريخ الحضاري العراقي هما الهدف الأول في الأجندات الأقليمية والدولية وفي اهداف فلول النظام الساقط . ففي الوقت الذي فجرت الجماهير الغاضبة حقدها المقدس على قصور وممتلكات رموز النظام , واسقاط تماثيل الطاغية , كانت الهجمات المدروسة والمحددة اهدافها سلفاً تشير الى استهداف التاريخ والثقافة العراقيين .
1- فقد هوجم المتحف العراقي وسرقت محتوياته بينما كانت الدبابات الأمريكية على بعد 50-100 متر منه , وحين استنجد حراسه بالقوات الأمريكية , كان ردهم : اننا لسنا شرطة لحماية المتحف , وسرقت ألوف القطع الأثرية التي تحكي حضارة وادي الرافدين على مر العصور
2-وهوجم مركز صدام للفنون في منطقة الشواكة القريبة من المتحف , وتصدى للمهاجمين احد الفنانين وحراس المركز وعدد من اهالي المنطقة وردوا فلول السراق , إلا انهم عادوا في اليوم الثاني واحرقو المركز بكل ما فيه من لوحات لا تقدر بثمن لفنانين عراقيين ومنحوتات اخرى تحكي جزءأً من ثقافة العراق وحضارته .
3- وبعدها بايام احرقت المكتبة الوطنية العراقية بكل محتوياتها وكتبها ومخطوطاتها التاريخية النادرة
4- واستهدف بعد هذا شارع الثقافة العراقية , شارع المتنبي , فاختلط الحرف واكتاب بدماء زوار هذا الشارع المتميز , من المثقفين وعشاق الكلمة , دون تمييز بين القرآن ورأس المال , او علماني ومتدين اويساري ويميني او شيعي او سني اومسيحي اوصابئي
5- وبدأت حملة تصفيات جسدية لعشرات ومئات المثقفين من امثال الشهيد كامل شياع والشهيد شهاب التميمي غيرهما الكثيرون , وهجر مئات بل الوف الأختصاصين من علماء واطباء ومهندسين ومن مختلف الأختصاصات الأخرى , واساتذة الجامعات العراقية , وما زال العمل جارياً حتى الآن لتفريغ العراق من ثروته البشرية المتميزة
وفي موازاة هذه الحملة الدموية الشعواء سادت ثقافة التخلف والتردي والفساد وثقافة التطبير واللطم والذبح و "العشاء مع النبي ", واطلقت يد العصابات الأجرامية والميليشيات الطائفية المسلحة في كل مدن العراق , باستثناء اقليم كردستان , لتتدخل بحياة الناس وخصوصاً في الجامعات العراقية وجرى التحكم حتى بالملبس و فرض الحجاب حتى على غير المسلمات من الطالبات والتدريسيات , اما التدخل في المناهج الدراسية ابتداءاً من المدرسة الأبتدائية وحتى الجامعة , فحدث ولا حرج , وساد الفكر الطائفي المتخلف, وحرم الغناء والموسيقى حتى في الأعراس , وما موقف مجلس محافظة بابل في افشال مهرجان بابل , و" احترام " وزارة الثقافة لهذا الموقف , حيث الغيت الفقرات الموسيقة والغنائية وحتى الغناء الريفي العراقي القريب من النواح , ناهيكم عن منع الفرق الأجنبية المدعوة من تقديم عروضها بحجة الطابع الديني لمحافظة بابل !! ان جرح الثقافة العراقية كبير وعميق , لا يمكن حصره بهذه المقالة القصيرة .
والآن , وفي العودة الى عنوان الموضوع , اين مكان الثقافة العراقية بعد هذه السنوات العجاف ؟
ففي المرحلة الأولى من سقوط النظام السابق , وانفلات الوضع , كان الجميع بانتظار الهدوء والأستقرارلتتضح الصورة , إلا ان الأمور جرت خلال هذه السنوات الصعبة باتجاه طمس الهوية الوطنية للثقافة العراقية , واغلقت المسارح ومعارض الفنون التشكيلية ودور السينما والصالونات الأدبية وكل المهرجانات الثقافية , وسادت ثقافة التطرف الديني والطائفي
,, وجاءت انتخابات الدورة الأولى للبرلمان العراقي ومجالس المحافظات وبالأستناد الى دستور أُعد على عجل , فبات خاضعاً للأجتهادات والتبريرات والتفسيرات , وكانت نتائجها سيادة فكر المحاصصة الطائفية والقومية . وجاءت انتخابات الدورة الثانية , ومع تحسينات
(مكياج )الكوتا للأقليات الدينية , فأن النتائج جاءت مشابهة للدورة الأولى , ان لم تكن اكثر تخلفاً وطائفية , ومع ان المكون السني الذي قاطع الدورة الأولى , دخل الأنتخابات الثانية بثقل وفاعلية , وكانت النتائج كما شاهدها العالم اجمع , حيث مرت ثمانية اشهر لم يجتمع بها البرلمان الجديد , جلستين , وما زال تشكيل الحكومة معلقاً .
