• Default
  • Title
  • Date

اســـــوثا نهويلخـــــــــون

 

لايزال  بعض المندائيين يمارسون مهنتهم رغم ضئالة الاجور وكونها متعبة جدا في زمن الكل يبحث عن عمل مريح

انه الشيخ  من سوق الشيوخ الذي لايزال يمارس مهنه الحدادة وهو صاحب اقدم محل حدادة في سوق الشيوخ

 

http://thiqarwindow.com/news.php?action=view&id=2064

صابئة سوق الشيوخ : صناعاتهم اليدوية بين الحرفة والتراث

 

ربما عند تجوالك في شوراع  سوق الشيوخ يستهويك صوت مطرقة صابئة وهي تحاول صنع منجلا او (مسحاه) او يلفت انتباهك المناجل التي على شكل اهله صنعها بيد صابئية كادحة (شارع الصبة) كما يطلق عليه يمتلئ بمحال لمهنة الحدادة اليدوية التي تعتبر تراث سقشخي لقدمها وجماليتها

 

الشيخ نصير صاحب اقدم محل للحداده قال "لنافذه ذي قار" المهنة تعني لي تراث توارثته عن اجدادي كما انها محببة لي جدا اشتهرنا بها نحن الصابئيون وهي ايضا مهنة تمتاز ببساطة لعمل اليدوي البحت الا هذه الايام فقد دخلت عليها النتاجات التجارية الجاهزة وهي ايضا مهددة بل انقراض بسبب عزوف الفلاح عن ارضه لان المهنة تعتمد بالاساس الاول على الفلاح العراقي.

 

سمير السلمان احد مثقفي المدينة اضاف ايضا "لنافذه ذي قار" الصابئة المندائيون تلك الطائفة المسالمة التي قطنت الاهوار العراقية منذ الاف السنين وكأنها درة مكنونة استقرت بجذور التاريخ والحضارة فلبقائها بقاء عضوي في العراق القديم والارمية التي لولاها لانقرضت .

 

اما ارتباطهما بمهنة الحدادة التي عرفوا بها منذ القدم وانواع مناجلهم التي تستهوي الفلاح العراقي وهم اول من صنع السفين الصغيرة (المشحوف) لسهولة تنقلهم بين اهوار العراق كما اشتهروا منذ القدم بالنقش على الفضة أي (المينا)وبقيت هذه المهنة لسيقة بهم الى يومنا هذا.

 

 

 

 

نشرت في وجهة نظر

بمناسبة الذكرى الواحد والخمسين لانقلاب شباط المشؤوم عام 1963

 

 تورونتو / كندا

 

أولا :::- انسانية ووفاء جبار الشرطي !؟

 

في صبيحة الثامن من شباط 1963 استيقظنا على ( عواء الذئاب ) بيان رقم واحد المشؤوم حينما كنت رئيسا للاطباء المقيمين في مستشفى الفرات الاوسط في مدينة الكوفة .. وجاءت التعليمات الفورية بضرورة المقاومة والتصدي .. وان هنالك مقاومة جماهيرية شرسة مع ترقب حذر في بغداد ومحافظات الجنوب والفرات الاوسط ومنها النجف والكوفة .. جائني جبار الشرطي وهو احد رجال الشرطة العاملين في مستشفى الفرات الاوسط في الكوفة .. كان هذا الرجل يحمل لي المودة والمحبة والاحترام نظرا لمعاملتي وعلاقتي الحسنة معه ومساعدتي ورعايتي له ولعائلته ولاطفاله طبيا وماديا .. قال لي باكيا .. عمي هنالك انقلاب ضد عبد الكريم قاسم وجماهير الفقراء نزلت الى الشوارع في بغداد لاحباط هذا الانقلاب وقد حصلت مذابح .. وقال لي ارجو ان لا تغادر الكوفة وان تسمح لي بالذهاب الى بغداد للاطمئنان على عائلتك .. والدك ووالدتك واخوتك وخواتك وسأحاول جلبهم الى الكوفة .. فشكرته واعطيته بعض النقود واوصيته بأن يحترس ويأخذ الحيطة والحذر ... وفي صبيحة اليوم الثاني علمت بأن الاعتقالات قد طالت كل معارفي وأصدقائي وكل ماهو شريف ومثقف من اعيان الكوفة والنجف ... وما هي الا فترة وجيزة حتى قامت حفنة من جلاوزة الحرس القومي باقتحام المستشفى وقاموا باعتقالي واعتقال عدد من كوادر المستشفى من اطباء ومضمدين وممرضات وآخرين .... واودعونا في مركز شرطة الكوفة المكتظ بالمعتقلين الاخرين !!؟ وفي صبيحة اليوم التالي جائني الى المركز جبار الشرطي وكلمني من خلف القضبان وأخبرني بانهم قاموا في بغداد باعتقال والدي وأخي ناجي واودعوهم في معتقل النادي الرياضي الاولمبي في الاعظمية وهم يفتشون عن خواتي نجاة وساجدة وقد قاموا باعتقال كثير من الاقارب واولاد العمام .. وقال للاسف لم أستطع فعل أي شئ .. اما في المستشفى فقد اعتقلوا عدد من الاطباء الاختصاصيين ومنهم الدكتور الجراح رضا عجينة والدكتور شاكر القطيفي اختصاصي الباطنية والقلبية وبعض منتسبي المستشفى .. وقال لي لقد صادروا مسدسك واجازة حمل السلاح حيث وجدوها في غرفتك وعند خروجهم حاولوا حرق سيارتك فقمت انا وبعض الاخيار باطفائها .. وطلب مني سويج السيارة لنقل السيارة الى بغداد فاخبرته بمكان السويج .. وفعلا لقد فعل ذلك وبقي هذا الرجل الوفي والشهم يلاحقني الى كل المعتقلات ومراكز التعذيب التي نقلت اليها حينذاك ويتابع اخباري ويرفدني بالاخبار كحلقة وصل بيني وبين الاهل خارج السجن حتى بعد نقلي ونقل ماتبقى من المعتقلين الى سجن الحلة واطلاق سراحي في بداية كانون ثان 1964 بعد الانقلاب التصحيحي ! لعبد السلام عارف ضد حلفائه !!!!!؟

 

ثانيا :::- كيف قتل المقبور محمد رضا الشيخ راضي آمر الحرس القومي في النجف ؟

 

لقد تم نقل المعتقلين في الكوفة بعد أيام الى معتقل الامن في النجف وبطريقة مهينة حيث اصطف اوباش الحرس القومي والمرتزقة المدججين بالسلاح على جهتي مدخل البناية وحتى اللوريات المهيئة للنقل وهم يكيلون انواع الشتائم والاهانات والركل والضرب بالهراوات للمعتقلين اثناء صعودهم الى وسائط النقل وتم نقل الجميع الى معتقل أمن النجف قبل ان ينقل هذا المعتقل الى المكان الجديد ..... فوجدنا معظم اخيار ومثقفي مدينة النجف من اطباء ومهندسين ومحامين ورجال دين مشهورين وادباء وشعراء واساتذة ومعلمين وطلاب وتجار ومن النخب الطيبة من كافة الشرائح ... واتذكر منهم الدكتور رضا عجينة والدكتور شاكر القطيفي والمحامي شاكر جريو والمحامي حميد السكافي والمحامي عبد المنعم الصائغ والمحامى جواد عبد الحسين والدكتور خليل جميل والدكتور حميد الفضل والدكتور حسن عبره والموظف الصحي كاظم معله والمهندس سمير سارة والشاعر والاديب عبد اللطيف اطيمش والحاج صادق الصفار والاستاذ جواد الرفيعي والحاج مهدي شلال التميمي والاستاذ الاديب داود ملا سلمان ( أخ الاديبة والشاعرة المعروفة وئام ) والحاج عبد الرحيم الشمرتي وعبد الزهرة الشمرتي ومحمد علي الشمرتي وعبد الله الشمرتي والاخ جبار ابو رزاق والاستاذ نوري جريو والاستاذ أديب عجينة وكثير غيرهم ....؟؟ ( أرجو المعذرة للذين لم تسعفني الذاكرة لذكر أسمائهم ) ...... وما أن يحل الظلام مساء حتى يأتي المنادي (غراب البين !! ) لياخذ مجموعة منا للتحقيق في مقر الحرس القومي ، فمنهم من يذهب ولا يعود ! ومنهم من يؤتى به وهو سابح بدمائه لاتسمع منه الا الانين ومنهم من ياتي معافى لانه اعطى كل ما لديه من معلومات فيها الافتراء وفيها الصحيح وقسم آخر لم يمس بأي ضرر ولم يعذب كونه من الاقارب والمعارف والانتهازيين وذوي ( الوساطات والمحسوبيات الرشاوي !!)؟  فتوالت الانهيارات والاعترافات والمساومات !! من قبل ذوي النفوس الضعيفة . وفي مساء ذات يوم جاء (غراب البين !! ) مع مجموعة خائبة من المسلحين وناداني وذهبت معهم واخذوني الى مقر الحرس القومي فوجدت المآسي هناك بين اناس غارقين بدمائهم معلقين من ايديهم في المراوح السقفية ودفعوني فتدحرجت الى سرداب طافح بمياه آسنة ذات روائح كريهة ووجدت هناك اجساد بشرية لاتسمع منها الا الانين بين الحياة والممات .. وقد تناوب علي في التعذيب كل من المجرمين محمد رضا الشيخ راضي ( أخ محسن الشيخ راضي )؟  ومهدي الشرقي ومدلول المحنا ... وقالوا لي نحن لانريد ان تعطينا المعلومات عن جماعتك فقد اعترف عليك الجميع وهذه اعترافاتهم عن نشاطاتك ومسؤولياتك في النجف ... ولكن نريد ما لم يعرفونه ولديك مسؤليات وتنظيم في الكوفة وابو صخير والحيرة فقلت لهم هذا كذب وانا غريب عن هذه المناطق فتناوبواعلي بالتعذيب والضرب مستخدمين الركل والكيبلات والهراوات والتيار الكهربائي ... وبقيت هناك ثلاث ليالي بدون مأكل او شراب عدا رذاذ الماء المتطاير من ماسورة ماء يرشونه علينا بغرض التعذيب في تلك الايام الباردة والدماء تسيل من مختلف انحاء جسمي وكسور متعددة في الرقبة وعظم العضد الايسر والاضلاع والتي ثبتتت بالصور الشعاعية فيما بعد ... وفي صبيحة اليوم الثالث حصلت المفاجئة بعد أصوات جعجعة الاسلحة وحركة الحرس القومي ، واذا بصوت يعلو ... لقد قتل محمد رضا الشيخ راضي !!!؟ وبعدها ساد الصمت ، وجاء الفرج وحملوني من السرداب ورموني في قاعة المعتقلين وانا متعب وغير قادر على الحركة وبسرعة تلقفوني اصدقائي ومعارفي من المعتقلين وتألموا للوضعية التي كنت أنا فيها وقاموا بتضميد جراحي ومساعدتي بتغيير ملابسي ... كما انهم أفرغوا مقر الحرس القومي واعادوا المعتقلين الى معتقل الامن الذي نقلوه الى السرداب في بناية مديرية شرطة النجف الجديدة .. وهذا المعتقل الجديد عبارة عن سرداب كبير أظلم لاتدخله الشمس وقاتل في رطوبته ... وبعد نقلنا اتضح ان هذا المجرم ومجموعة اخرى من الحرس القومي قد ارسلوا بمهمة من قبل المسؤولين لمطاردة مجموعة مسلحة من الشيوعيين وقيادتهم منسحبين ومختبئين في بساتين العباسيات قرب الكوفة .. وحينما علموا هؤلاء بهجوم الحرس القومي .. نصبوا لهم كمائن وقتلوا عددا منهم ومن بينهم قائد الحرس القومي في النجف المجرم المشار اليه اعلاه ... وقد تسنى للشيوعيين المطاردين الانسحاب بسلام وبدون خسائر .؟ وبموت هذا لقد نجونا من الموت وتغيرت أساليب التحقيق مع المعتقلين الاخرين !!!!؟

 

ثالثا :::- كيف استشهد الطفل هادي !!؟؟

 

بعد نقلنا الى السرداب الجديد في النجف اخبرني أحد المعتقلين المرحوم محمد حياوي بعد ان علم بقصتي ... قال هل سمعت بالطفل ( هـ ) ذو الاثنتي عشر ربيعا الذى فضل الانتحار على الاعتراف على اهله ومعارفه من شدة التعذيب الذي واجهه من قبل نفس الشلة التي اشرفت على تعذيبك ... وفعلا لم يخلص من التعذيب الا بالانتحار !!!؟؟

قال نتيجة لوشاية القي القبض على الطفل ( هـ ) البالغ من العمر 12 سنة وهو ابن الحائك الذي كان يخبئ مطبعة الحزب في بيته ويخفي صوت المطبعة بماكنة الحياكة وجائوا به الى مقر الحرس القومي .. وتفاجأ هذا الطفل بالشخص المسؤول عن المطبعة اذ كان تحت وطأة التعذيب فتفهم الموضوع .... وسالوه هل تعرف هذا الشخص ؟ فاجاب كلا انني لا أعرفه ولن أراه سابقا ... وبدأوا بضربه وتعذيبه وطلبوا منه ان يدلهم على المطبعة واين نقلوها ؟؟ وفي كل مرة كان ينفي علمه بها ... وبقي على هذا المنوال والتعذيب الوحشي والتعليق وربط المجرى البولي بالخيوط لعدة ايام والى جنبه ذلك الشخص المعلق تحت وطأة التعذيب المستمر والذي كان يئن من جراحه ... ويقول للطفل بصوت خافت ... يابني اذا لم تتحمل دلهم على ما يريدون !!!؟ فصاح الطفل مناديا جلاديه انزلوني سادلكم على ما تريدون ... فهرعوا وانزلوه وجلبوا له الماء وبعض الطعام ... وأثناء الليل قالوا له لنذهب فاخذهم الى مكان ما يمينا وشمالا في العراء وبعدها يعتذر ويقول للاسف لا استطيع التركيز الان فغدا سادلكم على المكان وينهالون عليه بالضرب ويعيدوه الى المعتقل ... ومضى معهم في هذه اللعبة أيام وليالي معدودة في أماكن أخرى ولكن بدون فائدة وبعد عودته الى المعتقل هددوه واوعدوه بالتعذيب والاغتصاب والقتل في صباح اليوم الثاني ، لكنه كان قد اعد عدته لوضع نهاية لهذا التعذيب ... ففي منتصف الليل اخرج موس الحلاقة الذي كان قد أخفاه وضرب رسغه عميقا بهذا الموس فقطع شريان ووريد الرسغ ووجد في الصباح الباكرغارقا بدمائه وقد فارق الحياة !!؟

 

رابعا :::- المضحكات المبكيات من الطرائف المأساوية في معتقلات النجف وسجن الحلة ؟

 

أولها -- لقد كان معنا في معتقلات النجف ومنذ البداية الشخصية النجفية المرموقة والرائعة عضو مجلس السلم الحاج صادق الصفار ... والكل يعرف ان الحاج صادق من مدمني ومحبي الاركيلة ( الغرشة ) ... فاذا زرت بيته في النجف تراه وكانه متحف لانواع الاركيلات في العالم وهو رجل ميسور وذو مكانة مرموقة .. وفي اليوم الاول من اعتقاله طلب من السلطات الامنية وترجاهم ان يسمحوا له بادخال اركيلته معه لانه لايستطيع بدونها فرفضوا ... مما جعل كافة المعتقلين وهم يعيشون محنتهم أن يتعاطفوا معه ... وجائنا صديقي جبار الشرطي واعطيته بعض النقود وطلبت منه ان ياتي لنا بصورة خفية بابريق من التنك وقواطي جبن كرافت صغيرة وصوندة مطاطية بطول متر وفحم يحترق ذاتيا وجلب بعض التبغ وبهذا فقد قام أحد المعتقلين بصنع ما يشبه الاركيلة من هذه المواد تفي بالغرض، وتعاون كل المعتقلين بتعميل هذه الاركيلة بصورة سرية للحجي كلما اشتهى ذلك بعيدا عن مرأى الشرطة ورجال الامن . كان هنالك بين المعتقلين شاب أصغر المعتقلين عمرا اسمه عبد الله الشمرتي وهو محبوب جدا ومقرب للحاج صادق ودوما يتمازح معه ويسأله عما اذا كان هنالك امل بمجيئ قوائم اطلاق سراح حيث اخذت تتوالى قوائم اطلاق السراح ولكنها لا تتضمن عبد الله والحاج صادق وبعد اسابيع عديدة وصل هذا المزاح بينهما الى حد المماحكة  والازعاج .؟ كان الحاج صادق يجيد نظم الشعر الشعبي وكعادته أراد ممازحة الشاب الظريف عبد الله والذي يدلعونه اهله بـ ( عبللي ) فقال له :::-؟

 

سبع نحرير ياوليدي عبالي

 

و( شعرتك ) لو احوجنها عبا لي

 

ياربي ماتفك سجنه العبللي

 

ويروح الوالده بهذي المسية

 

فغضب عبد الله كثيرا واغتاض على الحاج صادق وفكر باجابته ولكنه لا يجيد نظم الشعر فذهب الى استاذه الاديب والشاعر المهذب والخجول عبد اللطيف اطيمش وطلب منه بعد الالحاح ان ينظم له شعرا ضد الحاج صادق الصفار ( أبو موسى ) متوسلا اليه فقبل وقال

 

له اذهب وقل له :::-؟

 

يبو موسى المصايب جرت واسدت 

 

وعليك ولا قوائم بعد وصدت

 

صرت تالي العمر بالسجن وسده

 

وغرشتك بالبريك تصير هيه !؟

 

فغضب أبو موسى واغتاض على عبد اللطيف وعلى الجميع وبعد ايام اطلق سراحهما ولا أعلم لحد الان عن اخبار الحاج صادق اطال الله في عمره ان هو لازال على قيد الحياة ..؟

 

أما عبد الله فاستمرت صداقتنا معه وحتى هذا الحين .؟

 

وثانيها .. بعد حركة الشهيد البطل حسن سريع وقضية قطار الموت الشهيرة اطلق سراح الكثير من كانوا معي في الكوفة والنجف وبقي مئات آخرين وهم من خيرة الوجوه في النجف وكربلاء والفرات الاوسط ... أما أنا فكانت قيادة الحرس القومي في النجف تقوم بتمزيق برقيات اطلاق سراحي الصادرة من الحاكم العسكري في بغداد والاصرار في عدم تنفيذ أوامر اطلاق سراحي التي كان يجلبها المرحوم الوالد من الحاكم العسكري في بغداد بالرغم من وساطات أخيار ووجهاء النجف والكوفة وجهود الوالد وعلاقاته الواسعة في بغداد حيث أصيب الجميع بالاحباط واليأس ... وقد تقرر نقلنا جميعا الى سجن الحلة وحينما دخلنا السجن الذي كان مكتظا بالوف السجناء اكثرهم من الحلة والمدن الاخرى وانزلونا في قاعة تسمى قاعة الاصلاح الزراعي وهي معزولة عن بقية القاعات ولم نستطع اللقاء بهم الا من خلال ممثليهم اثناء استلام الارزاق او ايام المقابلات وبعض الاحيان من اشارات ضرب الجدران التي تفصلنا .؟

وحينما دخلنا السجن لاول وهلة وجدنا المآسي حيث كان سجناء الحلة في أسوأ حالاتهم وهم يقومون بتنظيف المرافق والحمامات وجفر المياه الثقيلة بالتنك والبراميل الصغيرة وكانوا قد حلقت رؤوسهم وسط اهانات الشرطة والحرس القومي في السجن وأذكر منهم بعض الشخصيات المرموقة والاصدقاء الاعزاء الذين تألمت عليهم كثيرا حينما رأيتهم ... ولا زلت اتذكر ان ادارة السجن كانت تستأجر جوقة من بعض نكرات الحلة المنحطين ويجلسونهم في الرواق المحيط بالسجن الداخلي ولعدة أيام ليقوموا بالسباب والشتائم ومختلف الاهانات ضد سجناء الحلة ويقضون النهار بالصياح والنباح بأعلى اصواتهم وبمكبرات الصوت اليدوية وهم يسبون ويشتمون شخصيات الحلة المرموقة مثل الشيخ حسين كركوش والاستاذ الماشطة وجميع رموز ثورة تموز والشيوعيين ... اذ كان من بين هؤلاء السجناء أطباء ومهندسين ومحامين واساتذة مرموقين وفنانين وادباء وشعراء مشهورين ومعلمين ورجال اعمال وطلاب وكافة شرائح المجتمع الخيرة وقد تشرفت بمعرفة الكثير منهم ولا اريد ذكر أسمائهم لئلا اغفل أحدهم .؟