ان صراع " الديكة " العراقي الذي شهده العالم اجمع , لم يدمِّ الديكة المتصارعة فحسب , بل ان دماء الشعب العراقي هي التي كانت وما زالت تسيل , وتعطلت كل المشاريع التي كان معولاً عليها , ان تدفع عجلة الأقتصاد والحياة العامة للناس الى امام , وتدهورت الحصة التموينية التي يعتاش عليها غالبية ابناء الشعب العراقي , بدعوى شروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لمعالجة ديون العراق السابقة .
لقد اثبتت الوقائع , ان جوهر الصراع ودوافعه هو الأستحواذ على مراكز السلطة والمسؤولية ومن اجل الجاه والثروة .
لقد نشر الكثير عن اللقاءات والمفاوضات الصعبة والأستقواء بالدعم الأقليمي والدولي , وافتضحت الكثير من الأسرار والممارسات وكان الأرهابيون وعصابات الجريمة المنظمة وفلول وايتام البعث الفاشي والميليشيات المنفلتة , كل هذه المجموعات المعادية لطموحات الشعب العراقي وتطلعاته نحو غد سعيد ومتطور , كلها كانت ترقص على انغام هذا الصراع من خلال الأختراقات في كل مفاصل الدولة وخصوصاً الأمنية منها . ومع كل هذا الضجيج لم نقرأ او نسمع عن مواقف الأطراف المتصارعة من الثقافة العراقية وهويتها الوطنية , ولم نسمع ان جهة من الجهات قد عرجت على هذا الموضوع من قريب او بعيد , ام انها اختلفت على الموقف من الثقافة العراقية وحمايتها , وظل المثقف العراقي في مهب الريح تتقاذفه امواج الصراع السياسي ذي الأهداف الأستحواذية الواضحة , وتبتلعه الغربة القاتلة في دول الأنتظار ودول اللجوء وتهمله القوى والأحزاب المتنفذة , صاحبة القرار والسلطة , فالشاعر العراقي العملاق والمناضل الباسل ضد كل الأنظمة الدكتاتورية والرجعية , مظفر النواب , يعاني من امراض كثيرة ويتبرع لعلاجه احد الموسرين العراقيين النبلاء , وتعاني الأصابع الذهبية للموسيقار محمد جواد اموري من الشلل , دون ان يلتفت اليه احد ويعاني الشاعر الشعبي الكبير كاظم اسماعيل الكَاطع من نفس المرض واختطف هذا المرض اللعين الفنانة المبدعة امل طه وحرمنا من فنها المتميز وابداعها المسرحي المعروف . لقد ناشد عدد من الكتاب بينهم كاتب هذه السطور الحكومة العراقية الموقرة ان تلتفت لهؤلاء المبدعين وان ترعاهم باعتبارهم ثروة وطنية لا تعوَّض, بعد ان قدموا احلى سني شبابهم اباعاً ونضالاً , ولتبرهن الجهات المسؤولة انها ترعى الثقافة والمثقفين دون النظر الى انتماءاتهم السياسية والدينية والمذهبية .
لقد استبشر كل العراقيين المخلصين , والمثقفين منهم على وجه الخصوص, باعلان حكومة السيد المالكي عن اقامة اربع تماثيل لشخصيات عراقية كبيرة لا يختلف اثنان على وطنيتها ومكانتها , هم : الشهيد عبد الكريم قاسم , ومتنبى القرن العشرين الجواهري الكبير , والمناضلة البارزة الدكتورة نزيهة الدليمي , والشخصية العراقية البارزة السيد احمد الوائلي
, فهل سيرى هذا القرار المنصف النور , ام اغرقته موجة الصراع للأستحواذ على السلطة ؟
ومع ان وزارة الثقافة لا تقرر وحدها مسيرة ووجهة الحركة الثقافية للعراق الجديد , إلا اننا نتطلع لرؤية الوجه العراقي الوطني المشرق لهذه الوزارة بعيداً عن اجواء المحاصصة الحزبية والطائفية والفكر السلفي المتخلف .
وفي الختام ان عام 2011 سيشهد احتفالات علمية في العديد من جامعات العالم بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد العالم العراقي المندائي الكبير د . عبد الجبار عبد الله , اعترافاً بمكانته العلمية وانجازاته المعروفة على نطاق العالم , فهل ستحتفي الحكومة والجامعات العراقية بذكرى ميلاد هذا العالم الجليل ؟ وهل نُفذَ قرار تسمية احدى قاعات جامعة بغداد باسمه الكريم وهل عُثر على اضبارته المفقودة في جامعة بغداد , وقد كان رئيساً لتلك الجامعة ؟ وهل تمت تسمية احد شوارع بغداد باسمه كما تقرر قبل سنوات ؟
ان التاريخ سيسجل لهذا العالم الجليل انجازاته العلمية الكبيرة , وخصوصاً ما يتعلق منها بالأنذار المبكر لحدوث الأعاصير , فهل سيفتخر به بلده الأم ويضيفه الى سجل حضارته العريقة التي انجبت مئات والوف العلماء والمفكرين والمثقفين على مر العصور لنسجل انجازاً واحداً في رعاية الثقافة والمثقفين , بدلاً من رعاية مجالس طالبان العراقية التي اطبقت اصابعها القذرة على عنق الثقافة العراقية ؟

نشرت في وجهة نظر
الصفحة 2 من 2

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014