ومضت الايام وبدأت قوائم اطلاق السراح ونقل آخرين الى سجون أخرى ولكن لازالت هنالك ازمة في ايجاد مكان لنوم السجناء ولو كان ترتيب افرشة النوم كتعليب سمك الساردين !!؟ ولم يبق من الاطباء في قاعة الاصلاح الزراعي سواي فكلفني مسؤول السجناء ان اكون طبيب المعتقل للحالات الطارئة ... وهنا حصلت طرائف مأساوية مضحكة مبكية عديدة وكان الطفها ::-؟

 

في منتصف احدى الليالي جائني مسؤول القاعة ( الاستاذ جواد الرفيعي الله يذكره بالخير)؟ وطلب مني ان اسعف أحد السجناء المصاب بآلام البطن والاسهال الشديد !!؟ فذهبت اليه وقال لي اريد ان اذهب الى المرافق حالا فقلت للمسؤول ماهي فائدة الدواء في الوقت الحاضر فالدواء يحتاج الى بعض الوقت ليفعل مفعوله والمهم الان يجب ان تضغطوا على حرس السجن بطريقة من الطرق ليفتحوا الابواب المؤدية للمرافق الصحية ويسمحوا لهذا المسكين لافراغ بطنه فقال لقد فعلنا ذلك ولم تفتح الابواب فماذا نفعل !؟ فقلت له ان يوقظ قسما من السجناء النائمين في احد الاركان وتوضع تنكة الازبال ويستر ببطانيات ففعلوا ذلك وايقظوا مجموعة من احد الاركان ووضعوا تنكة الاوساخ وتكليف مجموعة لمسك البطانيات الى حين الانتهاء من قضاء الحاجة ... واخذ الجميع يسألونه هل ( خلصت !؟ ) وما أن أجاب المسكين بكلمة نعم حتى رفعوا البطانيات فوجدوه قد اخطأ الهدف !!!! وان ما فعله كان خارج التنكة !! فصاح الاستاذ جواد الرفيعي بأعلى صوته غاضبا .. ( يارفيق ندري الظروف عوجه لكن " ط... " ليش أعوج؟ ) تعال هسه منو ينظف المكان؟ وين راح ينامون الرفاق !!؟

 

وثالثها .. من حسن الصدف !!!؟ لقد حصلت المعجزة !!؟

 

لقد أصيبت المرحومة الوالدة والاهل جميعا باليأس والاحباط حول موضوع اطلاق سراحي بالرغم من الجهود الكثيرة التي بذلها الجميع ... فشارت عليها صديقتها أم علي زوجة الحاج عبد الرحيم الشمرتي (رحمهما الله) بفكرة ايمانية نجفية ... أن يذهبا سوية حافيات القدمين لزيارة مرقد الامامين الحسين والعباس ( عليهما السلام ) في كربلاء ليشكوان الامر لهما ضد الحرس القومي وقياداته في النجف ... وكان ذلك منتصف اكتوبر من سنة 1963 ( وافقت الوالدة احتراما للائمة الاطهار وتقديرا لفكرة صديقتها العزيزة أم علي ولعلها تحصل على مرادها ..؟؟ ) فذهبن لانجاز هذه الزيارة واوعدن مراقد الائمة بجلب ذبيحة ( نذر ) في حالة الاستجابة لشكواهما .... وطلب منهما السيد المطوف ( وخفية ) في حرم المرقدين ان يكتبا عريضة متضمنة للشكوى والمراد ...... ورميا العريضة من خلال شباك العباس (عليه السلام ) فقال لهما المطوف امهلوا العباس شهرا واحدا فقط .. وشاءت الصدف وبعد شهر تقريبا أي في أواسط نوفمبر ان يقوم عبد السلام عارف بالانتفاض والانقلاب ضد حلفائه البعثيين والحرس القومي .. فتغيرت الامور كثيرا وجاء الفرج بعد اسابيع حيث اطلق سراح معظم المعتقلين بكفالات واعادة التحقيق مع الاخرين ... وبعد اشهر قليلة علمنا بان المجرم الاخرالمدعو مهدي الشرقي قائد الحرس القومي في النجف آنذاك قد فقد بصره فجأة وأصيب بالعمى !!!!! ولحد الان لا أعلم شئ عن أخباره ... ولكن وبعد اطلاق سراحي كان علي ان أدفع ثمن الذبيحة الى الوالدة وأم علي للايفاء بالنذر الى الامامين (عليهما السلام) في كربلاء لاستجابتهما للشكوى !؟

 

ورابعها .. لوانت بمكاني جان كلت آني لينين !!!؟

 

في الحلة القي القبض على شخص بسيط وطيب القلب يعمل بائع ( ركي ) في سوق الحلة واخذوه الى مقر الحرس القومي للتحقيق ... ذنبه انه في ايام المرحوم عبد الكريم قاسم ومحاكمات المهداوي ( رحمه الله ) كان دائما يصيح في السوق بأعلى صوته ( اجاهم ابو العباس ) فكانوا حاقدين عليه كثيرا لتصرفاته هذه .... فبدأوا بتعذيبه تعذيبا شديدا وبمختلف الوسائل يطلبون منه الاعتراف ... ولكن هذا المسكين لم يكن لديه اتصال بأي تنظيم حزبي سوى أنه كان يحب عبد الكريم قاسم ورجالات الثورة ، فلم يتحمل قساوة التعذيب .. وفي احد الايام قال لهم ساعترف لكم فرفعوا عنه التعذيب وجلبوا له الطعام والماء والشاي وبدأ يتكلم وهم يسجلون له لانه أمي لا يقرأ ولا يكتب فقال أنا عضو اللجنة المركزية ( وأخذ يذكر أسماء معروفة آنذاك !!؟ ) ونجتمع بعامر عبد الله وسلام عادل وزكي خيري وعزيز الحاج وجمال الحيدري وعبد القادر اسماعيل وووالخ ؟ فقالوا له اين تجتمعون فقال في بيتنا بالحلة ... وسفط لهم معلومات عامة مما كانت تنشر في الصحف ووسائل الاعلام اليومية واجبروه بأن يوقع على ما أفاد به وأعادوه الى السجن وبقي الى حين انقلاب عبد السلام عارف ضد الحرس القومي وبعدها تقرر اعادة التحقيق من قبل لجان تحقيقية مع من بقي في السجون .؟ فشاءت الصدف ان يكون التحقيق معه امام احدى هذه اللجان التي كان يرأسها احد أقاربه والذي يعرف عنه أنه كان بسيطا وليس له اي ارتباط سياسي بأي حزب فقال له ماذا عملت بنفسك ؟ ( شنو هذا الخرط اللي انت خارطه على نفسك ؟ ) فقال له أمام اللجنة التحقيقية ( اسمع بيك والله العظيم تره لو انت ابمكاني وشايف ذاك التعذيب جان كلت آني لينين !!!؟ ) فتقرر الافراج عنه واخلاء سبيله .؟

 

خامسا :::- وشهد شاهد من اهلها ( في قصر النهاية !!!! )؟ 

 

مضت السنين وفي عام 1967 كنت اعمل طبيبا ممارسا في العمارة .. وصلتني اشارة من الحزب الشيوعي في العمارة  بان حياة أحد اطباء العمارة ( أ. ت . ف . ) الذي كانت تربطني به صلة معرفة وزمالة مهددة بالخطر وهنالك خطة لتصفيته من قبل البعثيين لانه بعثي متمرد على حزب البعث في العراق واصبح ما يسمى من جماعة سوريا .. لذا طلبوا مني بان اخبره بذلك ليأخذ الحيطة والحذر وابدوا استعدادهم لمساعدته وحمايته ... لهذا السبب التقيت بهذا الشخص وابلغته بالرسالة فكان ممتنا وبعدها توطدت علاقتي به وبدأ يفصح عن همومه واسراره واسباب مواقفه السياسية الجديدة ولو انه اجبر بعد سنوات على التخلي عن مواقفه ورجع الى صفوف حزب البعث حتى مماته قبل سنوات قليلة .؟

 

قال لي آنذاك لقد اوكلت لي مهمة طبيب قصر النهاية بعد الثامن من شباط وقد اجبرت عليها ولم تكن لي رغبة بها ... وقد ذهلت كثيرا من مشاهداتي لما حصل للشيوعيين وتعذيبهم الوحشى في قصر النهاية .. وقد اعجبت وانبهرت بشجاعتهم وايمانهم بالمبادئ والعقيدة التي يحملونها ... فقلت له أخبرني من رايت منهم ؟؟

 

قال كنت الطبيب الخافر في قصر النهاية في ليلة 1/2 من الشهر الثالث 1963 وقدر لي ان اشهد مشهدا مروعا ورهيبا !!! فدخلت احدى القاعات ووجدت شخصا معلقا على احد الجدران غارقا بدمائه وينزف من كل مكان وقد اقتطعت ونهشت اللحوم من جسمه وهو لا زال واعيا وحيا ولم يئن من آلامه ولكن التعب الشديد واضح على معالمه وسالت من هو هذا ألشخص ؟ قالوا انه حسين الرضي (سلام عادل -- سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي)؟

وفي هذه الاثناء وحينما كنت منبهرا ومندهشا ومتألما بنفس الوقت انفتحت احدى الابواب وجيئ بشخص آخر يدمى من كل مكان فاقدا للوعي تقريبا مرهق جدا ولا يعي ما يقول ولايستطيع الوقوف على قدميه وأمسكوا به امام سلام عادل .. ولم أعلم من هو الا بعد ان سمعت سلام عادل يقول له ... كن حسنا يا حسن ! فسقط حسن مفارقا للحياة ! وعلمت بعدها انه القائد الشيوعي حسن عوينة !!! واسترسل يقول لي ..... وبذلك كنت قد وثقت في تلك الليلة وفاة اثنين من كبار القادة الشيوعيين ... أي ليلة 1 / 2 --3 -- 1963

 

 ملاحظة ::- لقد نشرت هذه المقالة سابقا وبنفس المناسبة على معظم المواقع العراقية وبعض الصحف ، ننشرها الان مرة اخرى مع بعض التنقيحات ، كي لا ننسى ولتكن من ضمن آلاف الجرائم المروعة التي ارتكبت اثناء وبعد انقلاب شباط الاسود ضد خيرة ابناء الشعب العراقي وقواه الوطنية  

 

 

نشرت في وجهة نظر
الأحد, 05 كانون2/يناير 2014 11:30

الـمنـدائـيَّةُ . . والعلمانية

بينَ الحين والآخر ـ مع الأَسفِ ـ نسمعُ صوتاً لِأَحـدِ إخوتِنا المندائيين
وهوَ يهاجمُ ( العلمانيَّةَ ) والعلمانيينَ ، ووصفَهم بِأَعداءِ الــدّيـن وهوَ
.بهذا الأدعاءِ يلتقي يدري أَو لايدري معَ السَّلفيين التَّكفيريين المسلمين
وليسمحوا لنا هؤلاءِ الأخوةُ أَعداءُ العلمانيَّةِ أَن نَسأّلَهم هل تعرفون ما هوَ
مفهوم العلمانيَّةِ ؟ ولماذا هذهِ الحسّاسيَّةِ المفرطَةِ منها .. وعلى أَيـَّةِ
أُسُسٍ بنيتمُ موقفَكم السَّلبي تجاهها ؟ وهل عداؤكم للعلمانيَّةِ بهذهِ الحدَّةِ
قائمٌ على أَساسٍ علميٍ منطقي ، أَم هوَ مُجرد ترديدٌ ببغائي لِأَصواتِ القوى
المعاديَةِ للديمقراطيَّةِ والحريَّةِ والعلمِ ، والتي تتَمثَّلُ بأَصواتِ الفئاتِ المتخلِّفةِ
التي تعادي الأديان الأخرى وتقومُ بِأَبشعِ الجرائمِ بِإسمِ الدينِ ، فتعادي العلمانيين
وكلَّ دعاة العلمِ والديمقراطيَّةِ . كيف يكون العلمانيون مناوئون للدين وهم الذين قِ
يدعونَ ويعملونَ بِـإخلاصٍ الى الـعَدالـةِ والحريَّةِ لـِلأنـسانِ
في كلِّ مكانٍ بِإختيارِ عقيدَتهِ الدينيَّةِ وأَفكارِهِ السياسيَّةِ
والآيديولوجيَّةِ دونَ إكراهٍ أَو استبدادٍ ، بل وفصل الدين عن السياسةِ والدولةِ
لأَنَّ ربط الدّينِ بالدولَةِ يجعلُ منهـا حاميَةً وحاضنَةً لدينٍ معيَّنٍ واحدٍ متجاهلَةً
أَلأديانَ الأخرى كما هو موجود في الدولِ المتخلِّفةِ ، غيرُ( العلمانية ) ألأسلاميَّةِ
والعربيَّةِ كافَّةً ، حيثُ يكونُ دينُ الدَّولةِ هوَ الأسلامُ أمّا المواطنون الذينَ يعتنقونَ
الأديانَ الأخرى هم مواطنون منَ الدرجةِ الثّانيةِ أو الثّالثةِ .. ونحنُ نسأَل هؤلاءَ
الأخوةِ الذينَ يُعادونُ ويهاجمونَ العلمانيَّةَ والعلمانيينَ أَنتم الآنَ تعيشونَ في رِحابِ
دولِ الهجرةِ الأوربيَّةِ وأَمريكا وأُستراليا معزَّزينَ مُكرَّمينَ تحت رعايتها الأنسانيَّةِ
وهيَ دولٌ تعيشُ شعوبُها منذُ سنينَ طويلةٍ بظلِّ أَنظمَةٍ علمانيَّةٍ ، وقد وفَّرَتْ لكم
كلَّ مقوِّماتِ الحياةِ الحرَّةِ الكريمَةِ من مساواةٍ في الحقوقِ والواجباتِ مع مواطني
شعوبِها و قد وجدتم عندها الرعايَةَ والإحترام والحمايَةِ والأمان ، وتوفير العملِ
والدراسةِ والإهتمام بالطفولةِ والمرأَةِ ورعايَةِ المسنين والمرضى وشعرتم بصدقِ
إنسانيَّتها وهوُ الذي لم تجدهُ الطاّئفةُ المندائيَّةُ طيلة حياتِها في مجتمعنا ووطننا
العراقي الذي ما انفكَ يرفع شعارَ الدّينِ الأسلامي كدينٍ للدولةِ ، وقد تشرَّدنا منه
.. مع بقيةِ الأقليّاتِ الدّينية الأخرى ، هرباً من إرهابِ القوى الأسلاميَّةِ السَّلفيَّةِ
هذهِ هي العلمانيَّة وهذه هي أَنظمتها الحاكمةِ في دولِ اللجوءِ ، فهل يا تُرى هذهِ
الأنظمة التي تعيشون بين ظهرانيها الآن مستقريّنَ آمنين ، تمارسون حياتَكم
بِشكلٍ حضاري بظلِ الحريَّةِ والمساواةِ ومنها الحريَّة الدينيَّةِ وممارسةِ طقوسها
وشعائرِها ، هل هيَ أنظمة سَيِّئةٌ معاديَةٌ للدينِ ؟ .. نعم كيفَ يكون النظام الذي
يوفرُ الحريَّةَ والحمايَةَ لكلِّ الأديانِ في المجتمعِ ولا يسمح بسيطرةِ دينٍ واحدٍ
! على الأديانِ الأخرى ، كيفَ يكونُ مثلُ هذا النظام العلماني معادياً للدين ِ ؟
وهل يختلف العلمانيونَ المندائيون برأيِّكم عن هؤلاءِ العلمانيين الذين تعيشون َ
بنعيمِ أَنظمتِهم العلمانيَّةِ العظيمةِ ؟ ؟ وها هو الإتحاد العام للجمعياتِ المندائيَّةِ
في المهجرِ ، الخيمَةُ التي تظللُ على كُلِّ المندائيينَ بمختلفِ اتجاهاتهم الفكريَّةِ
وميولهم السياسيَّةِ ومستوياتهم في العقيدةِ المندائيَّةِ ، دونَ تفرقَةٍ أَو إقصاء
فهو لهم جميعاً ، يهتَمُ بِإمورهم في كافَّةِ المجالاتِ الأجتماعيَّةِ والثَّقافيَّةِ والعائليَّةِ
فهوَ يمكننا إعتبارَهُ بحق يمثِّلُ نمطاً من سلوكِ دولةٍ علمانيَّةٍ . وإذا عرجنا على
معنى ( العلمانيَّةِ ) فَبالتأكيد لا يكننا أَن نحيدَ عمّا جاءَ في المصطلحاتِ السياسيَّةِ
عن مصطلحِ العلمانيَّةِ بِأَنَّهُ مفهومٌ سياسيٌ حديث لنوعٍ من أنواعِ الحكمِ في الدَّولةِ
الدّيمقراطيَّةِ التي تحقِقُ هذا المفهوم بِإعتمادِها على العلمِ والقوانين الوضعيَّةِ
في حُكمِ الشَّعبِ معَ الحريَّةِ والعدالةِ والمساواةِ بعيداً عن تأثيرِ أَيَّ سلطةٍ أخرى
كالسلطةِ الدينيَّةِ ، إذ إنَّ الدّينَ وُجِدَ ليسَ للحكمِ وإنَّما لِإرشادِ النّاسِ وتوجيهِهم
نحو السلوك القويمِ بِالأبتعادِ عن كُلِّ ما يُسَببُ الأذى والشرَّ للآخرين وهو نوعٌ
منَ العلاقَةِ بينَ الأنسانِ والخالقِ بعيداً عن الأكراهِ أو تدخلٍ من أَيَّةِ جهةٍ كانت
إذ لا إكراهَ في الدينِ ، ومكان التعَبُّدِ والعبادَةِ في الكنيسَةِ أَو المسجد أَو المعبدِ
أَو المندي .. الخ . فنحنُ نرى إنَّ أَغلبيَّةِ شعوبِ الدولِ الأوربيَّةِ وأمريكا وأستراليا
وغيرها من الدولِ المسيحيَّةِ التي يبلغُ أعدادُ سكّنها مئاتِ الملايين هم مسيحيون
بالولادةِ أي وُلـِدوأ عن آباءٍ وأجدادٍ مسيحيينَ ولكن دولهم ليست دولاً مسيحيَّةً
بمعنى أَنَّ نظام الحكمِ فيها لا يخضَع لِسيطرةِ الكنيسَةِ وتعاليمها وقراراتها الدينيَّةِ
وإنَّما الدَّولةُ لِكلِّ المواطنين ، مسيحيين ويهودٍ ومسلمينَ وبوذيينَ وهندوس و
زرادشتيين ومندائيينَ وغيرهم .. فالعلمانيَّة بعيدةٌ عن تأثير ديانَةٍ معيَّنةٍ ولكنَّها
حاضنَةً وحاميَةً لكلِّ الأديانِ في الدولة ويتمُّ تحتَ خيمتها تعايش وتعانِقُ كلُّ الأديانِ
والقوميات وحيثُ تتمتعُ بالحريَّةِ والعدالةِ والأحترام .. هتلر اضطهَد وقتلَ آلافَ منَ
اليهودِ والشيوعيينَ وحاربَ كلَّ القوى الديمقراطيةَ بتهمةِ معاداةِ المسيحيَّةِ وكذلكَ
فعلَ موسوليني وفرانكو وبينو شيت وكلُّ الأنظمةِ الأستبداديَّة في العالم ِالتي كانت
تستخدمُ الدّينَ كغطاءٍ لها في ظلمها وجبروتها بخداعِ الشعوبِ وتخديرها وذلكَ
بِإعطاءِ صِفةٍ إلهيَّةٍ لِحكمها ، منذُ قيامِ أَول الدوَلِ في التّاريخِ على هذه ِ الأرضِ
ارتبطَ حكمُ ملوكها وأَباطرتها بنظريَّةِ التَّفويضِ الألهي لحكمهم الشعوبِ بأَسوءِ
الأساليبِ وأَبشعها وذلكَ بواسطةِ رجالِ الدينِ ومعابدهم وأَديرتهم وكنائسهم
التي كانت لها سلطةٌ مركزيَّةٌ يرأَسها الملكُ أو ألأمبراطور والخلفاء والسلاطين
.. والرؤساء ووالزعماءُ و المرشدُ والوليُ الفقيه في الوقت الحاضرِ

نشرت في وجهة نظر
الثلاثاء, 26 تشرين2/نوفمبر 2013 18:50

نصائح في التغذية مفيدة للجميع / في سطور قليلة

نصائح في التغذية مفيدة للجميع / في سطور قليلة 

ماذا نأكل حتى نحمي نفسنا من الزهايمر:

الذاكره عباره عن عملية حفظ التجارب اليوميه وتخزينها واستعادتها، هناك ذاكرةقصيره وذاكره طويلة الامد لانها تختلف من شخص الى اخر حسب العمر والتغذيه ، ويبدأ الشخص بفقدان بعض خلايا المخ عند سن العشرين ، ومع تقدم في السن يحصل انخفاض في تذكر أسماءأو أرقام أو أماكن مشهوره بحاجة الى تذكرها ،  ومن الممكن تحسين الذاكره والوظيفه الادراكيه في سن متقدمه.

وجبة ألافطار: من أهم الوجبات لان الجسم يكون فترة وهو نائم بدون تغذيه فما أن يأخذ وجبة الافطارحتى يبدأ الجسم بالنشاط الجسدى والعقلي.

الرياضه: تصفي الذهن والعقل وتزيد كمية الاوكسجين الواصل الى خلايا الجسم ومن ضمنها خلايا الدماغ لاننا نعرف أن خلايا الدماغ تموت كليا اذا انقطع عنها الاوكسجين لاكثر من خمسة دقائق.

وهناك ممارسات أى نشاط بشكل منتظم يحرك الدم في الجسم كالمشي مثلا يفيد الذاكره.

النوم: فهو يقوي الذاكره ويحميها من التشويش أو التاكل ، ويجب أن يكون النوم منتظم ثمان ساعات متواصله.

 

                     الى اللقاء في نصائح اخرى تفيد الذاكره

                                 ميسون سيف

 

 

نشرت في وجهة نظر
الجمعة, 08 تشرين2/نوفمبر 2013 15:56

عبد الجبار عبد الله والروح الحية للعراق

 

سيبقى اسم العالم العراقي المندائي الميساني الكبير، عبد جبار عبد الله  خالداً في ضمائر العراقيين إلى الأبد، بينما ستنثر ذكرى الفاشست وستتلاشى بقاياهم من الذاكرة الوطنية . تماماً كما قال الجواهري العظيم عن عبد الكريم قاسم : باقٍ وأعمارُ الطغاةِ قصارُ .. مثل هذا القلب النابض بحبِّ العراق وشعبه ومثل هذه الروح العلمية الفريدة والذكاء الوقّاد لا يليق إلا بالعراق الذي نفتخر به ونرفع رايته . فماذا لو أغمضنا عينينا وفكّرنا ما الذي سيحدث لو كان عبد الجبار عبد الله لبنانياً ؟ أو مكسيكياً او أميركياً ؟ . أي اننا سننظر إلى شعوب تلك الأمم وهي تجد إبداعا واحدا من أبنائها يفيض نوراً وعلماً على ما حوله .. ولكننا ونحن نعود الى عراقنا الحبيب، عراقنا المجروح .. عراقنا المبتلى فنرى أن هذا الشخص ذاته كان يوماً ما سجيناً أو معتقلاً لدى قطعان الحرس القومي الذي أسسه البعث الفاشستي في العراق، عندما تسلم السلطة بالإنقلاب الممول أميركياً كما تبرهن الوثائق الرسمية ؟ . هذا العالم الواسع الإحترام والمتعفف عن أي وظيفة أو جاه أو منصب والمستقل عن كل حزب أو جماعة قتلته وطنيته وإخلاصه . ولكن ماذا بشأن الذين اعتقلوه ؟ إنهم نفسهم أصحاب السكاكين الطويلة التي قشطوا بها أجساد مخالفيهم في الرأي .. تماماً كما نصحهم ساطع الحصري ذات يوم، عندما وصف لهم الأفكار الجديدة والقيم الجديدة للعالم الحر بوصفها مايكوباً يكمن في أجساد البشر، وخير حل له هو إعدامهم .. عن إهانة العالم الكبير عبد الجبار عبد الله يتحدث أحد تلامذته في كلمات تخترق القلب كما السكين، ويقول : حدثني الأستاذ الفاضل طالب محمود علي ( خريج جامعة لندن بمرتبة الشرف في الرياضيات ), و كان الاستاذ طالب أحد الذين اعتُقِلوا أثناء انقلاب 8 شباط 1963 الدموي , و قد حُشِر في إحدى الزنزانات الصغيرة التي امتلأت بمئات المعتقلين من شتى المستويات . يقول الأستاذ طالب « كنت لا أستطيع أن أرفع عيني في مواجهة عين الدكتور عبد الجبار عبد الله لما لة من مكانة علمية و شهرة عالمية، و كنت اختلس النظرات وأشاهده يغوص في تفكير عميق، ثم تنهمر الدموع من عينيه , في أحد الايام استغليت فترة إخراجنا لدورة المياه و جلست بجانبه . ألقيت عليه التحية و عرَّفته بنفسي. بعد أن توطدت الصداقة بيننا، سألته يوما عن سبب انهمار الدموع من عينيه، قال « كان في قسم الفيزياء الذي ادرس به طالبا فاشلا جاءت مجموعة من الحرس القومي لاعتقالي من بيتي, ميزت منهم طالبي الفاشل بسهولة. 

 

بدلت ملابسي و خرجت لهم, و فجأة ضربني تلميذي راشدي قوي أفقدني توازني, و كدت أسقط على الأرض مع عبارة « اطلع دمغ سز « و لم يكتف تلميذي، و هو الآن الحارس القومي بهذا، وإنما مد يده في جيب سترتي و أخذ مني قلم الحبر الذي اعتز به و لم يفارقني أبدا. قلم الحبر هذا هو من الياقوت الأحمر هدية من العلامة المشهور البرت انشتاين،  استخدمه لتوقيع شهادات الدكتوراه  فقط .و هذا هو سبب حزني و انهمار دموعي كلما أتذكر هذا الحادث. 

 

كيف يمكن أن تغفر لنظام البعث هذه الجريمة ومعها أمثلة أخرى كبيرة، منها ما حصل مع رفعت الجادرجي، المعماري الكبير وابن مؤسس الحركة الديمقراطية في العراق كامل الجادرجي . الذي تجرأت سلطة الفاشست على اعتقاله لمبادلته مع ضابط مخابرات ألقت القبض عليه السلطات البريطانية بالجرم المشهود عندما اغتالوا عبد الرزاق النايف مدير المخابرات الذي تشارك معهم في انقلاب البعث الثاني في عام 1968 ؟ .

 

وقصة العالم الكبير لم تبدأ أو تنتهي بهذا العار الذي يفترض أن يجلل رأس البعث إلى أبد الآبدين . فقد واجهه متآمر آخر، هو محمد نجيب الربيعي عندما عمل ما بوسعه لمنع تعيينه رئيسا لجامعة بغداد في منافسة ثلاثية ضمت عالمنا المحترم مع عبد العزيز الدوري والطبيب البيطري صادق الخياط ، مع ان المنافسة العلمية مالت لصالح العالم الراحل . وأصر الربيعي على رفض تعيين عبد الجبار عبد الله متذرعاً بكل وقاحة بإنتمائه للطائفة المندائية، ولم يقف عن استعمال تلك الحجة إلا عندما زجره العميد احمد محمد يحي وزير الداخلية بقوله : نحن نبحث عن عميد للجامعة وليس إماماً لجامع ..!وحتى بعد اتخاذ مجلس الوزراء قراره بتسمية العالم عبد الله، رفض الربيعي وضع توقيعه البروتوكولي بوصفه عضواً في مجلس السيادة على القرار، ولم يفعل إلا بعد أن هدده الزعيم عبد الكريم قاسم بحل مجلس السيادة وإعادة تركيبه كما يقول الوزير اسماعيل العارف . 

 

إن الحقد الكبير ضد عبد الجبار عبد الله له مرتكزاته في الخلفية الفكرية والتوجهات الثقافية التي يؤمن بها أكثر منه التزامه في حزب او جماعة . فإلى مجهوده العلمي في التدريس والترجمة للمصادر الأساسية التي احتاجها الطلبة، كان عبد الجبار عبد الله نشيطاً على المستوى الثقافي . فقد كان من بين الأسماء التي أسست « جمعية الرابطة الثقافية « في كانون الأول 1943. وعلّق مؤسسو الجمعية آمالاً على انتصار الديمقراطية بمفهومها السياسي والاجتماعي في المحيط العربي. وضمت قائمة المؤسسين إلى جانب عبد الجبار عبد الله، عبد الفتاح إبراهيم، خدوري خدوري، مخلف العبيدي، جمال عمر نظمي، حازم نامق، جميل عبد الله، وناظم الزهاوي ومحمد توفيق حسين، وفاضل حسين وكامل قزانجي وعبد القادر اسماعيل البستاني. وكان عبد الجبار عبد الله من أنشط أعضاء مجلة الرابطة الشهيرة والمهمة. وعملت تلك المجموعة الشبابية النشيطة بأكثر من إطار لتأكيد توجهاتها الثقافية الديمقراطية والتقدمية. دون أن تكون لها طموحات سياسية .

 

وضمت الرابطة أيضاً عدداً مهماً من الشباب المثقف في العراق، منهم: طه باقر، كوركيس عواد، عزيز شريف، حسين جميل، جواد هاشم، وامتد تأثيرها إلى خارج العراق، بعد أن توسعت نشاطاتها، من خلال المناقشات والمحاضرات وتشكيل لجان التأليف والنشر، وتأسيس مكتبة خاصة بها، ثم شركة للطباعة مطبعة الرابطة. التي صادرها انقلابيو 8 شباط 1963، وحولوها فيما بعد إلى مصلحتهم الحزبية تحت اسم  دار الجماهير للطباعة.  

 

نشرت في وجهة نظر
السبت, 02 تشرين2/نوفمبر 2013 16:46

الاصل الأكدي لمفردات عربية

 

         

في كتابه الموسوم

(من تراثنا اللغوي القديم \ مايسمى في العربية بالدخيل)

يقدم العلامة الاثاري الراحل طه باقر مجموعة كبيرة من المفردات العربية ومفردات من العامية العراقية مشيرا الى اصول تلك المفردات ومنابع اشتقاقها ، موضحا انها في غالبيتها مستقاة من اللغة الاكدية (البابلية الاشورية) القديمة التي كانت سائدة في بلاد الرافدين ، وان تلك المفردات تلفظ اليوم بصورة قريبة من اللفظ القديم ، كما سيتوضح ذلك من خلال مجموعة الكلمات التي تم اختيارها هنا .

هذا الامر يشير الى ان الكثير من الكلمات العربية المستخدمة حاليا هي في اصلها وجذورها ليست عربية – وان كانت سامية – (اللافت للنظر ان طه باقر يُطلق على اللغات السامية مصطلح اللغات العربية القديمة !! وهذا رأي خاص به ) ، كما يمكن ملاحظة ان مجموعة قيمة من المفردات العربية التي ينطق بها اهل الضاد اليوم ، هي مفردات تم استعارتها من التراث اللغوي العراقي القديم الذي نشأ وتأسس في الوادي الخصيب ، وادي الرافدين، الذي قامت على ارضه اقدم الحضارات واعظمها ، الحضارات التي ابتكرت الكتابة والحرف والاشارة واللغة والتدوين .. فقدمت للانسانية تراثا خالدا باقيا مع الزمن .

ان تلك الاستعارات وكذلك الاشتقاقات اللغوية التي دخلت العربية من الاكدية ، وصلتها عن طريق لغات اخرى مجاورة او متعايشة معها كالفارسية والارامية والعبرية وغيرها . ولهذا نلاحظ تأثير اللغة الكدية الشديد على تلك اللغات ايضا .

 

لقد انجز طه باقر بحثه او كتابه هذا اواخر عام 1979 ، وطبع للمرة الاولى عام 2010 من قبل بيت الوراق للنشر .

نستعرض هنا مجموعة من تلك الكلمات والمفردات التي لازالت متداولة بشكل يومي في اللغة العربية والعامية العراقية .

جسر – وردت في اللغة الاكدية بهيئة (كِشرو) بكاف ثقيلة كعادة الكلمات الأكدية ، ومنها جاءت الكلمة الارامية (كِشرا) .

جص – في اللغات الاكدية والبابلية والاشورية وردت الكلمة على هيئة (كَصّو) وفي الارامية (كصّا) .

جبن – من الكلمة الاكدية (كُبنتو) وجاءت منها الارامية (كبنتا) والعبرانية (كبينا) ، وقد عُرفت صناعة الجبن في العراق القديم منذ مطلع الالف الثالث ق.م كما تشير الى ذلك الصور والمصادر المدونة .

تين – الكلمة في الأكدية (تينتو) ومنها الكلمة العبرية (تينتا) والارامية (تينا) .

تنور – اصلها الاكدي (تنورو) وجاءت منها الكلمة الارامية (تنورا) والفارسية (تنور) بنفس اللفظة العربية .

دكان –  الكلمة الاكدية (تُكّانو) وهي كلمة كانت تطلق على كيس النقود ، ثم نقلت عن طريق الاستعمال المجازي الى موضع البيع والتعامل بالنقود.

تبن – الكلمة واحدة في اللغات الأكدية والبابلية والاشورية (تبنو) وهي تطابق العربية في معناها .

بكرة – في الاكدية تلفظ (بكرتو) وهي على ذات اللفظ في البابلية والاشورية ، وجمعها مثل العربية (بكراتو) .

بَشّه – اصل الكلمة اكدي وهو (بُشّو) .

بطة – تلفظ الكلمة في اللغة الأكدية (بُصّو) ، وفي السومرية (بوصو) .

بستوكة – الاصل سومري (بسان دكا) الباء مثلثة والكاف ثقيلة ، ومنها الكلمة الاكدية (بسان تكو) ومنها جاءت الكلمة الفارسية (بستك) بكاف ثقيلة ، وقد جاءت منها الكلمة العامية العراقية المعروفة والتي تعني الوعاء الفخاري المستخدم لحفظ الاطعمة .

سعفة -  اصلها الاكدي (سعباتو) وفي البابلية (سعباتي) اي سعف  ، في اللغات البابلية والاكدية كما المندائية يمكن ابدال الباء الى فاء والعكس ايضا .

صنم – في الاكدية والبابلية والاشورية وردت بهيئة (صلمو) وفي الارامية (صلما).

رطب – وهو التمر الناضج الطري ، ورد اصل الكلمة في المسمارية بمصطلح (رطبو ، رطابو) .

خلال –  يرجح ان الكلمة مستقاة من اللفظة الاكدية (تخَلّو) التي تطلق على التمر غير الناضج .

خس – في النصوص المسمارية وردت الكلمة بهيئة (خسّو) ، وفي الارامية (خسّا) اما في الاكدية والبابلية فهي مطابقة للعربية .

نعناع – وردت الكلمة في النصوص المسمارية على هيئة (نعنعو) .

نجار – وردت الكلمة في الاكدية والبابلية والاسورية بصيغة (نكّار) الكاف ثقيلة مشددة .

نبي – اصلها من الجذر الاكدي (نبو) وتعني – دعا او اعلن او تنبأ .

مشط – من اللفظة الاكدية (مُشطو) .

كيس – هذه الكلمة ترادف الكلمة الاكدية (كيسو) والتي استعملت بالمعنى نفسه ، وهي في العبرية (كيس) وفي الارامية (كيسا) .

كبة – اصل الكلمة اكدي (كِبتّو) ووردت كذلك بصيغة (كبّي) و (كُبّو) وهي الاكلة المشهورة في العراق .

قنينة – في الاكدية والبابلية والاشورية كلمة مضاهية هي (كنكنو) .

فخار – في الاكدية (بخار او بخارو او فخارو) يمكن ابدال الباء فاء او العكس بحسب قاعدة تبادل الاصوات في اللغات السامية .

شريان – اللفظة الاكدية (شريانو) .

سلة – في اللغة الاكدية وردت الكلمة بصيغة (سيلو) ، وفي الارامية (سَلاّ) و (سليتا) .

سمسم – اللفظة مأخوذة من (شَمشّمُّو) الاكدية ، وفي الارامية (شُمشُما) و (شوشما) .

ثوم – اصلها الاكدي (شومو او ثومو) .

تل – وردت في الاكدية بصيغة (تلّو) وفي الارامية تلفظ (تيلا) وهي المرتفع من التراب .

ذقن – تلفظ في الاكدية (زِقنو) بمعنى اللحية .

صلاة – الكلمة واردة في اللغة الاكدية بصيغة (صلو) و (صليتو) بمعنى الدعاء والاستغفار .

خشالة – وهي الاواني النحاسية العتيقة والمكسرة او الرديئة ، وردت الكلمة في اللغة الاكدية بصيغة (خشالو) و (خشلو) و (خشلاتو) .

وهنالك مفردات اخرى كثيرة وردت في الكتاب منها :

قِدر ، كراث ، فأس ، قثاء ، كحول ، كرز ، سلطان ، تمن ، كتان  وغيرها

                 

نشرت في وجهة نظر
السبت, 02 تشرين2/نوفمبر 2013 13:04

الفلوس تُخرِّب النفوس

 

 

في الأزمان القديمة كان التعامل في الشراء والبيع يجري بالتبادل أيي بضاعة مقابل بضاعة مثلاً أهالي القرية يجلبون ماعندهم من منتجات حيوانية كالبيض والحليب والصوف يبادلونه بما موجود من منتجات المدينة التي يحتاجونها كالمحراث والفأس والمنجل وهكذا وبمرور الزمن ونظراً لتوسع إحتياجات البشر وتنوع متطلباتهم وإتساع التجارة أصبحت الحاجة لإيجاد وسيلة سهلة ورخيصة وتلبي ضرورات الحياة فنشأت العملات ( الفلوس) المعدنية ( كالنحاس والفضة والذهب) أولاً ثم أضيفت الورقية الأسهل والأرخص من المعدنية حيث إنتشر إستخدامها عالمياً وحسب معلوماتي إن أمريكا أول من أقنع السعودية بشراء النفط بالدولار ( بديل الذهب) بعد أن أثبتوا لهم بأن الدولار ممكن الشراء به أية بضاعة يحتاجونها من أمريكا وبذلك توسع إستخدام العملات ( الفلوس) في معظم ومختلف نواحي الحياة وبدأت الفلوس تلعب دوراً مهماً في حياة البشر حتى توغلت في النفوس وأصبحت تهاجم مراكز الضعف عند البشر فلجأ أصحاب الشركات وروؤس الأموال بإستغلال إحتياجات الناس لمضاعفة أموالهم بطرق شرعية أو غير شرعية والمهم عندهم هو نمو وبحجم كبير روؤس أموالهم ولكن هذا المرض وللأسف بدأ بالإنتشار والعدوى بدأت تسري حتى لبعض أصحاب الوظائف والخدمات الإنسانية والمفروض بهم أن يكونوا بعيدين كل البعد عن هذا المرض الإجتماعي والأدهى من كل ذلك بدأ هذا المرض يدخل البيوت والعوائل والإخوة والأصدقاء   حيث  إلتجأ بعض الآباء الى تجميع الفلوس وتكديسها وحرمان العائلة من ضروريات الحياة الكثيرة ورفاهيتهم والبعض الآخر إستخدمها لتلبية رغباته وفي لعب القمار دون الإلتفات الى عائلته والأسوأ بدأت بعض الأمهات تصاب بعدوى هذا المرض ( خصوصاً في بلدان المهجر حيث التحرر المادي وحماية القانون) وبدأت بعض الزوجات  بالتمرد لسبب أو لآخر وطلب الطلاق والإنفصال لأتفه الأسباب والمتضرر الأول هو الأطفال وتشتيت العائلةوتفككها وكان همها الوحيد هو التحرر المادي فقط و تتصور( الفلوس) هي التي  تجلب السعادة دون القيم الأخرى مع الإعتراف بأن الفلوس لها تأثير كبير على رفاهية وسعادة المجتمع ولكن ليس على حساب هدم الأسرة والمجتمع  ..... وتوسعت دائرة هجوم مرض  الفلوس ليشمل شرائح من المجتمع المفروض بهم أن يكونوا محصنين من عدوى المرض فشملت البعض من المحامين والحكام والمعلمين ورجال الدين والأطباء حيث كرسوا جهودهم لتكديس الأموال على حساب الفقراء والمحتاجين والصداقة والعلاقات الإجتماعية... ضاربين عرض الحائط شرف المهنة وقدسيتها  وطبقت عليهم : الفلوس تُخرِّب النفوس --- وحاشى الأغلبية من ذوي النفوس الطيبة وهم كُثر .

 

نشرت في وجهة نظر
الخميس, 24 تشرين1/أكتوير 2013 23:26

الفساد يقتل العراقيين

 

{بغداد: الفرات نيوز} قال النائب عن الصابئة المندائية، خالد الرومي، ان الفساد يقتل ابناء الشعب العراقي، اذ انه يسلب اموالهم ويغذي الارهاب، مشيرا الى ان تستر الكتل السياسية على اعضائها المفسدين حال دون الكشف عنهم .

وقال الرومي لوكالة {الفرات نيوز} ان " الفساد يقتل العراقيين ويسلب اموالهم ويساعد بتغذية الارهاب "مؤكدا على " ضرورة ان تكون هناك اجراءات متخذة وجهود مبذولة للقضاء على الفساد، اسوة بالجهود التي تبذل للقضاء على الارهاب " مشيرا الى ان " محاباة الكتل والاحزاب السياسية لاعضائها الفاسدين ومحاولة ابعاد الشك عنهم والتستر عليهم هو من اهم اسباب عدم كشف المفسدين ".

 

وكانت لجنة النزاهة النيابية قد اعلنت في وقت سابق انها تعتزم كشف ملفات فساد تخص بعض كبار المسؤولين في الدولة بعد عطلة العيد.

 

واوضح عضو اللجنة عثمان الجحيشي انه سيتم اصدار اوامر قبض بحق من يثبت تورطه ومنعه من السفر لحين استكمال التحقيق، مشددا على اهمية ان تكون الملفات بعيدة عن التسييس والتسقيط السياسي .

 

الى ذلك كان عضو اللجنة النائب طلال الزوبعي قد رجح هو الاخر ان يتم بعد عطلة عيد الاضحى المبارك الكشف عن ملفات فساد تطال مسؤولين كبار في الدولة، مبينا ان هذه الملفات مهمة وهي تدرس من قبل اللجنة للخروج برؤية شاملة بشأنها، موضحا ان هذه الملفات تأخرت كثيرا بسبب الروتين والضغوط السياسية ولكن من المؤمل اتخاذ اجراءات بشأنها قريبا " منوها الى ان " هناك ملفات تتعلق بقضايا مختلفة لاسيما الفساد المالي والاداري والشبهات التي تطال الصفقات الحكومية ".

 

يذكر ان هيئة النزاهة والمؤسسات الرقابية كانت قد عزت عدم القضاء على الفساد الى ارتباك الوضع السياسي والامني ، فضلا عن عدم وجود استراتجية وطنية لمكافحته، فيما عد برلمانيون ومختصون الفساد الاداري والمالي بانه لايقل خطورة عن الارهاب ويجب مكافحته بشتى الوسائل .

نشرت في وجهة نظر
الإثنين, 14 تشرين1/أكتوير 2013 03:02

ثقافة الحوار

 هناك دلائل كثيرة تؤكد ضعف أدوات الحوار في ثقافتنا وتلاشي كوادرنا وغياب مبادىء التعددية المنفتحة ، وسيطرة الرؤية الأحادية المغلقة ، فنحن نفتقد أدنى قواعد الحوار، ولا نقبل النقد الموضوعي البناء ، مما ادى الى ابتعاد اعداد كبيرة من كتابنا ومبدعينا عن الساحة الثقافية .

ما ان يبدأ الحوار بيننا حتى نراه يتحول تلقائياَ الى صراخ ومهاترة ، ورفض للرأي الاخر ومعاداته ، بالنفي تارة وبالعدوان اللفظي تارة اخرى ، ونشعر بجرح غائر عندما نتعرض للنقد ، وتتسارع ثورة الغضب والانفعال ، ويتخطى هذا القصور في ثقافة الحوار من الافراد والجماعات ليصل الى المنظمات المدنية العاملة .

فلو امتلكنا الحد الادنى من التعقل لكنا اقل تفككاً واقل تباعداً واكثر تلاحماً وتوافقاً في الدفاع عن مصالحنا وهي السمو بطائفتنا وديننا كأمة متحابة متراصة امام العدو وامام الصديق .

يعزى بالتأكيد هذا القصور في الرؤيا وفي ثقافة الحوار الى الحقائق الذهنية التربوية الموروثة عن العهود البائدة ، والى فشل المشروع الذي نطمح اليه في النهضة الفكرية وفي التنويرالعام ، وبروز الأتجاهات المتعنته الذي يفسر ذلك بظاهرة انخفاض القدرة على قبول الرأي الاخر ، والاخفاق في تطوير الحوار المنتج ، وبلورة عناصر الاتفاق والتوافق وعزلها عن مواضع الخلاف والاختلاف ، والبناء على ماهو مشترك وتطويره وتقليص مساحة الاختلاف ، وابداع اّليات فكرية لاحتوائها ومعالجتها ، فقبول فكرة الاخر من كلا الطرفين ومناقشتها بدلاَ من رفضها ، واشاعة التفكير العلمي المستنير الذي يستند الى تعدد الافكار والاراء واحترامها وبروح رياضية ، دون التقيد بمصدر وحيد ، في تكوين الرأي او الفكرة هو المدخل الرئيسي لثقافة الحوار البناء ، وتيمناَ بالمقولة اليونانية القديمة التي تقول : ( الحوار يولد العقول ) ، مع تقديري .

 

نشرت في وجهة نظر
الخميس, 05 أيلول/سبتمبر 2013 18:23

عصر الفولاذ

 لكلمة (((عَصرْ))) في اللغة العربية أكثر من معنى ، لو قلنا عصر النهضة ، قصدنا بذلك زمن النهضة ، لكن لو قلنا عصر الفواكه ، فأننا بالتأكيد نقصد ضغطها للحصول على خلاصتها ، والعصر أيضاً هو وقت النهار الذي يسبق غروب شمسه ... وعلى أي حال فإن (عصر الفولاذ) الذي أنا بصدده ، هو بالتأكيد ليس معاملته للحصول على عصير منه ، وإنما  الإشارة لزمن بزوغ شمسه وجني منافعه من خلال التوسع بإستخداماته في الصناعات المختلفة 

  وما جعلني في الواقع أكتب هذا البحث الجاد ، هو ماتحدثـَتْ به الصحافة منذ أيام عن إضراب نحو مائة وخمسون عاملاً ، هم مجمل العاملين ببرج (إيفل) الشهير بباريس ، للمطالبة برفع إجورهم ،  الأمر الذي حرم قرابة ثلاثين ألف زائر من  إرتياده يومياً

 

دعونا  نبدأ بداية خفيفة للولوج للموضوع ...

 فمن بين (ضربات) الحظ التي لم أنسَها في خدمتي العسكرية في مطلع حرب ايران في العام 1981 ، هو تنسيب رئيس عرفاء (مسلكي) كبير السن طيب القلب لتدريب فصيل كان يضمني ، خلال فترة الإعداد الأساس بكلية الضباط الإحتياط .

وهذا تدريب رياضي شاق تحت شمس خريفية مائلة مزعجة ، ودروس في الهواء الطلق على كيفية إستخدام السلاح الخفيف والأبيض بأنواعه .

خمسة عشر فصيل نُسّبَ إليهم نوّاب ضباط قُساة ، يحقدون على الخريجين وعلى كل خلق الله ، وهم نفسهم يعودون يتملقون ـ بعد حين ـ لنفس طلابهم حين يضعون على أكتافهم بعد التخرج ... نجمة !

لكن رئيس عرفاء (صاحب) يختار ظل الأشجار لنا ، ويمنحنا فترات إستراحة أطول نسبياً ، فطبع هذا الرجل أنه مُسالم جداً ، ولأن له ولدين بأعمارنا يحن إليهما كلما جالسَنا وتسامر معنا .

هذا الرجل حين يكون بمجلس يجمعه بنا ، يأخذه الحديث عن ذكريات ولايته (المجر الكبير) حتى ينسى نفسه ، فنتركه يسترسل كي نكسب وقت راحة أطول ، فيحكي لنا عن مدينته وكيف أن الهور بخيراته يحدها من الخلف ، وأنه لايزال الإسكافي يُخيط بيده والطبخ على الحطب والنقل على الدواب والتجوال بالعربات والمشاحيف وأن الطرق ترابية ماعدا الشارع الرئيس بمدخلها الذي بلطه الانكليز ، وزرعوا أشجار كالبتوز على جانبيه ، حين أنشأوا معملي السكر والورق للإستفادة من وفرة القصب بالمنطقة 

 

 أحد الطلبة المتدربين ـ وهو الأول على قسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة للعام 1981 وقد اُسّر بالجبهة بُعيدَ منحنا الرُتب ـ علّق سَاخراً ...

ـ ليش شوارعكم كلها تراب ، ما عدكم مؤسسة عامة للطرق والجسور ؟

أجابه (ريّس صاحب) بحرقة وبغيظ لم نألفه ...

ـ عمي الآلة بعد ما وصلتنا ، يا طروق يا جسور !

إنفجر الكل ضاحكاً ، وعقّب آخر : يعني يا ريّس نبطـّل مَ نبني بعد جسور ولا ... طروق !

إستمرت الجلسة خفيفة الظل ، لكن ذلك لفت نظر الضابط المسؤول ، وعاقبنا مع (ريّس) عرفاءنا يومين حجز وعدم نزول للبيت !

 

الجسور و(الطروق) كما يحلو لرئيس عرفاء صاحب تسميتها ، كانت تُبنى على مر العصور من الحجر ، حتى جاءت الثورة الصناعية والتي كانت ثورة عقول وإبداع وتفاني بالعمل

 

والثورات العلمية بحاجة لتطورات وبنى تحتية تصاحبها وتوازيها ، في مجال التخطيط وإدارة الأعمال وفي دعمها وتزويدها بالطاقة والمواد الأولية وغيرها ، وكل هذا بحاجة لمستودعات ومخازن ترتبط بشبكة طـُرق وسكك حديد وجسور ...

 

 كثير من المهندسين المبدعين الذين  فجروا الثورة (الصناعية) لم يتحدث لنا التاريخ الشيء الكثير عنهم ،  ، واحداً منهم نبغ في ما سُمي بـ (عصر الفولاذ) وذلك من خلال أعماله وإعجازاته المعمارية الكثيرة ، ملك الفولاذ ... المهندس الفرنسي (غوستاف إيفل) .

 

 

رقمين متطابقين يصادفان هذا العام بشأن المهندس (غوستاف إيفل 1832 ـ 1923)* ، فقد عاش هذا الرجل تسعين عاماً ومات منذ ... تسعين عام .

ولأن العالم يعرف هذا المهندس القدير من خلال برجه الشهير في قلب الدائرة السابعة بباريس ، فقد غضّ النظر عن أعماله الرائدة التي قام بها في خدمة البشرية ، لذا علينا بإختصار ان نتعرف عليه ، كأحد المبدعين الذين فتحوا الباب لعصر الإستخدام الحديث للفولاذ  

 

 أحد مفجري عصر الفولاذ ، غوستاف إيفل

  1760 هو العام الذي دخلت فيه الآلة لأول مرة مضمار الصناعة لتسدل الستار على عصر ولتعلن بزوغ فجر جديد ، حلـّت فيه الماكنة بدل ألانسان وصار الإنتاج أسرع وأوفر وأسهل وأرخص ، عصر استُعيض فيه عن الجهد البدني والعضلي بطاقة هائلة إستُهلت بقوة البخار ...

فأصبحت الحاجة ملحة لمناقلة المواد الأولية ولنقل الإنتاج مئات الأميال ، مما تطلب مد طرق وبناء مزيد من الجسور لإختصار الزمن والوقود ،  وبُذل جهد  عملاق عجَزَ الخشب والحجر عن مسايرته .

 

والثورة الصناعية عند نشأتها ، يمكن تعريفها بجملتين ، أنها الثورة التي إستبدلت ...

 اليدين والسواعد وقوة الخيل ، بالعجلات والتروس وقوة البخار .

 

 جسر حجري قديم

 (غوستاف إيفل) أول من فكر بطريقة عملية لربط القضبان الفولاذية مع بعض لتكوين أشكال مجسمة ،  ليس باستخدام اللحام وإنما بإستخدام مسامير حديدية تُعامل بالحرارة لتصبح كتلة واحدة ، وخطط وبنى صروحاً من الفولاذ (تشبه لعبة الميكانو) للهياكل والأبنية والجملونات والجسور ، اتصفت  بسرعة إلانجاز ومرونة ورشاقة في الشكل ،

وكل ذلك تم بموجب حسابات هندسية دقيقة    

 وإنتشرت طريقته هذه على إمتداد قارات العالم ، وواكبت الثورة الصناعية ، ذلك بعد أن كان البناء بطيئاً ومقتصراً على الحجر والخشب

 

جسر حديدي

 ومع أن الهياكل الفولاذية وليدة وأحد إبتكارات عصر الفولاذ الناجحة ، لكن الناس لم تتحمس في البدء لها كبديل لفن العمارة الذي ورثوه أجيالاً متعاقبة ، كما أنهم شعروا بأن نحافة الجسور والمباني الفولاذية إنما تنم عن عدم متانة وضعف في تحمّل الأوزان أو في مواجهة غضب الطبيعة ، وهي عِرضة للصواعق ، كما أن هياكل الحديد ستكون فريسة سهلة ـ على مدى السنين ـ للتأكسد ، وسينخرها الصدأ  نخراً !

لكن (غوستاف) ، لم يقف مكتوف اليد ازاء هذه ألمزاعم، فأراد إثبات العكس ، .

ولما أعلنتْ (باريس) بأنها بصدد تشييد نصباً شامخاً يُخلد (فرنسا) ،  وجد (غوستاف)في ذلك فرصته الذهبية ليبرهن للباريسيين بأنهم سوف لن يندموا ، وسوف لن يكونوا ـ كما يُقال ـ عرضة للإنتقاد والسخرية بسبب هكذا برج ، ولن يستطِع أحداً بعد أن ينتصب البرج ، أن يلعن الفولاذ ولا أن يُقلل من شأنه

 وهكذا فقد فاز في العام 1887 بعطاء إنشاءالبرج وسط باريس* بعد أن اُعجبه التصميم ، وأكد بأن هكذا صرحاً سيكون شاهداً على متانة الفولاذ ، ببناءه وإرتفاعه الذي سيتعدى أبراج كنيسة (نوتردام) القريبة .

قال غوستاف حينها

ـ الزمن البطيء الكسول ولّى وجاء زمن القوة والطاقة ، وكثيرة هي البلدان في العالم التي تبغي النفاذ لعالم الحداثة هذا ، هذه فرصة وعلى الفرنسيين أن يكونوا السباقون ، هذا البرج سيمثل العهد الجديد لفرنسا والعالم ، ليس بمستطاع أحداً أن يثنيني عن غايتي ببناء هذا العملاق المارد الجبار ... الأنيق الرشيق الجميل 

 

كان معرض باريس الدولي للمخترعات الحديثة الذي اُقيم في العام 1889 يمثل الفرصة الذهبية المواتية له ، والوقت وإن لم يكن مُتّسِع ، لكن (غوستاف) وبكل ثقة قال بأنه سيغالبه وسينجح .

 كثيرة العقبات التي توالت واحدة تلو الاخرى ، فنية وإدارية ، أهمها عدم قدرة الحكومة المحلية  لباريس تمويل الكلفة الباهضة لكامل المشروع ، فتكفل هو شخصياً تمويل التكلفة المتبقية من ماله الخاص ومن بعض الإعتمادات الاخرى .

في مقابل ذلك ، إشترط على البلدية أن لاتكون فترة نصبه وسط باحة المعرض لستة أشهر فقط ، وإنما لعشرون سنة كي يمكن أن يجني هو ومدينته المردود الذي يتناسب وفخامة المشروع .

عمل بإتقان مع مصانع الصُلب والسّباكة ، قريبة كانت أم بعيدة ، وسخّر له إمكانيات ضخمه من نقل وتحميل ورفع  

 

 

لبرج الباريسي كما يبدو لنا اليوم

 

 

 

في العام 1989 كان برج (باريس) قد إنتصب على إرتفاع شاهق ، وشكلت عملية ربط آخر قطعتين بمسمار ـ على إرتفاع 317 متراً ـ أعلى قطعة معدنية على وجه الأرض ـ آنذاك ـ * .

هذا المسمار هو واحد من مليوني ونصف المليون مسمار إستُخدمت لربط مفاصله ، ولم تستخدم الخرسانة الا لاسس القواعد الاربعه للبرج  

 

 

 اضغط هنا لترى الصورة بحجمها الطبيعى 

 

قمة البرج

 

 

 

في أدناه ، مخططات بقلم الفنان البريطاني (هوبرت) الذي واكب بناءه خلال فترة دراسته في باريس

 

اضغط هنا لترى الصورة بحجمها الطبيعى

اضغط هنا لترى الصورة بحجمها   الطبيعى

 

اضغط هنا لترى الصورة بحجمها الطبيعى

اضغط هنا لترى الصورة بحجمها الطبيعى

اضغط هنا لترى الصورة بحجمها الطبيعى

 

اضغط   هنا لترى الصورة بحجمها الطبيعى

 

عملية ربط المسامير الحرارية

 

 

 

أن مسألة رفع 18 ألف قطعة معدنية تزن مجتمعة 7300 طن لإرتفاعات شاهقة أمر في غاية الصعوبة والتعقيد ، وينجم عنها مخاطر بحياة العمال وبرؤوس الأموال المُسخرة للعمل ، .

كسبَ غوستاف وفريقه المكون من 300 عاملاً و 50 مهندساً الرهان ، وصدق مع مؤيديه وأدحض إدعاءات مناوئيه ، وصار البرج المعدني تحفة معمارية ، فإستقطب من السياح لباريس ما لم يكن بالحسبان ، وبعد عشرين سنة لاحقة إستُخدم  كبرج لخدمات الإتصالات والأبحاث العلمية .

 

اضغط هنا لترى الصورة بحجمها الطبيعى

 

 لاحظ طريقة الرفع

 

 

دحض هذا النصب العملاق أية إدعاءات ضد متانة الفولاذ وصموده أمام الرياح ، وهاهو اليوم ، برغم تقادم عمره ، لكن ومن خلال أعمال الصيانة وإستبدال التالف ببدائل مطابقة للأصل ، إنما يحيي الرجل الكبير (غوستاف) ويحاكي الآخرين ، بأن العقل المبدع لا يقف عند حدود ، ولا يخاف لومة لائم .

 

 

× × ×

 

 

(شاصي) معدني في أحشاء تمثال الحرية

 

إستمرت العروض تنهال على كوستاف لبناء أبراج في مدن مختلفة ، أبراج يمكن رؤيتها من مسافات بعيدة ، وساهم بإحدى الأعمال المميزة في وقتها وذلك بتثبيت تمثال الحرية بنيويورك  على قاعدة وهيكل فولاذي متين يصمد وسط مياه وأعاصير المحيط لأجيال قادمة ، يُحاكي في متانته البرج الرائع الذي أسماه الباريسيين ،، برج إيفل) .

تيمنا بالمهندس كوستاف ايفل

 

 

 

موقع قناة بنما

 

هناك بين الأمريكتين ، في خاصرة قارتي العالم الجديد ، تقع إحدى دول أمريكا اللاتينية تدعى بنما ، إليها إرتحل غوستاف للإشراف على اللمسات الأخيرة لقناة بنما ، حيث ستلتقي مياه المحيطين الهادي والأطلسي في حدث تاريخي في العام 1912 ، قناة لايستهان بطولها ولا بتقنية البوابات الفولاذية الضخمة المتعددة التي تضمها ، كانت يد هذا المهندس الفرنسي حاضرة منذ بداية إنشاءها في العام 1881 .

 

 

بوابات حديدية ضخمة وجسور حديدية متحركة في قناة بنما اُنشأت لتنظيم حركة السفن

 

 لكن كان لطول فترة الإنجاز (ثلاثون عام) والكـُلف والنفقات المرتفعة لتشييدها قد فتح أبواباً غير تلك الأبواب المعدنية التي تحتويها ، أبواب فساد أرباب العمل ، وقع (غوستاف) ضحية لها ، ولم تنتهي المشكلة ولم تُسد إلا بحكم سجن لسنتين تلقاه غوستاف من قاضٍ بنمي رغم حجج براءته .

 

لكن كان لأعماله وخدمته للبشرية ما شفع له  ليعفوالحاكم عنه بعد إسبوع واحد فقط ، وعاد يرتحل بين قارات المعمورة لمزاولة عمله حتى وافته المنيّة بعمر التسعين ، تاركاً رصيداً ثر من العطاء وأكداس من التصاميم الهندسية لمئات الأفكار والتي بقي بعضها في الورق ولم يتحول لفولاذ .

 

كانت لمساته السحرية التي أثارت أكثر من تساؤل ، ومشاركته بهندسة وتصميم ومن ثم بناء برج إيفل ، الدافع الأكبر والأعظم واللمسة السحرية لفتح آفاق جديدة للعالم في الإستخدام الأمثل للفولاذ ، ودرّ لباريس النفع حيث زار البرج عشرات الألوف في عامه الأول ، ومئات الألوف في أولى عشر سنوات ، وعشرات الملايين على مدى عمره البالغ 125 عام .

 

عماد حياوي المبارك

 

 

× أول من تخيّل البرج هو رئيس مكتب الدراسات بباريس (موريس كشلن) ومدير الطرق (إيميل نوفوي) ، هذا يعني      بأن فرنسا أرادت تخليد مهندسها (غوستاف) من خلال تسمية البرج بإسمه ، بعد أن كان إسمه (برج باريس) لعدة     سنوات 

×  يزور البرج سنوياً بحدود عشرة ملايين سائح ، ومجموع من زاره حوالي 240 مليون زائر .

× كـُلفته الباهضة كانت بحدود 7.8 مليون فرنك .

× أدخلته منظمة اليونسكو كواحداً ضمن التراث العالمي .

× ظل لفترة أربعين عام ، البناء الأكثر إرتفاعاً في العالم ، حتى تفوق عليه مبنى (الكرايسلر) بنيويورك عام 1930 ثم     ناطحة السحاب الأجمل عبر الزمن (الإمباير ستيت) منتصف الثلاثينات .

 

نشرت في وجهة نظر